رواية كن ملاكي للكاتب عبد الرحمن أحمد الرداد سلسلة عالم المافيا الجزء الثاني مقدمة الرواية
نعم سلكت الطريق إلى نهايته وبكامل إرادتي، نعم إتخذت الحذر ونظرت في كل مكان حتى لا يُدركني الخطر، أدركت أن من حولي شياطين متنكرة في صورة بشر وكل متطلباتهم في الحياه هي كل شئ.. نعم كل شئ، الآن أنا اشم رائحة الموت في كل مكان، انتشر المرض وتعالت الصرخات، أصبح الألم واقع دائم لا يتغير ولا يمكن تغيره، نرسم إبتسامة وهمية مزيفة حتى لا نموت باليوم ألف مرة، أصبحنا نسير في طريقنا بلا هدف.. فقط لنعيش تلك الحياة ونكملها حتى النهاية..
نحن هنا لوقت قصير ليس دائم لكن كل شيطان رسم طريقه وكأنه مُخلد في هذا العالم البائس، سيدركون يومًا أنهم اتخذوا الطريق الخطأ ولكن حتى يأتي هذا اليوم سأحاول ردعهم حتى لا يتمكنوا منا، سأحاول حماية من أحب.. عائلتي واصدقائي.. دولتي وشعبي، سأحاول حمايتهم حتى لو كان ثمن هذا هو موتي، لابد من نهاية لكل شر.. لن يدوم الشر.. لن يدوم الشر حتى لو فقدنا اعز ما نملك. رواية كن ملاكي للكاتب عبد الرحمن أحمد الرداد الفصل الأول الجزء الثاني من بنت القلب
دقائق، دقائق قليلة كانت كافية لقلب حاله المزاجى من الجيد إلى الأسوأ، لم يعد يتحمل هذا الضغط الشديد، أصبح كالمنزل المهجور الذى امتلأ داخله بالغبار والأتربة، نظر إلى الأعلى بعينان دامعتان وتمتم قائلًا بخفوت: - يارب، يارب أنا تعبت..
ثم أجفل بصره وضم وجهه بكفيه المتشققين والتى يغطيهما الأتربة المتلاصقة بهما، كان جالسًا أمام منزله الصغير بإحدى المناطق العشوائية المختفية تمامًا عن العالم من حولها فاقترب منه عم «وحيد» ومال عليه قبل أن يربت على ظهره بحنو قائلًا: - متزعلش نفسك يا نائل يا ابنى .. بكرا ربنا يسهلها، قوم يلا نخش المسجد علشان نصلى الفجر وادعى ربك يسهل الحال..
استجاب لدعوته ونهض من مكانه وهو مطأطأ الرأس وسار بصحبته إلى المسجد الذى كان مقابلًا للمنزل، دلف إلى الداخل وتوضأ وما هى إلا ثوانٍ حتى أقام الإمام الصلاة فتقدم الصف الأول وبدأ يصلى بخشوع حتى إنه كان يستمع إلى القرآن بعينان دامعتان، سجد وظل يدعو الله بأن يفرج كربه وهمه وأن يعينه على عائلته، كما دعا لوالدته بالشفاء العاجل فهو لم يعد يتحمل رؤيتها مريضة بهذا الشكل المؤلم ...
دقت الساعة السادسة صباحا فنهضت من نومها وأخذت حمامها الساخن كعادتها كل يوم قبل أن تخرج وترتدى ثياب العمل الرسمية، حرصت على ارتداء اللون الأسود القاتم وذلك بسبب وفاة والدها منذ أقل من أسبوعين، سارت بخطوات متمهلة إلى الأسفل لتجد الخادمة قد أعدت الإفطار، رددت بجدية وهى تتجه إلى السفرة دون حتى النظر إلى الخادمة: - رقية وزين صحيوا من النوم يا هانم ؟
أجابتها «هانم» وهى تنظر إلى الأسفل: - أيوة يا ست هانم صحيوا ونازلين دلوقتى أردفت بفتور وهى تشرع فى تناول القهوة الخاصة بها: - طيب تمام روحى أنتِ
ما هى إلا لحظات وكان «زين» يجلس على السفرة وهو يفرك يده بسعادة قائلًا: - الواحد صاحى النهاردة نفسه مفتوحة رمقته «ياسمين» دون أن ترد عليه فلاحظ هو صمتها مما جعله يردد بجدية: - ابتسمى ولو ابتسامة واحدة يا ياسمين، أنتِ من ساعة موت بابا وأنتِ اتحولتِ لبنى آدمة تانية غريبة، هفضل أكلمك لغاية امتى..
تركت فنجان القهوة ونهضت من مكانها وهى ترمقه بنظرات مجهولة قائلة: - مالكش دعوة بيا، خليك فى نفسك يا زين وشيلنى من دماغك، أنا رايحة الشركة عقد ما بين حاجبيه بتعجب وهو يسألها: - ياسمين أنتى شغلك فى الشركة لوحدك مش هينفع خصوصًا بعد وفاة بابا الله يرحمه و ...
كاد أن يكمل لكنها قاطعته بحدة: - زين مالكش دعوة بحياتى، خليك أنت في شغلك وسيبنى وماتخافش الشغل هيمشى زى ما كان أيام بابا الله يرحمه ومحدش هيقدر يضحك عليا، شخصيتى الجديدة دى علشان محدش يفكر يهزمنى ثم رمقته باستحقار قبل أن ترحل إلى الشركة .
نظر إليها وهى ترحل بحزن شديد فهى لم تعد شقيقته الكبرى الحنونة كما فى الماضى، غيرتها الأيام كثيرًا .. أكثر حتى مما تخيل، كان شاردًا فى تفكيره إلى أن قاطعته شقيقته الصغرى«رقية» ذات الستة أعوام قائلة: - زين ! زيين أنت سامعنى التفت إليها ليجدها أمامه فابتسم ورفعها على الكرسى قائلًا: - يا صباح القمر على قطتى الصغنونة..
نظرت من حولها قبل أن تنظر إليه متسائلة: - هى فين ياسمين ! عبست ملامحه وهو يجيبها: - مشيت شعرت الصغيرة بالحزن ورددت: - مشيت قبل ما تفطر معانا ! ياسمين بقت مش بتحبنى زى زمان ابتسم بمرح إليها حتى يخفف عنها ثم مال عليها ومسح على شعرها بحب قائلًا: - بالعكس بتحبك يا حبيبتى بس هى تعبانة شوية الأيام دى، هتبقى كويسة وترجع تلعب معاكى زى زمان
نائل محمد خالد، الابن الأكبر لوالديه .. يبلغ من العمر ستة وعشرين عامًا تخرج من كلية التجارة لكنه كان الأسوأ حظًا فى هذا العالم حيث لم يحصل على وظيفة تناسبه، حاول كثيرًا وكافح أكثر لكنه فى النهاية لم يستطع حتى اتجه إلى نقل الحجارة ورفع الرمال كل يوم، على الرغم من قلة المال الذى يحصل عليه لكنه يداوم على هذا العمل حتى يستطيع شراء الأدوية لوالدته المريضة وأيضًا تعليم شقيقته الصغرى، ضاق به الحال كثيرًا خاصة ذلك اليوم الذي وقع فيه أثناء حمله للحجارة مما جعله أضحوكة لكافة العاملين وطُرد على الفور من العمل..
