رواية مواجهة الأسد الجزء الأول للكاتبة رحمة سيد الفصل الخامس
نظر له والده بصدمة يشوبها الفرحة ايضاً ثم ابتسم ابتسامة واسعة ورد ب: بجد يا ولدى لجييتها؟ اومأ محسن برأسه مؤكداً وهو يرى معالم الفرحة البادية على وجه والده ثم اكمل قائلاً: بالصدفة جابلت واحد قالي انه شافها وهي راكبة قطر رايح القاهرة، وبطريجتي بجي عرفت راحت فين بالظبط وعملنا البتاع ديا إلى بيجولوا عليه دا عقد والده حاجبيه بأستغراب وهو ينظر له متسائلاً: اية البتاع دا يا ولدى!؟
ابتلع محسن ريقة ثم تابع بشرح قائلاً.. يابوى، الواد عطيه جالي انه في حاجة اكدة نجدر نتتبع مكانها من التلفون واخر مكان وصلتله ف الهرم والاشارة انجطعت اومأ والده رأسه متفمهاً بتنهيدة تحمل الكثير ثم أردف بصوت آمر قائلاً.. تطلع دلوجت يا محسن وتاخد رجالتنا معاك وماترجعش إلا مع اختك، فاهم؟ ابتسم محسن ونهض بفخر، فهو سيجلب اخته ويغسل عاره بيده، بدلاً من ان يجدها مصطفي وتُقتل على يده.
هذا ما كان يفكر به محسن قبل ان يتابع قائلاً بفخر يظهر عليه جلياً.. اوعدك يابوى ماراجعش إلا معها، مع شهد عشان اجيبها واحطها تحت رجليك هز والده رأسه بموافقة مع ابتسامة صفراء ثم خبط على كتفه برفق وهو يقول.. مع السلامة يا ولدى مع السلامة يابوى هتف محسن بتلك الجملة وهو يستدير ليغادر الغرفة استعداداً للسفر للقاهرة بينما ريح والده جسده على الفراش بتعب وهو يضع يده على قلبه بألم دفين قائلاً..
دلفت شهد إلى الغرفة لتنصدم مما رأت، حيث وجدت غرفة متوسطة بها الكثيير من الرسومات والصور التي لا تعد ولا تحصي لبنت يبدو من صورها انها كانت في ريعان شبابها، ظلت تنظر في جميع انحاء الغرفة ثم سارت للداخل بخطوات بسيطة وهي تتابع النظر للصور والاثاث المغطي بالاقمشة البيضاء، سارت خلف فضولها الذي قريباً سيودى بها إلى التهلكة ثم رفعت الغطاء عن احدى الصور الكبيرة وظلت تحملق بها بتركيز شديد ثم مدت يدها ورفعت الاقمشة عن الكرسي المجاور لها ونفضت الاتربة برفق لتجد الاتربة تعبء المكان، اخذت نفساً عميقاً ثم جلست على الكرسي برفق وهي ممسكة بالصورة في يدها، مالت برأسها قليلاً وهي تتفحصها ثم هتفت بهدوء قائلة: يا ترى انتي مين! ولية عمر ماكنش عاوز حد يشوف صورك.
ثم صمتت برهه واكملت بنفس الهدوء.. وياترى انتي عايشة اصلا ولا ميتة؟! ولو عايشة لية مش عايشة هنا! ظلت تفكر وهي تنظر للصورة ولم تشعر بالدقائق او الساعات...
في غرفة عمر، افاق عمر من ذلك الكابوس مردداً بفزع.. كفااااااية بقاا كفاااية، لييية دايماً بتلاحقني، لييية مش عايز تسيبني اعيش مرتاح ابعد عني بقاا.
جلس على الفراش بحزن عمييق ثم مسح بيده على شعره وهو يتذكر ماضيه منذ الطفولة وهو بالنسبة له كابوس ، خُيل له انه ان كان كبيراً لكان منع والده من قتل أمه ولكنه لم يقدر، لم يقدر على حماية والدته، لم يكن بعقله ان الاعمار بيد الله، كان يشعر بالألم منذ فقدانها ويريد ان يبكي ويبكي حزناً على موت أمه وهو طفل السادسة ولكنه اقسم ان لا يكون ضعيفاً ان يبدو قوياً امام الناس ولكن ماضيه دائماً يلاحقه حتى في نومه يتذكر مشهد موت والدته...
ابعد الغطاء عنه وهو ينظر للفراغ كأنه يتحدث مع شخص ما ثم هتف بكسرة قائلاً.. حتى انتي ماعرفتش احميكي سامحيني... تنهد بحزن اعتاده منذ زمن ثم نهض من الفراش ونصفه الاعلي عارى ثم اتجه للمرحاض ليغتسل، امسك بالمنشفة ثم دخل الحمام واغلق الباب خلفه.
في منزل رضوى، كانت تجلس رضوى على فراشها في غرفتها حبيسة منذ حديثها مع والدتها شعرها غير منظم، تبكي بكاء حاد كأن والدتها اخبرتها انها ستُعدم ليس تتزوج!، امسكت بالمنديل المجاور لها على الفراش ثم مسحت دموعها وارجعت رأسها للخلف وهي تتذكر ذلك اليوم الذي لن تنساه حتى الموت والذي اوصلها إلى ذاك الموقف وذلك الشعور بالنفور حتى من سيرة الزواج... فلاش باك ل سنوات مضت..
رضوى في احدى الكافيهات المشهورة في المعادى ترتدى جيبة جينز وتيشرت احمر مرسوم عليه اطفال وطرحة صغيرة من اللون الاحمر والازرق، كانت الابتسامة على وجهها وهي تجلس على احدى المنضدات منتظرة شخصاً ما موجهه نظرها على البوابة، لا تضع اى مساحيق تجميل ف من الاساس رضوى ذات بشرة بيضاء وعيون بنية جميلة وملامح بريئة، شخصية مرحة جذابة، جاء النادل بأتجاهها ثم رسم ابتسامة رسمية وهو يقول: اجيب لحضرتك اية يا فندم؟
هزت رضوى رأسها نافية وهي تجيب بجدية ب: لا متشكرة انا مستنية حد.
