رواية مواجهة الأسد الجزء الأول للكاتبة رحمة سيد الفصل الثالث والعشرون
حدق بها عمر بصدمة وهو فاغراً شفتيه، كيف لها ان تطلب مثل هذا الطلب، عي تحبه لا بل تعشقه ولا يمكن ان تبتعد عنه حتى لو لم يعترف لها بحبه، لن تصبح لغيره مهما حدث، هو وعدها ووعد نفسه مسبقًا، في حين ظلت شهد كما هي على وضعها تنظر له بجمود اتقنته، اخذ نفسًا عميقًا واخرجه ببطئ ثم هتف بصوت قاتم.. نعم، انتي فاهمة انتِ بتقولي اية! اومأت شهد ببرود متعمدة ان تستفزة ثم اردفت بصوت حاد قائلة..
منا مش هافضل مع واحد يبيع ويشترى فيا بمزاجه يا استاذ حاول تمالك اعصابه حتى لا يقوم بفعل اى شيئ احمق، ثم نظر لها بهدوء و هتف بصرامة قائلاً.. وانا مش هاطلق يا شهد، مش هاطلقك نظرت له شهد بغضب، لم تنكر انها شعرت بسعادة داخلية إلى حداً ما عندما رفض الابتعاد عنها ولو مرة ولكنها سرعان ما تذكرت ما حدث منذ قليل وافاقت وهي تتابع بنبرة غليظة قائلة.. اه عشان تبيع فيا براحتك صح.
رفع يده ليضربها، اغمضت عيناها بسرعة من الخوف ولكنه توقف وضم يده وضغط عليها بقوة لينفث غضبه بها، لام نفسه على فعلته وعصبيته وجز على اسنانه بغيظ ثم قال وهو يضغط على كل حرف بدقة.. شهد ماتنرفزنيش، قولتلك انا مابعتكيش ولا عمرى هابيعك فتحت عيونها ونظرت له بقلق ثم ابتلعت ريقها بصعّوبة واستطردت بخوف.. عمر انت لية قاصد تعمل كدة، لية كل ما بقرب منك بتخوفني منك اكتر من الاول.
اغمض عيناه وتنهد بضيق، علت قسمات وجه الحزن والألم والغضب معًا.. حاول تهدأة نفسه وتجسد ماضيه كله امامه، كل من قتلهم أطفال كبار صغار، شعر بالألم المعتاد بالنسبة له يغزو قلبه مرة اخرى، هتف بألم واضح قائلاً.. عشان ماينفعش تقربي مني يا شهد، ماينفعش البراءة تتلوث بالوساخة..!
نظرت شهد له بحزن وتمعنت عيناه وهي تحاول ان تستشف ما يدور بداخله ولكن بالطبع فشلت ف عمر شخصية غامضة بدرجة كبيرة يصعب التوقع بما سيفعله.. تسائلت بفضول يشوبه اللهفة قائلة.. لية يا عمر احكيلي لية، صدقني انا اكتر واحدة ممكن تساعدك وتتمنالك الخير، حتى يمكن اكتر من نفسها هز رأسه نافيًا ثم تابع بصوت أجش قائلاً.. ماينفعش، ماينفعش ترمي نفسك بنفسك في الدوامة دى، دى مابتنتهيش يا شهد صدقيني.
نظرت له شهد بعدم فهم، ماذا يقصد من الدوامة ، هل هو نفسه في دوامة، تشعر كل يوم ان حمل فك هذه الشفرة في حياته يزداد يومًا بعد يوم، اخذت تتسائل هكذا وهي تنظر له بحيرة في حين استدار هو ليذهب، كأنه جلبها على اول الطريق وتركها بمفردها بعد ذلك...
في منزل رضوى، جلست رضوى في غرفتها على الفراش الخاص بها تضم ركبتيها إلى صدرها تنظر للأسفل وهي شاردة، شاردة في الماضي الذي دمر حياتها بالكامل، الماضي الذي جعلها تكره كل الرجال، خرج منها انيناً هادئا يظهر فيه القهر والألم، عادت للخلف بظهرها وكأنها عادت بالزمن للخلف، يوم تعرفها على شهاب، كم كان شابًا لطيفاً طيبًا معها، كيف يستطيع بعض الناس ارتداء قناع هكذا..!
سمعت صوت طفل مها وهو يبكي، نهضت عن الفراش وخرجت من غرفتها متجهه لغرفة مها، وجدت سيف يبكي ويصرخ، اقتربت منه ببطئ ثم جلست بجانبه على الفراش وهتفت بصوت حاني قائلاً.. مالك يا حبيبي بتعيط لية؟ حاول سيف ان يكف عن البكاء وقال من بين شهقاته.. ماما سابتني وفكرت انى لوحدى وكنت خايف اوى.
