رواية قيود بلون الدماء للكاتبة رحمة سيد الفصل الثامن
معشوقة حاوطها الامتلاك، وقلب عاشق للهلاك، يموت لو يوم مسه سواك نظرات عز تمثلت كجنود خاضعها قلبًا يضخ بعشق قاتل، حمراء بقسوة غريبة، مست أرض الواقع عندما لكمه بكل قوته صارخًا بجنون: -دي مراتي يا تجمد الاخر مكانه قليلًا، أعتقدها فتاة ليل! احدى معجبات عز، ولكن لم يعتقده يومًا تخطى العبث بمراحل! مسح فاهه بأصابعه، ثم قال بصوت أجش مغلول: -وهو في واحد هايحط مراته في الحبس يا باشا برضه؟!
كان قلبه ينتفض مؤنبًا اياه، وتاريخ لم يكاد ينتهي منذ سويعات قليلة عاود ذكرياته تحت مسمى يا ليتني ! نظر لها بغيظ وهو يرد: -دا شيئ مايخصكش، بس أتعود ملكش دعوة بحاجة ماتخصكش يا خالد كز خالد على أسنانه غيظًا حتى أصدرت صوت صكيكًا عاليًا... الا تكفي أكوام الحقد التي تنتظر الفتيل لتشتعل بين ثنايا قلبي فتهلكك معها؟! فأتيت لتضع الفتيل بيدك...! لوى شفتاها بتهكم صريح وهو يردد: -امرك يا باشا.
ثم أستدار ليذهب، ولكنه ألقى نظرة أخيرة على تمارا التي شحب وجهها بخوف جازع، ثم أردف بفحيح ماثل فحيح الافعى: -بس أكيد دي مش أخر مرة هنتقابل فيها! ثم غادر بالفعل ليبصق عز بازدراء مختلسًا سباب عالي قبل وصلة هجوم تمارا المعتادة: -كلب ابن وبالفعل تجسدت أفكاره امامه فوجدها تضربه على صدره بعنف صارخة: -أنت السبب، أنت اللي خليت حيوان زي دا يقولي كدة ويتجرأ عليا.
أمسك معصميها يوقفها عن ضربه، وبصوت أجش أخبرها مستنكرًا: -أنا برضه ولا الكباريه اللي بتروحيه هو اللي خلاهم يفكروا فيكِ كدة! متحاوليش ترمي غلطك على غيرك يا تمارا قلبت عيناها بعصبية واضحة كقهوة فقدت مذاقها...! ثم بدأت تتزن وهي تهمس: -طب لو سمحت عاوزة امشي من المكان دا اومأ موافقًا على مضض وهو يشير لها نحو الخارج: -اتفضلي.
وبالفعل غادرت معه، طيلة الطريق لم يتحدثا، إلى أن قالت هي فجأة قاطعة ذلك الصمت الذي خيم على المكان: -اتجوزتها لية؟ تخبط السؤال داخل عقله بارتباك وكأن اجابته اختفت هكذا! ولكنه حاول الرد بصلابة باردة: -هيفرق معاكِ كتير؟ لم تتخل عن كبرياءها الشامخ وهي تجيب: -لأ بس من حقي أعرف بما إنك اتجوزت عليا، لكن هارجع وأقولك أنت ماتفرقش معايا ابدًا يا عز، لاني ب...
قاطعها صرير السيارة العالي عندما توقف هو فجأة تمامًا كثباته الذي تبختر معلنًا إنصرافه! استدار لها يمسك ذراعيها وهو يضغط عليهم متعمدًا، ثم قال بزمجرة عالية: -مش عشان سكت لك مرة واتنين هتأڤوري، مش هاسمحلك تنطقيها تاني يا تمارا، احفظي مشاعرك بالكره جواكِ، لكن أنا مفيش بنت تقولي بكرهك ومش بطيقك! أنهى حديثه وهو يتنفس بصوت عالي، كلماتها تثقل ذرات الحياة داخله، والثقب يزداد إنغلاقًا حتى بات يختنق وبسببها!
بينما ابتلعت هي ريقها بتوتر، لاول مرة ينفعل عليها لتلك الدرجة... أستفاقت على يداه التي تحركت بعد دقيقتان تقريبًا لتتحسس بشرتها بنعومة، إنتفضت تحاول أبعاده عنها، وفعليًا أبعد يداه ولكن ترك لشفتاه حرية الحركة فاكتسح شفتاها يقبلها بشراسة، عنف، ولربما بعض القسوة! مشاعر متأججة تحرقه في تلك اللحظات، ولكن يبقى خط الكرامة حاجز... ابتعد بعدها يلهث بعنف، وبجبروت قاسي أخبرها:.
-عشان تعرفي أنك من اقل لمسة مني بتترمي في حضني، أنا لو عايز اقربلك هقربلك، ولو عايز جوازي بيكِ حقيقي برضه هخليه، انما أنا زهقت منك خلاص، ومن النهاردة هتشوفي عز تاني يا تمارا!
ودون أن يعطيها فرصة الرد، وصلا امام المنزل، فتح لها الباب إلكترونيًا ثم قال بصوت آمر: -انزلي تنهدت وهي توشك على سؤاله: -أنت مش ه... ولكنه قاطعها صارخًا: -قولت انزلي يا تماااارا من غير ولا كلمة تأففت بضيق وبالفعل ترجلت من السيارة تنفض نفسها بغضب.. ليغادر هو يسير بسرعة فائقة، ثم أتصل بأحد اصدقاء السوء من ايام جامعته الذي لم يكن يتواصل معه الا قليلاً: -الوووو معتز -اهلا اهلا يا باشا اخيرا سمعنا صوتك.
-أنت فين؟ -في كباريه كدة اسمه ، صمت لحظة ثم رد بجمود: -انا جاي اقعد معاك أغلق الهاتف وهو يزفر بضيق، يعلم حد التأكيد أنه لو تحدث مع كريم فسيصبح هو الخاطئ بنظره...!
كانت رودين على وشك الإنهيار التام، تقسم أنه اذا اقترب خطوة واحدة اخرى ستسقط صريعة الان! ظلت تصرخ فيه بنفور: -ابعد عني حرام عليك، بالله عليك ابعد عني تأفف وهو يقف بعد أن تخصر قائلاً بغلظة: -اما نشوف اخرتها معاكِ، موزة جامدة بس طفلة وزنانة مقرفة! واخيرًا سمعت صوت ضجة بالخارج وصريخ يوسف، تشرب الاطمئنان مخارجها فرغمًا عنها شعرت بجسدها يرتخي.. كُسر الباب بعنف ودلف هو صارخًا: -رودييييين.
ركض نحوها يلتقطها لتسقط بين احضانه هامسة بصوت مبحوح: -ماتسبنيش هنا بالله عليك كانت تلك وصيتها الأخيرة له قبل أن يغشر عليها بين ذراعيه، فصرخ بفزع: -روديييين! رودين قووومي حملها مسرعًا بين ذراعاه، هم بالخرج فوجد ذلك الرجل امامه، زفر بقوة وهو يخبره بجمود حاد: -قسما بالله لو مابعدتوا من ادامي دلوقتي لاكون مبلغ عن شبكة الدعارة دي وعليا وعلى اعدائي! توتر الرجل الذي كان يراقبه، فيوسف يعلم الكثير والكثير...