اومأ النادل برأسه متفهماً ثم استدار وغادر، بعد دقائق معدودة دلف الشخص المنتظر ( شهاب الألفي، شاب في اوائل الثلاثينات من عمره، ذو عيون سوداء حادة وبشرة سمراء إلى حداً ما وجسد رياضي يتمناه اى شاب، رموش كثيفة وعضلات مفتولة، والده متوفي، في بداية حياته بدأ بالعمل في احدى الشركات كموظف ولكن مع الوقت تطور عمله وافتتح شركة خاصة به، والدته غير متحكمة في حياته اطلاقاً بل انه يتحدث معها كصلة رحم ليس إلا ).
وصل امام المنضدة التي تجلس عليها رضوى ثم ابعد الكرسي وجلس ثم نظر لرضوى التي لم تبعد عينيها عنه منذ دخوله، تنحنح بنبرات جادة قائلاً.. احم ازيك يا رضوى؟ ابتسمت رضوى بتوتر ثم ردت ب: الحمدلله رب العالمين، ازيك انت؟ شهاب بهدوء: تمام الحمدلله اردفت رضوى بتوتر يصحبه التساؤل قائلاً.. خير يا شهاب طلبتني وقولت ضرورى جدا قلقتني، خير اللهم اجعله خير؟ رضوى احنا لازم نبعد عن بعض.
هتف شهاب بتلك الجملة وهو ينظر لها بجمود في حين حدقت هي به بصدمة وهي غير مستوعبة ما سمعته للتو.. ابتلعت ريقها بصعوبة ثم اجابته ب.. ههههه انت بتهزر يا شهاب، قول كنت عايز اية بجد يلا؟ تأفف شهاب ثم علت نبرة صوته قليلا وهو يكمل بجدية بالغة قائلاً.. رضوى انا بتكلم بجد، انا مش هأقدر اكمل معاكي انا ماحبتكيش ظلت رضوى محملقة به بصدمة مصحوبة بالغضب الشديد ثم هبت واقفة فجأة وهي تلوح بيدها بصياح قائلة..
يعني اييية يعني انت كنت بتخدعني، خطوبة سنتين واشتغل فيهم واديك مرتبي ع اساس بنجهز شقتنا وانت المفروض بتجهز عشان نتجوز، تيجي قبل فرحنا بشهر تقولي مش هاقدر، انت اييية يا اخي حسبي الله ونعم الوكيل غضب شهاب ثم امسك يدها وضغط عليها بعنف وهو يقف قائلاً بصرامة.. احنا ادام الناس بتبص علينا اترزعي.
هزت رضوى رأسها نافية وهي تمنع نزول دموعها بصعوبة ثم حملت حقيبتها واستدارت لتغادر وهي رأسه يكاد غير موجود اساساً، تسير وهي لا تعرف حتى اين ستذهب... باك مسحت دموعها السائلة على خديها بصمت كلما تذكرت ذلك اليوم المشؤم، تنهدت بألم وهي تقول بداخلها.. ياااارب، يارب زى ما دخلته حياتي خرجه منها وللأبد من غير ذكريات حتى ياااارب.
مددت جسدها اكثر على الفراش ثم غطت في نوماً عميق بدموعها التي لم تجف يوماً من عيناها...
في احدى مدن الصعيد، كانت زوجة محسن في غرفة نومهم تعد الحقيبة من اجل سفر زوجها، انتهت من اعداد الحقيبة في نفس لحظة دخول زوجها الغرفة الذي احتضنها من ظهرها بحب فأبتسمت هي بهدوء ثم التفتت ونظرت له قائلة بأبتسامة.. انا جهزت لك الشنطة يا محسن اومأ محسن رأسه متفهماً وهو يجيبها قائلاً بغزل: تسلم يدك ياحبيبتي.
( محسن ( 30 عام ) متزوج من ثلاث اعوام من احدى الفتيات في الصعيد بعدما أعجب بها ولكن حتى الان لم يرزقه الله بأطفال وهو لم يعترض على مشيئة الله لانه مكتفي ويحب زوجته وهي كذلك ولكن لا مانع انهم يحاولوا بكل الطرق ويدعوا الله ان يرزقهم بطفل، زوجته مريم فتاة طيبة وزوجة حنونة، كانت تحب شهد وتعتبرها اختها الصغرى وحزنت عند اجبارها على الزواج ) اردفت مريم بنبرات راجية قائلة: محسن ممكن طلب يعني؟
ابتسم محسن ثم رد بتساؤل قائلاً.. جولي يا مريم، محتاجة حاجة؟ هزت مريم رأسها نافية ثم تابعت قائلة.. ممكن لو يعني آآ لو لاجيت شهد ماتجساش عليها يا محسن، انت عارف انها هبلة وطايشة شويتين ظهر الغضب على ملامح محسن ثم ابتعد عنها وتابع بغضب قائلاً.. جولتلك ماتتدخليش انتي، ويلا هأبعتلك الشغالة تاخد الشنطة، سلام استدار وغادر الغرفة بينما جلست مريم على الفراش وزفرت بضيق وهي تفكر في مصير شهد القادم ثم هسمت قائلة..
يكون ف عونك ربنا يا حبيبتي.
في منزل عمر،.