ياسمين الجيار، الابنة الكبرى لرجل الأعمال المتوفى حديثًا وائل الجيار، اتسمت سابقًا بحبها للحياة وروحها الجميلة لكن كل هذا تبدل من بعد وفاة والدها حيث أصبحت أخرى غير تلك التى اعتاد عليها الجميع فى السابق، أصبحت تدير شركة والدها بعدما رفض شقيقها الأصغر «زين» إدارة عمل والده وإصراره على بيع كافة أسهم الشركة لكنها رفضت تمامًا وأصرت على بقاء كل شىء كما هو، اكتسبت صفات كثيرة حديثًا منذ إدارتها لهذا العمل ومنها القوة والصرامة والقلب المتحجر..
زين الجيار، الأخ الأصغر لياسمين الجيار، تخرج من كلية الشرطة وحاصل الآن على رتبة رائد، رفض رفضًا قاطعًا العمل مع والده فى شركته وأصر على دخوله كلية الشرطة حتى حقق رغبته في ذلك، رغب فى بيع أسهم الشركة كاملة بعد وفاة والده إلا أن شقيقته الكبرى رفضت ذلك وأصرت على إدارة العمل بنفسها فلم يعترض على ذلك وترك لها الأمر..
فتح باب المصعد وخرج منه رجل يبدو عليه البنيان القوى ويرتدى بدلته، كان يتحدث إلى تلك السيدة أثناء مروره من أمام طيف ونيران فتابعه طيف بعينيه وتقدم خطوتين تجاهه وهو يردد: - اوبا مش قلتلك يا نيران مش بتفائل بالجملة دى عقدت ما بين حاجبيها وهى تردد بتعجب: - مين ده ؟ أنت تعرفه..
التفت نصف التفاتة وردد بابتسامة واسعة: - أعرفه ؟ ده أنا أعرفه ونص، اجهزى يانونى .. مهمة بنت القلب الموسم التانى بدأت ياروحى - موسم تانى ايه يا طيف أنا مش فاهمة حاجة ومين ده ! قالتها «نيران» وهى تجذب التيشيرت الخاص به فالتفت إليها وردد بجدية: - خليكى هنا يا نونى لحظة وجاى وهقولك على كل حاجة استجابت لطلبه بالبقاء بينما تقدم هو تجاه هذا الرجل وردد بصوت مرتفع: - لو سمحت..
التفت إليه قبل أن يعقد ما بين حاجبيه بتعجب فأشار إليه «طيف» قائلًا: - دقيقة واحدة بس ترك تلك السيدة التى كان يتحدث معها أثناء سيره واقترب من «طيف» وردد: - افندم، حضرتك تؤمرنى بحاجة مد يده بابتسامة قائلًا: - الرائد طيف أيمن بادله نفس الابتسامة ومد يده لكى يصافحه قائلًا: - أهلا بيك ياطيف باشا، يوسف رياض مدير الفندق ده..
اتسعت ابتسامة «طيف» المصطنعة وردد: - اتشرفت بحضرتك، كان في طلب كدا بس لو مشغول أكلمك فى وقت تانى هز «يوسف» رأسه بابتسامة قائلًا قبل أن يشير بيده لتلك السيدة كى ترحل: - لا أبدًا اتفضل، حضرتك تؤمرنى بايه ابتسم والتفت إلى نيران ثم نظر إليه مرة أخرى وأردف: - أنا فى شهر العسل والنهاردة أول يوم وعيد ميلاد نيران مراتى بكرا وكنت عايز أعملها مفاجأة كدا، يعنى هنمشى ونرجع نلاقى الأوضة متجهزة وطبعا أنت فاهم الباقى..
هز رأسه بتفهم وهو يقول بثقة: - مايكنش عندك قلق نهائى، هات رقم الغرفة والباقى كله علينا وإن شاء الله يعجبك الترتيبات اللى هنعملها هز «طيف» رأسه بابتسامة مصطنعة وأردف: - أنا واثق إن كل حاجة هتبقى مظبوطة، ورقم الغرفة 314 سحب دفتر وقلم من جيب بدلته ودون رقم الغرفة ثم نظر إلى طيف وردد: - تمام اعتبر كل حاجة اتظبطت، الوقت المناسب علشان نبدأ شغل هيكون 12 الضهر، كويس ؟
أومأ رأسه بالإيجاب قائلًا: - كويس جدا - وده رقم تليفونى علشان لو في أى حاجة أخذ «طيف» الكارت الخاص به وهو يرمقه قائلًا: - تمام جدا..
أنهى الحوار معه ثم عاد إلى نيران مرة أخرى وأردف بابتسامة: - اجهزى يا حبيبتى علشان عاملك حفلة لعيد ميلادك بكرا هتجننك عقدت ما بين حاجبيها بعدم فهم وهى تردد: - عيد ميلاد ايه يا طيف أنت سخن ! أنا عيد ميلادى لسة الشهر الجاى ولا نسيت عيد ميلادى كمان - لا لا كله إلا النكد، ده أنا حافر عيد ميلادك فى دماغى .. يلا نطلع وهفهمك كل حاجة على رواقة..
جلس أمام سرير والدته المتهالك ونظر إلى حالها الذى ساء أكثر حتى انهمرت دموعه رغمًا عنه فانخفض ووضع رأسه على السرير وظل يبكى بحرقة شديدة لعدم قدرته على مساعدتها وهى بتلك الحالة، فاقت من نومها ومدت كفها ومسحت على رأسه بحنو شديد قائلة: - متزعلش نفسك يا حبيبى، ربنا بيختبر صبرنا وأكيد شايلك الأحسن، أنا واثقة إن ربنا هيسعدك لأنى بدعيلك من كل قلبي يا حبيبي..
اعتدل وقبل يدها وظل ممسكًا بكفها الذى يعشق تقبيله وترقرقت الدموع في عينيه هاتفًا بحزن من بين قبلاته: - أنا مش عايز حاجة من الدنيا غير إنى أشوفك بخير يا حبيبتى، حتى القرشين اللى كنت باخدهم من الشغل اللى كان بيكسر ضهرى راحوا، أنا السبب .. كان لازم أمسك نفسي وماأتكعبلش كدا..
