رواية مواجهة الأسد الجزء الأول للكاتبة رحمة سيد الفصل العشرون
صُدمت شهد للغاية وحدقت به بصدمة بينما ظل هو ممسك برأسها بين كفي يده وهو ينظر في عيناها بهدوء كأنه يحاول ان يستشف رد فعلها، دقات قلبها تتزايد، شعرت ان صوتها مسموع، بردت أطرافها من كلماته بالرغم من انها تمنت ان يبادلها نفس الشعور، مر امام اعين عمر مشهد موت هند وهي تلتقط انفاسها الأخيرة قائلة بوهن.. أوعي تنساني يا عمر...!
شهد اصبحت نفسها غير منتظم من كثرة التوتر، في حين ابتعد عنها عمر فجأة ونهض ثم اولاها ظهره وهو شارد وبدى الضيق على وجهه، تعجبت شهد ونهضت هي الاخرى ببطئ، بينما هتف عمر بجمود قائلاً.. أنسي اى حاجة قولتهالك لتاني مرة يصدمها في نفس الوقت، ظلت ناظرة له بذهول فهو منذ قليل من اعترف لها بحبه والان، اكتشفت ايضًا ان في هذه الكلمة لم يكن صادق..
اخذت نفسًا عميقًا واخرجته ببطئ وهي تكبح دموعها التي تود الهطول بغزارة ولكنها عزمت ولن تسمح لنفسها أن تكون ضعيفة معه مرة اخرى، اصبحت نبرتها جادة للغاية وهي تقول بصوت عالٍ.. انا اصلا كنت هأرفض لإني استحالة اكون مرات واحد زيك فعليًا جز على اسنانه بغيظ وحاول ان يتمالك اعصابه، فالاول مرة يعترف انها لديها الحق تماما، هو من تسرع واعترف لها وخان هند، نعم فهو صب تفكيره على هند فقط ولن يحب غيرها مرة اخرى...!
التفت لها ولم يظهر اى رد فعل ثم اقترب منها ببطئ، نجح في اثارة توترها وكان صدرها يعلو ويهبط من اقترابه منها بهذا الحد، اغمض عيناه وهو يقترب منها ثم تابع بهدوء حذر.. أوعي تنسي تاخدى شاور عشان ريحة البرفان بتاعي فيكي..! قضبت جبينها بدهشة ممزوجة بالغضب ثم اخفضت رأسها واخذت تشتم رائحتها وبالفعل وجدت رائحة عطره في ملابسها، في حين ابتعد هو واستدار ليغادر في الأعلي وعلى وجهه ابتسامة خبيثة..
دبت على الأرض برجليها بغضب طفولي فقد نجح في تغيير الموضوع بسرعة وكأنه نومها مغنطيسياً، لامت نفسها على ضعفها امامه هو فقط، ثم اردفت بنبرة متذمرة قائلة.. انت مستفز اووى على فكرة...
في منزل رضوى، كانت رضوى تجلس على فراشها والأوراق الخاصة بعملها متناثرة حولها في كل مكان وترتدى النظارة الخاصة بها وخصلات شعرها على وجهها، كانت تعمل ولكن بدون تركيز، كان كل تركيزها في أمر عبدالرحمن، شعرت انها مشتتة كثيراً، اخذت تسأل نفسها عدة مرات هل توافق ويمكن ان لا يُشفي وتعيش باقي العمر هكذا، ام ترفض وتعيش مع مها وكرهها اللانهائى، شعرت ان عقلها سينفجر حقا من كثرة التفكير..
كانت دائما تلجأ إلى الله والان ايضاً ستلجأ إلى الله، ابعدت الورق ولملمته ببطئ ثم نهضت واتجهت للمرحاض في غرفتها، توضأت وتجففت ثم ارتدت الأسدال الخاص بها وشرعت في الصلاة لتستخير الله.. بعد قليل انتهت وتنهدت بإرتياح، ظلت تفكر لدقائق ولكنها حسمت قرارها وستتحمل عواقبه مهما كانت..
بينما في منزل عبدالرحمن منذ ان عاد وهو جالس في غرفته ينظر للفراغ ويفكر، لم يحبها ولكنها فتاة اى شخص يتمناها، لأول مرة يشعر ان لديه نقص بالفعل، ظهر التقززق والكره على وجهه وهو يتذكر حبيبته السابقة، جعلته يعاني حتى بعد ان تركته، زفر بضيق شديد ومسح على شعره الأسود ببطئ.. فجأة وجد والدته تدلف للغرفة دون ان تطرق الباب ويبدو انها غاضبة، صاحت فيه بغضب قائلة.. بردو عملت إلى في دماغك وقولتلها يا عبدالرحمن.
اغمض عبدالرحمن عيناه بضيق وهو يتنهد ثم رد بصوت رخيم قائلاً.. ايوة يا امي مكنش ينفع اخبي عليها ولما نتجوز لو الحالة جاتلي تكتشف فجأة كنت هبقي خدعتها ثم صمت وهو يبتلع غصة مريرة في حلقه واكمل ب.. وانا مجرب يعني اية خداع ومش عايزها تشرب من نفس الكاس خالص جلست والدته بجانبه وجزت على اسنانها بغيظ وادركت ان الغضب لن يفيد مع عبدالرحمن ولابد من استخدام اللين معه واقناعه.. استطردت بهدوء مصطنع قائلة:.
يا حبيبي انا عايزة مصلحتك، رضوى بنت محترمة وكويسة وكل الصفات الحلوة فيها ولو عرفت هترفض ومحدش هيوافق عليك تاني دة احنا ما صدقنا انهم وافقوا، تقوم انت بكل بساطة تقولها مطت شفتيها بإعتراض ثم اكملت بخبث قائلة: يعني بتقولها ابعدى عني، انما لو كنت ماقولتلهاش كان زمانكوا عايشين احلي حياة وانت اصلا معندكش نقص!