احتضنته رضوى بحنان واخذت تربت على شعره برفق لتهدأه، تذكرت ما كانت تفعله مها مع زوجها لتنفصل عنه، كيف كانت تعامله معاملة جافة وسيئة وغالبًا ما كانت لا تعطيه حقوقه الزوجية!. منذ علم رضوى ما يحدث من مها قبل انفصالهم وهي توبخها وحاولت ان تعيدها لرشدها ولكن من دون جدوى، تأففت ثم حدثت نفسها بغضب قائلة.. استغفر الله العظيم، مها دى ماينفعش تكون ام اصلا، سايبة ابنها كدة ومش سائلة فيه كأنه عنده 20 سنة!
سمعت صوت الباب يغلق فعلمت انها مها، تركت سيف بعدما نام واغلقت النور وتوجهت للخارج، نظرت لتجد مها تدلف والسعادة بادية على وجهها، نظرت لها بأشمئزاز وبداخلها تتوعد لها، نظرت مها لرضوى ببرود وحاولت دخول الغرفة ولكن كانت يد رضوى تمنعها، قالت بأستفزاز.. عديني يا رضوى عايزة أدخل اوضتي.
نظرت لها رضوى بغضب شديد ثم امسكتها من ذراعها بحدة إلى حدًا ما وسارت للخارج لغرفة رضوى، حاولت مها التملص من قبضتها ولكن دون جدوى حيث كانت رضوى ممسكة بها بقوة، دلفوا إلى الغرفة واغلقت رضوى الباب ثم نظرت لمها نظرات اخافتها من رد فعلها، هنا صاحت مها بضيق قائلة.. اية يا رضوى جيباني هنا لييية جزت رضوى على اسنانها بغيظ شديد ثم اردفت بتوبيخ..
انتي اية ناوية تعقلي امتي، سايبة ابنك إلى عنده 6 سنين لوحده دايما مع ان الفترة دى المفروض تكوني اقرب واحدة له ولا انتي طلاقك جننك! زمت مها شفتيها بضيق واضح ثم تابعت بنبرة غليظة.. وانتي مالك يا رضوى، ابنك ولا ابني تنهدت رضوى بغضب ثم استدارت لتخرج من الغرفة وهي تزمجر فيها قائلة.. ابنك بس لما يجراله حاجة مترجعيش تندمي ياست مها.
زفرت مها بضيق وهي تفكر في كلام رضوى، فهي على حق الى حدًا ما، ولكنها لا تفعل شيئ خاطئ ولا تهمل ابنها، هي ترعاه عندما تكون متفرغة ف في النهاية هو ابنها الوحيد، اقنعت مها نفسها بهذا الكلام لتسكت ضميرها وهي تنظر للفراغ...
في منزل عمر، عمر في الأسفل يجلس امام التلفاز يشاهد احدى الافلام بتسلية، في حين شهد في الاعلي في غرفة خصصتها لها، تفكر بضيق وغيظ، تشعر ان عمر يعاني من مرض نفسي وغالبًا إنفصام في الشخصية، قررت ان تنزل وتتحدث معه مرة اخرى ولكن هذه المرة لن تصمت ابدًا..
نهضت عن الفراش ثم هندمت نفسها بسرعة وفتحت الباب واتجهت للأسفل، رأت عمر وهو يجلس ليشاهد التلفاز والأبتسامة على وجهه، جزت على اسنانها بغيظ فهي كانت في الاعلي تستشيط غضبًا وهو يشاهد التلفاز براحة.. اقتربت منه ببطئ وبخطوات واثقة، رأها عمر ولكنه لم يبدى وكأنه لم يراها، زاد اشتعال النيران بداخلها ثم اقتربت اكثر وخبطت على كتفه بقوة إلى حدًا ما..
تآوه عمر بألم من الضربة المفاجئة على مكان اصابته وامسك بكتفه في حين شهقت شهد وحدقت به بصدمة واضعة يدها على فمها فقد نسيت تمامًا تلك الإصابة.. استدارت واقتربت منه بلهفة حقيقية ونظرت له بتساؤل وهتفت بلهفة.. عمر انت كويس حصلك حاجة نظر لها عمر بهدوء يتمعن النظر فيها وفي تلك اللهفة التي اظهرتها بوضوح، تنهد بضيق، لا يعلم لماذا ولكن ربما لأنه لا يستطيع ان يحبها مثلما تحبه هي..
اردف بهدوء يشوبه بعض التعب قائلاً.. مفيش انا كويس، هي وجعتني بس شوية قضبت شهد جبينها ونظرت له بحزن وهي تتشدق ب.. اسفة مكنش قصدى نسيت خالص هز عمر رأسه نافيًا وهو يقول: عادى محصلش حاجة.
ابتلعت ريقها بأرتياح ففي لحظة شعرت ان قلبها يكاد يخرج من مكانه، تألمه ولو لشيئ بسيط يجعلها متلهفة غير قادرة على رؤيته متألم، ولكن لماذا، لماذا تظل تحبه وهو لا يحبها ولا يراها سوى واحدة عرفها صدفة فقط، دق قلبها بقوة وهي تنظر له كأنه يعطيها الجواب لسؤالها، يخبرها انه لن يستطيع ان يدق لأى شخص اخر سواه.. نظرت له بهدوء ثم استطردت بلوم قائلة..