ابتسمت رغم ألمها الشديد حتى تبث الهدوء والراحة بداخله وأردفت: - سيبها على الله يا نائل يا ابنى، لولا إنى عارفة إنك هترفض اللى هقولهولك كنت قلت فهم القصد من جملتها الأخيرة فابتسم بسخرية قائلًا: - ده من سابع المستحيلات يا ماما، عمرى ما هروحله ولا هطلب منه حاجة .. عمري ما هعمل كدا حاولت زرع فكرة ذهابه إلى والده وأضافت: - ياحبيبي ده برضه أبوك
هز رأسه بالرفض عدة مرات وقد زاد غضبه وسخطه على هذا الشخص الذى يكرهه كثيرًا وأردف: - أبويا ! أبويا اللى رمانا رمية الكلاب وعمره ما فكر فينا ؟ اللى خلانى أستلف من ده ومن ده ويطلع عينى طول النهار فى الحر تحت الشمس، اللى سابك مرمية مش لاقية العلاج كدا ! أبويا اللى طردنا طردة الكلاب بأمر من مراته والمرة الوحيدة اللى روحتله فيها كنت صغير مش فاهم وقالى ماتعمليش مشاكل وتيجى تانى ورمالى ملاليم، الراجل ده مش أبويا وعمرى ماهعتبره أبويا، أنا أبويا مات من زمان، أنا عندى أموت من الجوع وماأرحلوش نهائى..
حاولت بجهد امتصاص غضبه وتهدئة حالته التى صعبت كثيرًا وأردفت: - خلاص اهدا يا حبيبي، ماتروحش .. سيبها على ربنا، مفيش أرحم من ربنا علينا هدأ غضبه قليلًا وأطرق رأسه بحزن وهو يردد: - ونعم بالله، ونعم بالله
دلفت إلى الشركة برأس مرفوع وتحركت بخطوات متمهلة وهادئة إلى مكتبها، وأثناء ذلك وقف الجميع حتى تدلف إلى المكتب فهى فى أول يوم لها بداخل تلك الشركة فرضت شخصيتها القوية عليهم وقامت بإبعاد فكرة فشلها بسبب كونها امرأة والآن الجميع يهابها بشدة فهى جادة للغاية ولا مجال للمزاح فى هذا الأمر..
دلفت إلى المكتب فحضرت السكرتيرة الخاصة بها «سهى» وقامت بوضع عدة ملفات أمامها وهى تقول بجدية: - دى الملفات اللى حضرتك طلبتيها يافندم، كل حاجة اتراجعت وناقص الإمضاء بتاعة حضرتك بس أخذت تفحص الملفات بعينيها وهى تقول دون أن تنظر لها: - طيب تمام يا سهى روحى أنتِ - تحت أمرك..
فى هذا الوقت دلف عم «وحيد» وهو يحمل فنجان قهوة، تقدم بهدوء وقام بوضعه أمامها قائلًا: - القهوة يا بنتى ابتسمت بلطف قائلة: - تسلم يا عم وحيد - الله يسلمك يا بنتى ورحل على الفور، ماهى إلا دقائق حتى دلف «يوسف» إلى الشركة بطلته التى طالما أُعجبت الفتيات بها، كان قوى البنيان، مفتول العضلات .. جسده مستقيم زاده جاذبية لهن، انتبه الجميع لدخوله وبدأوا بالهمس فمنهم من حسد «ياسمين» على كونه خطيبًا لها ومنهم من حقد عليها ومنهم من لم يضع هذا الأمر برأسه..
وصل إلى المكتب فنظر إلى «سهى» قائلًا: - ياسمين جت ؟ نهضت وهى تبتسم قائلة: - أيوة يا مستر يوسف لسة جاية من شوية هز رأسه بابتسامة مجاملة وهو يقول: - طيب تمام شكرًا..
طرق الباب ثم دخل في الحال فنظرت إليه بابتسامة هادئة قائلة: - يوسف كويس إنك جيت كنت لسة هكلمك جلس على المقعد المقابل لها ورفع حاجبيه ليجيبها بابتسامة: - خير يا حبيبتى..
نظرت إلى الملف الذى بيدها ومدته إليه قائلة: - خد اقرأ الملف ده وعايزاك تتصرف معاهم علشان أنا مشغولة دلوقتى مع كذا شركة ومفيش غيرك هيعرف يخلص مع شركة الجمال سحب الملف من يدها وتفحصه بنظرة سريعة قبل أن يقول بثقة: - خلاص يا ياسو ولا يهمك اعتبرى كل حاجة خلصت، ها طمنينى عاملة ايه النهاردة ارتسمت إبتسامة مزيفة على ثغرها قائلة: - بخير..
لم يزد بالحديث بل هب واقفًا مستعدًا للرحيل وهو يقول: - طيب الحمدلله إنك بخير، أنا همشى بقى وهعدى عليكى بعد ما تخلصى شغل تمام أومأت رأسها بالإيجاب قائلة: - تمام
عاد بظهره إلى الخلف بتعب فهو يعمل منذ الصباح على تلك القضية، رفع سماعة هاتفه وتحدث بجدية: - رماح .. عايزك فى مكتبى دلوقتى ماهى إلا ثوانٍ حتى حضر «رماح» وأدى التحيه وهو يقول: - تمام سعادتك أشار إلى الكرسى لكى يجلس قائلًا: - اقعد يا رماح..
جلس وعلى وجهه نظرات متعجبة فيبدو أن الأمر هام، قام بإغلاق الملف الذى كان يتصفحه ورفع بصره إلى «رماح» وشرع فى الحديث: - بص يا رماح اللى هقوله ليك ده يبقى فى غاية السرية مفهوم ؟ أومأ رأسه بالإيجاب وهو يردد: - مفهوم يا فندم تابع «أيمن» بنفس الجدية: - غيث وليان، عايزك تجندهم قطب جبينه بتعجب وهو يهز رأسه بعدم فهم قائلًا: - مش فاهم سعادتك، أجندهم !
أومأ رأسه بالإيجاب واستطرد قائلًا: - أيوة، غيث وليان كنز ده غير إنهم متدربين على أعلى مستوى وهيفيدونا جدا، هتفهمهم إنهم هيبقوا فى حياتهم الطبيعية عادى لكن لو احتجناهم فى مهمة هيبقوا موجودين، هتتولى أنت وفاطمة مهمة تدريبهم عقد ما بين حاجبيه ليقول متسائلًا: - تدريبهم ! سعادتك لسة قايل إنهم متدربين على أعلى مستوى..
هز رأسه بالإيجاب ليقول: - أيوة لكن التدريب اللى أقصده هو التدريب على أسلوبنا احنا مش أسلوب التدريب اللى هما اتعلموه برا، هتفهمهم طريقتنا وطريقة شغلنا، المهم يبقوا جاهزين فى خلال شهر بالكتير ولتانى مرة هقولك، الموضوع ده هيبقى سر بينى وبينك وبين فاطمة وطبعا هما أومأ رأسه بالإيجاب وهو ينهض من مكانه مستعدًا للرحيل: - تمام سعادتك، اعتبر كل حاجة تمت أشار إليه قبل أن يرحل قائلًا: - لو حصل حاجة أو رفضوا بلغنى وأنا هتصرف، تمام - تمام يا باشا...
رواية كن ملاكي للكاتب عبد الرحمن أحمد الرداد الفصل الثاني الجزء الثاني من بنت القلب
استقل سيارته مستعدًا للذهاب إلى قسم الشرطة الذى يعمل به إلا أن «نايا» استوقفته وهتفت بصوت مرتفع: - زين استنى أخرج رأسه من سيارته فوجدها أمامه مما دفعه للخروج، توجه إليها بابتسامة قائلًا: - نايا، جيتِ فى وقتك أنا كنت رايح الشغل - أنت بتتريق ؟ ابتسم بلطف وهو يداعب وجنتيها بحب: - لا يا نيمو أنا أقدر، طمنينى خالتى عاملة ايه..
