منتدى جنتنا (نسخة قابلة للطباعة من الموضوع) https://forum.janatna.com/t21957 أنقر هنا لمشاهدة الموضوع بهيئته الأصلية |
توجهت خلسة إلى غرفتها بعدما اشترت هذا الجهاز المعروف بإختبار الحمل، ودلفت إلى المرحاض. مرت بضع دقائق قبل أن تظهر النتيجة والتي كانت إيجابية، وضعت رأسها بيت كفيها وهي تفكر في حل لتلك المصيبة التي حلت على رأسها، سيقتلها شقيقها بالتأكيد عندما يعرف. ألقت الجهاز من النافذة وهي تتنفس بقوة وأمسكت هاتفها واتصلت بعمرو ولكنه لم يجب. ظلت تفكر لمدة ساعتين في حل لتلك الورطة قبل أن تقتحم والدتها غرفتها وتجرها من شعرها وهي تصرخ في وجهها وتلقي بجهاز اختبار الحمل في وجهها: -"ما هذا؟ ماذا فعلتِ يا حقيرة؟" نظرت بصدمة إلى الجهاز، لا تفهم كيف عثرت عليه والدتها؟ رأت والدتها وجهها الذي احتلته ملامح الصدمة فأردفت بقهر وهي تلطم وجهها: -"جارتنا سماح رأتك وأنتِ تلقين بالجهاز من غرفتكِ، وانتظرتني حتى عدت من السوق وأخبرتني بالأمر". صفعتها بقوة وهي تتابع: -"انظري إليه يا شهيرة، ابنتك حنان ألقته من شرفة غرفتها منذ ساعة، هذا ما قالته لي سماح وهي تنظر لي بشفقة". صفعت شهيرة حنان عدة مرات وجرتها من شعرها حتى كادت تقتلعه وهي تردف بمرارة: -"بسببك أنتِ يا حقيرة توسلت ولأول مرة في حياتي لجارتنا كي تحفظ السر ولا تفضحنا". أمسكت شهيرة بهاتفها واتصلت بإبنها وأخبرته أن يحضر إلى المنزل بسرعة ويترك كل ما في يده، وخرجت من غرفة حنان وأوصدت الباب خلفها ولم تعبأ بتوسلات حنان لها بألا تخبر شقيقها بالأمر. نوفيلا ذكريات عابث للكاتبة بتول علي الفصل الأول (كما تدين تدان ولو بعد حين) أخذ يرددها مرارا وتكرارا وهو يجثو أمام قبر ابنته، ويتأمله بحسرة، انحدرت دموعه بسخاء على وجهه وهو يتذكر كل اللحظات التي قضاها برفقتها منذ ولدت إلى أن ماتت. لا تزال جملة الطبيب تتردد في رأسه منذ ذلك اليوم الذي خسرها به. -"البقاء لله، الجرح كان غائرا ولم نستطع انقاذها ". بكى كما لم يبكي من قبل، فمن تبقت له في هذه الحياة ذهبت وتركته، فضلت الإنتحار على أن تعيش يوما واحدا بدون ذلك الحقير، الذي لعب بمشاعرها وكسر قلبها بلا رحمة . غمغم بحزن وهو يتحسس تراب قبرها: -"سامحيني يا نور عيني، أنتِ دفعتِ ثمن ما فعلته في الماضي، لو لم أتفنن في كسر قلوب الفتيات لما حدث لكِ كل ذلك". أخرج من جيبه رسالتها التي تركتها له وشرع في قرائتها. (أبي الحبيب، عندما تقرأ هذه الرسالة سأكون رحلت من هذا العالم، أرجوك سامحني، فأنا لن أستطيع العيش من دون حازم، لا أصدق بأنه خدعني وكسر قلبي بعدما منحته الحب والاحترام، لا تزال كلماته القاسية تتردد في أذني، كان ينظر لي بإزدراء وهو يقول بأني بدينة وشبيهة بالبقر ولا أشبه النساء الجميلات، وأنه يجب أن أنظر إلى المرأة قبل أن أحاسبه، جرحني وأهانني بدلا من أن يعتذر لي بعدما خانني، أعلم بأنك ستحزن كثيرا عندما أرحل ولكن ما باليد حيلة، أنا لا يمكنني العيش بعد كل ما حدث معي).. أغمض عينيه بقوة وهو يضم رسالتها إلى صدره ويبكي بمرارة، من يراه الآن لا يصدق بأنه الدنجوان الذي كسر قلوب العذارى في شبابه. لم يكن يعلم بأن تلك ستكون عقوبته على تصرفاته الطائشة، لم يدرك بأن ثمن أخطائه ستكون فلذة كبده الوحيدة. " الدنجوان العابث " هذا ما أطلقه عليه أصدقاء السوء الذين كانوا يشجعوه دائما على ما يفعله . أليس هو من كان يستخف بالمشاعر ولا يعترف بها؟ انظروا إليه الآن وهو يكاد يبكي دما لفقده طفلته. لا يتذكر عدد الفتيات اللاوتي أوقعن في شباك حبه المزيف ثم دمر أحلامهن بلا رحمة، ولكن يلوح في رأسه ذكريات بعضهن التي تأبى أن تغادره، ربما لأنهن أكثر من عانى على يديه وذرفن دموع القهر بسببه. "سميه" تلك الحسناء الهادئة التي رأها لأول مرة عندما بدأ العام الدراسي الجديد وكانت هي في الفرقة الأولى. كانت رائعة وجميلة وأيضا غنية وهذا ما كان يهمه في الأمر ولهذا سعى خلفها كالجرو فقد كانت بالنسبة له كنز ثمين لا يمكنه تركه. كانت انطوائية ولهذا السبب لم يقترب منها أحد باستثنائه هو، استطاع بسهولة أن يجعلها تحبه وتتعلق به، كان دائما يصرخ في وجهها ويحتقرها ولكنها كانت تسامحه عندما يعتذر لها، وهذا ما شجعه على اهانتها بإستمرار فهي من تجاهلت من أحبها بصدق وعشقته. -"جميلة جدا عمرو، أشكرك على تلك الوردات الرائعة". هتفت بها سمية بسعادة وهي تضع باقة الزهور جانبا، ابتسم بسخرية وهو ينظر إلى ابتسامتها البلهاء بسبب بضع وردات حمراء أحضرهم لها لكي تقبل اعتذاره. ابتسمت واستطردت قائلة: -"سأسامحك هذه المرة، ولكن عدني بأنك لن تصرخ في وجهي مرة أخرى". بادلها ابتسامتها قائلاً: -"أعدك حبيبتي". ظلا يتبادلان أحاديث العشق والغرام ولم ينتبها لمازن الذي كور يده بغضب ولكم الحائط، وهو يتوعد لعمرو، يعلم بأنه يخدعها ويتظاهر بحبه لها من أجل أموال والدها، تنهد بضيق وهو ينظر إليها مرة أخرى وتمتم بحزن: -"لا أفهم لما أحببتيه؟ ما الذي أعجبك به؟ يهينك دائما ويقلل من شأنك ورغم كل شيء تسامحيه عندما يعتذر منكِ، أخبرتك بأني أحبك ولكنك دهست مشاعري من أجله، لا أصدق بأنكِ بلا كرامة لهذه الدرجة التي تجعلكِ عمياء القلب ولا ترين خداعه وكذبه، أعدك بأني لن أظل صامتا وأتركه يتلاعب بكِ، سأريكِ وسأثبت لكِ أنه حقير ومخادع ولا يستحق قلبك الذي أعطيتيه له". استقل دراجته النارية وغادر على الفور قبل أن يتمكن منه الغضب ويتجه نحوهما ويضرب عمرو. مرت عدة أيام قبل أن يأتي ذلك اليوم الذي تشاجر به عمرو وسمية للمرة الأخيرة. نظرت له بأعين باكية وهتفت بحشرجة: -"صدقني لا أستطيع، أرجوك لا تغضب". رمقها بسخط وهو يقول: -"ولما لا تستطيعين؟ أنا لا أطلب منك سوى أن تذهبي معي لأريكِ المكان الذي سيصبح منزلنا بعدما نتزوج". هزت رأسها نفيا وقالت: -"هذا لا يجوز، لا يمكنني الذهاب معك بمفردنا إلى شقتك". هدر في وجهها بعنف: -"هذا يعني أنكِ لا تثقين بي؟" حاولت مقاطعته ولكنه صاح غاضبا: -"يبدو أنه لا يمكننا الاستمرار معا". تركها مشدوهة الفاه وانصرف وهو يتظاهر بالغضب، يدرك جيدا بأنها لن تحتمل فكرة انفصالهما وستتصل به وتخبره بأنها ستذهب برفقته إلى الشقة". -"لن تتغير أبدا يا حقير". تمتم بها ماذن الذي رأى ما حدث، وتوجه نحو سمية التي كانت تبكي بإنهيار، رمقها بشفقة قبل أن يجلس بجوارها وهتف قائلاً بهدوء ولطف: -"لا تبكِ أرجوكِ ". نظرت له بأعين باكية ليستطرد قائلاً: -"لا تقلقي سأتصل بعمرو الآن وأتفاهم معه". نظرت لها بإمتنان وابتسمت وسط دموعها وقالت: -"شكرا لك مازن". أخرج مازن هاتفه، واتصل بعمرو، ومرت بضع ثوانِ قبل أن يجيب فهتف مازن: -"أين أنت عمرو؟ لما ذهبت وتركت سمية تبكي؟ هل حقا أخبرتها بأنك ستتركها؟" زم عمرو شفتيه بلامبالاة هاتفا بنزق: -"اتركها تبكي ولا تهتم، قريبا ستتعلم ألا تعارضني مرة أخرى". أردف مازن بحدة: -"هل جننت عمرو؟ تتركها بهذه الحالة فقط لتجعلها تطيعك". ضحك عمرو بشدة قبل أن يقول بخبث: -"سترى الآن أنها ستوافق وتأتي إلى منزلي". سأله مازن بهدوء مستتر خلف عواصف هوجاء تجيش في نفسه فهو يعلم جيدا الإجابة ولكن يجب أن تعرف سمية نية هذا النذل الذي عشقته: -"لما تريد احضارها إلى شقتك؟" انتظرت سمية سماع الإجابة بفارغ الصبر ... ارتجف بدنها رغما عنها بعدما سمعته يضحك مجلجلا بأعلى صوته وهو يهتف بخبث: -"ماذا بك مازن؟ لا تبدو لي بخير يا رجل، برأيك ماذا سيفعل شاب وفتاة وحدهما في شقة والأبواب مغلقة". حاولت كتم شهقاتها كي لا يسمعها ويعلم بأنها تجلس بجوار مازن ... لم يكتفي عمرو بما قاله وتابع بعبث: -"هي في النهاية فتاة رخيصة وهذا ما تستحقه الرخيصات أمثالها، كل ما أريده هو تسجيل ما سيحدث وإرساله لوالدها كي يعطيني الأموال التي سأطلبها منه مقابل ألا أفضح ابنته الغالية، وإن أراد أن أتزوجها فلن أمانع ففي النهاية سأستفيد من أموال والدها". تنهد مازن بهدوء في محاولة للسيطرة على غضبه بعدما رأى دموع سمية وأردف بمكر متظاهرا بأنه موافقا على حديثه: -"كم أنت محظوظ يا رجل، أتمنى أن أجد فتاة غنية وأستفيد من أموالها كما تفعل مع سمية". هتف عمرو بصوت ماكر: -"بالتوفيق يا صديقي". أنهى المكالمة ونظر إلى سمية بتوجس وقلق فنظراتها للهاتف كانت تقلقه ... نظر لها بريبة وقال: -"أنا لم أقصد أن تسمعي كل هذه الأشياء، أقسم لكِ بأن الأمر كان مصادفة وغير مدبر له ... أرجوكِ أخبريني أنكِ بخير". أجابت بنبرة جامدة: -"ولما تهتم لأمري؟ ألست فتاة رخيصة أحبت شخصا حقيرا وارتبطت به دون أن تخبر عائلتها لتكتشف في النهاية أنه يخدعها؟" همس بهدوء ونبرة عميقة: -"أنتِ لست رخيصة سمية، لا تجعلي هذه الفكرة تترسخ في ذهنك، أنتِ غالية جدا وهذا النذل لا يعرف قيمتك". أطبقت جفنيها بمرارة وهي تشعر برغبة ملحة في البكاء ... أمسكت حقيبها وانصرفت وهي تحاول كبح دموعها ... تحرك مازن خلفها فهو لن يتركها تذهب بمفردها وبهذه الحالة دون مراقبتها والتأكد أنها وصلت بخير إلى منزلها. لم تذهب سمية إلى الجامعة لمدة شهر ولم تجب على اتصالات عمرو الذي كاد يجن ويتوعد لها. تااااابع اسفل |