الدكتور قالك تتصل وتتابع معاه عشان يبعتلك ممرضة يا عمر لية مكلمتوش رفع عمر كتفيه بهدوء وهو يقول بلامبالاه.. عادى ماجاش ف بالي قولت هايخف لوحده يعني نظرت له شهد بغضب إلى حدًا ما، لوهلة شعر عمر انها والدته التي تغضب منه عندما يهمل نفسه وليس فتاة تحبه، تابعت شهد بهدوء يشوبه الصرامة قائلة.. طب ممكن تتصل بيه يا عمر وتتابع كادت عمر ينطق بشيئ اخر ولكن قاطعته شهد بأشارة بيدها وهي تقول برجاء..
معلش يا عمر، عشان خاطرى اتصل زفر عمر واغمض عيناه بهدوء ثم اخرج هاتفه من سترته وأتصل بالطبيب، كان كالمغيب يفعل ما تقوله له والدته فقط، كانت تتابعه نظرات شهد الهادئة وعلى وجهها ابتسامة هادئة، لأول مرة يحقق لها رغبة، انتهي عمر من اتصاله وهو يقول بهدوء.. اهو يا ستي اتصلت وقالي بكرة هايجي.
اومأت شهد بأرتياح ونظرت للتلفاز لتشاهده ولكن ظلت نظرات عمر معلقة بها، التفتت بعد دقائق معدودة لتجده مازال يحدق بها، احمرت وجنتاها ونظرت للأسفل بخجل، ابتسم عمر ابتسامة عفوية عليها...
في منزل شهاب، كان شهاب يجلس على كرسي يهزه بهدوء وهو ينظر للأرضية، يفكر ويتذكر، بعد ابتعاده عن رضوى شعر بأرتياح ولكنه بعد فترة تعرض لضغط من أهله للزواج، زفر بضيق وهو يتذكر جملة والدته يوه يا شهاب انت بقا عندك 32 سنة يابني عايزين نفرح بيك قبل ما نموت.
من وقتها وهو يفكر برضوى، لم يقابل فتاة بأخلاقها الكريمة وشخصيتها الودودة المحبوبة، قرر دخول حياتها مرة اخرى، ولكن هذه المرة ليس ك تسلية وقت وإنما لتصبح زوجته امام المجتمع لتخرص ألسن كل من يعترض على حياته الدنيئة تلك.. كما ان شهاب من الشخصيات الطامعة، لا تسمح بشيئ جيد ان يبتعد عنها، ازداد تفكيره وهو يحدث نفسه، كيف لفتاة مثلها تعد جوهرة ان تصبح لغيره! لابد ان يصبح كل ما هو جيد له هو فقط..
نهض عن الكرسي ليتركه يهتز بفعل حركة شهاب ثم إنطلق متجهًا للخارج، عدل من وضعية قميصه الأسود ثم فتح الباب ونظر لباب منزل رضوى بتردد ولكن حسم الأمر، تقدم بثقة وطرق باب منزل رضوى والجدية مرسومة على وجهه...
في منزل عمر، إتجه عمر إلى غرفته بوقت ليس بكبير تاركًا شهد تشاهد الفيلم بمفردها، شعور راوده أنه يريد ان يجلس بمفرده ليقرر أهم قرار يمكن ان يقرره بحياته.. كانت شهد تشاهد الفيلم ولكن شعرت بالضجر الشديد، نظرت على النافذة التي تطل على حديقة المنزل ثم نهضت بهدوء وهي تتأفف بضيق إلى حدًا ما وإتجهت للخارج للحديقة لتستنشق عبير الزهور الفواح الذي يسكر روحّها..
اخذت تتلمس الورد وخاصة الاحمر بيدها برقة، تتذكر عمر، اخيها، والدتها، ووالدها الذي كلما تذكرته شعرت برعشة تسير في جسدها..
تجسد امامها مشاهد طفولتها الجميلة مع والدها واخيها، ابتسم ابتسامة صغيرة وهي تتذكر والدها الذي تعشقه اكثر من روحها، تنهدت وهي تتذكر ما فعله بأخر مرة، نظرت للزهور وهي تحرك رأسها كأنها تحدث والدها وتلومه، تلومه على التفريط فيها وليس لأى شخص وإنما مصطفى، مصطفى الذي هو شيطان في نظرها، كانت تسير شاردة في الماضي بعد قليل كادت تتلفت لتعود للداخل مرة اخرى ولكن فجأة وجدت من يكممهاا ويقيد حركتها من الخلف..
حاولت التملص منه والفرار ولكن بعد ثواني آثر المخدر عليها وسقطت مغشية عليها بين ذراعيه...!