سارت معه مبتعدة قليلًا عن الطريق الداخلى للفيلا إلى الحديقة الكبيرة وهى تقول: - كويسة بس سيبك منها وقل لى ياسمين مالها، اتغيرت أوى .. أنا قلقانة عليها نظر إلى نقطة بالفراغ أثناء سيره وهتف بحزن: - مش عارف والله يا نيمو، ياسمين كانت أقرب واحدة لبابا الله يرحمه وموته أثر عليها أوى لدرجة إنها بدأت تتقمص شدته وطريقته، على اد ما أنا متطمن عليها فى الشركة على اد ما خايف الشخصية اللى بقت عليها دى تأذيها..
وقفت ثم نظرت إليه قائلة بجدية: - طب ما تكلمها أنت يا زين هى كانت قريبة منك أنت كمان ابتسم بسخرية ولوى ثغره ليقول بحزن: - كانت قريبة منى، دلوقتى بعيدة عنى بشكل مش هتتخيليه وبعدين مين قالك إنى مااتكلمتش معاها ؟ أنا تعبت من الكلام معاها لكن هي مابتسمعش واللى فى دماغها نفذته برضه..
فى تلك اللحظة حضرت الصغيرة «رقية» وحضنت قدم «نايا» بحب وهى تقول: - نيمو وحشتينى انخفضت إليها وداعبتها بحب وابتسامة وهى تقول: - وأنتى كمان يا رورو وحشتينى، قليلى بقى عملتى ايه فى الاتفاق اللى اتفقنا عليه رمقهم «زين» بابتسامة قبل أن يقول: - طيب أسيبكم بقى مع بعض علشان عندى شغل نظرت إليه وهى مازالت منخفضة وتداعب الصغيرة ورددت: - خلى بالك من نفسك أرسل لها قبلة فى الهواء وهو يتراجع إلى الخلف قائلًا: - حاضر يا نيمو يلا باي
دلف ليأخذ فنجان القهوة الخاص بها وهتف متسائلًا: - أعملك حاجة يا بنتى ؟ نظرت إليه باهتمام لتقول بأدب: - معلش يا عم وحيد، عايزة فنجان قهوة علشان عندى صداع رهيب - حاضر يا بنتى
تقدم خطوتين ثم توقف ونظر إليها لكنه تراجع وتقدم إلى الأمام مرة أخرى فهتفت هى بعدما لاحظته: - فيه ايه يا عم وحيد ؟ عايز تقول حاجة ! التفت إليها وتقدم مرة أخرى وردد بحرج: - في طلب كدا يا بنتى بس مش عارف وقته ولا ايه هزت رأسها بابتسامة لتخفف عنه الحرج وأردفت: - لا أبدًا وحتى لو مش وقته أنت بالذات ياعم وحيد ليك معزة خاصة ومن ريحة بابا الله يرحمه وهو كان بيحبك ويعزك جدا، اتفضل قول كنت عايز تقول ايه ابتسم بتودد وهو يقول: - الله يكرم أصلك يا بنتى، الموضوع إن كان في...
صمت قليلًا ثم تابع: - كان فيه شاب من الحتة عندنا وهو واد جدع وطيب ويستاهل كل خير بس الدنيا مخبطة معاه اليومين دول و مش لاقى شغل وكدا فلو يعنى ينفع يجى يشتغل هنا حتى لو يساعدنى أو يكنس يمسح يعمل أي حاجة تطلبيها صمتت قليلًا لتفكر بالأمر ثم رفعت رأسها ورددت بابتسامة: - لولا إنك أنت اللى طلبت الطلب ده ياعم وحيد أنا ماكنتش هقبل لأن الشركة كدا كويسة ومش محتاجين حد بس علشان خاطرك هاته وأنا هشوفله حاجة فى الشركة وربنا يفك كربه..
تهللت أساريره وهتف بسعادة: - الله يكرمك يابنتى، ماتتخيليش هيفرح اد ايه لما يعرف الخبر، عن اذنك بقى هروح أحضر القهوة رددت بنفس الابتسامة التى لم تختفِ: - اتفضل يا عم وحيد..
رحل وبقيت هى وحيدة تتذكر مجيئها إلى تلك الشركة سابقًا عندما كان والدها حي يرزق، تذكرت تلك الأيام ووالدها الذى عُرفت عنه قوة شخصيته وصرامته، تذكرت صوته المرتفع وهو يتابع العمل فانهمرت دمعة من عينيها قبل أن تقول بحزن: - الله يرحمك يا بابا
- ذاكرى يا رنّة امتحاناتك قربت قالتها «أسماء» لتحث ابنتها على مذاكرة دروسها فأجابتها قائلة: - ما أنا بذاكر أهو يا ماما وبعدين أنا زهقانة أوى، البيت من غير طيف وتنّة مالهوش نفس وحاسة إنى مخنوقة لوحت والدتها بيديها فى الهواء قائلة: - ما أنتِ بتروحى الكلية الصبح، استحملى وكلها شهر وطيف هيرجع هو ونيران والبيت هيرجع يتملى تانى رمقت الكتاب بضيق وهى تردد بعدم رضا: - شهر ! مفيش غير السيركت اللى هتسلينى، ناس فى شهر العسل وناس فى شهر البصل والندامة
تركت حقيبتها الصغيرة على الكومود ونظرت إليه متسائلة: - ها ادينا طلعنا فهمنى بقى حصل ايه ومين ده وعيد ميلاد ايه ابتسم بلطف قبل أن يلقى بنفسه على الفراش ليريح جسده قليلا وأردف: - بصى ياستى، فاكرة حوار مازن اللى حكيتلك عنه واللى نصب عليه هزت رأسها بعدما تذكرت ورددت بتلقائية: - أيوة غارم..
