رواية قيود بلون الدماء للكاتبة رحمة سيد الفصل الحادي عشر
تحاول الإنسياب من بين ذراعيه كما ينساب الماء بين خصل ناعمة، ولكن ذراعاه لم يكونا كذلك بل كانا كماشتين من حديد تقبض على خصرها قبل أن تكمل مشروع نهوضها الفاشل! فتح نصف عين وهو يحدق بها: -عايزة تروحي فين يا تمرتي كادت تندفع بإجابة خجولة، ولكن أوقفها ذلك اللقب تمرتي! لا يمت ل تمارا بأي صلة، نفرت عروقها بعض الشيئ وهي تنهره: -أية تمرتي دي! أنت شايفني كوباية عصير ادامك، أنا اسمي تمارا على فكرة.
فتح عيناه على وسعهما، وبدا يشاكسها وهو يرمي معان مبطنة وسط حديثه: -اصلك زي التمرة فعلًا، مُره شوية، لكن... -لذيذة أنهى كلمته وهو يتنهد بحرارة اوشكت أعتيادها منه، ولكن قبل أن تستسلم له مرة اخرى هبت تزمجر فيه بغضب كاذب: -أنا مُره يا عز؟! بقا دي اخرتها نهض قليلًا ليجذبها فجأة حتى تمرغت أسفله فغطاها صدره العاري، ثم دنى بوجهه منها وهو يهمس بصوت ملتهب:.
-واحلى مرارة في حياتي والله، هي الدنيا أية من غير حلاوة ومرار في نفس الوقت.. مطت شفتاها بعدم رضا على حكمه الغريبة، وأغدقها التوتر وهي تراه مُقبل بشفتاه عليها فصارت تتشدق بهلع وكأن سم ثعبان أصابها: -عز عز، كفاية خليني اقوم عمو حسن زمانه وصل وهيفهمنا غلط وشكلي هيبقى وحش وهتخانق معاك وه... قاطع ثرثرتها بقبلة عميق لتلك الشفاه التي أرقته ليالٍ وليالي حتى بات يتخيلها حتى في واقعه!
أغمضت عينيها مستمتعة باكتساحه الجبار، فابتعد هو بعد دقائق بابتسامة متسعة خبيثة: -اتكلمي براحتك يا حبيبتي وأنا هاسكتك براحتي برضه ضربته على صدره بقبضتها الواهنة بعض الشيئ وهي تهمس بحرج: -حد قالك إنك قليل الادب ووقح قبل كدة؟! رفع أصابعه كأنه يعد في سره، ومن ثم اقترب مرة اخرى منها ليهمس لها بصوت مبحوح كأنه سر خطير:.
-يوووه، كتيييير ماتعديش يا تمرتي، عارفة نيوتن ابو تفاحة دا؟ مش هو اخترع قانون للجاذبية، أنا كمان اخترعت قانون بس لقلة الادب رفعت حاجبها الأيسر متهكمة فأكمل: -ايوة، طالما داخل حدود دولتك ودون ازعاج للمواطنين يبقى براحتك يا برنس، افعل فأنت حر ما دمت لم تضر، وانا مش بضر اطلاقا ده أنا بحل امور مُعقدة، معقدة جدًا.
وضغط على التنوين وهو يضغط على خدها برقة بأسنانه البيضاء، فتأوهت بصوت مكتوم جعله يتلهف لكتمان تأوهها بشفتاه الملتاعة... وبحركة أسرع ما يمكن ازاح عنها ملابسها التي كانت وكأنها متأهبة لحركة كتلك فلم تعانده!
بعد يومان... داخل منزل والدة فهد، كان يقف يعطي والدته ظهره ناظرًا لتلك النسمات الباردة التي تلفحه، بينما كلمات والدته تلفحه أكثر وبقوة حتى بات يشعرها صفعات مؤلمة على صفحات وجهه الخشنة...! كانت تصيح بانفعال.
أسمع يا فهد، أنا من ساعة ما جبتك الدنيا ماتحكمتش فأي حاجة في حياتك وسبتك تختار كل حاجة بنفسك وعاملتك كراجل ملوي هدومه قادر ياخد قرارات عاقلة، اتجوزت البت المايصه دي رغم إني معترضة وجدا لكن سبتك تخوض التجربة، لكن أشوفك شبابك بيضيع قصاد واحدة تافهه وأنت داخل على نص التلاتينات واقف اتفرج! لا مستحيل، مش هتلاقي واحدة تصونك ولا تقدملك كل اللي أنت عايزه زي هند، لا هتعايرك في يوم ولا هي أعلى منك فهتقلق منها وتتلوى من الألم وتهين رجولتك زي الهانم بتاعتك ما عملت!