خرج عمر من المرحاض وهو يلف المنشفة حول جسده ثم بدل ملابسه وارتدى ملابس خارجية عبارة عن بنطال اسود وتيشرت ازرق نصف كم ثم سرح شعره وهو ينظر لنفسه في المرآه ووضع العطر الذي يفضله دائماً واخذ موبايله واطفئ انوار الغرفة وفتح الباب وخرج بهدوء، نظر ليجد النور يخرج من الغرفة التي كانت مغلقة، اصبح وجهه الوان خشيتاً ان تكون شكوكه صحيحة، سرع في خطاه متجه لتلك الغرفة، حدق بها ليجد شهد تجلس على الكرسي كما هي ممسكة بالصورة، غضب بشدة واقترب اكثر ثم صاح بحدة قائلاً..
شهههههد انتفضت شهد اثر الخضة ووقعت الصورة من يدها وهبت واقفة بخوف وهي تنظر لعمر بصدمة، لم تعرف كم من الوقت قضت وهي هكذا، نظرت للصورة التي انكسرت بصدمة ثم اتكأت لتلملم الصورة ويدها ترتعش، ظل عمر يراقبها وهو يجز على اسنانه بغيظ وغضب مكبوت ثم هتف بنبرة تشبه فحيح الافعي.. مش قولتلك اياكِ تقربي من الاوضة دى ثم اكمل بصراخ: ولا انتي مابتفهمييش.
كادت شهد تبكي من الخوف وجرحت يدها من الزجاج الخاص بالصورة اثر رعشاتها فتآوهت بألم وهي تقول.. آآه ايدى، اسفة جدا هآ آآ هلمه واخرج كانت تشعر بألم ويدها تنزف ولكنها كان خوفها من عمر ورهبتها منه اشد من ألمها، اقترب عمر منها ثم اتكأ قليلاً وامسكها من ذراعها ليرفعها في مستواه ثم نظر في عيونها بشر وتابع بصرامة.. اخرجي برررة بررررة مش عايز اشوف خلقتك.
انتفضت شهد من صراخه وبكت وهي بين يديه، ولكن هيهات، لم يتأثر عمر بدمعة واحدة من دموعها بل اشتد من ضغطته على يدها ثم تركها وتقدم ونظر للصورة المكسورة، تنفست شهد الصعداء وركضت بسرعة للخارج بخوف كأنها نجت من الموت تاركة عمر يتألم بتذكر الماضي...
بعد ساعات في الهرم، وصل محسن إلى الهرم مع بعض الرجال التابعة لهم ومعه عطيه ليتوصلوا لمكان شهد، وصلوا إلى نفس المنطقة المهجورة التي كانت بها شهد عندما وصلت القاهرة، تنهد محسن بضيق وهو يزمجر فيهم قائلاً.. لأ لأ هانلاقيها يلا دوروا نظر الرجال لبعضهم بحيرة ثم انصاعوا لأوامره وبدأوا في البحث عن اى منزل قريب، كان يبحث محسن ايضا حتى سمع صوت احدى الرجال يقول بلهفة.. يا محسسسن.
التفت محسن له ونظر له بتساؤل قائلاً.. اية فيه ياض خير؟ ظل يتنفس الرجل بنهج اثر ركضه ثم هتف بنبرات متقطعة قائلاً.. لجينهاا، آآ البيت، في بيت جريب من هنا، وواحد من الرجالة بيجول شافها ابتسم محسن بأمل ثم رد سريعاً بلهفة قائلاً: طب يلا بسرعة مستني اية سار مع ذلك الرجل حتى وصلوا امام منزل عمر، تقدم محسن امامهم ثم طرق الباب بقوة، لم يفتح احد، نظر محسن لرجل بينهم ثم قال بصوت أجش قائلاً..
انا مش هاقعد اخبط انا عايز افتح واخش فجأة كدة ع طول اومأ الرجل برأسه متفهماً ثم اقترب ودفع الباب بقوة ليكسره فأنكسر الباب ودلف محسن ليجد...
رواية مواجهة الأسد الجزء الأول للكاتبة رحمة سيد الفصل السادس
دلف محسن إلى المنزل بخطوات مترقبة ليجد المنزل فارغ، وزع نظره في كل انحاء المنزل ولكن لم يجد اى شخص، نظر للرجال الذين كانوا معه ثم هتف بصوت أجش قائلاً.. دوروا في كل حته يلااا.
اومأ احدى الرجال برأسه متفهماً ثم اشار لباقي الرجال بيده، فأستداروا جميعهم وانطلقوا في ارجاء المنزل للبحث عن اى شخص، دلف احد الرجال إلى غرفة عمر فلم يجد احد ايضاً، انتهوا من البحث ثم هبطوا لمحسن الذي كان يجلس في الاسفل منتظراً ان يأتوا مع اخته ولكن خاب ظنه عندما رأهم يهبطوا بمفردهم وينظرون له بخيبة امل حدق بهم ثم صاح بغضب قائلاً: هي فييين؟ عطيه بجدية: مافيش حد هنا خالص.
زفر محسن بغضب وحزن معاً ثم استدار وهو يشير لهم بيده بمعني هيا، ذهبوا خلفه وخرجوا جميعهم من المنزل، وقف محسن وهو يفكر ثم تابع بتفكير قائلاً.. سيبوا الباب والبيت زى ماهو كدة مجلوب وماتجفلوش الباب، يلا امشوا نظر عطيه والرجال لبعضهم بأستغراب، ثم اردف عطيه بتساؤل قائلاً.. مافاهمش، لية عايزنا نسيب كل حاجة اكده يعني؟!
مط محسن شفتيه بعدم رضا ثم رد بخبث ب: ياباى عليك يا عطيه، كل حاجة لازم تسأل عنها، على العموم انا عايزها تعرف اننا كنا هناا هز عطيه رأسه بفهم وابتسم ابتسامة خبيثة وهو يقول: امممم فهمت ثم صمت لحظة ونظر لمحسن الذي اشار لهم بالسير خلفه، اتجهوا للسيارات وركب كلا منهم سيارته، ثم هتف محسن بصوت آمر قائلاً: اطلعوا على اى فندق نجعد فيه ثم صمت برهه واكمل بتصميم: انا ما ماشيش من هنا إلا وشهد ف يدى.