هز عبدالرحمن رأسه نافياً وهو يقنع نفسه ان ما يريده الله فقط هو الذي سيحدث وأنه فعل الشيئ الصحيح.. هز رأسه مرة اخرى كأنه ينفض كلام والدته الغير معقول من رأسه ثم ابتسم ابتسامة هادئة راضية..
في منزل عمر، كانت شهد تسير ذهاباً وإياباً وتقضم اظافرها وهي تفكر في عمر، كانت مغتاظة منه بشدة، تذكرت وصوله إليها في الوقت المناسب في تلك الشقة.. قررت ان تصعد وتسأله عن كل هذا الغموض في حياته والأشياء التي لم تفهمها ابداً في تصرفاته، تنهدت بعزم ثم اتجهت للأعلي لغرفته بخطوات ثابتة ووصلت امام باب غرفته وزفرت ثم طرقت الباب بهدوء..
كان عمر مستلقي على فراشه بهدوء مغمض العينين ولكنه لم ينام أو لم يستطع ان ينام، نهض عندما سمع طرق الباب بهدوء ثم فتح الباب فجأة لتشهق شهد من المفاجأة، وضعت يدها على صدرها وهي تتنفس بسرعة قائلة بهدوء.. حد بيفتح الباب فجأة كدة خضتني رفع عمر حاجبه الأيسر ثم ثم هتف بصوت أجش قائلاً.. في اية يا شهد عايزة اية؟!
ارتبكت شهد على الفور بالرغم من انها كانت مستعدة لتلك المواجهه، مواجهه الأسد، الحرب التي تباح الخسائر فيها.. حاولت جمع شتات نفسها وارجعت خصلات شعرها الذهبي خلف اذنها مرددة بإرتباك واضح.. عمر لو سمحت عايزة أتكلم معاك في موضوع كدة نظر لها عمر بهدوء وصمت ثم خرج من صمته قائلاً بصوت صلب.. أنزلي وانا جاى وراكي اومأت برأسها بسرعة واستدارت لتغادر كأنها كانت في قفص وصاحبه فتحه لها وسمح لها بالخروج..
نزلت للأسفل وهي تحدث نفسها بغيظ.. يووه يا شهد هو انتي كل ما تكلميه هتتوترى كدة ولا اية انتي بتكلمي نفسك ولا اية! هتف عمر بتلك الجملة وهو يقترب منها واضعاً يده في جيب بنطاله يحدجها بنظرات هادئة، تلك التي تشبه هدوء ما قبل العاصفة، رأها وهي تهز رأسها وتنظر امامها كأنها تحدث نفسها.. اجابته بتلعثم قائلة: اكيد آآ لا طبعا اومأ برأسه وهو يجلس على الأريكة ويقول بهدوء حذر.. قولي كنتى عايزة تقولي اية بقا؟
تنهدت وهي تحمس نفسها للحديث ثم استطردت بثبات قائلة.. انا عايزة أفهم كل حاجة يا عمر كانت نظراته مُركزة عليها وكانت كفيلة أن تثير توترها مرة اخرى، فركت اصابعها بتوتر ثم نظرت له مرة اخرى وهي تقول بصوت قاتم.. يعني عايزة أفهم ازاى وصلتلي في الوقت المناسب لما لحقتني ولية ودتني الكوخ ولية جيتلي تاني لمس طرف أنفه بأصبعه الأسمر ولم يندهش ولو قليلاً حتى كأنه كان متوقع أنها ستتحدث عن هذا الموضوع..
ولأول مرة يجيبها بهدوء وتوضيح قائلاً.. انا هشرحلك كل حاجة يا شهد فلاش باك بعد حديثه مع شهد تلك المرة خرج من المنزل وهو يفكر كيف يمكن ان يجعلها تظل ولا تحاول الهرب إلى اى مكان، بحكم خبرته ومعرفته لشخصية شهد هي لن تظل ابدًا وحتمًا ستحاول ان تذهب، ولكنها ايضًا شخصية عنيدة لا يريد ان يُجبرها على اى شيئ..
خطرت له فكرة لن تعرفها ولكنه سيكون مطمئن، اخرج هاتفه من جيب بنطاله واتصل بأحدى رجاله وصديقه في الوقت نفسه ووضعه على اذنه ليأتيه صوت عمار قائلاً بهدوء.. الووو عمر باشا الوو يا عمار، اسمع كويس إلى هقولهولك، انا عايزك تيجي عند بيتي الوقتي حالاً وتمشي ورا واحدة من غير ما تحسسها ولا تعرف اى حاجة وتقولي هتروح فين وهاتعمل اية مممم تمام تمام يلا بسرعة ماتتأخرش حاضر مسافة السكة اهوو.
اغلق معه وتنهد بإرتياح، ستكون تحت عيناه ويطمئن ألا يصيبها مكروه ولن يضايقها ايضًا.. كان عمار يقطن في منزل قريب من منزل عمر وأتي على الفور بسيارته الخاصة وذهب خلف شهد وهو يخبر عمر بما يحدث اول بأول حتى وصلت إلى تلك الشقة وقد حدث ما حدث... باك نظرت له شهد نظرات هادئة يشوبها بعض الغضب، حاولت التفكير بعقلها وليس بعواطفها فهذا هو الطريق الصحيح.. اردفت بتساؤل قائلة: وبالنسبة لساعة الكوخ بقا يا عمر؟
نهض عن الأريكة موجه نظره للأعلي ثم تنهد وهو يقول بغموض يشوبه التهكم.. انتي عايزة تعرفي كل حاجة ف وقت واحد، قولتلك كل حاجة بوقتها وماتستعجلييش خالص دورك جاى...!
في منزل حسن، اقترب حسن منهم بسرعة وهو يحاول ان يبعدهم عن بعضهم ولكن مها كانت غاضبة وبشدة، شعر حسن ان شعر تلك الفتاة سوف يختلع في يد مها من شدة غيظها.. وبعدة محاولات مريرة ابعد مها عن الفتاة بصعوبة كبيرة وهو يتنهد بتعب، نظر له بتعجب ثم هتف بسخرية قائلاً.. اية يا مها انتي بتاكلي اية حرام عليكي.