وبالفعل انزاح من امامه ليسرع يوسف حاملاً اياها نحو الخارج.. هبط من العمارة فتذكر أنه لسوء الحظ لم يجلب سيارته! رفع رأسه للأعلى مزمجرًا بيأس ولاول مرة: -ياااااااااارب إنتفض عندما شعر بشيئ ساخن ينزلق منها، ليتضح أنها دماءها! إنطلقت جميع انذارات الخوف داخل تلك الروح الساكنة دومًا.. وفجأة ظهر امامه عز يسأله متوجسًا: -محتاج مساعدة يا كابتن، انا معايا عربية لو حابب؟!
قالها وهو ينظر ل رودين المسكينة التي تنزف، ولحسن الحظ او لربما القدر! كان يسير متجهًا للكباريه من نفس الطريق فرآهم... ومن دون تردد كان يوسف يجيبه بلهفة: -ايوة ياريت تودينا اقرب مستشفى اومأ عز موافقًا بسرعة ثم اسرع ليفتح له الباب فوضع يوسف رودين وهو يجوارها ثم انطلق عز نحو مستشفى قريبة يعلمها في تلك المنطقة...
كان عز قد رحل عن المشفى بعدما ظل مع يوسف حتى اطمئن على امرأته وقد رق قلبه له كثيرًا فتعاهدا على المقابلة مرة اخرى في وقت لاحق...!
دلف يوسف الي الغرفة التي تقيم بها رودين جلس على الفراش لجوارها يُطالع قسمات وجهها الشاحبة، يدقق ختمة الموت والرهبة التي جعلته يتقلص! أمسك بيدها الموضوعة جوارها، تحسسها برقة وهو يهمس لها بتأنيب ضمير: -أنا أسف، أنا السبب في كل دا بدأت تأن بصوت خفيض وهي تبعد يدها عنه، فتحت عيناها رويدًا رويدًا لتقابل عيناه التي تراقبها بتوجس! فانتفضت تسأله بفزع: -أية اللي حصل؟
ظل يربت على خصلاتها برقة متجاهلاً زمجرتها الحادة به، ثم أكمل همسه الرقيق لها مهدئًا: -اهدي يا رودين، محصلش أي حاجة إنتِ اغم عليكِ فجبتك المستشفى بس و... ولكنه صمت برهه، لا يدري أي رهبة تلك تحجز الحروف داخله! ثم نظر لها مرة اخرى وقد عاود الحديث بجدية اكثر: -والجنين نزل نظرت له صامتة، دقيقة اثنان ثلاثة وكأنها تستوعب ما أتى بسرعة ورحل بنفس السرعة ايضًا! اغتصبت ابتسامة مُشققة وهي تخبره برضا: -الحمدلله..
وبصوت واهن أكملت: -دي الحاجة الوحيدة اللي عقلي كان عاوزها بس مكسوفة أطلبها من ربنا، كدة أحسن، كان هيعاني كتير اوي في حياته بين أم وأب كدة، ربنا رحمه! تنهدت بعمق وهي تقول وكأنها تحذره الرفض: -كدة أحنا هنطلق عادي، وكل واحد يشوف حياته، وأنت تبعد عني بقاا لم يشعر سوى وهو يمسك يدها ليضغط عليها وهو يحتويها مرددًا بصرامة حملت نوعًا من الرجاء:.
-رودين أنا عايزك، أنا عايزك تفضلي معايا دايمًا، وبعدين أنتِ هتروحي فين أصلًا لو عملتي اللي بتقولي عليه دا!؟ أبعدت يدها عنه بقوة، ثم تشدقت ب: -أي حته، بلاد الله واسعة، المهم أكون بعيد عنك وعن المستنقع الزبالة دا نظر في عيناها مباشرةً يهمس: -لو سمحتي اديني فرصة يا رودين أنا فعلًا ندمان جدًا نظرت للجهة الاخرى وهي تلعن مائة مرة ذاك القلب الذي لم يدفن دقاته له بعد...! زفر هو بقوة وهو يسألها بيأس:.
-يعني مفيش أمل لم ترد عليه ايضًا ولم تتحرك أنش واحد، ليتنهد هو قائلاً: -طيب هطلقك، بس الاول هاخد حاجة أخيرة واوعدك هبعد عنك نظرت له بعدم فهم، لتجده فجأة أقتحم شفتاها كغزو رقيق عاذب يتفنن في تفتيت الجمود لأشلاء! يُقبلها بنهم شديد متمهل ورغبة تحارب رغبتها في الابتعاد.. بدا وكأنه يحاول الارتواء منها قبل أن تُحرم عليه للأبد!
طوقت يداه خصرها تلقائيًا وهو يضمها له بقوة، يشعر بها قبل أن تلفحه برودة الحياة مرة اخرى... ابتعد اخيرًا يلتقط أنفاسه ليجذبها لأحضانه دافنًا رأسها عند صدره، مغمض العينين يستمتع بتلك اللحظات التي ربما لن تُكرر! ثم ابعدها بشكل مفاجئ ليعاود تقبيلها مشبعًا نفسه ولو بقدر قليل منها... مرت دقائق عديدة وعندما وجدت اللمسات تميل نحو منحدر اخر غير مراعيًا أي شيئ.
دفعته بعنف بعيدًا عنها تلهث بقوة، لينهض هو مسرعًا وهو يقول من وسط لهاثه: -أنتِ طالق ثم غادر تلك الغرفة، لتنفجر هي في بكاء مرير وتتعالى شهقاتها المتألمة...!
مر حوالي ثلاث أسابيع... أيام لم ييأس فيهم فهد من البحث عن كلارا المختفية تمامًا، لم يترك إنش يعرفه إلا وبحث فيه! ولكن يبدو أن للقدر رأيًا اخر، توجب كتابته ولو بأغلى الاثمان والحروف... كان يجلس مع والدته وشقيقته في منزل تلك العروس هند وكرامته تزأر بغيظ هي التي اختارت حياة اخرى، فلتبدأ أنت الاخر حياة جديدة من دونها ! واليوم هو بداية تلك الحياة، اليوم هو كتب كتابه على هند.
تلك الفتاة التي تحول إعجابها به إلى مقدمات حب! إنتبه لصوت المأذون الذي هتف ببشاشة: -مبارك يابني، ربنا يسعدكم ويرزقكم الذرية الصالحة لا يدري لمَ شعر بذلك الثقل الذي جثم على قلبه، ولكنه حاول رسم ابتسامة هادئة: -الله يبارك فيك يا عم الشيخ تعالت الزغاريد تملئ أرجاء المكان مٌهللة، فاقتربت منه هند تهمس بصوت رقيق: -مبروك علينا يا فهد ربت على كتفه برفق مهنئًا: -مبروك أنتِ عليا يا هند.