أومأ رأسه بالإيجاب ليتابع قائلًا: - أيوة بالظبط، الراجل ده هو غارم .. ده شكله وراه حكاية كبيرة، مغير اسمه ليوسف ومدير الفندق ده ارتفع حاجبيها بعدم تصديق وهى تقول: - ايه هو مدير الفندق ؟ طب وهنثبت عليه إنه نصاب ونقبض عليه ازاى، اعتراف مازن مش دليل هز رأسه بتفهم وهو يحاول التفكير بطريقة لإيقاع هذا المجرم ثم نطق بتلقائية: - حظه إنه جه تحت ايدى، لازم أتعرف عليه أكتر وأكتر لغاية ما أوقعه نظرت إلى الأسفل بضيق فهذا الشهر الذى اعتقدت أنها ستنفصل عن العالم فيه وتنفرد بحبها لكن ظهر هذا المدعو بـ «يوسف» ليسلب منهما راحتهما
لاحظ حزنها فاعتدل واقترب منها ليخفف عنها قائلًا بحنو: - ماتقلقيش يا حبيبتى، هنقضى شهر العسل عادى خالص وفى أوقات فراغنا نراقب يوسف أو غارم ده وبالمرة ننمى روحنا البوليسية شوية ابتسمت ورفعت رأسها لتنظر إلى عينيه المحدقة بها، حركت رأسها بالإيجاب قائلة: - تمام فتقدم ليطبع قبلة على شفتيها مما أنساها كل شىء حتى أمر "عيد الميلاد"
تقدم بخطوات متمهلة إلى الصيدلية المجاورة لمنزله وما إن وقف أمام الطبيب حتى ردد بحرج: - لو سمحت يا دكتور معلش كنت عايز العلاج بتاع والدتى بس بستأذنك يعنى مش معايا فلوس دلوقتى وهجيبهالك يوم تانى لما ربنا يفرجها ربت الطبيب «هانى» على كتفه وردد بابتسامة كى يزيل عنه الحرج: - عيب عليك يا نائل، أمك هى أمى والفلوس تجيبها فى أى وقت، استنى دقيقة هجيبلك العلاج..
بالفعل مرت دقيقة وقام «هانى» بوضع الأدوية فى حقيبة بلاستيكية صغيرة ومد يده بها قائلًا: - بالشفاء إن شاء الله تناولها منه «نائل» بعد أن رسم على وجهه ابتسامة قائلًا: - تسلم يا دكتور والله مش عارف أشكرك ازاي ربت على كتفه مرة أخرى بقوة وأردف: - ماتشكرنيش يا نائل احنا جيران وأخوات، يلا روح ادى العلاج للست الوالدة وربنا يكتبلها الشفاء - يارب.
انطلق إلى منزله بخطوات متعجلة لكنه توقف عندما استمع لمن يناديه من بعيد فنظر فى اتجاه الصوت ليجد عم «وحيد» يتجه إليه بخطوات مسرعة كي يلحق به قبل دخوله المنزل، ظل فى مكانه إلى أن أتى إليه وردد بابتسامة: - ابسط ياعم شوفت علشان أنت ربنا بيحبك عقد ما بين حاجبيه وهو يهز رأسه متسائلا بتعجب وحيرة: - مش فاهم قصدك يا عم وحيد..
- ابسط يا نائل ياابنى أنا كلمت الست ياسمين مديرتى فى الشركة وقلت ليها إنك تيجى تشتغل ووافقت الحمدلله اتسعت حدقتيه بصدمة وتهللت أساريره بسعادة وأردف بلهفة: - أنت بتتكلم جد يا عم وحيد ؟ بجد وافقت اجى اشتغل فى الشركة ؟ هز رأسه بالإيجاب بابتسامة سعيدة وهو يؤكد عليه قائلًا: - ايوة يابنى وافقت، يلا اجهز بقى علشان هتروح معايا بكرا من بدرى تراجع بظهره وهو يشير إلى الأعلى بسعادة وقد ارتفع صوته: - من النجمة هتلاقينى معاك، الحمدلله يارب .. يابركة دعاكى ياما..
صعد مسرعًا إلى الأعلى ثم توجه إلى غرفة والدته وهتف بسعادة: - باركيلى يا ست الكل هتفت بصعوبة من وسط تألمها: - فيه اية يا حبيبى فرحنى اتجه إليها وجلس على حافة السرير أمامها وهو يقول بسعادة أثناء تجهيزه للدواء كي يعطيه لها: - ابنك هيشتغل فى شركة، عم وحيد ربنا يكرمه كلم صاحبة الشركة عنده ووافقت إنى أشتغل أمسكت بذراعه وهى تقول بابتسامة وسعادة بالغة: - بجد يا ضنايا !
هز رأسه بالإيجاب وهو يقول بابتسامة: - بجد يا حبيبتى، يلا بقى علشان أديكى الحقنة علشان وشك باين عليه التعب جامد انهمرت دمعة من عينيها وهى مازالت تمسك بذراعه بحب وأردفت: - أنا كنت فعلا تعبانة بس لما شوفتك فرحان كدا يا ضنايا نسيت التعب وبقيت كويسة ابتسم قبل أن يقبل رأسها بحب وهو يقول: - ربنا يخليكى ليا يا أملى وضهرى فى الحياة دى
مر الليل سريعًا بعد يوم طويل وأشرقت شمس يوم جديد على طيف الذى نهض مبكرًا كعادته وأخذ حمامه ثم رفع سماعة الهاتف وطلب الطعام ثم نظر إلى «نيران» التى كانت كالأطفال فى نومها، ظل محدقًا بها لدقائق وكأنه أحب النظر إلى هيئتها تلك ولم يرد الكف عن ذلك لكنه نظر إلى ساعته فوجدها الحادية عشرة صباحا فتذكر تلك الحفلة التى سيعدها الفندق للاحتفال بعيد ميلادها، ارتسمت ابتسامة خفيفة على وجهه بعدما تذكر أنه لم يخبرها بالأمر فأسرع وداعب أنفها بحب وهو يهتف باسمها: - نونى، نونى حبيبتى اصحى الفطار جه..
فتحت عينيها لتجده قريبًا منها للغاية وكادت أنفه تلتصق بأنفها فابتسمت بحب وهى تطوق يديها على رقبته قائلة: - ايه النشاط ده كله يا باشا اقترب أكثر وقام بتقبيلها ثم عاد ونظر إليها قائلًا: - اللى يعرف القمر ده لازم يبقى نشيط، قومى يلا نفطر علشان ننزل .. محضرلك كام خروجة كدا أحسن من امبارح تحمست كثيرًا ونهضت فى الحال، جلست تتناول الإفطار معه حتى مر الوقت وانتها أخيرا، نظر إليها وهو يسحب الطعام من أمامها وأردف: - يلا شوفى هتعملى ايه واجهزى علشان ننزل
وصل أخيرا إلى الفيلا واصطف سيارته أمامها ثم ترجل منها وخطى إلى الداخل فوجد والده يخرج من المكتب وعلى وجهه الضيق، ردد بتساؤل وهو يشير إلى الساعة: - كنت فين كل ده يا يوسف ! الفجر هيأذن كان يضع سترته على كتفه حينما اتجه إليه وأردف بابتسامة: - ما أنت عارف يا بابا سهران مع أصحابى، بخلص الشغل معاك وبطير عليهم جلس على المقعد وردد بعدم رضا: - وهتصحى بدرى ازاى للشغل وأنت راجع متأخر كدا..
ابتسم وهو يتجه إلى الدرج حتى يصعد إلى غرفته وأردف: - دى بقى بتاعتى أنا، المهم إنى هروح .. تصبح على خير يا بوب اتجه إلى الأعلى واستحم قبل أن ينام على سريره، أمسك هاتفه ليتفحصه قبل نومه فوجد رسالة على تطبيق "تليجرام" من خطيبته «ياسمين»: " شكرا يا يوسف، معلش تعبتك معايا" ابتسم وهو يكتب إليها: " شكرا ايه يا ياسو، هو في بينا الكلام ده ! ده أنتِ خطيبتى وحبيبتى "..