انصاعوا لأوامره كالعادة وانطلقوا بحثاً عن احدى الفنادق القريبة...
في احدى المطاعم، انا خايفة جداً يا عمر هتفت شهد بتلك الجملة وهي تفرك اصابعها بتوتر شديد وهم يجلسوا على منضدة في مطعم كبير ونظيف وفاخر، كانت شهد تنظر للجالسين بتوتر ثم وجههت نظرها ل عمر الذي كان يتابعها منذ دخولهم وتابعت وهي تجز على اسنانها قائلة: انت مابتردش عليا ليية! نظر لها عمر بهدوء ثم اجابها ببرود قائلاً.. هأرد اقولك اية، انتي مأڤورة اوى خايفة من اية دا انا جايبك مطعم!
ضغطت شهد على شفتيها وهي مغمضة عينيها تحاول ان تهدأ نفسها ثم تابعت ببعض الحدة قائلة: انا حاسه ان الناس كلها بتبص علينا زفر عمر بضيق ثم زمجر قائلاً.. ماحدش يقدر يتنيل يبص علينا، اهدى بقا انا مش جايب بنت اختي معايا نظرت له شهد بضيق ثم حولت نظرها للجهه الاخرى وتنهدت وهي تتذكر ماحدث قبل مجيئهم للمطعم... فلاش باك.
ظل عمر في الغرفة ينظر للصور بألم تعهد ألا يظهره امام اى شخص، لملم الصورة المكسورة ببطئ ثم جمعها مثلما كانت وحملها ونهض متجهاً لاحدى الكراسي ووضعها عليه ثم تنهد وهتف بحزن قائلاً.. وحشتيني اووى.
ملس على الصورة وبداخله يتمني ان تكون حقيقية وليست مجرد صورة، غطاها ببطئ ثم استدار ليغادر واغلق النور في الغرفة واغلق الباب ونظر على الاسفل ليجد شهد تجلس على الأريكة تبكي بحرقة، زفر ومسح شعره بضيق ثم اتجه للأسفل، وصل امامها ونظر لها، رأته هي فمسحت دموعها على الفور بيديها ثم نظرت له بتساؤل، اقترب اكثر منها ثم جلس بجانبها وهتف بص صمت دقائق بحدة قائلاً.. مش قولتلك إياكِ تدخلي الاوضة دى.
توترت شهد ثم عادت للبكاء مرة اخرى مثل الاطفال، نظر لها بغضب ثم اردف بصياح قائلاً: يووووه، هو انا كل ما هتكلم مع جنابك هتعيطي، عشان تبقي عارفة بس انا مش بتأثر بالدموع دى حدقت به بصدمة ثم نهضت ورفعت يدها في وجهه ونظرت له بتحدى قائلة: انا اصلا مش عايزاك تتأثر بدموعي يا استاذ يا محترم.
نظر ليدها ليجدها تنزف، عاود النظر لشهد مرة اخرى ثم امسك يدها، ارتعشت من مسكته المفاجئة حاولت ابعاد يدها ولكنه ضغط عليها وشدد من مسكته، نظرت له بأستغراب ف استأنف هو حديثه بحدة قائلاً: ايدك بتنزف، اعمليها الاسعافات الاولية ف الحمام هنا ثم ترك يدها فجأة واستدار ليغادر، تنهدت وهي تستنشق عطره، فهو كان منذ لحظات قريب منها بدرجة كبيرة، نظرت بدهشة شديدة له وهو يسير ثم تراجعت وجلست مكانها...
بعد نصف ساعة تقريباً، نزل عمر بعدما بدل ملابسه ونظر لها ليجدها تمدد جسدها على الأريكة تنحنح قائلاً بصوت أجش.. احم شهد انتفضت هي من مكانها بفزع وهي تضع يدها على صدرها وتتنفس بصعوبة، عقد حاجبيه بأستغراب ثم سألها.. في اية! شهد بهدوء: اتخضيت يا عمر نظر لها وهو يرفع حاجبه ويهز رأسه ثم تابع بسخرية: اتخضيت يا عمر!، معلش ياختي بعد كدة هستأذن مطت شفتيها بعدم رضا ثم اردفت بتساؤل قائلة: خير كنت جايلي لية؟
عمر بصوت متحشرج: احم، انا رايح اكل برة، يلا قومي نخرج تعجبت شهد من لهجته الآمرة وردت ب.. اية دا، افرض انا مش عايزة اخرج معاك عمر ببرود: لا ماهو مش بمزاجك يا حبيبتي بقا ترددت كلمة حبيبتي في اذنها كثيراً واغمضت عيناها وفتحتها ثم هتفت بغيظ قائلة: اوووف اووف منك يا عمر جلس عمر على الأريكة وهو يقول.. على فكرة مش هانتظر كتير شهد وهي تجز على اسنانها بحنق.. انا ممعايش هدوم وقاعدة بهدومي دى بقالي 3 ايام!
هز عمر رأسه ثم اسطرد بهدوء: منا عارف وعشان كدة جبتلك هدوم هتلاقيها فوق تنهدت شهد ثم استدارت مغادرة للأعلي وهي تدب على الارض بغيظ شديد... باك ظلت شهد تنظر له نظرات مطولة وهو يتعمد ألا ينظر لها بحجة انه يستخدم هاتفه ولكنه رأى نظراته التي لم يفهمها له، زفرت شهد ثم هتفت بشرود قائلة.. انا مش فهماك خالص، مرة احس انك هتولع فيا ومرة احسك طبيعي، عايزة افهمك ولو شوية.
ظهرت شبح ابتسامة صفراء على وجه عمر ثم ترك هاتفه على المنضدة واجابها بجمود قائلاً.. احسنلك ماتفهمنيش عشان لو فهمتيني هتتعبي جداً...