رواية مواجهة الأسد الجزء الأول للكاتبة رحمة سيد الفصل الرابع والعشرون
اتكأ بجذعه قليلاً ثم مد يده تحت ركبتيها والاخرى تحت ظهرها وحملها برفق، كان يرتدى قناعًا اسود اللون، إتجه لبوابة الخروج وهو يتلفت حوله ليتأكد من عدم رؤية اى شخص له.. خرج من المنزل وكانت سيارة سوداء كبيرة تنتظره، فتح شخص الباب الخلفي له ووضع شهد ثم اغلق الباب بالمفتاح وركب بجانب الشخص واغلق الباب ثم ذهبوا إلى حيث ارادوا..
بينما في الاعلي عمر يجلس على الفراش في غرفته يفكر قليلًا، تنهد ثم نهض وإتجه للخروج وفتح الباب ونزل للأسفل وهو يوزع نظراته بحثًا عن شهد، لم يجدها فعقد حاجبيه وتعجب ولكن خمن انها ربما تكون في الحديقة المجاورة، خرج من المنزل وتوجه للحديقة وظل يبحث بعيناه ثم اقترب وبحث ولكن لم يجدها ايضًا، بدأ القلق يتسرب داخله رويدًا رويدًا، لم يجدها ابدًا، تنهد بغضب ثم مسح على شعره بيده ببطئ، عاد للمنزل واصبح نفسه مضطرب، اتسعت عيناه ببريق خافت وصار يصيح بقلق حقيقي قائلاً..
: شهد يا شهههههد شههد ولكن لم يجد اى رد، شعور بالعجز والقلق والخوف والاضطراب معًا سيطر عليه، شعر كأنه طفل اضاع والده، تبلد جسده بثبات مكانه ثم اصبح يهز رأسه بهيستيريا وهو يقول بصوت عالي.. لأ لأ شهد مستحيييل.
هوى على اقرب اريكة وهو يحدج في الفراغ بصدمة ودقات قلبه في قفصه الصدرى تتسارع بشكل ملحوظ معلنة خوفها الجاد على تلك التي اقتحمت حياته ومن دون مقدمات، اغمض عيناه وهو يتذكر حديثهم في الصباح الباكر عندما طلبت الانفصال ورفض.. حدث نفسه بتوتر وهو يفكر أيعقل ان تكون تركته وهربت، ابتعدت عنها من دون مقدمات كما اتت على حياته!، لا لا هي لا تستطيع تركه هكذا الان..
نهض بسرعة وركض متجهًا لسيارته بالخارج ليبحث عنها في كل مكان يستطيع ان يبحث به، ولن يعود، إلا معها.
امام منزل رضوى، بعد ثوانٍ فتحت مها الباب لتجد امامها شهاب، تذكرته على الفور وخرجت منها شهقة عالية غير مقصودة، اتسعت مقلتاها بصدمة وظلت محدقة به، اغمضت عيناها بقوة لعلها تكون تتخيله او انه شخص شبيهه، ابتلعت ريقها بصدمة ثم هتفت بخفوت قائلة.. شهاب، مش معقوول..!
ابتسم بسخرية واضحة، هي صُدمت لهذه الدرجة إذا ماذا شعرت رضوى عندما رأته بعد هذه السنين، على الأغلب فقدت عقلها، وضع يداه في جيب بنطاله بثبات ثم اردف بتهكم قائلاً.. ايوة شهاب، ازيك يا مها؟! حاولت إستيعاب نفسها ثم تمتمت بوهن.. أنا بخير الحمدلله يا شهاب رسم أبتسامة صفراء على محياه ثم اكمل بثبات أتقنه وقرر المجازفة ثم قال بتساؤل.. هي فين رضوى ممكن اشوفها.
عقدت مها حاجبيها بتعجب ليلتقي حاجبيها السوداوين، كادت تنطق بشيئ ما إلا ان قاطعها خروج رضوى وهي مرتدية زيها الأسلامي ( جيب جينز طويلة وخمار وتيشرت )، حدقت بصدمة عندما رأت شهاب هي الاخرى، ابتلعت غصة في حلقها وهي تسمع جملته الاخيرة واخذت ترمش بدهشة يشوبها الصدمة، كيف أتي إلى منزلها ومن ادخله، كيف يُسمح له ان يدلف بكل هذه البساطة..!
استدركت نفسها سريعًا ورمقت مها بنظرات حادة غاضبة يشع منها شرار يحرق من امامها، ارسلت لمها توعدها الشرس الواضح ثم سارت بسرعة متجهه للخارج.. كان شهاب يتابعها بعيناه بهدوء حتى وجدها تسير بسرعة لتخرج.. رضوى استني عايز اتكلم معاكي هتف شهاب بتلك الكلمات وهو يسير خلفها ليلحقها تاركًا مها التي كانت حدقتيها متسعة بتعجب لا تفقه شيئًا..
استمر شهاب بالركض خلفها ورضوى لا تتوقف عن سيرها السريع تكاد تكون تجرى، استطاع شهاب اخيرًا اللحاق بها، باغتها بحركة عفوية مفاجئة وأمسكها من ذاعها بقوة وهو يلهث من كثرة الركض.. رمقته رضوى بنظرات غاضبة مقابل نظراته الباردة الهادئة، حاولت ابعاد يده عنها ولكنه شدد على قبضته اكثر وهو يقول بحزن مصطنع أتقن رسمه.. رضوى ارجوكي تفهميني، انا كنت مجبور انتي متعرفيش اى حاجة.