أعلن هاتفه عن وصول رسالة، فابتعد ببطئ وهو يخرجه ثم صدح رنين الهاتف فجأة برقم غير مسجل، أجاب بهدوء: -الووو مين تلقى صمت تام في البداية، ولكن شعوره تعرف بمهارة على صاحبته فقال بلهفة: -كلارا!؟ ثم صار يسألها مسرعًا: -كلارا أنتِ فين، رحتي فين يا حبيبتي؟! قوليلي على مكانك وأنا هاجيلك فورًا ردت هي بعد دقائق بصوت متهدج غاضب لفح به الحقد:.
-كنت بحاول أكدب نفسي لكن مبروك يا فهد، وهديتك هتوصلك، انا رفعت قضية خلع يا زوجي العزيز! ثم أغلقت الهاتف دون كلمة اخرى، ليتنفس هو باضطراب، ويكتم بصعوبة صراخ كاد يدوي منه بعنف.
بينما على الجهة الاخرى.. ما إن اغلقت الهاتف حتى نظر لها مروان ابن صديق والدها خليل ليقول لها بهدوء مستنكرًا: -أنتِ كدة ارتاحتي نفسيًا يا كلارا؟! اومأت مؤكدة بصمت، ليمسك هو يدها يتحسسها ببطئ وهو يخبرها: -طب أية؟ أنا قولتلك إني بحبك وإني عاوز اكمل حياتي معاكِ، واني ماصدقت تبعدي عنه وتعرفي انه مايستاهلكيش! تنهدت بقوة، ولم تدري لم قالت له بهدوء جامد:.
-لو بتحبني وعاوزني فعلًا يبقى هتساعدني أطلق منه وأنتقم منه لحرقتي دي! وبالطبع هو اومأ موافقًا بسعادة دون تردد!
في يومًا ما... كانت تمارا تجلس في غرفتها تتنهد كل دقيقة بضيق حقيقي.. تغير عز كليًا كما وعدها! أصبحت علاقتها بها مقتصرة على رؤيتها له من بعيد، أصبح يتجاهلها حتى كرهت تجاهله ذاك! والجديد، أنه أصبح يعود متأخرًا كل ليلة ورائحة الخمر تفوح منه! واليوم هي عقدت العزم لتواجهه.. رأت سيارته تدلف من باب المنزل فتنهدت بقوة وهي على أتم استعداد... هبطت مسرعة لتجده يدلف من الباب، كان يسير بأقدام مترنجة بعض الشيئ..
رن هاتفه فأخرجه وهو يرد بلثم: -الوووو ثم ضحك بعدها مرددًا بخبث: -طبعًا يا موزة، أكيد الليلة دي هتتكرر! استمر في ضحكاته ثم أغلق الهاتف بعدها، كاد يسير ولكن فجأة وجدها تقف أمامه، بالقميص القصير الذي تنام به، تاركة لخصلاتها العنان! حاول تخطيها ولكنها اقتربت منه وهي تسأله بغيظ: -بتعمل كدة ليييية يا عز؟! لية التغيير الجذري دا؟ لية اتجهت لكل حاجة وحشة بأرادتك؟! تأفف بضيق، ثم دفعها بقوة قائلاً بتهكم صريح:.
-طب ما أنتِ بتروحي الكباريه برضه بأرادتك! وبعدين دي حياتي ملكيش دخل فيها وقفت امامه مباشرةً تكاد تكون ملتصقة به، فأغمض هو عيناه وكأنع يحاول استعادة سيطرته على نفسه... يحاول كتمان شوقه الجارف لها، سمع همسها الخفيض وكأنها لا تصدق: -هي وصلت للستات يا عز؟! بتخوني! ابعدها بقوة ثم اجاب ببرود: -أحنا مفيش بيننا حاجة عشان ابقى بخونك.
ثم سار يتأرجح نوعًا ما، اتجه لغرفته وما إن كاد يغلق الباب حتى وجدها خلفه تدلف وهي تهتف بشراسة: -مش هاسمحلك، لو مش عشان نفسك يبقى عشان كرامتي انا! رفع حاجبه بسخرية، ثم استدار وهو يردف ببرود جامد: -أنا راجل وليا احتياجاتي زي اي راجل، والبنات اللي مش عاجبينك دول هما اللي بيشوفوا كيفي! لوت شفتاها بغيظ وكادت تسبه بجزع: -أنت انسان آآ...
ولكنه قاطعها عندما دفعها بجسده نحو الحائط لتلصق به شاهقة، هبط بشفتاه نحو رقبتها يتحسسها ببطئ وهو يهمس بصوت ذو مغزى: -أنتِ جاية لية؟! عايزة أية، أنا متأكد إنك عايزه كدة برضه إتسعت حدقتاها من وقاحته العلنية، فرفعت يدها تنوي دفعه، الا أنه قيد يداها بيد واحدة... لتتجرأ شفتاه ملتهمة رقبتها البيضاء الظاهرة وما بعدها، بدت وكأنها تخدرت تحت لمساته! فأغمضت عيناها بقوة تتنفس ببطئ، بينما هو يشبع وجهها تقبيلاً.
لم يقدر على كتم شوقه وجوعه لها أكثر، فاض به الكيل كما يقولون! لفح الهواء جسدها بشدة عندما أزاح اطراف الفستان عنها، فهمست بصوت مبحوح جاهدت لأخراجه: -عز... صعد بشفتاه لثغرها يلثمه بعمق، ويهمس هو الاخر بين شفتاها: -أنتِ عايزة كدة أنا متأكد، وانا مش هاحرمك واحرم نفسي من ليلة زي دي! لم يعطيها فرصة الرد فظل يقبلها برقة مذيبة مثبتًا وجهها بيداه، صعدت يدها تلقائيًا تحيط ظهره، فثارت مشاعره الفياضة اكثر...
تجرأت يداه في تحسس منحنيات جسدها، وهي مستسلة تمامًا، وكأنها أدركت للتو أنها بحاجة لذاك القرب منه!؟
رواية قيود بلون الدماء للكاتبة رحمة سيد الفصل التاسع
أتم القلب ما خُتم عليه، وتنفست الروح ما إنتمت إليه، وبقى العقل نادمًا على كل ما آل إليه! كانت متيقظة تتمدد على الفراش لجوار عز الذي لم يستيقظ بعد، ظهرها له وكأن الوجه عُكست حروفه فلم يجرؤ على المواجهة! كانت تشعر بنغزة غريبة منتصف ساحة القلب كادت تُتلف الرواسب المتبقية، تلومها وبكل زمجرة لم فعلتي، لم ولمن سلمتي حصونك؟! وقلبًا يتيم من طرف بعيد يبغض ذلك اللوم الذي يفسد مجرى الأمور...