كانت عضلات جسده ترتعش تأثرًا بكلمات والدته التي اخترقته في الصميم.. ورغم كل شيئ راح يقول بصوت مبحوح: -أنا بحبها، بعشقها ثم استدار ينظر لها وهو يكمل بنبرة ذات مغزى: -مش مستعد أتجوز عليها وأخسرها للأبد وهي مفيهاش حاجة تتعايب، أنا مش هقدر أعيش من غيرها، مستعد اضيع شبابي كلها قصادها مش بس أكون في نص التلاتينات كانت تنظر له بتأني، فسألته بشموخ: -ده اخر كلامك يابني؟
وضغطت على حروف يابني جدًا، وكأنها تذكره بوضعها في حياته كعمود أساسي... ولكنه أجاب بلاتردد: -ايوة، ومش حغيره طول ما فيا نفس بيخرج عشانها! كزت على أسنانها غيظًا من تلك التافهه من وجة نظرها التي استحوذت على حياة ابنها، ثم قالت بقسوة حادة: -بص بقا يا فهد، طول ما أنت ماتجوزتش هند يبقى لا أنت ابني ولا اعرفك، ومش مسمحاك ولا راضية عنك ليوم الدين صُعق، تجمد، وتشنج جسده ايضًا!
لم يكن يتخيل أن تعارضه والدته بتلك الطريقة يومًا... وضعته بين كماشتين من اللهيب تكاد تسلخ جلده بألم رهيب! نظر لها بتوتر ثم استدار ليغادر الشقة على الفور.. لاعنًا اليوم الذي رأت به هند او فكرت في زواجه منها...
وصل إلى منزله بعد فترة.. كانت خطاه شبه مترنجة، قلبه ينبض بعنف خوفًا من تنفيذ والدته تهديدها الهوائي... وما إن دلف حتى سمع هاتفه يرن، اخرجه زافرًا بضيق ليجد المتصل هند اجاب على مضض: -الو نعم -ألحقني يا فهد، روحت ازور مامتك لاقيتها وقعت مني فجأة ومش عارفة افوقها! سارع بالرد بلهفة مرتعدة: -انا جاي حالا اطلبي الاسعاف وانا جاي -ماشي ماشي سلام.
أغلق الهاتف مسرعًا وهو يرتدي الچاكيت، فخرجت كلارا تتفحص هيئته المتعجلة وهي تسأله: -مالك يا فهد في أية؟ هز رأسه نافيًا وهو يشير لها: -مفيش خشي نامي يا كلارا وانا جاي وبالفعل غادر دون كلمة اخرى، هناك حياة اخرى تُهدد بالسقوط، وإن سقطت تجر معها حيوات متعلقة بشغف الروح بها!
كانت رودين تقف بالشباك الذي يطل على البحر، يُلاقي جفونها المغلقة فينعشها نافضًا أتربة الاختناق عنها..! لم يعد مذ أن غادر! ترى أين يكون؟! وماذا يفعل... سؤال خلف سؤال لفوا كأعصار حول عقلها المُرهق نفسيًا قبل جسمانيًا! دقائق ووجدته يسير مع فتاةٍ ما لجوار البحر ويحتضنها وكأنها ملكية خاصة... احترقت! نعم داخلها شيئ يحترق وبقوة، شيئ غريب، شعور تمقته، ولكنه مُعبب داخلها رغمًا عن أنفها!
بدأت تضغط على أسنانها بغيظ هامسة: -اللي فيه طبع مابيغيروش ابدا دقيقة ووجدت الباب يدق، أخذت نفسًا عميقًا ثم فتحت له الباب لتجده يشير لتلك الساقطة مرددًا: -اتفضلي يا نرمين اتفضلي أغمضت رودين عينيها بقوة قبل أن تسأله بحدة: -مين دي؟! سحبها من يدها دون كلمة، دلف بها إلى الغرفة وهو يزجرها بحدة: -هششش وطي صوتك، دي نيرمين بنت خالتي راضعين مع بعض، كلمتني صدفة وقالتي إنها في اسكندرية واتقابلنا.
ضيقت ما بين عيناها وهي تسمعه يكمل بخشونة: -أنا قررت أطلقك زي ما إنتِ عايزه، لكن بشرطي تنفس بهدوء مكملاً: -هتجيبي لي ولد شهقة عميقة صدرت منها تلاها صوت السكر من الصدمة وهي تهمس له: -نعم! يعني أية هجيبلك ولد! مسح على خصلاته عدة مرات قبل ان يخبرها ؛.