في منزل رضوى، في احدى الغرف المتوسطة المكونة من سريران وفوقهما ستائر بجانبها بلكون صغير ودولاب كبير مشترك بينها وبين رضوى، تجلس مها على احدى الفراشان ترتدى جلباب من اللون النبيتي وتربط شعرها بتوكة صغيرة، جلست ممسكة بهاتفها في يدها ثم كتبت رقم ما، ضغطت اتصال ووضعته على اذنها لثواني ليأتيها صوت رجولي قائلاً.. الووو يا مها الووو ازيك يا حسن عامل اية؟ مش كويس خالص، كل دا وقت ماتسأليش عليا فيه يا مها.
معلش والله اصل جاى لرضوى عريس وبيجهزوله حاجات للعزومة وانا ماصدقت عشان اعرف اتصل بيك امممم ماشي، مش هعرف اشوفك مش عارفة والله لا ازاى بقا انا لازم اشوفك قريب مممم هشوف يا حسن وهقولك مافيش حاجة اسمها هشوف فيه هاتيجي يعني هاتيجي بس يا حسن آآ قاطعها صوته بجدية: هستناكِي بكرا الصبح في شقتي، سلام.
ثم اغلق الخط في وجهها، هو يعرفها جيداً، لن تأتي إلا بهذه الطريقة، كان يعلم انها ستعيد الاتصال به لذا اغلق الهاتف ليشعرها انه سيحزن وبشدة ان لم تأتي، زفرت مها عندما وجدت الهاتف مغلق ثم تركته على الفراش وكادت تنهض إلا ان اتفتح الباب ودلفت رضوى، تحول وجهه مها للون الاصفر على الفور واعتقدت انها سمعت حديثها، نظرت لها بأرتباك ثم هتفت بتساؤل قائلة.. خير يا رضوى دخلتي فجاة خضتيني.
نظرت لها رضوى دون ان ترد ثم اقتربت وجلست بجانبها على الفراش ثم نظرت لها وهي عاقدة حاجبيها ثم ردت ب: اية يا مها هو انا لازم اخد الاذن قبل ما اجي اوضتي ولا اية بقا!؟ صمتت برهه من الزمن ثم نظرت لها بخبث قائلة ؛ ولا انتي كنتي بتعملي حاجة مش عايزانى اشوفها يعني؟ شعرت مها ان رضوى لم تسمعها وان توترها سيكشفها امام رضوى وبالطبع بحكم معرفتها بشخصية رضوى فهي لن تصمت ابداً اذا علمت،.
هبت واقفة ثم اردفت بصرامة مزيفة قائلة.. انتي بتقولي اييية، لا طبعاً ثم استدارت وسارت بأتجاه الباب لتخرج وبمجرد ان اصبحت خارج الغرفة تنفست الصعداء وشعرت انها استردت روحها...
في احدى الفنادق، وصل محسن مع رجالة إلى احدى الفنادق الغير مشهورة وليست على مايرام بأكملها، ولكن محسن ورجاله لم يكونوا على علم بذلك، نزلوا من سيارتهم يسبقهم محسن الذي دلف إلى الفندق ولكنهم كانوا لا يرتدوا ملابس الصعيد بل كانوا يرتدوا ملابس عادية بنطال وتيشرت ، نظر محسن لموظف الاستقبال ثم هتفت بجدية قائلاً: عايز حجز اوضتين لو سمحت الموظف برسمية: كام ليلة يا فندم.
محسن وهو يحك رأسه بحيرة: اممم مش عارف يعني هانجعد كد اية عقد موظف الاستقبال حاجبه ثم اجابه بتساؤل جدى قائلاً.. مش فاهم الحقيقة، هو حضرتك منين! حاول محسن تعديل لهجته إلى حداً ما حتى لا يكشف امره ثم تابع قائلاً.. هاآ خليه مفتوح ياخي اومأ الموظف موافقاً برأسه بأستغراب ثم اخرج المفتاح وفي نفس الوقت اخرج محسن الاموال من جيبه ومد يده له واخذ المفاتيح واتجه هو ورجاله إلى الاعلي، في حين نادى الموظف قائلاً..
يا على اطلع مع الاساتذة وريهم الاوضة 307 و310 بسرعة سار محسن ورجاله خلف على حتى وصلوا للغرف واستدار المدعو على وغادر بعدما اوصلهم، نظر محسن للرجال وأردف بصوت آمر.. يادوب تناموا ساعتين تلاتة عشان نرجع ندور تاني يا رجالة اومأ الرجال رأسهم ثم اخذوا المفتاح وفتحوا الغرف ودلفوا للداخل في حين دلف محسن إلى غرفته واغلق الباب خلفه وهو يقول بتوعد: جتلك ( قتلك ) هيكون على يدى ان شاء الله يا شهد!
امام منزل عمر، وصل عمر وشهد في السيارة الخاصة ب عمر امام المنزل ونزلت شهد من السيارة ببطئ ولحقها عمر واغلق السيارة ثم دلفوا سوياً إلى الداخل ليجدوا الباب مفتوح، حدق عمر ف المنزل بتعجب شديد ثم سرعوا خطواتهم للداخل ليجدوا المنزل منقلب رأساً على عقب، تحول وجه عمر للغضب الشديد وهو يصيح قائلاً.. ميييين إلى عمل كدة.
كانت شهد تنظر للمنزل بصدمة غير مصدقة لما حدث، فالمنزل كان مدمر بالمعني الحرفي، نظرت له وهي تمط شفتيها بمعني لا أعرف ثم تابعت بصدمة قائلة: يانهاار اسووح، مش عارفة جلست شهد على الأريكة بهمدان وهي تتنهد بضيق، هو ليس منزلها ولكنها حزنت، لمحت ورقة موضوعة على التلفاز، نهضت واتجهت للتلفاز وفتحت الورقة ببطئ لتنصدم من مضمونها راجعلك يا شهد، راجعلك.