هبطت دمعتها عندما تذكرت بل أيقنت أنها لم تكن له سوى فريسة لأشباع رغبته فقط! ولكن لمَ تجرها المشاعر التي عاشتها معه ليلة أمي نحو رياحًا اخرى...؟! فجأة شعرت بشفتاه تحوم على رقبتها الظاهرة وتناغمه يطرب قلبها برومانسية: -صباح الأناناس على أحلى وأغلى الناس أبعدت يده عنها ببطئ وهي تهمس بصوت مبحوح: -صباح الخير حاولت الإبتعاد عنه لتنهض، ولكنه أوقفها ممسكًا بيدها يسألها برفق:.
-مالك يا حبيبتي؟ إنتِ متضايقه من اللي حصل امبارح!؟ كلماته حطمت القناع الواهي بالتماسك، فظلن تبكي وهي تردد بحسرة: -مكنش ينفع يحصل، أحنا اساسا مش هنكمل مع بعض! ظل يهز رأسه نافيًا بأصرار وهو يخبرها: -مين الحمار اللي قالك كدة، طول منا عايش مش هاسيبك ابدًا نظرت له بطرف عيناها الحمراء من البكاء، وبنبرة الاطفال همست له: -والستات اللي بتعرفهم، وتولين؟ كادت ابتسامة خبيثة تشق سكون ثغره، ولكنه قال بصوت أجش:.
-أنا متجوز تولين لسبب معين، ثم إنك لية مابتفكريش إنك برضه بتعملي غلط لما بتروحي الكباريه؟! ابتلعت ريقها بتوتر وهي تهمس: -بس آآ ولكنه قاطعها عندما أقترب كثيرًا حتى لامس أرنبة أنفها بأنفه، غطت ملامحها أنفاسه التي تشبعت خلاياها فكادت تسكرها مرة اخرى...! ثم أكمل بصوت هادئ رقيق: -هتبطلي تروحي الكباريه وانا هبطل أشوف البنات دي، لو رجعتي هارجع، متفقين؟! كانت مغمضة العينين تتنفس بتوتر، لتجيبه بحروف متقطعة:.
-م ماشي! مس بشفتاه ملامحها الناعمة، توترت هي للغاية، يمارس اقصى ضغط مُتلف للتماسك عليها! هي حتى لا تستطيع إبعاده وكأنه ألقى بتعويذة فغُمت جوارحها بترياق الاستسلام... طوق خصرها بيداه التي تتحسس جسدها، ثم همس لها بحرارة: -تعالي نكمل كلامنا، عشان في حاجات كتير اوي عايز اشرحهالك، اوي! ابتلعت ريقها بصعوبة وهي تجادله بخفوت: -لأ، مينفعش، كفاية! امسك يداها برفق، ليخبرها بصوت ذو مغزى:.
-مينفعش تقولي لعاشق كفاية، زي ما مينفعش تقولي للجعان كفاية! أصابعه تسير عند رقبتها ببطئ ويتابع: -وانا عاشق، عاااشق ولهان، وعطشان نفسه يرتوي! لكن الظاهر اني مش هرتوي ابدًا قاطع باقي حروفها بشفتاه التي إلتقطت شفتاها تأكلها بنهم... بينما هي مستسلمة لذاك الجرف الذي يأخذها مع تيار القدر!
ما إن خطت رودين أول خطوة خارج المستشفى متجاهلة إنذارات الطبيب، فجأة وجدت من يسحبها من يدها بقوة نحو جهة مغلقة ليدفعها نحو الحائط، شهقت هي بعنف وبصوت مرتجف سألته: -أنت م مين!؟ أبعد تلك التي تغطي وجهه ليظهر يوسف بقسماته المرسومة بغرابة تجذب أعينك سالبة إرادتك! ثم همس لها: -قدرك يا قدري! سحبها من يدها نحو سيارته فظلت هي تزمجر فيه بغضب: -اوعى سبني، هو دا اللي هتبعد عني؟! لا الصراحة طولت أوي!
أشار لها بأصبعه مرددًا: -هششش لو مفكراني هسيبك بسهولة كدة تبقي هبلة تأففت أكثر من مرة وهي تحاول إفلات يداه ولكن بلا جدوى... ادخلها السيارة عنوة ثم ترجل هو الاخر متجهًا نحو وجهه لا يعلمها غيره.. نظرت له هي بغيظ متسائلة: -اولاً مينفعش تاخدني بالغصب كدة ومفيش حاجة بتربطنا، ثانيًا أنت واخدني على فين هو أنت ساحب حمارة وراك؟! أوقف السيارة فجأةً، ثم نظر لها يصطنع الغضب، وبصوت أجش اخبرها:.
-على فكرة أنا رديتك لعصمتي كان الاعتراض على حافة لسانها ولكنه وضع إصبعه على شفتاها يهددها بخبث: -هاتسكتي ولا أسكتك أنا بطريقتي؟! عضت على شفتاها بخجل مستنكرة طريقته التي تثير أركان الحياء داخلها رغم كل ما مرت به... لتجده يصرخ بها: -بس! ازداد توترها وهي تضغط على شفتاها أكثر مرددة: -بس أية!؟ وضع إصبعه على شفتاها فجأةً يتحسسها ببطئ ليهمس لها: -ماتعضيش شفايفك أبعدت يده عنها بحركة مباغتة وهي تعنفه:.
-ابعد ايدك ماتلمسنيش اومأ متأففًا وهو يشغل السيارة مرة اخرى ليسير بها...
مر الوقت ووصلوا الإسكندرية بعد ساعات، وهي لا تفقه شيئ مما يحدث! هبط من السيارة ليتجه نحوها يجذبها بتمهل... دلف بها إلى منزل صغير يبدو أنه مهجور، دلفا سويًا ليغلق الباب ببطئ مع سؤالها المستنكر ما يحدث: -أنت بتعمل أية وجايبني هنا لية!؟ شمر عن يداه وهو يخبرها ببطئ منتظرًا رسمة الصدمة التي سيراها: -بنتقم شهقت هي متعجبة حديثه، لتهمس: -بتنتقم! مني ولية؟
نظر في عيتاها مباشرةً وقد ظهرت نيران الجحيم التي كان يحاول إخفاؤوها دومًا، ثم قال بشراسة: -بنتقم لأهلي اللي ابوكِ المصون موتهم بحسرتهم! توالت الصدمات عليها كالصاعقة... أبيها؟! وهل لها أب من الاساس!؟ متى وكيف... كلها اسئلة طرحها العقل متلفتًا بانهيار ولكنه لا يملك سلاحًا للإجابة.. ظل هو يقترب منها وهو يقول بخبث قاسي: -دلوقتي جه وقت الحساب!
ومع كل خطوة كان يقتربها شعرت هي بدقات قلبها تهددها بالتوقف حتمًا...!
إستيقظت كلارا على صوت يأتي من بلكون غرفتها، نهضت مسرعة تهندم ملابسها وهي تتجه نحو البلكون تهتف متسائلة بقلق: -مين! مين هنا؟ وفجأة دلف فهد من البلكون ليضع يده على فاهها قبل أن تصرخ، لتشهق هي بصوت مكتوم وقد أتسعت حدقتاها! أثارته حركة شفتاها تحت يداه الخشنة لوهله ولكنه تجاهلها وهو يهمس لها بخبث دفين: -كنتي مفكرة هتفضلي هربانة مني كتير ولا أية يا زوجتي العزيزة؟! أبعدت يده بقوة لتردد بعدها بحدة مغتاظة:.
