رَوى بعضهم فيما مضى قصة قصيرة عن الصدق ، في إحدى القرى القديمة كان هنا طفل يُدعى سامي يعيش مع أمه في بيت صغير بعد وفاة والده الذي رحل عندما كان سامي رضيعًا بسبب إصابته بمرض عضال، وكانت والدة سامي تعتني بابنها أشد الاعتناء، ولم يكن هذا الاعتناء مقتصرًا على الاهتمام بالطعام والشراب والملبس، بل كانت أمه تهتم بأن ينشأ طفلها على الأخلاق الحميدة، كالصدق والأمانة والوفاء بالعهود والتواضع، ليكون سوي السلوك مع من يقابله في حياته، وكي تُسهِم هذه الأخلاق في أن يكون مفتاحًا للخير في مجتمعه ويترك الأثر الطيب في قلوب جميع الناس.
وكان لسامي عمٌّ يعمل في التجارة، ويذهب سامي معه في بعض الرحلات التجارية كي يكون قادرًا على تحمل المسؤولية، حيث كانت هذه الرحلات تحتاج إلى الصبر والجلد، ففيها يقطع الرحالة مسافات طويلة، ويصلون إلى مدن بعيدة من أجل التزود بالبضائع وإعادة بيعها في القرية التي يعيش فيها سامي وأمه، وفي القرى المجاورة لها، وكان سامي يتعلم من عمه أصول البيع والتجارة، وكيف يكون ذا خلق رفيع في عملية البيع والشراء من خلال الوضوح مع الناس وعدم خداعهم.
وخلال هذه الرحلة حدثت مع سامي قصة قصيرة عن الصدق وأثره على من يُصْدَقُ القولَ معهم، فبينما هو مع القافلة في طريقهم إلى التجارة هاجمهم مجموعة من قطاع الطرق المسلحين، وحاصروا القافلة بمن فيها، واستولوا على ما حملته جمالهم، وأخذوا أمتعهم وأموالهم، وبدأت بعد ذلك عملية الاستجواب وأخذ الأموال من أفراد القافلة، وما كانت تحمله جيوبهم من أموال، وحين وصل أحد رجال عصابة قطع الطريق إلى الطفل سامي سأله عمَّا يحمله من مال في جيبه، فأجابه بأن يحمل في جيبه ثلاثين دينارًا، وهنا غرق هذا الرجل في موجة من الضحك، وسخر من إجابة سامي له، ثم جاءه رجل آخر من أفراد عصابة قطع الطريق وسأله السؤالَ ذاته فأجابَهُ الإجابةَ ذاتَها، فسخر منه الرجل الآخر وأخذوه إلى زعيم عصابة قطع الطريق.
وعندما وصل سامي إلى زعيم عصابة قطع الطريق سأله عمَّا يحمل في جيبه فأجابه بأن يملك ثلاثين دينارًا لا غير، فسأله عن سبب صدقه في قوله وعدم التهرب من الإجابة الصحيحة كما فعل رجال القافلة مع هذه العصابة كي يحافظوا على أموالهم، فأخرج له سامي الثلاثين دينارًا التي يملكها وقال لرئيس العصابة بأنه قد عاهد أمه أن لا يكذب في القول، وأنه لن يخون أمه وما عاهدها مهما كان السبب الذي قد يدفعه إلى إخفاء الحقيقة، وهنا أصابت رئيس العصابة الدهشة، وتذكر أنه في سطوه على هذه القافلة قد خان أمر الله تعالى وتجرأ عليه.
وعندها لم يتمالك زعيم عصابة قطع الطريق نفسه وبكى متأثرًا بما قاله سامي له، وقال لسامي بأنه لم تخن عهد أمك وأنا لن أخون عهد الله فيكم، فأمر زعيم العصابة بإطلاق سراح جميع أفراد القافلة، وأعاد إليهم جميع ما تم أخذه منهم، وعمل على خدمة القافلة التجارية وحراستها إلى أن وصلوا إلى المدينة التي قصدوها، وتوقفت هذه العصابة عن قطع طريق الناس وأخذ أموالهم بالباطل بسبب صدق سامي وقول الحقيقة ووفائه بعهده لأمه، فهذه قصة قصيرة عن الصدق يتعلم منها الإنسان الكثير.
الدروس المستفادة من قصة سامي أن الأبوين يَسْعيان إلى تربية أبنائهم التربية الحسنة، وأن على المرأة أن تصبر وتحتسب عند وفاة زوجها، وأن تعمل على تربية الأبناء التربية الحسنة من بعده، فقصة سامي وأمه قصة قصيرة عن الصدق تبرز أهمية الصدق وأثره في الناس، وتأتي على ذكر دور التربية في نشوء الجيل على الأخلاق الطيبة، والأثر الذي تتركه هذه الأخلاق في الناس من خلال المعاملة بالحسنى وقول الحقيقة وحفظ الأمانة ورعايتها.