فتحت فاهها بصدمة وتلقلقت الدموع في اعينها ثم وضعت يدها على فمها بخوف وشرعت في البكاء، نظر لها عمر بتعجب ثم هتف بصوت أجش.. في اية بتعيطي لية دلوقتي شهد ببكاء وخوف: هيجووا وهيقتلوني، لا لا ظلت تردد كلمة لا لا بهيستريا تعجب منها عمر بشدة واقترب منها ليجدها تجرى بأتجاه المطبخ، ركض عمر خلفها ووجدها... صرخ بحدة قائلاً: شهد لااااااااااا.
رواية مواجهة الأسد الجزء الأول للكاتبة رحمة سيد الفصل السابع
ركض عمر بسرعة فائقة بأتجاه شهد التي كانت تمسك بالسكين في يدها وكادت تقطع شريانها للأنتحار..! اخذ منها السكين في لمح البصر وهو يحدق بها بحدة يشوبها الصدمة غير مصدق لما كانت ستفعله بنفسها، هل كانت ستتخلي عن حياتها نهائياً..
ظلت تبكي شهد بشهقات متتالية ثم سقطت على الارض ولم تكف عن البكاء لحظة، كان يتابعها عمر بنظره دون ان يفعل اى شيئ، وضعت يدها على وجهها وهي مستمرة في البكاء وهي تتذكر كل ما عانته منذ ان اصبحت في سن البلوغ، زفر عمر بضيق ثم نزل لمستواها وجلس على ركبتيه ومد يده ليرفع وجهها ليجعلها تنظر له، ثم نظر في عيونها بعمق ولأول مرة لهم، تعمق عيونها ولم يرمش للحظة حتى، ثم فجأة اقترب منها وضمها وهو يشدد على ضغطته عليها، استكانت هي في احضانه وشعرت بالحنان مثل الاب الذي يحتضن ابنته ليحميها..
ازدادت شهقاتها في احضانه وتشبست به وهي تهتف بكلمات متقطعة قائلة.. ها هايقتلوني، آآ انا آآ انا ماعملتش حاجة لكل دة، عايزين آآ يغصبوني حتى في الجواز حرام! مسح عمر على شعرها بهدوء وحنان دفين، ولم يعلق بكلمة قط على كلامها، شعر انها تحتاج إلى مأوى تحتمي به وليس اى سؤال الان، كبت فضوله لمعرفة ما حدث لها ثم تنهد وهو يقول.. هشششش اهدى.
استكانت تماماً وشعرت ان عيونها جفت من الدموع، صمتت عن البكاء وكأنها عادت لوعيها فأبتعدت عنه على الفور بفزع وهبت واقفة وهي تمسح دموعها ثم أردفت بتوتر.. آآ انا اسفة آآ اسفة ماخدتش بالي نهض عمر بهدوء وهو يضع يده في جيبه ونظر لها نظرات لم تفهمها ثم تابع بهدوء قائلاً: ولا يهمك، انا موجود لو حبيتي تحكيلي اى حاجة ف اى وقت.
اومأت برأسها موافقة وهي تشعر بالخجل الشديد ودقات قلبها تتزايد، شعرت انه يستمع إلى صوت دقاتها في قفصها الصدرى، وضعت يدها على قلبها لتهدأه ثم اغمضت عيناها وفتحتها وهي تتذكر ثم استدارت لتغادر إلا ان اوقفها صوت عمر قائلاً بتساؤل وفضول.. بردو مش عايزة تحكيلي حاجة؟! بلعت ريقها بخوف وتوتر شديد ثم التفتت ونظرت له وهتفت بحيرة قائلة..
مش حاسه انه الوقت المناسب عشان تعرف، غير اني مأعرفش حاجة عنك غير انك اسمك عمر! هز عمر رأسه وهو يضغط على شفتيه السفلية ثم اجابها بجدية قائلاً.. تمام، تمام اوى بس انا بردو مأقدرش اعيش مع واحدة كانت هاتنتحر ادام عيني وهاسكت، افرضي جربتي تنتحرى تاني البسها انا! تذكرت شهد تلك الورقة التي قرأتها وعلمت ان اخيها سوف يأتي لجلبها حتماً وانه لا مفر من اخبار عمر، نظرت له بهدوء ثم تابعت بتوضيح قائلة..
انا هأحكيلك عشان انا مضطرة بس لوى عمر شفتيه بتهكم وهو يقول: مضطرة بس، اممم مش بطال استدارت شهد مرة اخرى ثم خرجت من المطبخ، لحقها عمر بنظراته ثم سار ليغادر المطبخ ليلحق بها في الخارج...
في الصعيد، تحديداً في غرفة والد شهد يجلس على اريكته وهو يرتدى جلباب كالمعتاد، كان يهز رجله ويدب على الأرض بتوتر، ظل يتذكر ما حدث معه ومع ابنته الوحيدة، شهد، رجع بظهره للخلف واستند وهو يرجع بذكرياته للماضي يوم وفاة والدة شهد... فلاش باك.
كانت والدة شهد لديها مرض لم تشفي منه ابداً كانسر ، كم تمنت ان تعيش وتكمل باقي حياتها مع ابنها وابنتها ولكن لم يىيد الله ذلك رغم جهود زوجها في سفره واياها للخارج للمعالجة ولكن غالباً يحدث ما لا نتمناه، كانت تنام على فراشها او فراش الموت ، ورثت شهد عيونها البنية الواسعة عن والدتها سعاد ، كان يجلس بجانبها زوجها محمود ، وكانت تلتقط انفاسها الاخيرة وطلبت منهم ان يجلبوا لها محمود زوجها، امسكت بيده ويدها ترتعش ثم هتفت بنبرات مترجية..