-أنت اية اللي جابك هنا وازاي تيجي اصلًا؟ وبعدين أنا مش زوجة حد، كلها كام يوم وهنطلق زجرها بعنف ممسكًا بذراعيها: -تبقي بتحلمي، أنا مش هطلق أنسي لوت شفتاها بتهكم ساخرة: -لية مش كفاية المحروسة التانية ولا اية! وضع يده على شفتاها ليهتف بجدية: -أنا متجوزتهاش عشان أنا عايز أتجوزها، أنا اتجوزتها عشان رضا امي مش اكتر وعارف اني هنفصل عنها عقدت ذراعيها ثم نظرت للجهة المقابلة وقالت:.
-مليش دعوة اللي أعرفه إنك خاين، وأنا مابكرهش في حياتي قد الخيانة! وقبل أن يرد كان الباب يُطرق بهدوء، لتتسع هي حدقتاها بهلع وهي تهمس شاهقة ؛ -يالهووي يالهوووي يا فضيحتك يا كلارا دلوقتي يقولوا عليا أية! أشارت له نحو الفراش وهي تخبره مسرعة: -انزل تحته بسرعة انزل يلا رفع حاجبه الأيسر غير مصدقًا ذلك الوضع المتلاعب به الذي وُضع فيه...! نظر لها ثم قال بجدية ساخرة:.
-إنتِ لية محسساني إنهم مسكونا في شقة مشبوهه!؟ أنتِ مراتي يا حبيبتي توسلته بعيناها التي كانت تزجر له منذ قليل، وهمست: -عشان خاطري يا فهد، والنبي استخبى حتى ورا الستارة دلوقت تأفف هو بضيق وهو يومئ موافقًا على مضض: -امري لله، يلا هتروحي من ربنا فين! تنهدت كلارا وهي تعدل نفسها ثم فتحت الباب ببطئ لتجد مروان يبتسم بسماجة متمتمًا ؛ -صحيتك ولا أية؟ هزت رأسها نافية بتوتر: -آآ لأ، في حاجة ولا أية؟!
مد يده يحيط وجنتها بيده هامسًا بنبرة ذات مغزى: -لا ابدا، أنتِ وحشتيني بس فقولت أجي اشوفك نفضت يداه مسرعة خوفًا من خروج ذلك المتهور الغيور... ثم أردفت بصوت مبحوح: -طب روح يا مروان وانا هنزلك نتكلم تحت حاول مروان الاقتراب منها يسألها: -مالك يا حبيبتي في أية!؟ لم يطق فهد التحمل أكثر فخرج فجأةً وهو يستطرد بحدة مخيفة: -تعالى بقا يا حبيبي وانا هاعرفك في أية بالتفصيل...!
بعد مرور يومان تقريبًا... أتت تمارا من الخارج لتوها، لم تصدق أن عز ذهب في مهمة في عمله فخرجت لتشم الهواء كما يقولون...! تتمشى في الطرقات بشرود قليلًا وهي تفكر بما حدث، كيف أنقلبت موازين كل شيئ كانت تضعه في حسبانها! كيف تأثرت به هكذا وخضعت له؟! اتجهت إلى الاعلى ببطئ فسمعت صوت ضحكات تولين التي كانت تزعجها باستمرار منذ أن أتت... ضيقت ما بين حاجبيها وهي تهمس بانزعاج: -دا أية المسخرة دي!
ولكن أثارها الفضول فسرعت خطواتها قليلًا لتتجه نحو غرفة تولين، وقفت امام الغرفة مباشرةً وكان باب الغرفة مفتوح فاتسعت حدقتا عيناها وهي ترى تولين تضحك ضحكة خليعة وتميل على عز فتغطيه وهي تفتح ازرار قميصه ببطئ شديد و...
رواية قيود بلون الدماء للكاتبة رحمة سيد الفصل العاشر
إنفطر القلب صدمةً، وطرق العقل عقلةً، وبقيت الروح في عتمةٍ ! ظلت محدقة بهم مدة دقيقتان تقريبًا، إلى أن حبست دمعتها بصعوبة... وفجأة قامت تولين وخلفها عز الذي لم ينهض، لتغلق تولين الباب بعنف بعد أن قالت ببرود: -عن إذنك، دي خصوصيات بقا! إتسعت حدقتا عينا تمارا وهي تشعر أنها تلقت الصفعة بجبروت غريب! كما لو أن فرعنة تلك الملعونة إمتدت فحرقت غصونها النافرة؟!..
تنفست بعمق ثم أستدارت لتغادر بهدوء تام متجهة لغرفتها التي تأوي آلامها ودمعاتها بل وتقلباتها ايضًا!
بينما في الداخل إبتعدت تولين عن عز الذي أتضح أنه نائمًا! لم يكترث أن تمارا لم تجب على هاتفها عندما إتصل بها حين أتى فاتجه لغرفته على الفور يغط في نوم عميق من الإرهاق، فالنوم لم يلاق جفونه منذ يومان تقريبًا! اتسعت ابتسامة تلك الخبيثة وهي تتيقن نجاح خطتها السريعة... شياطين العقل تسير بين الخطوط كالسموم الخفية! كم حمدت الله أن نومه عميقًا، ربما عميقًا جدًا، ولكن جاء هذا في مصلحتها.
إتسعت ابتسامتها اكثر واكثر وهي تحدق في عز هامسة: -طريقي ليك قصر، قصر أوي يا حبيبي ضحكت بانتصار ثم إتجهت للمرحاض بهدوء تام...
كانت في المرحاض إلى أن سمعت صوت طرقات قوية على الباب، أخذت دقائق حتى ترتدي ملابسها وتستعد للخروج، وما إن خرجت حتى وقعت عيناها على تمارا تقف لجوار عز الذي يبدو أنه استيقظ مفزوعًا... ثم ما لبث أن صفعها بقوة صارخًا بها: -كل دا حصل يا منافقة؟! أنتِ بتجيبي الكلام دا منين! شهقت تولين بألم وهي تضع يدها على وجنتها، وسرعان ما كانت تتلاحم الشهقات بين جذور حروفها وهي تتمتم: -أنا آآ ع عز صدقني!
نظراته كانت مزدردة، تحمل نوعًا من الجزع مخضب بالكراهية الدفينة، وكأنه يخبرها علانيةً يا ليتني لم أتزوجك أصلًا ! حاولت هي باستمرار كذبها الباكي رفع غطاء الكراهية عن عيناه فتمتمت: -صدقني أنا معملتش كدة، هي بتكذب، هي اللي بتألف عليك حاجات محصلتش أنا عمري ما هعمل كدة وأنا عارفة إننا متجوزين عشان سبب معين! كز على أسنانه بغيظ حقيقي، لو لا يعلم تمارا بحق لكان صدقها على الفور!