نظرت له مها نظرات حادة قاتلة والغضب يسيطر على ملامح وجهها ليعطيها مظهر جامد، من يراها يشعر انه بركان سينفجر.. ردت بتوعد شرس قائلة.. بقااا انا بتخوني يا حسن، عشان كدة مابتردش على تليفوناتي الفترة دى انا هوريك انا ميين ثم نظرت لتلك الفتاة التي احمر وجهها الأبيض من الألم الذي اصابها من ضربات مها الشديدة واصبحت تفرك خصلات شعرها حتى تخفف الألم قليلاً وتآوهت وخصلات شعرها تتساقط في يدها..
حدجتها مها بغضب جامح ثم اكملت بغيظ قائلة.. وانتي هأطلبلك بوليس الاداب يا حيوانة شهقت الفتاة بخوف وهي تضع يدها على فاهها بصدمة ثم نظرت لحسن لتجده حاله لا يختلف عنها كثيراً، كان حسن يعتقد انها ضعيفة وحتى إن اكتشفته لن تستطيع فعل اى شيئ، ولكنه لم يعمل بالمقولة التي تقول أتقي شر الحليم اذا غضب حاول تهدأة الوضع بخبث معتاد وهو يقول.. امشي يلا انتي يا مريهان حالاً.
اومأت الفتاة بسرعة ولم تعترض حتى واتجهت للغرفة بالداخل وارتدت باقي ملابسها بهلع ثم خرجت وذهبت من امامهم دون اى كلمة اخرى وتتابعها نظرات مها المفترسة..
في منزل عمر، استكانت شهد وهي ممدة على الأريكة بهمدان، كانت تتنهد وهي تفكر وكلام عمر يتردد في اذنيها، كان محق فيما فعل بالطبع، ولكن لماذا يفعل ذلك إن كان لا يحبها!، لما يقلق عليها اذا كانت لا تهمه، ظهر شبح ابتسامة على وجهها وقد وصلت لها الفكرة، نعم، هو يحبها وإلا لما كان يفعل ذلك ابداً..
لمحت عمر وهو يسير متجهاً للأسفل وواضع الهاتف على اذنه ويتحدث، اغمضت عيناها على الفور وادعت انها نائمة بمهارة فهي تفعل هذه الحركة منذ الصغر ولا يكشفها اى شخص.. وصل عمر امامها وألقي عليها نظرة سريعة وهو مستمر في الحديث ثم اتجه للمطبخ بهدوء، اتسعت مقلتاها بصدمة وفتحت عيناها وهي محدقة ونظراتها مسلطة عليها عندما سمعته يقول.. تمام اوى، انا هأسلمهالك النهاردة بليل ... لا لا مين دى إلى احبها انت مجنون ...
رواية مواجهة الأسد الجزء الأول للكاتبة رحمة سيد الفصل الحادي والعشرون
ظلت محدقة به بصدمة غير مصدقة لما سمعته اذنيها، اغمضت عيناها وامتلأت عيناها بالدموع، اخذت نفساً عميقاً واخرجته ببطئ وهي تضع يدها على صدرها لتهدأ نفسها، اخذت تتسائل هل كان سيتخلي عنها ويبيعها!، ألهذه الدرجة يمقتها، هل فسرت ما حدث خطأ!.
بدأت دموعها بالهطول بغزارة وهي تتذكر كلماته التي كانت تطعنها كالسكين الحاد في حين انتهي عمر من مكالمته وأعد له كوباً من الشاى، واتجه للخارج بهدوء، نظر على شهد ودقق النظر في وجهها، كان ينظر لها بتمعن شديد، كانت تحاول ان تظهر ان نائمة ولكنها كانت ترمش ودموعها تسقط لا اراديًا، اقترب منها عمر ومد يده ليمسح لها دموعها ولكن تراجع باللحظة الاخيرة وابتعد وغادر لغرفته..
كان لا يعرف سبب بكاؤها ولكنه يعرف أنه تأثر بدموعها ولو قليلاً وصل إلى الأعلي والقي نظرة اخيرة عليها ثم دلف إلى غرفته وهو يفكر.. فتحت هي عيناها وظلت تشهق بصوت مكتوم، والألم يغزو قلبها مما سمعته، حاولت كتم شهقاتها وظلت تتنفس ببطئ وتحاول ان تهدأ نفسها..
ولكن تساءلت اين ستذهب وماذا ستفعل! ليس لها مأوى هنا ابدًا، تمنت لو انها ذهبت مع مصطفى على الأقل ستكون بين اناس تعرفهم، ظلت تفكر لدقائق ماذا ستفعل وقررت ان تتجه وتطلب منه الحل الوحيد وهو، الطلاق نهضت ومسحت دموعها وهي تنظر للفراغ بتحدى كأنها تنظر له، نظرت للأعلي واتجهت بخطوات واثقة..
وصلت امام غرفته ثم طرقت الباب، لم تجد اجابة، مدت يدها للمقبض وفتحته ودلفت بهدوء وحذر، نظرت لتجده مسطح على فراشه ونائم، اقتربت منه ببطئ وتأملت هيئته تلك، كان هادئ جذاب كالملاك، هزت رأسها لتنفض تلك الافكار وكادت تبتعد إلا انها وجدته فجأة يفتح عيناه ويمسك شهد من معصمها ليجذبها على الفراش وهو فوقها..
توردت وجنتاها خجلًا وتوترت على الفور، اصبحت دقات قلبها وأنفاسها مضطربة وهي محدق بها بعيونه التي تشبه عيون الصقر، كانت أنفاسه تلفح في وجهها، اغمضت عيناها وحاولت اخراج الكلمات بصعوبة قائلة.. آآ ابعد ابعد عني لو سمحت دقق في عيونها وأقترب منها، اغمضت هي عيونها بسرعة في حين ابتسم عمر ابتسامة عفوية على خجلها ثم هتف بصوت أجش قائلاً.. كنتي عاوزة حاجة ولا اية؟ ردت بأرتباك وهي مازالت مغمضة العينين..