-اسمعي يا رودين، أنتِ عارفة كويس إني لو سبتك كدة هما مش حيسيبوكي وهيرجعوكي وهيبقى حالك اسوء من الاول، انما لووافقتي انا هستفاد اني هسكت امي عن موضوع الجواز وأنتِ هاسفرك بره مصر اول ما تخلفي! وأسيب أبني ! جملة سَعت لملاحمة الحقيقة، ولكنها دفنتها قبل أن تكتمل ولادتها اي ابن ذاك!؟ ستنجب غيره وغيره مؤكد، الاهم الان سلامتها ونجاتها من ذلك السجن الذي بات يشكل هاجس لديها! رفعت رأسها بشموخ بعد دقيقة تجيب:.
-موافقة رفع حاجبه الأيسر متعجبًا، وكأنه توقع رفضها؟! ولم ترفض وهو يقوض حياتها حتى ظلت تناجي الراحة سرًا جذبها من ذراعها بقوة له قائلاً بصوت أجش: -طب تعالي بقا أتسعت حدقتاها مستطردة: -بنت خالتك ابتسم بسماجة يخبرها بثقة: -انا قولتلها اني تعبان وزمانها نامت ف الاوضة التانية، اقلعي! ارتجفت حرفيًا من كلمته تلك، تشنج لسانها عندما ودت النطق، بدت في حرب طرفيها شعلتان من نار.
نار تحرق الاخضر واليابس حتى كادت تحرقها معهم! حدقت فيه مصدومة ورجفة قوية تسللت لحروفها: -أ أنت بتقول أية؟! بدأ يفك أزرار قميصه سريعًا وهو يتشدق ب: -اعتبريها شغلانة او حتى مهمة مؤقتة وبنقضيها! عضت على شفتها السفلية بقوة حتى كادت تُدميها، أمنية عظيمة بالموت رفرفت بين ثنايا عقلها الان! لم ينتظرها وهو يشق قميصها الخفيف نصفين مزمجرًا ؛ -ما قولنا اقلعي خلينا نخلص من القرف ده!
دقيقة بالكاد استوعبت فيها مجرى الحروف، ولكنه لم ينتظر الرد اذ جذبها بقوة يرميها فوق الفراش وهو فوقها، يتلمسها بجفاء وبرود تام أكدا لها أنه بالفعل، يقضي مهمة سخيفة!
-اوعدني انك هتتجوزها الشهر الجاي يا فهد نطقت بصوت واهن والدته وهي ترقد على فراش المستشفى وقد ارتفع ضغطها قليلًا وحذره الطبيب من أي انفعالات قد تؤدي لتطورات خطيرة... حيرة تلك ام قرارات خطيرة كادت تصدر منه..! لا يعلم، ولكن ما يعلمه أنه على حافة الرجوع فيها مرفوض... يا الله... ما اقساه شعور عندما تشعر أن فراشات عنيفة خنيقة تُجبر دواخلك على الاستجابة لذاك العقل القاسي! سألته والدته مرة اخرى بضعف:.
-هتتجوزها يا فهد؟ ابتلع ريقه بتوتر، ولكنه حسم امره فقال لها بصوت أجش عله يريحها: -هتجوزها يا امي، هتجوزها، اوعدك! وبالخارج تهللت تلك الفتاة فرحًا... لا تصدق انه استجاب اخيرًا، لا يهمها انه مجبور، ولا انه يعشق زوجته! هي ستتكفل بمهمة نسيانه لها وبكل صبر...
كانت تمارا في المرحاض بينما عز يرتدي ملابسه استعدادًا لاستقبال جده حسن كان يتنهد بضيق وهو يشعر بغيرته العمياء على أعتاب الانفجار...! سألها بصوت هادئ: -تمارا ماشوفتيش ساعتي قلعتها فين؟ اجابته من الداخل نافية: -تؤ تؤ، دور عليها في الادراج اومأ موافقًا وبالفعل بدأ يبحث عنها وسط الادراج كلها... وفجأة تجمدت يداه وهو يرى شريط دواء يعرفه جيدًا فخبرته متسعة.. شريط منع الحمل...!
بالنسبة له لم يكن مجرد اداة، بل كان ك سكينًا باردًا أنساه انها لم تعشقه، لم توافق عليه بل كانت مجبرة! ظل محدق به بسكون غريب وقد رأى انها كانت تأخذ منه منذ فترة ليست وجيزة، ربما منذ أن قربها! خرجت هي تلف جسدها بالمنشفة وتدندن بصوت خفيض، وفجأة نهض رافعًا ذلك الشريط بوجهها يسألها بحدة: -اية ده؟! هربت الحروف من لسانها تتركها صريعة تلك الواقعة، خاصة وهو يقترب منها ببطئ مُخيف فبدأت تهتف باتزان خادع:.