ولكن نظر لها بحدة جامدة بكل ما تحمله الكلمة من معاني مشملة، ثم أخبرها بقسوة: -تطلعي من هنا ماشوفش وشك تاني، المرة الجاية مش هاكتفي بقلم وهاطلع يا زبالة! كانت الحروف تتهافت تنوي الدفاع عن قضية خاسرة: -عز اسمعني... ولكن جرف غضبه الأجوف وهو يصرخ فيها جعلها تصمت: -برررررره مش هاسمع حرف تاني! ابتلعت تلك الغصة المريرة بحلقها وسحبت نفسها ببطئ للخارج، ولكن قبل أن تخرج استوقفها عز ببرود:.
-استني صحيح عشان الحفلة تكمل... ثم اقترب منها حتى أصبح امامها يُصوب مدفعه بوجهها وهو يردد بحدة: -إنتِ طالق، طالق، طالق! ومفيش عدة لإني ماقربتش منك، يعني اول ما ورقتك توصلك انتهينا! نظرت لتمارا التي كانت تقف متربصة تعلن إنتصارها بكل فخر وجبروت عنصر أنهى الحرب قبل أن تبدأ من ناحيته... لتهب مغادرة كالإعصار وهي تهمس لهم بغل دفين: -بكرة تندموا انتم الاتنين!
تنهد عز وهو يمسح خصلاته عدة مرات متمتمًا وكأنه لا يصدق: -مش عارف ازاي ماشوفتش كمية الحقد اللي جواها دي! نظرت له بسخرية وكأنها تلومه حتى بعد ما رأته.. ثم تنهد وهي تغادر تلك الغرفة بخفة دون كلمة اخرى غير آبهه بأندهاشه!
وحينما تقرر أنت الهروب، تدركك الغبرة أينما ركضت ! لم تتوقع رودين مفاجأتان في طبق واحد، فتدلى فكها وهي تسأله مشدوهه: -أنت قولت أية؟! لم يتخل عن ابتسامته السخيفة وهو يخبرها: -زي ما سمعتي، المفروض إني بنتقم لأهلي من أبوكِ ال صرخت فيه بأعصاب نافرة: -أبو مين أنت متخيل أنت بتقول أية! أنا اصلًا مليش أب ولا أم، أنا اتربيت في الملجأ اللي أنت اخدتني منه يا استاذ.
حك طرف ذقنه وكأنه يفكر، ويهمس متلاعبًا بأعصابها المشدودة فعليًا: -اقولها ولا مقولهاش، اقولها ولا مقولهاش، تقولها ولا لا يا واد يا يوسف صرخت فيه بانفعال: -ما تنطق وتخلصني بقاا ظل يقترب منها ببطء وهي تعود للخلف، ذلك الخوف اللعين الذي يسيري بين أوردتها متخفيًا بين الدماء لم تكتسحه شجاعتها حتى الان! اصبح امامها تمامًا، خطوة واحدة ما تفصله عن الموقع الذي وقعت عيناه عليه!
مد يده ببطئ يملس على وجنتها الناعمة هامسًا بخفوت: -هششش، اهدي حدقت فيه بذهول، اي هدوء ذاك الذي يطلبه؟! ثم، ثم هل هو مُصاب بالشيزوفرينيا ام ماذا!؟ ظلت تهز رأسها وهي تهمس له في المقابل: -لالا أنت مش طبيعي، أنت استحالة تكون انسان طبيعي ابتسم ببطء مُخيف، ثم تشدق مستنكرًا: -الله! الظاهر إنك عاوزاني اكون المنتقم الشرير وأنتِ الضحية المسكينة.. ابتعد عنها فجأةً وهو يردد:.
-أنا مش كدة، انا مش عايش في صعيد مصر، لا صعيد اية دا حتى الصعايدة اتنوروا عن جو الانتقام والشغل الفكسان دا! لو هنتقم يبقى المفروض أسلم ابوكِ دا للبوليس، بس كنت مفكر إني هقدر اضغط عليه بيكِ، لكن هو حتى بنته رماها في ملجأ ومش عايز يشوف خلقتها! غصة عميقة استقرت بين غصون حلقها بقسوة، حاولت جاهدة منع الدموع من التحرر، حاولت كبتها بقوة كما اعتادت امامه، حاولت وحاولت!
ولكن كله راح هباءً عندما أكمل بسخرية مريرة خدشت تماسكها الهش: -أنا مش عارف أنتِ ازاي عايشة، لا أم ولا أب وحبيب ولا خطيب ولا حتى مربية ربتك خايفة عليكِ زي ما بنشوف في الافلام، لا الله يكون في عونك عندها أنهارت ارضًا، لم يكن باحتمالها الصمت اكثر، هناك براكين تُفجر داخلها مصاحبة لكلماته! ظلت تبكي بعنف وهي تصرخ بصوت منتحب:.
-مش ذنبي، مش ذنبي كل دا، حرام عليك أنت لية مصمم تيجي عليا؟! أنا ماختارتش الحياة دي ولا حتى كان في ايدي اغيرها، أنا لما كنت بحاول أهرب كانوا بيمسكوني ومابيسبونيش الا وفي علامة ليهم على جسمي... ضحكت بسخرية متألمة وهي تكمل: -كل ما افكر اهرب تاني عيني تيجي على العلامات دي بترعب، لكن برضه كنت بحاول أهرب، مهو نار موسى احسن من جنة فرعون! نهضت فجأةً وهي تردف بشموخ غريب: -أنا احسن منك.
اتسعت حدقتا بذهول وهو ينظر لها، لتستطرد وهي تضربه على صدره بقوة مستأنفة صراخها: -على الأقل أنا ماختارتش حياتي دي، ماعيشتهاش بأرادتي، انما أنت عيشتها بأرادتك! وللحق هي أصابت الهدف، أختارت سهمًا خُلق من مشاحنات الواقع فكانت النتيجة مرضية لحد كبير... تنهد بقوة وهو يسحب يدها ليجلسها على الأريكة مرددًا بصوت رقيق: -ممكن تهدي عشان نعرف نتكلم، أنا مش قصدي اللي فهمتيه بس يمكن انا كلامي دبش شوية.
نظرت له بحدة فسارع متمتمًا: -لأ شويتين! ظلت يتنهد عدة مرات وكأن التلعثم يرفض الانتفاض عن حروفه، ثم أستطرد حديثه بصوت مضطرب نوعًا ما:.
-اسمعي يا رودين، أنا في البداية خالص كنت سمعت طراتيش كلام كدة عنك قبل ما اخدك من الملجأ إنك يعني عايشة دور المتمردة والزعيمة، ومن الاخر كانوا بيلمحوا لي إني اختارك وبيحاولوا يقنعوني، أنا قولت اشوفك ولو عجبتيني يبقى لية لأ، مهو فالاخر هتبقي زيك زي غيرك هتقاومي مرة واتنين والتالتة تستلمي للامر الواقع، اخدتك وكنت مفكر دا اللي هايحصل لكن للأسف حصل عكسه تمامًا!