لا والله، والمفروض إني اصدق الكلام دة، تسيبني قبل جوازنا بحاجة بسيطة وتقولي مجبور، لأ خالص كل الحكاية إنك واحد خااين بس كاد شهاب يكمل حديثه البارد وأحاديثه الكاذبة بأسبابه التافهه ولكن دوى صوت عبدالرحمن العالي الذي اقترب منهم وعيناه تشع بشرارة غاضبة واضحة ووجهه بدى احمر من كثرة الغضب، شهقت رضوى بخوف من مظهره، تذكرت جملته وهو يقول انا عندى شيزوفرينيا يا رضوى بسبب خيانة حبيبتي ومرة كنت هأضرب والدى.
اصبحت تتنفس بصعوبة وخوف خشيتًا من ان يكون هذه الشخصية الأخرى التي تسيطر عليه الان...!
في احدى الاماكن المهجورة،.
وصلت السيارة التي بها شهد والرجال وصفوا السيارة جانبًا ثم ترجلوا من السيارة والرجل الذي يرتدى القناع ترجل ثم اتكأ قليلاً ووضع يده اسفل ظهر شهد وقربها منه كثيرًا ثم حملها برفق وإتجه للداخل بهدوء يتبعه هؤلاء الرجال بثقة، وضع شهد على الأرض وتنهد ثم نظر لأحدى الرجال، كان المكان كبير جدا وواسع وخالي كأنه صحراء، بها رجال كثيرة جدًا، ذوى عضلات بارزة، نظر لرجل ثم هتف بصوت آمر قائلاً..
هات الحبل والقماشة يلا اومأ الرجل ثم استدار بسرعة وذهب للسيارة وأخرج الحبل وقطعة القماش ثم عاد له، مد يده له بقطعة القماش ليأخذها الاخر ثم ربط يد شهد بدقة وقدمها ايضًا، وامسك بقطعة القماش وكمم فمها وربط القماش حتى لا تستطيع الصراخ عندما تبدأ بأستعادة وجهها..
كان بجوارهم احدى الكراسي الخشبية، نهض ثم جلس عليه بهدوء وهو ينظر لشهد بهدوء وسعادة داخلية، فهي الان اصبحت له وامامه ولن يستطيع احد ابعادها عنه، نهض بعد قليل ووجه نظره لذلك الشاب ثم قال بصوت قاتم.. لما تفوق وتاكل ادوني خبر فوراً اومأ الرجل برأسه في حين استدار الاخر وإتجه للسيارة وركب بهدوء وادار مقوده متجهًا لمكان ما...
بعد ما يقرب من الساعة بدأت شهد تستعيد وعيها وهي تتآوه من الألم بخفوت، جلست بصعوبة وحاولت ان تحرك يدها ولكن ادرك انها مقيدة، ولا ترى شيئ سوى الظلام الدامس، تلقلقت الدموع في عيناها بسرعة رهيبة وحاولت التملص من قبضة الحبال التي كانت تشتد على يدها، نظر لها الرجل ثم تحرك وتقدم منها وابعد القماشة عن فمها لتتنفس هي براحة ثم هتفت برعب قائلة.. انتوا مين وعايزين مني ايية؟! اجابها صوت اجش اخافها بشدة..
اما يجي الباشا هيعرفك بنفسه قال هو تلك الجملة قبل ان ينظر للرجل ويشير له برأسه ليجلب الطعام، اومأ الاخر واستدار وذهب ليجلب الطعام، بعد دقائق معدودة وصل وهو يحمل بعض السندويتشات المتوسطة، كانت شهد اطرافها باردة، تسير رجفة في انحاء جسدها بمجرد ان تسمع صوت احدهم، دموعها تهبط بغزارة بصوت مكتوم.. اقترب منها الرجل وهو يحمل الطعام ثم قال بخشونة.. يلا الاكل اهوو كلي.
هزت رأسها نافية بسرعة وهي تقول من بين بكاءها الحاد.. لأ لأ مش عاوزة، وهاكل اصلا ازاى وانا مربوطة كدة ومش شايفة كدة! كان الجوع يفترس معدتها الصغيرة ولكنها بالطبع لا تقدر على الأكل منهم هكذا، ولكنها وجدتها فرصة لترى وجههم علها تستطيع الهرب وتخبر الشرطة لاحقًا وتعرف من اراد خطفها..
اقترب الرجل منها وفك القماشة عن عيناها البنية التي اصبحت حمراء من البكاء، ثم فك يدها بهدوء، اغراه مظهرها الجذاب ونظر لها بجراءة ولكنه تدارك نفسه ونهض سريعًا ليتفادى اى خطأ احمق يمكن ان يصدر منه، لم تقترب شهد من الطعام وظلت تبكي بهدوء.. جز الرجل على اسنانه بغيظ ثم استطرد بحنق قائلاً.. يلا كلي مبتكليش لييية؟ هزت شهد رأسها نافية بخوف وهي تتمتم برعب واضح في نبرة صوتها..