-ده منع الحمل، انا مش عايزة أحمل، منك! وكم كان قاسي ردها، لا تريد الانجاب منه تحديدًا! كانت تتوقع ثورانه ولكنه صفعها بكل قوته الساكنة، صفعها كما لم يصفع امرأة غيرها يومًا! ذُهلت، واتسعت حدقتاها ولكن لم تستطع التصرف عندما رأته مُقبل عليها بشفتاه التي اكتسحت شفتاها بعنف، شعرت بدماء شفتاها الرقيقة فتأوهت بصوت خفيض... ابتعد بعد دقيقة يردد لها بوعيد قاسي جامد كصلابة وجهه الان:.
-دي كانت اخر حاجة رقيقة شوية ممكن اعمهالك، من النهاردة هتشوفي وش تاني يا تمارا هعرفك إن الله حق أمسك وجهها بقبضته بعنف مكملًا: -وهتحملي، مني غصب عنك! لم يصدق عقلها ما سمعته اذناها، بدت في حلم قاسي بدأ يشرف على حياتها، وفجأة دفعها عز بعنف بعيدًا عنه لتصطدم بالجدار من خلفها بقوة آلمتها ليهتف بحدة متقززة: -أنتِ... توقعت الطلاق! نعم انه انسب حل، ولكن على العكس قال بخفوت حاد متعاكس:.
-قذرة! أنتِ اقذر انسانة عرفتها ثم رحل، رحل هكذا وبكل بساطة بعد تلك الإهانة والوعيد القاسي، وكأنه يسويها على نار هادئة كما يقولون!
رواية قيود بلون الدماء للكاتبة رحمة سيد الفصل الثاني عشر
خرجت تمارا من غرفتها ببطء، لم تغادرها من يومان تقريبًا، بمجرد أن خطت خارجها وجدت من يقبض على ذراعها بعنف، شهقت مصدومة ثم بدأت حرب من نوع اخرى تجري داخلها... وقعت عيناها على عز الذي كان وكأنه منتظرها، ولكن شيء عميق غامق ومخيف لم ترتح له... شيء جعلها قلبها ينقبض بخوف.. جعلها ترتعد كطفلة شريدة لم تسقط القناع عنها بعد..! سحبها دون كلمة نحو الغرفة ليغلق الباب خلفه، عادت للخلف خطوتان لتهمس بصوت مهزوز:.
-أنت قفلت الباب لية أنا عايزة أخرج -وأنا عايزك ابتلعت ريقها بخوف، النبرة التي نطق بها تلك الكلمة جعلتها رنين من نوع اخر يصدح داخلها... جعلت أنوار كحلبة للموت تُلف حولها! فهزت رأسها نافية بسرعة وهي تكمل همسها: -لو سمحت أخرج، أنت مش ف وضع تمام ولا أنا رفع حاجبه الأيسر متهكمًا ليعود ويرد: -مين قالك كدة، بالعكس أنا تمام جدًا ثم قدحت عيناه بشرارة ملتهبة وهو يستطرد بخشونة:.
-كلمة وقولتها، مفيش واحدة غيرك هتحمل ف أبني ياتمارا، بمزاجك... ثم جذبها من ذراعها بحركة مباغتة ليكمل بهسيس خطير: -او غصب عنك رفعت عيناها له ببطء، ويا ليتها لم تفعل، نظراته كانت غابة، غابة سوداء مخيفة جعلت قلبها يهوي بين كفي الحظ!.. فلم تفعل سوى أن قالت بغيظ: -أنت مجنون أنا مش طيقاك، ومش عايزاك وبشمئز منك ومن لمساتك و...
جذبها بعنف من شعرها ليقرب وجهها منه، أنفاسه كانت ساخنة، ملتهبة وحارة لدرجة مُقلقة... وضع شفتاه على شفتاها التي كادت ترتجف، في البداية كان هادئًا، وبعد ذلك أصبح الامر اكثر صعوبة على الاحتمال! بدأ يقبلها بشراسة، بقوة وعنف حتى تأوهت اكثر من مرة من ألم شفتاها التي كان يفترسها مكتسحًا نعومتها حرفيًا، حاولت إبعاده.. حاولت زجه ولكنه كان اقوى، كان أعنف من أن تروضه الان!
وببطء شديد كان يضغط على شفتاها بأسنانه حتى شعر بطعم دمائها بين شفتاه، ويداه تعزف مقطوعة من نوع اخر على جسدها.. كلها علامات حتمية لأستسلامها القهري له، ولكن المارد داخلها لم يهدئ، وشياطينه هو لم تهدئ ظل يلثم رقبتها بعمق، يحرك شفتاه ببطء شديد على طول كتفيها بطريقة كالسهم الذي يعلم جيدًا هدفه... فهمست هي بصوت مبحوح: -ارجوك يا عز أبعد عني.