آآ اه قصدى لأ، اه عايزة عايزة بس آآ اوعي عشان اعرف اتكلم ثبت يده على ساعديها على حافة الفراش ثم اكمل بخبث قائلاً.. وهو حد قالك تيجي تبصي عليا وانا نايم اصلا، انتي إلى جبتيه لنفسك زادت دقات قلبها بسرعة شديدة واصبحت تخرج انفاسها ببطئ، لم تتفوه بكلمة قط، اقترب منها اكثر ونظر لشفتاها الحمراء وقبلها بنهم، حاولت هي ابعاده بقبضة يدها ولكنه كان أقوى منها، ابتعد عنها بعد ثواني وهو يقول بلؤم..
دة عقابك عشان متعمليش كدة تاني ابعد يده عن يدها فدفعته بقوة ونهضت بسرعة، تعجب قليلاً ولكن لم يعلق، نظر لها بهدوء ثم اردف بصوت قاتم قائلاً.. خير كنتي عايزة اية؟ صمتت لثوانٍ معدودة وفجأة غيرت مسار حديثها واجابته ب.. انا آآ انا عايزة اشتغل يا عمر اندهشت من نفسها ولم تعرف لما خانها لسانها، هي قررت وحسمت قرارها وكانت ستطلب منه ولكن لما توقفت ولم تخبره، هل وافقت على بيعه لها واستسلمت بهذه السهولة!.
عقد حاجبيه وهو يحدجها بنظرات هادئة ثم استطرد بنزق قائلاً.. اية، تشتغلي ودة لية ان شاء الله، وماتنسيش انك بقيتي مراتي يعني مسؤلة مني ظهر شبح ابتسامة على وجهها عند سماعها لكلمته * مراتي *، اخفتها بسرعة ولامت ذلك القلب الذي يستسلم له بسهولة وينسي اى شيئ.. تابعت بجدية قائلة: ايوة بس انا عايزة اشتغل مليش دعوة.
وجدته ينظر لها بحدة، فكرت بسرعة وادركت انه لن يوافق إلا بتقديم مبرر مقنع له، ظلت تنظر حولها وهي تفكر ثم اردفت برجاء قائلة.. معلش يا عمر أنا زهقانة صدقني هز عمر رأسه نافيًا وهو يرمقها بنظرات صارمة اعتادتها منه، زفرت بضيق شديد ونظرت له وهي تهتف بغضب طفولي.. يوه، كل حاجة لأ لأ، انت رخم اوى.
استدارت لتغادر بسرعة وهي تضع يدها على فمها، استدركت نفسها والكلمة التي قالتها فخرجت بسرعة لتفادى ذلك البركان الذي يمكن ان ينفجر بوجهها.. توقفت عند سماع عمر وهو يقول بجمود.. بليل في ضيوف جايين، جهزى نفسك.
شحب وجهها فجأة وتوقفت، في تلك اللحظات نسيت تماماً ذلك الأمر الذي يؤلمها، يؤلمها وبشدة شعورها انها سلعة تُشترى وتُباع!، ولكن هي من فعلت ذلك، هي من لجأت لشخص لا تعرفه، شعور بالعجز والحزن تملكها وكأن ارجلها قُيدت ولا تتحرك، سارت بصعوبة شديد وبطئ وكلماته تترد في اذنها...!
في منزل حسن، كانت مها تقف عاقدة ساعديها تنظر لحسن بحدة وغضب وصرامة، كل هذا تجمع في مها كالبركان السائر، تنهد حسن ثم نسح على شعره الخفيف برفق وفكر سريعًا، خرجت مريهان واغلقت الباب خلفها، هنا تنحنح حسن بحرج قائلاً.. مها ممكن نقعد عشان نعرف نتكلم.
جزت مها على اسنانها بغيظ شديد وحاولت تمالك نفسها، سارت معه بترقب حتى وصلوا للصالون وجلسوا وجلس حسن ملاصقاً لها لا يفصلهم سوى بعض السنتيمترات، نظرت مها امامها ولم تنظر له، اردف هو بخبث قائلاً.. معلش يا مها متزعليش مني رمقته بنظرات حادة ليستدرك نفسه قائلاً.. صدقيني دى كانت لحظة شيطان لكن انتي عارفة إن مفيش في قلبي غيرك.
نهض عن الأريكة وهو يبتسم بلؤم وقرر ان يأخذ هذا الموقف لصالحه، حاول إظهار الحزن في نبرة صوته وهو يقول.. ثم إنك يا مها مابترضيش تيجي تقابليني كتير، وانا آآ وانا راجل وليا احتياجات يا مها كأنه نجح في إطفاء بعض من الحريق الذي كان يشتعل بداخلها، نظرت له بتفكير وهي تحاول إقناع نفسها، هي شخصيا لا تريد الإبتعاد عنه وتختلق الأعذار دائما له.. هتفت بنبرة متذمرة قائلة: ما انت عارف انه غصب عني يا حسن.
نهضت ثم تقدمت منه حتى اصبحت امامه ومدت يدها وجعلته يستدير لها ثم ابتسمت ابتسامة هادئة وقالت.. خلاص يا حسن، متزعلش وأنسي وانا صدقني هأحاول أجيلك كتير ابتسم ابتسامة شيطانية خبيثة وقد نجح في مخططه، مد يده وقربها منه واحتضنها بحنان زائف، ضمته هي بشدة وهي مبتسمة، لم يخطر لها أنها فريسة وقد وقعت في المصيدة..!
في الصعيد ( منزل والد شهد )، كان والد شهد يجلس على فراشه ويبدو التعب على معالم وجهه، يسند ظهره على خدادية صغيرة ويجلس بجواره محسن الذي كان ينظر له بحزن، هتف والده بتعب شديد.. يا محسن انت لية ماعايزش تريحني يا ولدى بجي ( بقي ) تنهد محسن ونظر للجهه الأخرى، لم يخبر والده بما حدث ولم يخبره أنه وجد شهد بالفعل ولكنه ذهب بإرادته، فضل أن يخفي عليه حتى لا يرهقه اكثر.. نظر له بهدوء وهتف بصوت أجش قائلاً..