لأ مش عايزة اكل انا عايزة ارجع ارجوك ابتعد الرجل وهو يتأفف بملل وحنق، أخرج هاتفه من جيب بنطاله ثم اتصل بالخاطف ووضعه على اذنه بهدوء ليأتيه صوته الصلب قائلاً.. ممممم نعم الووو يا، باشا هي فاقت وجيبنالها الاكل بس مش راضية تاكل خالص اية لييية يا غبي حضرتك قولت محدش يقرب منها ونحط لها الاكل بس وهي رافضة وعمالة تعيط بس زفر بضيق ثم اجابه بنزق قائلاً.. خلاص سلام انا جاى مسافة السكة.
ما إن انهي جملته حتى اغلق الخط سريعًا وإتجه لذلك المكان المهجور وهو يفكر بتخطيط في شهد وفيما سيفعله معها لاحقًا... وصل بعد ما يقرب من النصف الساعة وترجل من سيارته السوداء بهدوء وإتجه للداخل وقد بدل تلك الملابس وارتدى بنطال ضيق اسود وتيشرت احمر عليه بعض الخطوط السوداء ويصفف شعره وغير مرتدى ذلك القناع...! اية يا حبيبتي مابتكلييش لية!
هتف هو بتلك الجملة وهو يقترب من شهد واضعًا يده السمراء في جيب بنطاله الأسود، وتقوس فمه بأبتسامة شيطانية خبيثة.. حدقت شهد بصدمة لمصدر الصوت الذي تعرفه، فاغرةً شفتيها، لم تكن تتوقعه ابدًا، جمدت ملامحها وشحب وجهها الابيض واصبح لونه اصفر وهي تراه يقترب منها اكثر...!
رواية مواجهة الأسد الجزء الأول للكاتبة رحمة سيد الفصل الخامس والعشرون
حدقت شهد بصدمة لمصدر الصوت الذي تعرفه، فاغرةً شفتيها، لم تكن تتوقعه ابدًا، جمدت ملامحها وشحب وجهها الابيض واصبح لونه اصفر وهي تراه يقترب منها اكثر، نعم إنه مصطفي!
عرفته شهد من لهجته الغير متزنة بعض الشيئ، اصبح امامها تمامًا يتفرسها بعيناه الحادة، رأت شهد في عيناه نظرات لطالما كرهتها منه، ابتلعت ريقها بصعوبة شديدة وجف حلقها، رمقته بنظرات حادة تحمل كل معاني الكره رغم خوفها وإنتفاضة جسدها بمجرد ان رأته.. لوى فمه ثم أكمل بسخرية باتت معتادة منه قائلاً.. كلي يا حبيبتي عشان ماتتعبيش عشان الرحلة لسة مطولة اووى.
كان مصطفى يتحدث بشكل طبيعي في القاهرة ويجيد تلك اللهجة بسبب مكوثه لوقت طويل في القاهرة بينما شهد عاشت طوال حياتها في القاهرة بسبب دراستها سافرت لبلدها عندما اصبحت في الثاني والعشرون من عمرها، حاولت جاهدة اخراج الكلمات بصعوبة وحدة قائلة.. انت عايز منى اية انت مابتحرمش جز على أسنانه بغيظ وتذكر فعلة عمر معه التي لطالما حاول نسيانها، تجسد امامه اهانة عمر التي اقسم على ردها له الصاع صاعين..
نظر لها بأعين حادة للغاية ثم أكمل بنبرة تشبه فحيح الأفعي قائلاً.. لأ مانستش ومش هأسيب حقي يا شهد ثم صمت برهه من الزمن وهو يتمعن قسمات وجهها المرتعدة منه كأنها ترى حيوان مفترس يكاد يقتلها ثم أردف بأصرار واضح قائلاً.. وأنتي حقي يا شهد كأن جملته اصابتها في صميم قلبها، جملته التي تعمد إظهار التصميم والأصرار فيها ليثبت لها حق ملكيته الأبدية فيها، زادت الرعب منه بداخلها..
ابتلعت ريقها الذي جف بصعوبة وحاولت جاهدة ان تبدو ثابتة قوية حتى لا تظهر له ضعفها وخوفها الذي يزيده طاقة إيجابية، ثم حدقت به بحدة وأرسلت له رسالة تحمل التحدى والكره وهي تتشدق ب: عمرى ما هكون حقك او ليك لأني بقيت متجوزة وكمان بحب جوزى يعني بقا عندى سببين غير كرهي ليك يابن عمي.
جز على أسنانه بغيظ وأبتسم أبتسامة شيطانية خبيثة عندما أدرك خوفها الذي حاولت أخفاؤه وهو يقترب منها والذي يعرفه جيدًا وبسهولة، ثم تابع بخبث قائلاً.. هأخد منك إلى انا عاوزة يا شهد وهاخليكي تتمني الموت وماتطوليهوش بس وانتي مراتي عشان تعرفي إني بحبك رمقته بنظرات إزدراء وشعرت بالتقزز منه ثم قالت متعمدة بأستفزاز.. انت مريض، دة مش حب دة مرض نفسي بس نظر لها بتوعد وغيظ ثم أستطرد بشراسة قائلاً..