كان على وشك إغلاق الهاتف إلا أنه تلقى رسالة أخرى ولكن من صديقته «هايدي»: " وحشتنى يا حبيبى ؟ " نظر إلى الفراغ وردد بتعجب: - البت دى غبية ولا ايه؟ ثم كتب لها فى الحال: " أنتِ هبلة يا بنتى ! ماأنا كنت لسة معاكى " ثم أغلق هاتفه بسرعة قبل أن يتلقى رسالة أخرى تمنعه عن النوم الذى اشتاق إليه ...
اصطف «رماح» سيارته أمام المطعم ودلف إلى الداخل وتوجه إلى مكتب «غيث» وما إن طرق الباب حتى أتى صوته من الداخل: - ادخل فتح الباب ففوجئ به «غيث» ونهض من مكانه وصافحه على الفور ثم أشار إلى المقعد قائلًا: - تعال اقعد، استريح وما إن جلس «رماح» حتى سأله غيث قائلًا: - تشرب ايه؟ ابتسم بلطف قبل أن يجيبه قائلًا: - تسلم، أنا عايزك بس تبلغ ليان تيجى علشان في موضوع عايزكم فيه عقد ما بين حاجبيه متعجبًا ثم سأله: - ليان ! اشمعنى هو الموضوع مهم ؟
أومأ رأسه بالإيجاب وقال بإيجاز: - جدا رفع هاتفه وقام بمهاتفة «ليان» التى كانت منشغلة باستلام طلبيات المطعم، أبلغها بالحضور الآن لأمر طارئ وما هى إلا ثوانٍ حتى حضرت وتفاجأت بوجود رماح فهتفت بابتسامة: - رماح باشا منور المطعم ابتسم ليجيبها قائلًا: - منور بأصحابه، اقعدى علشان فيه موضوع مهم عايزكم فيه نظرت إلى «غيث» بتعجب ثم نظرت إلى رماح وتوجهت إلى المقعد ويدور ببالها شىء واحد فقط وهو " ما هذا الأمر الخطير ؟ "
ملحوظة: لسة مش هقول توقعوا علشان دي كلها حلقات تعريفية بالابطال بس الاكشن جاي كمان حلقة او اتنين للمجانين طيف ونيران..
رواية كن ملاكي للكاتب عبد الرحمن أحمد الرداد الفصل الثالث الجزء الثاني من بنت القلب
وقفت على بعد أميال تراقبه حتى ضربتها صديقتها على كتفها فالتفتت وهى تتألم قائلة: اااه، ايه يا تمارا ايدك تقيلة نظرت إلى حيث تنظر وهتفت باعتراض: - كفاية مراقبة فى جاسر يا نرد مش هتستفيدى حاجة جلست «نرد» على المقعد الخاص بها فى المقهى وهى تقول بضيق: - أعمل ايه؟ ما أنتِ شايفة يا تمارا قاعد مع اللى ماتتسمى هدير ازاى وبعدين عاجبه فيها ايه دى..
- ماتقفيش تانى علشان مايشوفكيش ولو شافك هيعمل مشكلة تذمرت وعادت ترمقه مرة أخرى حتى رن هاتفها فرفعته لتجد اسم شقيقها "رماح" على الشاشة فأجابت على الفور: -أيوة يا رومى - يابنتى قلتلك مليار مرة بلاش رومى دى وبعدين أنتِ فين أمك لسة مكلمانى وبتقول إنك مش بتردى تابعت وهى تسلط نظرها على «جاسر»: - هكون فين يعنى يا رماح، أكيد فى الكلية ومعرفتش أرد على ماما علشان كنت فى محاضرة..
هدأ قليلا ثم هتف من جديد: - طيب هتخلصى امتى ؟ أجابته باقتضاب وهى تنوى إغلاق المكالمة: - معرفش يا رماح على حسب المحاضرات اللى عندى واقفل بقى علشان الدكتور دخل .. باى وأغلقت دون أن تترك له فرصة للرد
أشرقت شمس يوم جديد على «نائل» الذى استعد وارتدى ثياب خاصة والوحيدة التى كان يملكها، هتف بصوت مرتفع: - يلا يا يارا ؟ حضرت شقيقته الصغرى «يارا» وقد استعدت للذهاب إلى المدرسة وأردفت: - يلا يا نائل أنا جهزت اصطحبها إلى الأسفل ثم اتجه إلى منزل عم «وحيد» فوجده بانتظاره فأشار إليه قائلًا: - معلش ياعم وحيد هناخد يارا فى سكتنا نعديها على المدرسة ونروح - ماشى ياابنى...
بالفعل أوصلها إلى المدرسة ثم انطلق بصحبة وحيد إلى الشركة وما إن دخل حتى رمقه الجميع بتعجب فهو رغم وسامته كشاب إلا أن ملابسه كانت غريبة عليهم فكانت ملابسه عبارة عن "بنطلون جينز قديم وقميص مقلم أظهر مدى قدمه"
همست إحداهن «مايا» إلى رفيقتها قائلة: - اوبا شايفة المز ده نظرت «سمر» حيث تنظر هى وأردفت بتعجب: - هو مز الصراحة بس ايه لبس الفراعنة اللى انقرض وهو لابسه ده ! هزت الأولى رأسها لتقول: - مش عارفة، جاى مع عم وحيد أكيد ابن أخوه ويمكن ابنه تابعت الثانية الموقف وتحركهم إلى الداخل وهى تقول: - يا خبر بفلوس
صعد إلى الأعلى بصحبة «وحيد» وظل واقفًا يتأمل المكان ورقيه فهو لم يرَ مثل هذه الأماكن من قبل، انتظر أكثر من نصف ساعة ولم تحضر «ياسمين» فردد بتساؤل: - ايه يا عم وحيد هى صاحبة الشغل دى هتيجى امتى ! - زمانها على وصول ياابنى ثم ابتسم وأشار إلى المصعد وهو يقول: - اهى ست ياسمين جت.
نظر إلى حيث يشير فتفاجأ تمامًا بتلك التي يراها أمامه فهو كان يتوقع ظهور امرأة كبيرة السن أو كأقصى تعبير تكون أكبر بكثير من تلك التى يراها فهى تبدو له شابة صغيرة، نظر إليه وردد بتعجب: - ست ياسمين مين ! مديرة الشركة أومأ رأسه بالإيجاب ليقول: - أيوة مالك مستغرب ليه..
لوى ثغره وهو يشاهدها تسير بكل قوة وثقة وأردف: - لا أصل كنت متوقعها أكبر من كدا الصراحة - ياسمين هانم تبقى بنت وائل بيه الجيار وهو اتوفى من شهر وهى مسكت الشركة بعده وطبعا صغيرة دى عندها ٢٤ سنة نظر أمامه ليتابعها وهى تدخل إلى المكتب ولوى ثغره: - امممم..
سحب «وحيد» فنجان القهوة وردد بجدية قائلًا: - أنا هدخلها القهوة وأقولها إنك هنا، خليك فى مكانك لغاية ما أخرج تمام - تمام يا عم وحيد ماتقلقش أنا مش هتحرك من مكانى إلا لما تخرج..