ولكنه لم يستمع لها، لم يأبه لكلماتها، عاد لشراسته وهو يزيح ملابسها ويقبل كل جزء يظهر منهت بعنف حتى ترك علامات واضحة على جسدها... ازداد الامر اشتعالاً.. لم يكن مشتعلاً مثلها بقدر ذرة، كان متفنن في فقدها كامل إحساسها بينما هو آلة تُنفذ ما بعقله فقط! اقترب من اذنيها يهمس بصوت بدا كفحيح الافعى: -أية رأيك؟ الموضوع طلع مش مشمئز صح!؟
لم ترد عليه وأنما اغمضت عيناها بضعف، وفجأة ابتعد عنها وهو يجلب بنطاله ليقول بصوت أجش قاسي: -كفاية كدة قرفت منك! أخرج بعض النقود من جيب بنطاله ليرميها بوجهها حتى ظن انه أدمى وجهها، ليكمل بنفس النبرة: -دول كفاية عليكِ، وكتير كمان لأن حتى السرير مش نافعة فيه! بس حقك وأجرتك زي اي واحدة أنتهى من ارتداء ملابسه ليستدير متجهًا للخارج متجاهلًا شهقاتها التي صمت أذنيه، ولكنها من أصابته بذلك الصم!
كانت كلارا أمام التلفاز عندما رأت فهد يرتدي ملابسه.. لا تدري ما ذلك الشعور ولكنه شعور كالجحيم يجعلها متوترة وكأنها في مارثون عميق ومخيف..! تعمدت ارتداء القميص الذي يعشقه، وكأنها ترغب في رؤية تأثيرها عليه ضمن الواقع..! وفجأة شعرت بمن يحتضنها من الخلف مُقبلًا رقبتها الظاهرة، قشعر بدنها كرد فعل طبيعي وهي تهمس بأسمه: -فهد!.. همهم وحرارة أنفاسه تلفحها من الخلف: -عيونه سألته بثبات: -بتحبني؟
تجمدت شفتاه على رقبتها، وكأنه لم يعي مقصدها في البداية، ولكن سرعان ما شعرت بشفتاه التي تُفتح وتغلق على رقبتها كأجابة اكثر حرارة لسؤالها... ابتعدت عنه وهي تعيد سؤالها بصوت أجش: -فهد لو سمحت رد عليا وقولي رايح فين!؟ نهضت وهي تنطق بأخر كلماتها ليقع قلبه صريع جمالها، وضع يداه على قلبه وهو يقول بوقاحة: -ملبسااايه عايزة تتاكل أكل ياخواتي عضت على شفتها السفلية بحرج، لتعود وتحاول رسم الخشونة وهي تزمجر:.
-فهد بطل قلة ادب وركز معايا فجأة جذبها له لتصطدم بعضلات صدره التي ظهرت من ازرار القميص المفتوحة، ليكمل بعبث ؛ -منا مركز اوي اهوو، مش هينفع اركز اكتر من كدة ورايا مشوار وقبل أن تسأله السؤال الذي لن يستطع أجابته كان يقبض على شفتاه بشفتاها، يُقبلها بنهم ويرتوي منها عله يشبع ظمأه وجوعه لها...
ضمها له أكثر وشفتاه تنتقل بسرعة ما بين شفتاها المنتفخة ورقبتها البيضاء، ليقطع لحظاتهم الحميمية صوت هاتفه الذي بدأ يرن، ابتعد عنها مرغمًا ليرى المتصل، وقبل ان يبتعد تمامًا امسكت ذراعه هامسة: -خليك معايا أبعد يدها عنه متنهدًا بقوة: -مينفعش يا كلارا، انا مش هتأخر متقلقيش ثم استدار ليغادر بالفعل... دقائق معدودة ووجدت رسالة على هاتفها من مجهول، محتواها جعلها كالمجنونة التي كادت تفقد أنفاسها!
ظلت تقرأها عدة مرات بلا وعي جوزك بيحتفل بكتب كتابه الليلة، لو مش مصدقاني روحي على قاعة ، للمناسبات وانتِ تتأكدي بنفسك وبالطبع لم تنتظر أكثر، نهضت مسرعة ترتدي ملابسها... تفكر بصعوبة وتلاحم افكارها.. كيف فعلها؟! ولم فعلها...! كيف استطاع من الاساس.. حلقات ضائعة من الاسئلة لا سبيل لباب يُغلقها سواه!.. وصلت اخيرًا قاعة المناسبات لتجد حشد ليس بقليل او بكثير، كانت خطواتها شبه راكضة وهي تدلف للقاعة...