هاتشوفي يا شهد وهاثبتلك دة قريب، سلام بقا انا لازم أمشي عشان ورايا حاجات مهمة عشان فرحنا يا قلبي تمتمت شهد بخفوت يشوبه الكره قائلة.. جتك وجع ف قلبك ياشيخ في نفس اللحظات أقترب منها الرجل مرة أخرى وشعرت بالخوف الذي تملكها منذ وصولها ذاك المكان يسيطر عليها مجددًا واصبحت انفاسها مضطربة ثم صاحت فيه قائلة.. أنت عايز مني اييية!
لم تجد رد منه وإنما أتكأ بجذعه قليلاً للأسفل تجاهها وربطها بهدوء بالحبل لتزفر هي بإرتياح وتنفض تلك الأفكار من رأسها ليربط هو قطعة القماش على فاهها مرة أخرى ليمنع صوتها من الخروج مؤقتًا...!
أمام منزل رضوى، اقترب عبدالرحمن منهم بدرجة كبيرة حتى اصبح امامهم ثم نظر لشهاب بغضب جامح، قلق شهاب من تلك النظرة، نظرات شهاب المتوجسة ونظرات عبدالرحمن الحارقة.. في حين حاولت رضوى ضبط أنفاسها التي اصبحت غير ثابتة، أمسك عبدالرحمن شهاب من ذراعه بقوة وضغط عليه وهو يقول بغضب وتساؤل.. أنت مييين وازاى تمسك ايدها كدة.
قطب شهاب جبينه بضيق ثم حرر يده بصعوبة من قبضة عبدالرحمن وأغمض عيناه بقوة كمحاولة لتهدأة نفسه وقال بحدة.. وانت مال اهلك انت ميين! في لمح البصر تلقي لكمة من عبدالرحمن الذي زاد احمرار وجهه وظهرت عروقه من شدة الغضب، زادت جملة شهاب اشتعال نيران عبدالرحمن الغاضبة، مسح شهاب الدماء التي سالت من فمه ورمق عبدالرحمن بنظرات متوعدة، فكيف يجرؤ على إهانته بهذه الطريقة وامام الجمع هكذا..!
في حين كانت رضوى تتابع الموقف بدهشة وخوف وهي تضع يدها على فاهها محاولة ان تسيطر على انفعالاتها.. زمجر عبدالرحمن بوجهه شهاب بغضب قائلاً.. انا خطيبها يا كلب صُعق شهاب من جملة عبدالرحمن ونظر له بصدمة بادية على قسمات وجهه ثم وجه نظره لرضوى بقلق كأنه يترجاها بعيناه ان تنفي كلام عبدالرحمن، الذي كان مثل العاصفة القزية وحطم كل آماله في لحظة..!
في حين رضوى كانت تقف مصدومة هي الاخرى من كلمات عبدالرحمن فهي لم تبدى موافقتها حتى الان على هذه الزيجة..! كيف يقرر هو هكذا!، هل هذا يعني انها اصبحت امام الامر الواقع، هل ستوافق رغمًا عنها..! صاح شهاب بتحدى قائلاً.. انت كداااب مش خطيبها زاد تجمع الناس حولهم وهم ينظرون لهم بتساؤل ثم قال احد الرجال بصوت أجش.. خير في حاجة يابنتي؟
هزت رضوى رأسها نافية بسرعة، حتى لا يُفضح الأمر، هي تعرفهم جيدًا، إن عُرف الأمر ستصبح محور الأحاديث.. كادت تهتف بشيئ ما إلا ان امسكها عبدالرحمن من يدها بقوة ولأول مرة يمسكها من يدها وسحبها خلفه تاركًا شهاب يحاول الخروج من صدمته تلك، حاولت رضوى التملص من قبضته ولكنها كانت اشد من ذلك، لم تتحدث خوفًا من رد فعله، فهي الان اصبحت على يقين انها لا تقدر على التعايش مع مرضه النفسي هذا..
وصلوا امام باب المنزل ودق عبدالرحمن باب المنزل بقوة، كانت دقات قلبها تدق بسرعة ملحوظة، فتحت مها الباب وهي تنظر لهم بقلق من هيئتهم تلك ثم قالت بتساؤل.. في اية مالكوا!؟ نظرت رضوى لعبدالرحمن بحدة كأنها تخبره ان يترك يدها وبسرعة، ولكن لم ينظر لها عبدالرحمن ولم يتفوه بكلمة، هتفت رضوى بصوت قاتم قائلة.. مفيش يا مها، عبدالرحمن جه شوية بس.