اريحك كيف طب يابوى، جولتلك ( قولتلك) إني مالاجيتهاش، وإن مصطفى جالي أنه هيدور عليها ويجيبها في هذه ايضًا كذب، هو لم يلتقي بمصطفي ولم يتحدث معه حتى منذ لقاؤه بعمه اخر مرة وادرك أن مصطفى لن يترك شهد بسهولة ابدًا، هتف والده بحنان قائلاً.. وحشتني جوى ( اوى ) يا ولدى، نفسي اشوفها جبل ( قبل ) ما أموت محسن مسرعاً: بعيد الشر يابوى ربنا يطول في عمرك.
وضع والده يده على قلبه وهو يشعر بالألم ثم اصدر أنيناً خافتاً وهو يقول بحزن.. آآآه يا شهد، آآآه يابتي لو اعرف ان كل دة هايحصل مكنتش غصبتك خالص زفر محسن بضيق وود لو يقل له، حُسم الأمر وانتهي، لن يفيد هذا الكلام، مصطفى وضع الهدف الأول والأخير في حياته، أن تصبح شهد له..
في منزل رضوى، كانت رضوى تقف في الشرفة بهدوء تضع طرحة صغيرة رقيقة لتدارى شعرها الأسود الناعم، وفي يدها هاتفها، كانت مترددة وبشدة من إتخاذها لهذا القرار، اخذت نفساً عميقا واخرجته ببطئ، كانت تنظر من الشرفه على الشارع بهدوء، تستنشق بعض الهواء النقي لعله يفيدها، ودت لو استطاعت أن تتحدث معه لتقنعه برأيها او يقنعها هو بالرأى المعاكس..
فتحت الهاتف وبحثت عن رقم عبدالرحمن واطلقت تنهيدة حارة وضغطت زر أتصال.. فجأة سقط الهاتف من يدها في الأرضية وحدقت في الأسفل بصدمة غير مصدقه لما تراه عيناها، وضعت يدها على فاهها بصدمة شديدة وتجمدت ملامحها.. اخذت تهز رأسها نافية بهيستريا وهي تقول بصدمة.. لأ لأ مستحييييل.
في منزل عمر، جالس في الأسفل على الأريكة امام التلفاز يفترض انه يشاهد فيلم أجنبي ولكنه غير منتبه له بالمرة، كانت يتنهد كثيراً وهو يفكر، تجلس شهد بجانبه ولكنها بعيدة إلى حداً ما، شاردة، تائهه، حزينة، نظرت لعمر بشرود لم تبالي انه كان منتبه لنظراتها بل ينظر لها نظرات لم تفهمها، هتف بهدوء على عكس حالتها قائلة.. انا اللبس إلى عندى طقمين، مش هاينفع مع ضيوفك ف هاقعد فوق وانت خليك براحتك مع ضيوف.
هز رأسه نافياً ثم قال بإستنكار.. تقعدى فوق!، لأ طبعا مش هايحصل رفع نفسه قليلاً واخرج الكريديت كارت الخاص به من جيب بنطاله، وامسكه في يده وهو يشير لشهد قائلاً بصوت قاتم.. خدى الكريديت كارت بتاعي وروحي اشترى ليكي هدوم وواحد هيوديكي.
زفرت شهد بضيق حقيقي وأدركت أنه لا مفر من هذه المواجهه، نهضت وتقدمت منه ببطئ ثم مدت يدها واخذت الكارت ليخرج عمر هاتفه من سترته ويتصل بعمار ويرد عليه عمار فيخبره عمر ان يأتي للمنزل ليصل شهد لإحدى الاسواق، وافق عمار واخبره انه سيأتي في خلال دقائق، بالفعل في خلال عشر دقائق وجدوا الباب يدق، ذهبت شهد لتفتح وعمر مازال جالس مكانه، فتحت ونظرت للجهه الاخرى لتتحاشي النظر لعمار، دلف عمار ثم تنحنح بحرج قائلاً..
ازيك يا مدام شهد اومأت شهد دون ان ترد وحاولت رسم ابتسامة صفراء على وجهها، ليدلف عمار ويصل امام عمر، نظر له عمر بهدوء واردف بجدية قائلاً.. عمار معلش عايزك تودى شهد محل من المحلات الشيك عشان تشترى طقم اومأ عمار وهو يرد بترحاب قائلاً.. تمام اتفضلي يا مدام شهد استدارت شهد لتذهب وخلفها عمار، سمع عمر وهو يقول بهمس وتحذير.. خلي بالك منها يا عمار ماتقلقش خالص يابووس.
قالها عمار وهو يسير خلف شهد متوجهاً للخارج بهدوء، وصلوا معا امام السيارة وتقدم عمار وفتح باب السيارة الخلفي وهو يقول لشهد برسمية.. اتفضلي ركبت شهد بهدوء واستدار عمار واستقل سيارته واتجهوا لأحدى المول التجارى..
في المول، وصلوا ثم ترجلوا من السيارة سويا، يسيروا معا، دلفوا للمول وشهد تنظر حولها لتتفقد المول في كل مكان، هي كانت تخرج في بلدها وتشترى وتذهب لمحلات فاخمة ولكن ليس كهذا، نظرت للأسفل وسارت هادئة حتى لا يلاحظها احد، وصلوا لمحل لملابس السيدات ودلفت وخلفها عمار، ظلت شهد تتفقد الملابس وتبحث عن طقم جذاب جميل، على الرغم من انها تعرف انها ترتديه لشاريها الا انها كانت تنتقي بهدوء..