محمود، بنتي يا محمود، شهد خلي بالك منها انا عارفة انك حنين ومش هاتفرط فيها بس ابوس ايدك اوعي تجبرها على اى حاجة كانت تعلم سعاد ان مصطفي يرغب في الزواج من شهد منذ الصغر ولن يتخلي عن هذه الرغبة، وتعلم ايضاً ان محمود اذا ضغطوا عليه يمكن ان يزوجها لانه يظل ابن اخيه وليس بغريب كما في عقل محمود..
وضع محمود يده على يدها وهو يظهر الجمود ولكن بداخله يحترق على فقدانها فهي زوجته وحبيبته التي عافر كثيراً من اجل الوصول لها بأى ثمن، ويعتقد ان مصطفي يحب شهد هكذا ولكنه لم يكن يعلم بنوايا مصطفي الخبيثة.. تنهد وهو يتابع بحزن قائلاً.. ماتجلجيش يا سعاد، شهد بتي زى ما هي بتك ولا يمكن افرط فيها الا للراجل إلى يصونها ويشيلها ف حبابي عنيه.
ابتسمت سعاد ابتسامة صفراء ونظرت له كأنها تودعه ثم تركت يده للأبد واصبحت في ذمة خالقها.. باك فرت دمعة هاربة من اعين محمود وهو يتذكر زوجته التي لطالما عشقها، ابتلع ريقة ثم همس بخنقة قائلاً.. انا اسف يا سعاد، عارف انك دلوجتي زعلانة مني جداً بس غصب عني والله صدجيني يا حبيبتي...
في منزل عمر، جلست شهد على اريكتها وعمر يجلس بجانبها على نفس الاريكة ولكنه يبعد بمسافة ليست كبيرة عنها، تنحنحت بحرج وكانت لا تعرف من اين تبدأ، ظلت تفرك في اصابعها بتوتر وسط نظرات عمر الذي استمر في النظر لها بصمت.. قطع ذلك الصمت صوت شهد الهادئ وهي تقول.. انت كنت بتسأل مين إلى عمل كدة في بيتك صح؟
نظر لها عمر حاجبيه ثم اومأ برأسه مؤكداً لتكمل شهد كلامها بَ: إلى عملوا كدة هما هما نفسهم إلى عايزين يجوزونى بالعافية ظهر الضيق على ملامح وجه عمر وعقد حاجبيه قائلاً بتساؤل.. وضحي كلامك اكتر، مين دول شهد بحزن وهي تتذكر: اخويا وابن عمي عمر بعدم فهم: مش فاهم بردو اية إلى حصل عشان يعملوا كدة ولية هربتي منهم زفرت شهد بحزن عميق واخذت تتذكر وهي تقص عليه ماحدث معها... فلاش باك.
كانت شهد منذ ان ولدت فتاة رقيقة تتمتع بشخصية جذابة مرحة، يحبها كل من يلقاها، كانت والدتها تعشقها وبشدة وغالباً لا ترفض لها اى طلب، ولكن والدها ذو طباع حادة قليلاً، رأى مصطفي شهد الذي يكبرها بخمس اعوام بحكم صلة القرابة التي بينهم اولاد عم ولكن مصطفي كان شخصية سيئة للغاية حيث كان دائما ما في سهرات مع فتيات الليل وعاق بوالديه ومتكبر بدرجة كبيرة، كانت شهد لا تطيقه وتمقته بشدة دون باقي اقاربها وهذا كان يغتاظ منه مصطفي جدا ولنقول انه يحب شهد حب تملك، مثل اللعبة الجديدة بالنسبة له سيتستمتع بها ويرميها بعد ذلك، اخبر مصطفي شهد بحبه الزائف لها لان من يحب لا يفعل ذلك، ولكن شهد رفضت رفضاً باتاً فأعتقد مصطفي انها ستوافق ان طلبها رسمياً من والدها بسبب صلة القرابة ولكن كانت الصدمة له عندما علم ان شهد رافضة رغم كل المحاولات لاقناعها، وقرر مصطفي انها ستكون له حتماً حتى لو اصبحت زوجته دون ارادتها واجبارياً، بعد مرور بعض الايام وشهد تجلس في غرفتها على اللاب توب الخاص بها في غرفة غالبية الوانها من اللون البينك وواسعة جدا، دلف والدها محمود لها ومن علامات وجهه لا يبدو الخير ابدا، جلس بجانب شهد ثم اضاف بصوت أجش قائلاً..
شهد انا جاى عشان اخبرك حاجة ابتسمت شهد بخوف ثم ردت ب: اتفضل طبعا يا بابا محمود بجمود وهو يضع يده على كتفها: مصطفي ابن عمك طلبك للجواز وانا وافجت * وافقت * كانت الصدمة الكبرى لشهد هذه الكلمات، نهضت من الفراش بصدمة ثم اردفت برجاء قائلة.. لا يا بابا مش عايزاه عشان خاطرى بلاش هب محمود واقفاً ثم تابع بصياح قائلاً.. من امتي والبت عندينا بتختار عريسها يا شهد، وابن عمك ماله؟ معيوب ولا اي.
تلقلقت الدموع في اعين شهد وهي تنظر للأرض بحزن وخنقة واجابته ب.. ارجوك يا بابا مش عايزاه نظر محمود للجهه الاخرى واردف بجمود قائلاً: انا جولتلك وخلاص.
ثم استدار وغادر من الغرفة بكل هدوء تاركاً شهد تلعن نفسها وتلعن اليوم الذي رأت فيه مصطفي، كانت لا تعرف ماذا ستفعل ولمن تلجأ بعد وفاة والدتها، اصبحت حبيسة غرفتها لعدة ايام لا تأكل وتشرب قليلاً لتظل على قيد الحياة كما حاول كل من حولها بأقناعها ولكن محاولاتهم بائت بالفشل عندما دخلوا في يوم لغرفة شهد ليجدوها غير موجودة، ظلوا يبحثوا ولكنهم تيقنوا انها هربت..