دلف إلى داخل المكتب بعدما طرق الباب وتقدم ليضع فنجان القهوة أمامها وهو يقول: - صباح الخير يا بنتى -صباح النور ياعم وحيد اعتدل فى وقفته بعدما وضع أمامها الفنجان ثم ردد بتردد: - الشاب اللى قلتلك عليه يا ست ياسمين برا ارتشفت من القهوة ثم أشارت إليه قائلة: - طيب دخلهولى يا عم وحيد ومعلش هستسمحك تخرج من الموضوع علشان هشد عليه شوية علشان يعرف إن الشغل جد و ..
قاطعها بابتسامة وهو يتراجع بظهره إلى الخلف مستعدًا للخروج: - ماتقلقيش يا ست ياسمين أنا كأنى ماجيبتهوش وهو عندك وكمان مايكونش عندك شك فى شغله ثم فتح الباب ولوح بيده إلى «نائل» الذى حضر على الفور بعدما رأى إشارته، دنى منه وهو يقول: - أعمل ايه ياعم وحيد أشار إلى الداخل وأردف: -ادخل .. الست ياسمين هتقولك تعمل ايه بالظبط..
ثم دفعه بخفة إلى الداخل وأغلق الباب فتقدم بحرج إلى الداخل وهو ينظر للأسفل حتى وقف أمام المكتب مباشرة، ردد بخفوت وقلق: - تحت أمرك يا فندم رفعت رأسها بتمهل قبل أن ترمقه بتعجب من رأسه لأخمص قدميه وهى تقول: - ايه اللى أنت لابسه ده ؟ حد قالك إنك جاى تشتغل فى قهوة ! ازداد حرجه ورد بتلعثم وهو يحاول عدم النظر إلى وجهها مباشرة: - أصل .. م..معلش يا ست هانم أصل ماعنديش غير الطقم ده..
شعرت هى بالحرج بسبب توبيخها له على شىء ليس بيده فهو لا يمتلك ملابس غيرها، أغلقت عينيها وحاولت تمالك أعصابها قبل أن تستعيد سيطرتها على نفسها من جديد وتقول: - اسمك ايه؟ أجابها بتلقائية: - نائل محمد خالد الــ... لوحت بيدها فى الهواء وهى تقاطعه بحدة: - بس بس .. ايه ده كله هو أنا هطلعلك بطاقة ! بقولك اسمك ايه تقولى اسمك أنت بس مش أسماء العيلة معاك..
ازداد قلقه أكثر خوفًا من زوال تلك الوظيفة وعودته كما كان فردد بقلق وتلعثم: -لا مؤاخذة سعادتك، اسمى نائل عادت بظهرها إلى الخلف ورددت بثقة وهى تسأله: - ايه اللى يخلينى أقبل أشغلك هنا فى الشركة يا نائل ؟ ظل موجهًا نظره إلى الأسفل وهو يحاول انتقاء الرد المناسب فصرخت فيه بانفعال: - بصلى وأنت بتتكلم !
رفع بصره بقلق شديد فهو لم يشعر بمثل هذا القلق والخوف من قبل .. هو ليس ضعيف الشخصية أو ما شابه لكنه خائف فقط على عمله ووالدته التى سيكون مصيرها الموت إذا لم يتوفر لها الدواء أو شقيقته التى لن تتعلم إذا لم يوفر لها مصاريف كتبها الدراسية .. كل ذلك جعله فى حالة توتر وخوف شديد، ازدرد ريقه وأجابها: - اللى يخلى حضرتك تقبلينى هو إنى بشوف شغلى كويس وعمرى ما بركز على حاجات مالهاش لازمة، يعنى طول ما أنا شغال ماليش دعوة بالدنيا حوليا..
هزت رأسها وهى تهتز بالكرسى الخاص بها يمينًا ويسارًا ثم أردفت: - اممم كويس، أنا هكتفى بالسؤال ده بما إنك مش هتبقى موظف شغل، دلوقتى بقى لو قلتلك على طبيعة شغلك هتعترض ولا هتوافق ! رد عليها مسرعًا دون أن يفكر: - هوافق طبعا على اللى حضرتك تؤمرى بيه..
ابتسمت ابتسامة سريعة ومن ثم عادت إلى وجهها الطبيعى لتقول: - أنت شغلك هيبقى فى الكافيتريا مع عم وحيد .. هتعمل شاى وقهوة لكل الموظفين بالشركة بما فيهم أنا وتانى حاجة هتنضف الأرضية بعد الشغل يعنى تمسحها .. ها لسة موافق لم يفكر عقله للحظة بالأمر وأجابها بسرعة شديدة أدهشتها: - أيوة موافق وجاهز للشغل من دلوقتى..
هزت رأسها بعدما رفعت حاجبيها وهى تقول: - عظيم، دلوقتى بقى هتروح لعم وحيد تخليه يديك الطقم بتاع الشغل الخاص بيك فى الشركة والمرتب بتاعك هيبقى "..." ابتسم بسعادة فهذا الراتب على الرغم من قلته إلا أنه يزيد عن راتبه أثناء رفع الحجارة والرمل سابقًا، أومأ رأسه بالإيجاب وهو يقول: - شكرا يا فندم زاد حنقها ورددت بعضب: - أكتر كلمتين بكرههم حضرتك ويافندم وسيادتك، اسمى ياسمين قولى أنسة ياسمين أو ست ياسمين حسب ما تحب، مفهوم ؟
هز رأسه بالإيجاب ليقول بقلق: - مفهوم يا أنسة ياسمين، بعد اذنك ثم غادر المكتب على الفور وما إن خرج حتى تنفس الصعداء فهى لم تترك كلمة واحدة قالها إلا وقامت بالتعليق عليها، كما كره طريقتها فى التعامل، هدئ من حاله وهو يقول لنفسه: - وأنت مالك يا نائل أنت كل اللى هتعمله شاى وقهوة وتمسح الأرضية بس ومش هتتعرض ليها تانى ولا هتهزقك تانى
انتهت جولتهم التى استغرقت ثلاث ساعات ولكنها كانت رائعة بالنسبة لـ «نيران» التى تناست كل شىء واستمتعت بوقتها مع «طيف» الذى كان فى غاية السعادة وينتظر بشوق عودتهم إلى الفندق ليفاجئها بهذا الاحتفال الذى لم يكن يرتب له وجاء صدفة حتى يستطيع فتح حوار مع «يوسف»..