إلى أن رأتهم بالفعل يجلسوا جميعهم.. وبالفعل - تم ذبح الضحية -! لم تشعر بنفسها سوى وهي تقترب منهم بخطى مرتعشة وبصوت يكاد يسمع همست: -مبروووك يا عريس مش كنت تعزمنا! الصدمة ألجمته، أحاطته بنيران من نوع اخر، نيران أماتت شعوره في تلك اللحظات! فصرخت كلارا بصوت عالي: -ادام الناس دي كلها أنا بقولك لو راجل وقد اللي أنت عملته طلقني حالًا! أغمض عيناه بقوة.. صامت، نعم صامت وماذا بيده سوى الصمت المخزي؟! فتابعت بجمود:.
-طبعا زي أي راجل خاين ف نفس موقفك مش هتقدر ترد، هترد ازاي ما أنت مش راجل اص... ولم تستطع إكمال جملتها اذ اسكتتها صفعة مدوية تصاعدت لها شهقات الموجودين!..
كعادتها رودين عندما ينتهي منها يتركها كقطعة -قمامة- بلا قيمة مُلقاه على الفراش... ولكن هذه المرة كان أعنف واصعب، كان اكثر صعوبة من قدرتها على التحمل! وأي فتاة تتحمل ما تحملته هي؟!.. رفعت عيناها للسماء تهمس بصوت مبحوح: -ياارب أنت ماترضاش بالظلم يارب، سامحني يارب انا ايماني اضعف من اني استحمل كل ده، انا ضعيفة اوي يارب! نهضت بخطوات مرتعشة... بثقل شديد تسير، نفس مكسورة وروح ملكومة!..
الف آهه وآه كتمتها بصعوبة بوعد بدفنها الابدي!.. وقفت على الشرفة وقدماها ترتعش، لطالما كانت تخشى الله ولكن الان لا مفر من الموت!.. وفجأة دلف يوسف لتتسع عيناه بذعر صارخًا: -رودين انزلي من عندك ابتسامة مميتة ظهرت على ثغرها الذابل وهي تهمس بحروف متقطعة:.
-أنا حبيتك، كنت بحبك اوي على فكرة، كنت مفكرة أني قوية كفاية عشان استحمل، لكن مش قادرة، شعور مُغتصب الروح قبل الجسم ده صعب اوي، وخصوصا لما اللي يدبحك يكون اكتر حد أنت حبيته! انت دبحتني وانا مش قطه بسبع ارواح عشان افضل عايشة عادي وارجع احبك زي ف الافلام والمسلسلات! هموت قبل ما اشوف فيديوهات قذرة ليا بتتباع والناس بتنهش ف جسمي بعيونها، انا بس مش طالبه من ربنا الا انه يغفرلي ذنوبي صرخ بها بجنون:.
-اقسم بالله ما هنشر حاجة ابوس ايدك انزلي! ومع اخر حرف لها سقطت دمعة ثلجية، وبلحظة حدث كل شيء، رمت نفسها للخلف لتسقط من الدور الخامس ويصطدم جسدها بالأرض بقسوة جعلت الدماء تضخ من كل جزء بجسدها، وتصعد الروح الى بارئها متحررة من قسوة الدنيا!
تنهيدات عميقة صدرت عن تمارا التي لم تكف عن البكاء... لم تتخيل أن تصبح ضعيفة بهذا الشكل امامه! نهضت ببطء بعدما ارتدت ملابسها، سمعت ضحكات خليعة تأتي من المطبخ فسارت ببطء له.. لتتجمد عيناها على ذلك المشهد الذي كان أخر خيط للخيال الذي يمكن ان ينسجه عقلها...! كان عز يقبل الخادمة بوقاحة ويضحكا معًا غير مبالين بأي شيء!.. فصرخت تمارا بجنون: -أنت بتعمل اية! وأنتِ يا حيوانة ابعدي عنه.
وقبل ان تبتعد الفتاة كان عز يضمها له بصلابة متمتمًا بجمود وبرود قاسي: -اخرسي، انا حر، واحد مراته مش مكفياه طبيعي يبص للاحلى منها وعاد يُقبل تلك الفتاة من جديد بشغف وكأنه محروم حقًا!..
يا حواء، لن يُبنى غشاءك القاسي الا بطلاء القسوة اولًا!
رواية قيود بلون الدماء للكاتبة رحمة سيد الفصل الثالث عشر
لم تكن تتخيل حجم الألم، لم تكن تشعر، لم تكن تنضم لدنيانا من الاساس، كانت تشعر بشعور قاتل، شعور أن النقص بها، العجز يكمن بين ثناياها هي، والقوة تبخترت من بين ايديها هي ايضًا! بدأت أنفاسها تتثاقل أكثر فأكثر، اقتربت منهم وهي تقول بثبات: -طلقني تقوس فاهه بأبتسامة ساخرة، مميتة ومتشبعة بالبرود ويجيب: -ابدًا، هاسيبك تحلمي بالحلم ده بس مش هتطوليه!