اختارت فستان سواريه من اللون الاحمر، مطرز برقّة، دون اكمام، ضيق من الاعلي لينزل على واسع، له حزام عند الصدر، اختارت معه ( بلرو ) من اللون الاحمر المُشجر، جلبت بعض مساحيق التجميل ايضا، لم تعرف لما تفعل ذلك ولكنها، تفعله، تنهدت بإرتياح ودفعت بالكارت الخاص بعمر وانتهوا ثم خرجوا كما اتوا..
وصلوا امام المنزل وترجلت شهد من السيارة في يدها الفستان ولم تنتظر عمار، طرقت الباب وفتح لها عمر، دلفت واتجهت للأعلي دون نطق اى كلمة ولم تنظر له حتى، تعجب عمر ومط شفتيه بعدم رضا ثم هتف بجدية.. الساعة 7 تكونى لابسة لم ترد واكملت سيرها، اتي عمار وتحدث مع عمر قليلاً ثم ذهب بعد فترة ليست بكبيرة.
اسدل الليل ستائره، كانت شهد حبيسة في غرفة تود البكاء ولكنها تمنع نفسها بصعوبة شديدة، نظرت للساعة لتجدها السادسة، نهضت واخرجت الفستان وبدأت ترتديه، بعد قليل انتهت من ارتدائه ونظرت لنفسها في المرآة، كانت شهد جذابة من دون اى مساحيق تجميل، صففت شعرها الذهبي بهدوء شديد وبدأت بوضع بعض مساحيق التجميل الرقيقة والخفيفة، نظرت لنفسها قد كانت جميلة بالفعل، ابتسمت بحزن، دقت الساعة السابعة تنهدت شهد وكأنها تعلن سجنها الابدى او اعدامها..
اتجهت للأسفل بخطوات واثقة، وصلت للأسفل لتجد عمر يجلس مع شخص، من يراه يعطيه ثلاثون سنة، يرتدى حلة رسمية، شعره خفيف ملامحه هادئة، لفت انتباهه شهد التي كانت امامهم، نظر الرجل لها بإعجاب شديد ولمعت عيناه، في حين نظر لها عمر بدهشة واعجاب وحب..! افاق على صوت الرجل وهو يقول بأعجاب صريح.. مووووزة موزة يعني.
نظرت شهد للأرض بخجل من كلمته ولم تعلق في حين احتقن وجه عمر ونظر له بغضب، لم يتحمل ان يبدى اعجابه حتى بها، اذا ماذا سيفعل عندما تصبح لغيره..! تنحنح الرجل قائلاً بحماس: يلا يا عمر عشان نمشي احنا اغمض عمر عيناه ليهدأ نفسه وتنهد ثم قال بجمود.. ماشي يا فارس، روحى معاه يا شهد وورقتك هتوصلك ع بيته.
حدقت شهد به بصدمة، كانت تتوقع ان يتمسك بها ولو قليلاً، كان صدرها يعلو ويهبط من التوتر والخوف من نظرات ذاك الرجل الذي كان يأكلها بعيناه.. اقترب منها فارس وامسك يدها برقة مصطنعة، ارادت شهد ابعاد يدها ولكنه ضغط عليها بقوة وابتسامة زائفة مرسومة على وجهه، زفر عمر ولم يبدى اى رد فعل، في حين سار فارس وهو ممسك بيد شهد متجه للخارج و...
رواية مواجهة الأسد الجزء الأول للكاتبة رحمة سيد الفصل الثاني والعشرون
كانت شهد تلتفت له كل ثانية والدموع في عيناها، تحدقه بحزن كأنها تترجاه ان لا يتخلي عنها، وكان فارس يسير وهو ممسك بيدها جيدًا كأنه يجرها معه، حاول عمر ان يتحاشي النظر لها ونظر للجهه الأخرى، كانت دقات قلبه في قفصه تتسارع بشكل ملحوظ كأنها تعلن رفضها للبعد عنها، تذكرها وهي تبكي وتقول له ان لا يتركها ووعده لها بعدم تركها، كادوا يخرجوا من المنزل بأكمله ألا انه لم يتحمل اكثر من ذلك، نظر لهم ثم صاح بسرعة قائلاً..
شهد توقفت عن السير بسرعة والتفتت مرة اخرى ثم ابعدت يد فارس عنها وركضت للداخل مرة اخرى، اندهش فارس وظهر الغضب على معالم وجهه جليًا، وصلت شهد امام عمر وظلت تنظر له نظرات لوم وعتاب، في حين اقترب هو منها ثم احتضنها بحنان، حاولت ابعاده عنها في البداية ولكنه ضمها بقوة، اخذ يشتم رائحتها وهو مغمض العينين ثم قال بهمس.. حاولت بس مش عارف، انتي عملتي فيا اية.
شرعت شهد في البكاء وضمته بقوة وهي تبكي، لا تعرف دموع الفرحة لأنه لم يفعل ما كان يود فعله، ام دموع الحزن لأنه كان يريد ان يتخلي عنها.. في نفس اللحظات كان فارس يتابعهم بنظرات غاضبة، حاقدة، تشع منها النيران، حاول السيطرة على غضبه ثم اقترب منهم اكثر ونظر لعمر ثم هتف بصوت أجش قائلاً.. عمر، اية إلى بيحصل دة.
ابتعد عمر عن شهد وجعلها تقف خلفه، بمجرد ان رأت شهد فارس والخوف دب اوصالها من ان يقتنع عمر بكلام فارس ويتركها، نظر عمر لفارس بهدوء ثم أردف بصرامة قائلاً.. إلى انت شايفه، مراتي وبحضنها! جز فارس على اسنانه بغيظ ونظر له بحدة ثم تابع بنبرة غليظة قائلاً.. بس احنا اتفقنا والمفروض نمشي اقترب عمر منه حتى اصبح امامه تمامًا ثم امسك ب لياقة قميصه وعدلها وهو يهمس في اذنه ببرود قائلاً..