نظرت له مستفهمة فمد أصابعه برفق يملس وجنتها الناعمة بشيئ من التناغم مع كلماته الهامسة: -أنا مش هقول إني وقعت في غرامك من اول نظرة ولا كلام الافلام دا، بس أنا حاسس إن في بداية مشاعر... لم يعطها فرصة الانتفاض مبتعدة عنه إذ استحوذت شفتاه مكان أصابعه فصار يُقبل كل إنش في وجهها ببطئ..
وهي ككل أنثى متعطشة لذلك الشعور، وقد تكون محرومة من الهمس واللمس كما يقولون، توترت في البداية وأنقطعت أنفاسها، التعبير المناسب استرخت انفاسها المضطربة ولكن ربما استعدادًا لمرحلة الهجوم! شعرت به يدفعها بجسده ببطئ لتتسطح على الأريكة وهو أعلاها، بعدما انتقلت شفتاه تقابل شفتاها في قبلة محمومة شغوفة رغما عنها اشعرتها أنها ليست مجرد رغبة بجسد انثى...!
وعند تلك النقطة هبت منتصبة تحاول أن تبعده عنها مسرعة قبل أن تزداد يده جرأة التي زحفت لاطراف ملابسها، ولكن وكأنه لم يصبح معها فلم يأبه لمقوماتها فصار يتعمق في تقبيل شفتاها، لا عفوًا! في كل جزء يظهر منها! بدأت انذارات الخطر تضرب بعقلها فصارت تحاول أبعاده بقوة وهي تهمس له باختناق: -يوسف، يوسف ابعد عني كفاية انتقل لتقبيل رقبتها التي ظهرت ببطئ فصارت تصرخ أكثر بانفعال: -لأ كفاااااية مش تاني بقا حرام عليك.
ظل يهمهم من بين قبلاته المحمومة: -هشش متخافيش يا حبيبتي مش هأذيكِ ظلت تقاومه بشراسة، ولكنه لم يكن يستجيب لرفضها، هي أشعلته، ولا يطفئ ناره سواها الان! تفعل ما لم تفعله اي فتاة مسها، ترميه في غفوة ناعمة حالمة جميلة لا يود الاستيقاظ منها...! حاولت الصراخ مرة اخرى متجاهلة حبالها الصوتية التي اُرهقت: -يوسف ابعد عني، اوعى سبني فرد عليها في المقابل دون وعي: -مش هقدر، هموت لو بعدت، أنا جعان!
سمعت تمزق ثوبها بعنف ولهفة مترابطان، فكادت تنهار، ولكن صرخت بهيسترية وهي تدفعه بقوة: -ابعد عني يا حيواااااان نهض اخيرًا وهو يلهث من فرط الأنفعال، من هوج المشاعر التي أحرقته لهفةً ورغبةً...! حدق بها بنظرات محتقنة مرماه في حلمًا من القمر، ليقول بعدها بحدة: -تصدقي أني فعلًا حيوان عشان فكرت أعامل واحدة زيك كويس أعطاها ظهره مكملًا بصوت عالي: -غصب مش عاجب، لين برضه مش عاجب إلتفت ممسكًا بذراعيها بصراخ حاد:.
-أنتِ عايزة أية بالظبط؟! خرج صوتها منفعلًا رغم إنخفاضه، متهدجًا في مراحله: -عايزاك تطلقني وتبعد عني بقا كفاية أنا تعبت جذبها له بقوة حتى إلتصقت به، ومن ثم أقترب بوجهه منه حتى لامسه برفق، ليستطرد بعدها بصوت منافي لتلك الرقة في لمسته: -بعينك، هو عِند بقا أنا مش هاسيبك الا... تحسس بعض منحنيات جسدها بوقاحة مردفًا: -اما اشبع واكتفي منك..
شعرت أنها على وشك إفراغ ما في جوفها فدفعته بقوة قدر الإمكان حتى استطاعت فركضت للمرحاض لتغلق الباب خلفها مفرغة ما في جوفها.. حدق في ظلها بذهول، ألهذه الدرجة تتقزز منه؟! تأفف عدة مرات ثم اخذ المفتاح وهاتفه وغادر بضيق حقيقي!
واخيرًا إستطاعت فك ذاك الشباك بينهم، كان فهد يلهث بعنف، صوت تنفسه عالي وهو يحدق بذاك الأبله بحدة... تنهدت كلارا بعمق وهي تخبره بلهفة: -فهد please go وأنا هاكلمك بعدين نظر لها شزرًا، أتطلب الإنفراد بذلك الحقير ام الغضب هيئ له ذلك؟! عامةً، هو لن يترك مساحة للهواء حتى أن يستحوذ غصونها سواه! ثم سرعان ما كان يصرخ بها غير مصدقًا:.
-أنتِ مجنونة، أنتِ عايزاني أسيب مراتي مع الكائن المايص دا لوحدها؟! لما ابقى ألبس حلق وطرحة زي الحريم أبقى اسيبك ساعتها هنا رد مروان بانفعال: -أنت بني ادم همجي على فكرة و so local ومابتفهمش كمان كاد فهد يندفع نحوه مرة اخرى ليضربه ولكن كلارا وقفت أمامه بسرعة حتى أصبحت بأحضانه تقريبًا، لتهمس بصوت يكاد يسمع ؛ -فهد عشان خاطري، ارجوك كفاية لو بتحبني بجد خلاص.
أغمض عيناه وهو يستغفر سرًا، على أي شخص استيقظ اليوم ليكن يومه مفرعنًا بالسواد هكذا؟! قرب كلارا منه وهو يرد بصوت أجش: -لو مش عايزاه يموت خليه يمشي من قدامي دلوقتي، حالًا ابتلعت ريقها بتوتر حقيقي وهي تومئ له، ثم نظرت لمروان تقول بسرعة: -مروان please go now، He is so so angry now، I m nervous اومأ مروان موافقًا على مضض: -ماشي ولو عملك حاجة ناديني اومأت له بسرعة وهي تمسك بيد فهد حتى لا ينفعل أكثر...
وقبل أن يخرج ناداه فهد وهو يجذب كلارا من خصرها له مغمغمًا ببرود ظاهري: -اسمع يالا، دي مراتي، بتاعتي أنا بس، مش من حقك ولا من حق امثالك يتجرأوا عليها ولو بهمس حتى! وهاخليك تندم على اليوم اللي اتولدت فيه لو فكرت تقرب منها تاني نظر له مروان بازدراء ثم غادر، صافعًا الباب خلفه، وسرعان ما كان يمسك ذراع كلارا بحدة متساءلاً: -أية اللي بينك وبين الأخ دا!؟ واية العشم اللي كان بيقرب بيه دا.
كادت تجيب ولكن ضغطته على ذراعها ألمتها بشدة فهمست له بضعف: -فهد دراعي أنت بتوجعني رخى يداه ببطء ولكنه مازال يسألها بعنف: -أنطقي تعرفيه منين اصلًا وازاي تعيشي معاه كدة!؟ تنهدت بقوة وهي تتشدق ب: -أنا مش عايشة معاه، هو كان جاي يشوفني بس، وكان، كان مفكر أني هطلق منك عشان كدة قرب مني عادي يعني مش قصده حاجة كز على أسنانه غيظًا وهو يهمس: -يعني كمان كان ناوي يتجوزك، دا انا هاطلع اهله.