وفجأة اصبحت امامه تضربه بيداها البيضاء الشاحبة وتصرخ كهذيان طفلة ألمتها المعاملة حقًا: -أنت عايز مني أية؟! بتعمل فيا كدة لية! كل ده عشان أخدت منع الحمل؟ كان صدرها يعلو ويهبط وهي تتحدث، إلى أن استكانت فجأة وكأن العقل له تدخل جراحي هنا، فأكملت بصوت مبحوح وكأنها تقنع نفسها: -أكيد لأ، اكيد في سبب تاني صح؟ رد عليا يلا!؟ ولكن قبل أن يجيب سمعت تضجر تلك الخادمة وهي تتأفف بسخط:.
-يوووه اية المسلسل الهندي الماسخ ده؟ ثم مدت يدها تتحسس صدر عز العاري وهي تهمس له بإغواء: -مش يلا بقا؟ الكلام زاد عن اللزوم ظهرت ابتسامته التي باتت تمارا تكرهها حد الجنون، وحروفه المتلاعبة تعزف على وتر الانثى داخلها وهو يقول: -روحي انتِ اسبقيني على الاوضة وانا هاجيلك بعد ما اخلص شغلي معاها اومأت بلهفة ثم اسرعت تغادر، نظر هو لتمارا التي كانت ساكنة تمامًا، شاحبة لجوار رعشة يدها الغير طبيعية!
امسك يداها بعنف ثم سحبها خلفه متجهًا لأعلى، الى أن وصل غرفتها جعلها تدلف ثم دلف ليغلق الباب بقوة... عادت للخلف بتلقائية وحاولت تفتن البرود وهي تسأله: -أنت هتعمل أية تاني! وقبل أن ينطق بحرف كانت تسقط على الأرض صارخة بنواح مزق شريان كان يضخ بأسمها للتو: -أنت قذر أنت اقذر بني ادم شوفته ف حياتي ومابكرهش قدك، منك لله ربنا ينتقملي منك يا حيوان.
كز على أسنانه بغيظ حقيقي وأوردته تغلي، ولكنه تمالك روحه المشتعلة ببرودة الظروف التي كالطقس الحالك من حوله، فأردف بجمود: -انا رايح أقضي وقت ممتع، المراية قدامك تقدري تكسريها وتموتي نفسك لو عاوزة، لانك مش هتخرجي من الاوضه وانا مش هاجي الا لمزاجي ثم امسكت فكها يتحسسه بطريقة مزدردة وهو يكمل: -بس متقلقيش اجرتك محفوظه! كادت تصرخ مزمجرة ولكنه قاطعها كعادته ببرود قاسي جلد قلبها الذي كاد يُمزق تمامًا:.
-ولا أنتِ بتعرفي تموتي غيرك بس وتسرقيهم؟! محترفة في قتل الغير، لكن ماتقدريش تأذي نفسك بخدش حتى لو مقهورة، مهو ده طبع المجرمين الزباالة ال اللي زيك! عندها اتسعت حدقتاها بقوة... وبقيت تحدق به وكأنه تمثال نحاته ليس حقيقةً ممسوسة..! وكأن تعويذة ما غلفت فاهه، وسرقت حروفها! فبقيت عيناها تتشرب ملامحه الشرسة التي كانت تكن لها الحقد الحقيقي الان...!
لم تفق من غيبوبتها تلك الا عندما صفع الباب وهو يخرج من الغرفة لاعنًا اياها..!
افاق فهد من صدمته على مظهر كلارا وهي تركض من الحفل وتسبه باللغة الأنكليزية بهيسترية...! ظل يركض خلفها يحاول اللحاق بها وهو ينادي بلهفة: -كلارا كلارا ارجوووكِ استني، اقفي لحظة بس وبالفعل وجدها تقف، وصوت لهاثها عالي، فكان يحدق بها وقبل أن يستطع النطق بحرف، كانت حروفه كجنود قُتلت قبل أن تبدأ القتال! عندما صفعته بكل قوتها المختزنة وهي تصرخ بحنون:.
-ماتنطقش أسمي على لسانك القذر تاني، أنا من النهاردة مفيش أي علاقة بتبربطني بواحد زيك، يا تطلقني يا إما هرفع قضية خلع وهفضحك! فاهم ولا لا؟ ولم تعطيه فرصة الرد فركضت تركب -سيارة الاجرة- التي كانت تنتظرها! وبالطبع هو لم ينتظر فركض يستقل سيارة اخرى... بمجرد أن ركب التفت للسائق بسرعة يقول: -وراها لو سمحت.