ركضت شهد من البلد بأقصي سرعة لديها ومن ثم ركبت القطار العادى وتوسلت للموظف ان يجعلها تركب دون اى نفقات وبعد الحاح وبكاء وافق الرجل ووصلت للقاهرة وظلت تجول في المنطقة التي كانت فيها بعد نزولها من القطار لتجد نفسها في ذلك المكان الذي رأت فيه عمر... باك.
كان ينظر لها عمر بتركيز ودهشة معاً ولكنها ليست كثيرة، ولكن كان السؤال الذي يتردد في عقله كثيراً هو كيف لأب مثل محمود ان يزوج ابنته لرجل مثل مصطفي ، نزلت دمعة من شهد وهي تتذكر الايام التي مضتها في منزلها بعد رفضها وكيفية محاولات مصطفي للأعتداء عليها وضربها ولكنها فضلت ان لا تقص هذا ل عمر.. ساد الصمت بينهم للدقائق حتى هتف عمر بجدية قائلاً.. هيييح انا طالع انام.
حدقت به شهد بصدمة وهي فاغرةً شفتيها غير مصدقة، لم تكن تتوقع ان يكون رده هكذا.. شهد بصدمة: نعمممم رفع عمر احدى حاجبيه ونهض وهو واضع يداه في جيبه قبل ان يتابع بخبث.. هو انتي كنتي متوقعة اني هأقولك حاجة معينة ولا اية ارتبكت شهد على الفور وارجعت خصلات شعرها خلف اذنها بخجل ثم قالت.. آآ لا وانا آآ وانا هأقوم انام.
اومأ عمر برأسه ثم استدار وسار وابتسامة شيطانية تظهر على ثغره وهو يطلق صفيراً، مددت جسدها على الأريكة بتعجب وهي تفكر في تصرفات عمر الغريبة...
في اليوم التالي ( منزل رضوى )، استيقظت مها في الصباح الباكر ثم ارتدت جيب تصل إلى بعد الركبة وبلوزة مشجرة من اللون النبيتي والاسود، ثم صففت شعرها ووضعت برفانها الخاص ونظرت لنفسها في المرآه ثم ابتسمت بغرور والقت نظرة على ابنها الوحيد ( سيف ) ومدت يدها لتأخذ حقيبتها وهاتفها واطفأت الاضاءة وخرجت من الغرفة..
كانت تتسلل بهدوء على اطراف اصابعها حتى لا توقظ من في المنزل وخاصة * رضوى *، فتحت باب المنزل وهي تحاول ان تجعله لا يفعل اى صوت، خرجت وكادت تغلق الباب خلفها إلا انها تسمرت مكانها عندما سمعت صوت رضوى وهي تقول: على فين كدة بتتسحبي يا مها؟ تنحنحت مها وهي تبتلع ريقها بتوتر شديد وخوف معاً ثم نظرت لها بأرتباك قبل ان ترد ب: كنت رايحة اقدم على شغل اومأت رضوى رأسها بشك ثم اردفت بتساؤل يشوبه السخرية قائلة..
وهو إلى رايح يدور على شغل بيتسحب كدة يا مها! صمتت مها ولم تعرف ماذا تقول لها وخاصاً انها تعلم طبع رضوى وانها اذا شكت بأمر ما لن تصمت حتى تعرف كل شيئ كما يقولون بلهجتنا * من طأطأ لسلامه عليكوا *.. مها بغضب مصطنع: يوووه، هو انتي كل شوية هاتفتحيلي تحقيق يا رضوى هزت رضوى كتفيها بمعني لا ثم اكملت بجدية قائلة: لا ابداً مش كدة يا مها، اتفضلي روحي انتِ حره.
زفرت مها بأرتياح قليلاً ثم استدارات وخرجت واغلقت الباب خلفها تاركة رضوى في شكوكها، ثم جلست على الأريكة بتنهيدة وهي تقول.. يااارب مايكنش إلى ف دماغي صح يا مها عشان مش عارفة انتِ هاتجبيها لفيين!.. خرجت مها من العمارة واستقلت تاكسي متجهه لمنزل حسن.
في الفندق، استيقظ محسن في الصباح الباكر كعادته ثم اخذ حماماً باردًا وارتدى بنطلون جينز وتيشرت ومشط شعره الكثيف ثم خرج من غرفته واتجه لغرفة رجاله ليجدهم مستيقظين ايضاً، ابتسم ابتسامة صفراء ثم هتف بحماس قائلاً.. يلا يا رجالة عشان نلحج * نلحق * نروح اومأ عطيه والرجال برأسهم مؤكدين ثم خرجوا سوياً من الفندق واستقلوا السيارات واداروا المقود متجهين لمنزل عمر...
في منزل عمر، كانت شهد تتأثب على فراشها بكسل وهي تستيقظ على اشعة الشمس الساقطة على شعرها البني الذي اعطته بريقاً ولامعاً زادها جمالاً، نهضت من على الفراش ثم اتجهت للحمام واغتسلت وتوضأت لتؤدى فريضتها ثم خرجت ونظرت للأعلي وتذكرت كل ما حدث بالأمس وخطر ببالها ان تطلع وتيقظ عمر ولكنها نفضت تلك الفكرة من رأسها واكملت سيرها ثم اخذت * المصلاة * وادت فريضتها بخشوع وهي تدعو الله...
انتهت من اداء فريضتها ثم جلست تقرأ في القرآن الكريم وردها اليومي وانتهت وخلعت الاسدال الذي اخذته من احدى الغرف وجدته صدفة.. نهضت واستدارت لتجد الباب يدق بشدة، خفق قلبها بخوف ثم اتجهت وفتحت الباب وتسمرت مكانها عندما رأت... عندما رأت محسن ورجاله يبتسم لها شر، حدقت بهم برهبة حقيقية ثم صرخت صرخة مدوية قائلة بذعر: عمرررررر.