لأ منا ماقولتلكش، مش انا رجعت في الاتفاق دة وشهد هاتفضل مراتي ومش هاتروح مع اى حد كانت شهد كالسجين الذي ينتظر الحكم عليه امام قاضيه، كانت تنظر لعمر نظرات رجاء وخوف ولفارس نظرات كارهه غاضبة، في حين نظر فارس لعمر وعيناه السوداويتين يشع منهما الغضب وهتف بحدة قائلاً.. بس هاتدفع تمن دة كتير اوى يا عمر ومتعرفش الريس هايعمل اية لما يعرف.
نظر له عمر نظرات اشمئزاز وبرود، ابتعد قليلاً ثم وضع يداه في جيب بنطاله الجينز، وأكمل بنفس البرود بل اكثر.. طززز، ويلا وريني عرض اكتافك تملك الغضب من فارس واخذ يتوعد لعمر في نفسه ونظر لشهد بحدة وشهوة، لاحظ عمر نظراته لشهد وارتجاف شهد وخوفها، اقترب من فارس بسرعة ومسك فكه وضغط عليه بقوة وهو يقول بشراسة..
انا لحد دلوقتي ماسك نفسي بالعافية بس اقسم بالله لو ما مشيت دلوقتي هارتكب جريمة وانت اكتر واحد تعرف إني مابخافش خالص تملك بعض الخوف والقلق من فارس، فهو على حق ويعرف عمر جيدًا لا يأبه بشيئ وليس بشيئ جديد عليه ان يقتل..!
استدار فارس وأولاهم ظهره ثم غادر وبداخله يتوعد لهم وبالأخص لعمر، في حين وجه عمر نظره لشهد ونظر لها بهدوء، وجدها مثل الكتكوت المبلل، تنظر بخوف والدموع تملأ عيناها، اقترب منها ثم هتف بهدوء حذر.. شهد انا عارف إن آآ.. قاطعته شهد بحركة بيدها وهي تنظر له بحدة ثم مسحت دموعها بطرف اصبعها وتابعت بصرامة قائلة..
انت عارف ان اية، عارف ان انت كنت هاتبيعني، عارف ان انت كنت هتودى مراتك مع واحد غريب يا استاذ يا محترم، عارف ان انت نزلت من نظرى اوى، عارف ان انا بلعن اليوم إلى حبيتك فيه صمتت للحظات وهي تنظر له بينما كان يحدجها هو بنظرات هادئة، لنقل انه هدوء ما قبل العاصفة، نزلت دموعها رغم محاولاتها ان تبدو صامدة قوية امامه، ثم اكملت بحزن قائلة..
طب كنت سبتني اروح مع ابن عمي، ع الاقل كان هايتجوزنى وهايصونى حتى لو بأكره، عمره ما كان هايفرط فيا بسهولة قاطعها عمر بعصبية جلية على وجهه وظهرت عروقه في رقبته ب.. بس مافرطتش يا شهد ما فرطتش فيكي، كنت عايز ابعد عنك بأى طريقة، مش عايزك تبقي ادام عيني دايما عشان بضعف معاكي، كان فارس هايتجوزك وهايعاملك احسن معاملة، بس ماقدرتش، ماقدرتش اعمل كدة ثم اشار على قلبه وزاد صوته حدة وغضب وهو يقول..
بس دة هو إلى ماخلانيش اعمل كدة، رفض، رفض رفض نهائى وما طاوعنيش اقترب منها وامسك ذراعيها وضغط عليهم واكمل بحنان يشوبه الألم قائلاً.. عارفة لية كل دة، كل دة عشان، عشان... توقف عن إكمال جملته في حين ظلت شهد ناظرة له ودموعها تهطل بغزارة، هتفت بكلمات متقطعة قائلة.. ل لية لية يا عمر، لية ليية رد عليا لية ابتعد عمر عنها بسرعة واولاها ظهره ثم تنهد تنهيدة تحمل الكثير واغمض عيناه ليفكر لثواني ثم اخذ يحدث نفسه..
لأ لأ مأقدرش اخون هند ابدًا، انا وعدتها إني مش هأنساها واستحالة غيرها يدخل قلبي مهما حصل التفت لشهد مرة اخرى ونظر لها ببرود ثم أردف بجمود قائلاً.. أطلعي الاوضة نامي يا شهد وماتفكريش كتير، انا مش هأحب تاني خالص مهما حصل تعجبت شهد من تغيره بهذه السىرعة، فهو منذ ثوان فقط كان سيعترف لها بحبه، كيف تحول فجأة هكذا وكأنه شخص لا تعرفه، زفرت بضيق شديد ثم استدارت دون نطق اى كلمة اخرى واتجهت للأعلي.
في منزل رضوى،.
جلست رضوى على فراشها وقد عاودتها كل الذكريات الماضية القديمة، نعم، لقد رأت حبيبها السابق شهاب، كان يسير بهدوء ويرتدى بدلة رسمية سوداء، ملامحه كما هي، لم يتغير كثيرًا، شعرت كأنه تجسد في ماضيها ليطاردها، ظهر الآن ليخرب عليها حياتها مرة اخرى، شعرت انها ربما تتخيل من كثرة التفكير او ربما تحلم، قرصت نفسها برفق لعلها تفيق من هذا الحلم ولكن دون جدوى، ماذا ستفعل الان، كانت حياتها ستسير كحياة اى فتاة طبيعية ولكنه يبدو انه يظهر في الاوقات الخاطئة ليخبرها ان قلبها له، له فقط ولا تستطيع إكمال حياتها مع شخص اخر..
وضعت يدها على رأسها وضغطت عليها كأنها تريد ايقافها عن التفكير، تكونت الدموع في عيونها وهي تتذكر ذاك اليوم ولكنها لن تسمح ان تكون ضعيفة امامه مرة اخرى ابدًا، رفعت رأسها وتنهدت ثم اتكأت بجذعها قليلًا لتمسك بهاتفها، ضربت على رأسها بخفة وهي تتذكر مكالمتها ل عبدالرحمن، وجدت هاتفها مغلق، فتحته ووضعته على الفراش ثم نهضت لتخرج من الغرفة..