امتثل السائق لأوامره فظل يسير خلف سيارة الاجرة التي تستقلها كلارا ولكن على عكس توقعات فهد لم تتجه لمنزلهم بل وجدها تتجه لذلك المنزل الذي اختبأت فيه من قبل، منزل ذلك الأبله المدعو مروان وعند بوابة القصر توقفت السيارة لتغادرها كلارا بسرعة فلم ينتظر فهد وركض ليمسك بها.. كان ينظر لها بشدة وهو يهتف من بين أنفاسه المتلاحقة: -اسمعيني عيناها كانت حمراء، كانت متسعة وغاضبة، كانت غابة أشعل هو فيها النيران!
فسارع هو بالقول: -كلارا أنا اسف انا مش عارف ازاي مديت ايدي عليكِ بس آآ... قاطعته عندما زجته بعنف ليسقط على الارض ثم ركضت لداخل القصر واُغلقت الابواب خلفها... نهض مسرعًا يطرق تلك الابواب بقوة ولكن لم يجد مستجب.. فجلس على الارضية يحدق بتلك البوابة بلا معنى.. قلبه منقبض بشكل رهيب.. وكأنه اصبح كتلة باردة بلا معنى، لا يشعر أن كل شيء على ما يرام...! بل وكأن الفاجعة قادمة، قادمة جدًا!
مرت دقائق وهو جالس مكانه، وفجأة سمع صوت طائرة فرفع رأسه ليرى طائرة هيلكوبتر فوق سطح القصر... اتسعت حدقتا عيناه وهو يستوعب الان ما يحدث... أيعقل أن تستغل كلارا سلطات صديق والدها وتغادر البلاد لتتركه هنا يعاني مرارة الفقدان! وقبل أن يدرك ما يحدث كان الطائرة تُقلع بالفعل لتغادر رويدًا رويدًا...! ولكن تلك المرة باختلاف، تلك المرة أنتشلت روحه من بين جوانبه!
كان يوسف في حالة لا يرثى لها، كان جالسًا ارضًا متسع العينان... لا يستوعب ما يحدث.. لا يتخيل تلك الحقيقة الفجة! هو قتلها...! قتلها دون أن يقصد.. ذبحها كما قالت دون أن يرأف لطير برئ داخلها كان يرفرف مطالبًا بالحرية؟! قتل من يحب؟.. يحبها! وهل أحبها يومًا ام كانت مجرد -صفقة- كما أخبرها؟! ولكن اسفًا يبدو أن الصفقة كانت مجرد حجة! عندها بدأ يصرخ وهو يمسك بجسدها المحاط بالغطاء الابيض الملوث بالدماء:.
-لا قوووومي، قومي أنتِ مش هتموتي وتسبيني أتعذب كل ده! حاول من حوله إبعاده ولكنه كان كالمجنون يصرخ منفعلًا: -سيبوووني. هي بس بتعمل كدة عشان ما أعملش الكذبة اللي قولتلها عليها، هي بتمثل صدقوني هتفوق دلوقتي كانت نظرات الأشفاق تحيط به.. ورغمًا عنه بدأت دموعه في الهطول وهو يمسك كفها الملخط بالدماء مرددًا بصوت مبحوح:.
-هو أنتِ صدقتيني؟ أنتِ طلعتي بريئة بس انا حيوان زي ما قولتي، طب هو انا لو قولتلك انا اسف هترجعيلي؟ طب انا اسف يا رودين، طب اقولك حاجة هتفرحك؟ اقترب من اذنها يهمس امام اذنيها المغطاه: -انا مش هقرب منك الا أما أنتِ تطلبي ده، اه والله صدقيني ومش ههددك بأي حاجة ابتسم ابتسامة غريبة وهو يكمل: -انا اصلا كنت بضحك عليكِ بس إنتِ صدقتيني! وفجأة عاد يصرخ كقنبلة انفجرت لشظايا قاتلة وهو يهز جسدها:.
-بقولك قووووومي يلا دلوقتي ثم عاد للبكاء كالطفل الشريد الذي فقد والدته، فقد اهله، وفقد طريقه المُنار!
ليظل يهمس بلا توقف: -والنبي قومي يا رودين، انا اسف والله اسف انا حيوان وزبالة وقذر ويارب اموت بس انتِ قوووومي والنبي يا رودين قومي بقا كفاااااااية! لحظات وشعر بتثاقل في كامل جسده، نظر حوله ليجد الحقنه تنغرز بجسده، فبدأ يهدأ رويدًا رويدًا رغمًا غنه...!