لم تريد رضوى أن يأخذ الموضوع اكبر من حجمه وخاصة مع مها، فهي لن تصمت إن علمت ومؤكد انها ستقص كل شيئ على والدتهم، وهي لا تريد إرهاق الداتها في امر مفروغ منه.. زفرت رضوى ببطئ ثم أفلتت يدها بصعوبة ودفعت مها برفق ثم دلفت دون ان تنتظر عبدالرحمن.. كانت مها تنظر لهم بدهشة لا تفقه اى شيئ ..
كأن عبدالرحمن افاق في هذه اللحظة فقط غير مدرك لما كان يحدث للتو، مسح على شعره ببطئ وتوتر ثم استدار ليغادر بسرعة، مطت مها شفتيها بعدم رضا وهي تقول بتعجب.. مجانين دول ولا اية!
في احدى المنازل، تحديدًا في غرفة اثاثها من الطراز الحديث، متوسطة الحجم، عبارة عن فراش صغير على في الوجه وعلى الجانب ثلاجة وامامها مكتب صغير، يجلس مصطفى على الفراش وهو عاقد ساعديه وينظر للأسفل وهو يفكر، يفكر في شهد التي اصبحت الموضوع الرئيسي الذي يفكر فيه اغلب الوقت، كان يخطط كيف له ان يتخلص من هذا الذي يسمي عمر! كيف يجعلها تنفصل عنه وبأرادتهم حتى لا يحاولوا ان يجتمعوا مرة اخرى..
كان الشيطان يبث له افكار كثيرة وخبيثة ليساعد حليفه في مشكلته.. ظهرت الابتسامة على وجهه وقد ادرك ما يجب ان يفعله، امسك بالهاتف الذي كان موضوع بجانبه ثم أتصل بشخص ما ووضع الهاتف على اذنه منتظرًا الرد، بعد قليل اتاه صوت الشخص قائلاً.. الووو ايوة يا مصطفى بيه ايوة يا عبدالله، اسمعني كويس وركز عشان مش عايز غلطة يا عبدالله اتفضل قول متقلقش انا عايزك تجيب لي ورق طلاق، وشريحة جديدة النهاردة.
اية دة هو حضرتك متجوز وهاتطلق! لأ وماتسألش عن إلى ملكش فيه احم دة فضول بس، حاضر خلص وكلمني اوامرك يا باشا سلام مع السلامة اغلق مصطفى الهاتف وقد شعر براحة كبيرة، عاد بظهره للخلف وهو يتنهد بإرتياح، وقد راوده الكثير من الأمل بعدما كان يحمل الهم وهو يفكر في هذا الأمر.. تقوس فمه بأبتسامة خبيثة وهو يتذكر كلمات شهد عن زوجها ثم اصبحت ابتسامته ضحكات ساخرة وهو يقول بتشفي.. ابقي وريني بقا هايقدر ياخدك بأى حق.
كان عمر يبحث في كل مكان قريب من المنزل وبعيد إلى حدًا ما، أقل ما يُقال انه طفل يبحث عن والده الذي اضاعه بخوف، كان كالمجنون يبحث بلهفة ويسأل الناس عن فتاة بمواصفاتها، فقد الأمل في ان يجدها ودب على المقود بكل قوته واصبح يهذى بحسرة قائلاً.. لأ مش هاسمحلك تسيبيني ابدًا، لا ماينفعش خالص ماينفعش.
ادار المقود ثم عاد متجهًا للمنزل مرة اخرى لعلها تكون كانت في مكان ما وعادت، وصل إلى المنزل بعد فترة وترجل من سيارته بسرعة ودلف للمنزل بلهفة حتى انه لم يُغلق باب سيارته جيدًا، وزع انظاره في ارجاء المنزل بحثًا عنها وعيناه تشع بريق أمل خافت ولو صغير ثم هتف بصوت عالي قائلاً.. شهد انتي هنا، يا شههههد.
ولكن لم يجد اى رد، جلس على الاريكة بهمدان وشعور بالعجز والخوف معًا تملكه، ك من كان يملك شيئ ما ويحبه بشدة وفجأة ابتعد عنه ومن دون اى مقدمات، عبر امامه كل ذكرياتهم سويًا وتلقلقت الدموع في عيونه، تمكنت شهد من ان تجعل الدموع تعرف طريقها لأعين ذاك الرجل القاسي الذي اقسم ان لا يصبح ضعيف بعد الان، الرجل الذي اصبح مؤخرًا متحجر القلب، لا يملك مشاعر لأى شخص ولكنها حركت المشاعر التي ماتت بداخله، لا يجب ان تبتعد الان، هو لن يسمح لها من الاساس..
نظر للأعلي وهو يتنفس الصعداء بصعوبة، تملك منه شعور انه لن يراها مرة اخرى مثل والدته، وهند هز رأسه بقوة لينفض تلك الافكار السيئة من رأسه، سيتحطم حتمًا ان تكرر ما حدث منذ سنوات.. وضع رأسه بين راحتي يده، ابتلع ريقه بصعوبة واخذ نفسًا عميقًا ثم اخرجه ببطئ.. فجأة نهض ونظر للأعلي وهو يصيح بأمل.. ازاى ماخطرش ف بالي من بدرى...!