وكاد يسير مبتعدًا عنها ولكنها ركضت بسرعة لتقف امامه قبل أن يفتح الباب وبسرعة البرق كانت تقف على أصابع قدمه لتقاربه، ومن دون تردد كانت تقبله مغمضة عينيها! نعم قبلته، قبلته كما لم تفعل يومًا وجدت كل الطرق مغلقة سواه، فسلكته على غير هداه! صُدم هو من مبادرتها تلك، ولكن سرعان ما كان يلتهم شفتاها بعنف، يود أكلها ولا يستطيع! فجرت كل شوقه لها بمبادرتها تلك، اشعلتهم سويًا وهو عاشق لذاك الاشتعال!
ابتعدت اخيرًا تلتقط انفاسها الهادرة ثم همست: -وحشتني... عاد يقبلها مسرعًا وكأنها ستهرب من بين يديه، زجها بجسده حتى حُشرت ما بينه وبين الباب من خلفها، عندها همس هو لها بصوت مبحوح: -لو قربت مش هتقدري توقفيني! رفعت يدها تحيط عنقه كردًا منها على هذا الهراء، ومن دون تردد وجدت قدماها تبتعد عن الارض وقد حملها يلف بها وهو يشبعها تقبيلًا، لم يكن يتخيل أن شوقه ورغبته بها ستصل لهذا الحد...
هي تجعله ينسى نفسه، لا بل ينسى العالم بأكمله بين أحضانه! وضعها على الفراش برفق يطل عليها مرددًا بصوت شملته العاطفة وقد توهجت عيناه بنظرة تعرفها جيدًا: -بعشق، بعشق ومقدرش أبعد عنك حتى لو وصلت أني هربطك في رجل الكنبة عشان متهربيش تاني! ضربته على صدره مرددة في حرج: -فصلتني من اللحظة، أية الرومانسية دي؟! هتربطني في رجل الكنبة، امال لو مابتحبنيش هتعمل فيا أية!
أكتسح رقبتها التي ظهرت ببطئ يستنشق عبيرها الذي يسكره، ويداه تعبث بمنحنيات جسدها قبل أن يخبرها بصوت يكاد يسمع: -هعمل كدة... ولم يترك لها المجال اذ اكتسحها كليًا يلتهمها بلا صبر او تردد او حساب لأي شيئ..!
كانت تمارا تقف في المطبخ تعد الطعام وهي تدندن بتسلية وقد أراحها كثيرًا طرد تلك الفتاة تولين واخيرًا...! كالصخرة التي كانت ترقد فوق صدرها واُزيحت اخيرًا بعد طول مدة.. كان الجو حار فارتدت شورت يصل للركبة وتيشرت قصير وضيق دون اكمام، بالاضافة لخصلاتها الناعمة التي تركتها تستحوذ جانب وجهها...
فجأة شعرت بوجوده من خلفها يحتضنها برقة مستنشقًا عبيرها الذي يعشقه، شهقت هي مصدومة وتجمدت مكانها، لتلكزه برفق مرددة: -ابعد عني أنت بتعمل أية تجاهلها تمامًا وهو يلتقط الشيكولاته التي كانت تصنعها بأصبعه وهو يسألها متجاهلاً كلمتها: -دي شيكولاته دي؟! اومأت مؤكدة بحماس وقد تناست أنها بين احضانه: -اصل عمو حسن راجع من السفر النهاردة فقولت أعمله كيكة بالمناسبة دي.
كز على أسنانه بغيظ حقيقي، آهٍ لو تهتم به نصف اهتمامه بجده! زفر بقوة ثم نظر للشيكولاته التي في يده لتخطر له فكرة خبيثة.. جعلها تستدير له ولكن لم يفلتها من بين احضانه ثم بدأ يضع الشيكولاه بأصبعه على شفتاها ببطئ، فهمست هي مذهولة: -أنت بتعمل أية! غمز لها بطرف عيناه مجيبًا بجدية مزيفة: -هادوقها يا تمرتي!
اتسعت حدقتاها من جرأته ولكن لم تُعطى الفرصة فوجدته يتذوق الشيكولاته من بين شفتاها فعليًا، لا عفوا بل يتذوق شهد شفتاها يُتقن في الاستطعام وكأنه مهمة صعبة، ولكنها لذيذة! يلتهم شفتاها بتوق وكأنها تغنيه عن كل جوع يشعر به، ولكنه اكتشف انه لا يشبع ولا يمل منها ابدًا! كلما تاق الاكتفاء يشعر بلهيب داخله يشعله اكثر...
واخيرًا ابتعد عنها لحاجته للاكسجين فقط، ازاح خصلاتها للخلف ببطئ فوقعت عيناه على التيشرت القصير، لا القصير جدًا الذي يظهر تضاريس جسدها التي عشقها... ابتلع ريقه بتوتر ثم عاد يتحسس وجنتها برقة مردفًا: -إغراء يهدد ثبات الدولة ده ولا لا يا متعلمة يا بتاعت المدارس؟! عضت على شفتاها بخجل من وقاحته، ثم ضربته على كتفه هامسة: -اغراء اية بطل قلة ادب يا حضرت الظابط طوق خصرها بتملك مكملًا وهو يلثم رقبتها بشوق:.
-قلب وعمر، وحب، وحياة حضرت الظابط اقسم بالله ظلت تتنفس بصوت عالي من لمساته التي تؤثر عليها رغمًا عنها، مغمضة عيناها تستمع بذلك التيار الذي ينغمس فيه شعورها... وفجأة وجدته يحملها فصرخت مسرعة: -لالا الكيكة هكملها لا سبني سبني بسرعة يا عز بسرعة إلتقط شفتاها في قبلة اخرى متلهفة بعد أن قال بخفوت: -كيكة اية بس في مستقبل بيضيع وفي عيال نفسها تيجي الدنيا وتيتو اتأخرنا عليه اوووي شهقت بفزع: -تيتو مين ده يا عز.
قبلها بعمق ليبتعد لاهثًا: -ابننا ياحبيبتي ابننا، مهو اكيد مش هاتجبيه بالبلتوث ده محتاج إتقان! ضربته بقوة تهتف بخجل: -وقح وقليل الادب ضحك بعلو صوته ثم اسرع يركض بها آكلاً شفتاها مع درجات السلم...
على طرف اخر كان يدخن بشراهة وهو يراقبهم في الشاشة التي امامه الى أن اختفوا فرمى السيجار ارضًا وهو يهمس بشراسة ؛ -اضحك يا حضرت الظابط اضحك لعلها تكون اخر مرة تضحك ثم نهض يكسر كل شيئ امامه وهو يصرخ بجنون: -مش انا اللي حد ياخد مني حاجة بتاعتي، هادمرررررك وهاخدها وهاحرق قلبك وأنت شايفها في سريري، زي ما أنت بتحرقني في كل مرة بتقرب فيها منها...!