خرجت لتجد والدتها ممدة على الأريكة مغطاة بغطاء ويبدو عليها التعب، اقتربت رضوى منها ثم سألتها بلهفة.. مالك يا أمي خير تعبتي اكتر؟ اومأت والدتها رأسها بتعب واضح ثم اجابتها بهدوء غير معتاد منها مع رضوى.. اه شكل البرد تقل عليا هزت رضوى رأسها نافية ثم مطت شفتيها بأعتراض وتابعت بلوم.. يا أمي قولت لك تعالي اوديكي للدكتور لأ انا هابقي كويسة بس معلش يا رضوى تطلعي الزبالة برة عشان الزبال يبقي ياخدها.
اومأت رضوى بهدوء ثم نهضت واتجهت لغرفتها واخرجت من دولابها طرحة صغيرة وضعتها على شعرها لتداريه بأكمله ثم خرجت متوجهه للمطبخ وجلبت السلة وفتحت الباب لتضع القمامة امام الباب، فجأة وجدته يفتح الباب الذي امامهم، صدمت وشحب وجهها وحدقت به، كانت تعلم ان المنزل الذي امامهم سيُأجر ولكنها لم تتوقع ان يكون هو المُستأجر، كما انها غير مستعدة ابدًا لهذه المواجهه الان، افاقت بسرعة على نظراته التي كانت تحمل الصدمة ايضًا ثم استدارت بسرعة لتدلف واغلقت الباب، سمعته وهو ينادى عليها بهدوء قائلاً..
رضوى استني وقفت خلف الباب واصبح نفسها مضطرب، وضعت يدها على صدرها الذي كان يعلو ويهبط اثر التوتر وهي تتنفس الصعداء، جف حلقها وهي تتذكره، ابتلعت ريقها ثم سارت بصعوبة متجهه لغرفتها مرة اخرى...
في منزل حسن،.
كان حسن في المرحاض يأخذ حمام سخن بأستمتاع، في حين مها في الغرفة ممدة على الفراش بدون ملابس مغطاه بغطاء خفيف، تنظر للحائط بسرحان، بعد ثوانى افاقت من سرحانها على صوت حسن الذي كان يدندن في المرحاض، ابتسمت ابتسامة صغيرة، ثم اعتدلت وجلست، امسكت بحقيبتها السوداء واخرجت منها دواء ( منع الحمل ) واخرجت منه قرص واخذت كوب الماء لتشربه، ولكن توقفت فجأة وهي تفكر، ابعدت الكوب عن فمها ثم قالت بهمس.. ولية لأ.
وضعت الكوب على الكمدين بجانبها ووضعت الدواء على الحقيبة وفكرت، ماذا سيحدث ان لم تأخذه، لن يحدث شيئ، بالنهاية حسن يحبها.. هذا ما كانت تعتقده هي، ولكنها لا تعلم ان حسن شيطان مجسد على هيئة بشر، يسلي وقته بها فقط.. سمعت صوت الماء تغلق وحسن يخرج من المرحاض، رمت القرص بسرعة في سلة القمامة وحاولت ان تبدو طبيعية، لمحها حسن وهي ترمي شيئ، نظر لها بربية ثم سألها بهدوء قائلاً.. اية يا مها مالك.
اجابته مها بتلعثم قائلة: ما آآ مفيش يا حسن، هايكون في اية يعني رفع حاجبه الأيسر ثم قال بتهكم.. مفيش يا حسن، امال مالك متوترة كدة لية لما هو مفيش ابتسمت ابتسامة صفراء لتخفي توترها ثم ملست على وجهه برقة وهمست بخبث قائلة.. في اية يا حبيبي هو تحقيق ابتسم هو وقد فهم مقصدها ثم نظر في عيناها واقترب منها ثم قبل جبينها وهو يقول بهدوء حذر.. بتاخدى برشام منع الحمل يا مها صح؟ ابتلعت ريقها بصعوبة وردت بتوتر..
آآ اه اه طبعا باخد اومأ بموافقة وارتياح، وفي الوقت نفسه كانت مها تفكر في رد فعله عندما يعرف، هل سيتركها، لا لا حسن مستحيل ان يتركها، اقنعت نفسها انه سيسعد كثيرًا عندما يعلم انه سيصبح أب بالتأكيد..
في منزل عمر، شهد في الغرفة تجلس على الأريكة الصغيرة المجاورة للفراش، تستند بساعديها وترجع ظهرها للخلف موجهها نظرها للأعلي، تفكر في عمر، لن تسمح له ان يبعيها وقت ما يشاء ويشريها وقت ما يشاء، ولكنه لم يفعل ذلك ولم يتحمل، ولكنه ايضًا كان سيفعل، يجب ان تبتعد عنه وللأبد وتحقق له رغبته، ولكنها لن تستطيع الابتعاد عنه فهو اصبح ركن اساسي في حياتها، يا الله ساعدني..
هكذا كانت شهد تحدث نفسها وافكار متضاربة تدور في عقلها، العقل يحاول اقناعها انها يجب ان تترك عمر والقلب يحاول اقناعها ان لا تتركه.. اخذت نفسًا عميقًا واخرجته ببطئ، وفكرت للمرة الاخيرة، وقررت هزت رأسها كأنها تشجع نفسها ان ما اختارته هو الشيئ الصحيح.. نهضت عن الأريكة وفتحت باب الغرفة واتجهت للأسفل لعمر الذي كان حاله لا يختلف عن حالها كثيرًا، تنحنحت بهدوء قائلة.. احم عمر.
نهض هو ببرود مستفز ونظر لها بنفس البرود ثم هتف بتساؤل قائلاً.. امممم خير كأنه اشعل النيران بداخلها اكثر، جزت على اسنانها بغيظ لتكبت غضبها وتمنع النيران من الخروج بوجه هذا العمر المستفز بدرجة كبيرة.. ظهر الهدوء او البرود على وجهها وعقدت ساعديها ببرود مماثل ثم اردفت بجمود قائلة.. عمر طلقني...!