وصلا إلى الغرفة وتراجع وهو يقول: - ادخلى أنتِ الأول لم تعقب على ما قاله وتقدمت لتفتح الباب وما إن فتحته حتى أضاء المكان بأضواء رائعة وانفجرت الزينة فى كل مكان، دلفت وعلى وجهها حالة اندهاش وهى تنظر إلى الغرفة التى تحولت تمامًا، كان فى كل ركن بالون طائر ويمتلئ المكان بالبالون والزينة الجميلة، التفتت إليه وهزت رأسها بمعنى "ماذا يحدث"
تقدم وطوقها بحب قائلًا: - اعتبريه احتفال بعيد جوازنا اللى ماعداش عليه غير يومين، بصي اعتبريه زى ما تعتبريه بس يارب يكون عجبك التفتت وضمته بقوة قبل أن تتساقط دموع الفرحة على وجنتيها وهي تقول: - أنا بحبك أوى يا طيف، ربنا يخليك ليا وتفضل معايا على طول
ربت على ظهرها بحب وأطبق جفنيه براحة بعدما علم بمدى سعادتها بتلك المفاجأة لكنه لم ينس رغبته الثانية وهى الانتقام من هذا المجرم الهارب، هو فقط ينتظر الفرصة المناسبة للإيقاع به وسيسعى لذلك دون شك
نظر حوله فلم يجد «وحيد» فاتجه إلى «سهى» وردد بتساؤل: - لو سمحتِ هو فين الكافيتيريا ؟ رمقته بتعجب قبل أن تقول متسائلة: - أنت هتشتغل هنا ؟ هز رأسه بالإيجاب وهو يقول بابتسامة: - أيوة، خلاص اشتغلت..
مدت يدها لتصافحه بابتسامة هادئة وهى تقول: - أهلا بيك، أنا سهى السكرتيرة الخاصة بأنسة ياسمين فى الشركة هنا وأنت ؟ تردد قليلًا فهو لم يصافح فتاة من قبل لكنه فى النهاية مد يده ليصافحها كي لا يُشعرها بالحرج وأردف: - وأنا نائل اتسعت ابتسامتها لتقول: - واو اسمك حلو أوى..
ابتسم بخجل قبل أن يسحب يده وهو يقول: - شكرا، ممكن تعرفينى بقى على مكان الكافتيريا ! هزت رأسها عدة مرات وأردفت: - اه طبعا طبعا، بص أنت هتمشى آخر الطرقة دى شمال هتلاقيها فى وشك - تمام شكرا
ثم رحل على الفور من أمامها وهو ينظر إلى يده التى لم تصافح أنثى من قبل ولكن اليوم صافحها وظلت هى متمسكة بيده ولم تتركها إلا عندما سحبها هو، نظر إلى الأعلى وردد: - يارب عديها على خير
- يا رماح أنت عارف اللي فيها وبعدين احنا كنا مجبورين علي كدا، ودي مش شغلتنا .. أنا معاك إننا متدربين علي أعلى مستوى بس زي ما قلت ليك احنا اتجبرنا على الكلام ده ودى مش شغلتنا، احنا مدنيين و ... قالها غيث معترضًا على حديث رماح الذى كان واضحًا فقاطعه رماح قائلًا: - بص يا غيث، أنتوا هتعيشوا حياه طبيعية جدا لكن وقت ما نحتاجكم لمهمة هنبلغكم والمهمة هنا مقصود بيها مهمات صعبة ومستحيلة يعنى ممكن مهمة كل سنة..
هنا تحدثت «ليان» بدلًا من غيث لتقول معترضة: - ولو برضه هتبقى حياتنا معرضة للخطر وأظن إن من حقنا نرفض ابتسم رماح بلطف ليجيبها قائلًا: - طبعا حقكم وأنا مش معترض نهائى .. أنا جيت أبلغكم بكلام اللواء أيمن، القرار النهائي يرجع له هو بس فكروا فى الموضوع كويس
اقتربت من والدتها وقبلت رأسها وجلست أمامها مباشرة وهى تقول: - مامى مامى باركيلى ابتسمت «هيام» وارتفع حاجبيها وهى تمسك بذراعيها وأردفت بتساؤل: - الف مبروك يا آسيا يا حبيبتى بس فرحينى على ايه ؟ رددت بسعادة كبيرة: - حسام كلمنى من شوية وطلب إننا نخرج مع بعض..
اتسعت حدقتيها بصدمة غير مصدقة: - بتتكلمى جد يا حبيبتى! حسام أخيرا اتحرك ؟ وقفت وقفزت بسعادة كالأطفال وأردفت: - أيوة يا مامى أنا فرحانة أوى أوى أوى، أنا هروح ألبس بقى علشان أبقى جاهزة - طيب يا روحى، صحيح هو يوسف أخوكى ماقالش هيجى امتى النهاردة علشان عايزاه أجابتها وهى تتجه إلى الدرج بخطوات تشبه الركض وهى تقول: - لا يا ماما ماقالش، كلميه شوفيه..
امسكت بهاتفها كي تهاتفه، نقرت على الشاشة عدة نقرات ثم رفعته إلى أذنها وانتظرت قليلًا لكنه لم يجبها فأعادت الاتصال مرة أخرى وانتظرت قليلًا حتى أجابها فأسرعت لتقول: - ايه يا يوسف كل ده علشان ترد مش كفاية ماشوفتكش امبارح خالص !؟، ايه بتقول اية ! ازااى ؟
قالتها هيام لولدها «يوسف» الذى أعاد جملته الأخيرة على والدته بصوت مرتفع وصوت يسيطر عليه السعادة: - بقولك يا ماما ماروحتش الشركة، ضحكت على بابا وطالع شرم مع صحابى..
رفعت كفها لتضعه على جانب وجهها وهي تقول بضيق: - أبوك مش هيعديها على خير يا يوسف وهيزعل منك أوى علشان اللى عملته ده ظل يمرر أصابعه بخصلات شعرها بحب بينما كانت هى «هايدي» مستندة برأسها على صدره أثناء قيادته لسيارته، أجابها باقتضاب: - مش مهم يا ماما لما أرجع هتصرف أنا معاه، يلا باي..
وأنهى المكالمة على الفور دون أن ينتظر ردها وما هى إلا ثوانٍ حتى أضاء هاتفه برنين مرة أخرى ولكن تلك المرة من خطيبته «ياسمين» فنظر للهاتف بضيق والتقطه ليجيب عليها قائلًا: - ياسو حبيبتي - يوسف بقولك ايه ينفع تيجى الشركة دلوقتى ضرورى علشان محتاجة مساعدتك فى حاجة..
مثل عليها الضيق ورفع نبرته المتقنة التي يشوبها الحزن المزيف: - يااا يا حبيبي للأسف أنا فى شغل برا القاهرة ومش هرجع قبل يومين على الأقل علشان شغل مهم بس لو الموضوع مهم أنا ممكن اجيلك حالا ردت على الفور كي تمنعه من الحضور كما يقول: - لا لا خلاص الموضوع مش مستاهل، أنا هتصرف وخليك فى شغلك ربنا يعينك وترجع بالسلامة يا حبيبى..
ابتسم ابتسامة مزيفة وهو يقول: - تمام يا ياسو مش عايزة حاجة ! أجابته بحب لا يشوبه أي كراهية أو زيف: - عايزة سلامتك، باى
ما إن أنهى المكالمة حتى ألقى بهاتفه أمامه بعدم اكتراث فاعتدلت «هايدي» ورمقته بضيق قبل أن تقول معترضة: - مش هنخلص من حوار الست ياسمين بتاعتك دى ؟