أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم في منتدى جنتنا، لكي تتمكن من المشاركة ومشاهدة جميع أقسام المنتدى وكافة الميزات ، يجب عليك إنشاء حساب جديد بالتسجيل بالضغط هنا أو تسجيل الدخول اضغط هنا إذا كنت عضواً .





رواية عندما يعشق الرجل

مقدمة الرواية - تعريف الشخصياتعائلة رشاد السيوفىزوجته (فيريال ) لديه ثلاثة أبناء1-محمود زوجته (كوثر)ابنه(مالك )2-سليم تز ..



26-11-2021 01:55 صباحا
مشاهدة مشاركة منفردة [22]
زهرة الصبار
عضو فضي
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس : أنثى
الدعوات : 2
قوة السمعة : 10
 offline 
look/images/icons/i1.gif رواية عندما يعشق الرجل
رواية عندما يعشق الرجل لشيماء محمد الفصل الثالث والعشرون

الجزء الأول

انكمشت بجسدها وهى تلف الغطاء على جسدها بأحكام ...وجسدها يرتجف من برودة الطقس لهذا اليوم ...لدرجة أن أطرافها تكاد تتجمد من الانخفاض الشديد لدرجة الحرارة ..."عليها أن تشترى مدفأة غدا "قالتها دينا فى نفسها ...فيبدو رغم صغر الشقة إلا أنها باردة ولا يوجد دف بين ارجاءها...تحركت ببط من على السرير وجلست على أحد جانبى السرير و أنزلت رجليها على ارضية الغرفة ...وضعت يديها بسرعة على كتفيها ما ان شعرت بالبرد يجتاح جسدها...

ابتعدت عن السرير و مدت كفها نحو الكرسى الموجود فى الغرفة وسحبت كنزة صوفية ...ارتدتها و خرجت من الغرفة متوجهة حيث مطبخها الصغير ...أعدت كوب كبير من القهوة بالحليب وما ان انتهت حتى سمعت صوت يعبر عن انقطاع الكهرباء فاتسعت عيناها بذعر وظهر الضيق على ملامحها...انها تكره الظلام مثلما تكره الوحدة "لقد بدأت البشائر !" قالتها فى نفسها بضجر فيبدو انها ستجد من هذه الليالى المظلمة كثيرا ...خرجت من المطبخ وهى تحمل بين يديها كوبها الساخن بيد وباليد الاخرى تتحسس الجدار حتى وصلت الى النافذةالكبيرة فتحتها... ابتسمت بسعادة ما ان رأت النجوم الصغيرة فى السماء لتزيد السماء جمالا وتدخل قليل من الضوء الى شقتها ... قربت طرف الكوب الى شفتاها فأصدرت همهمة خفيفة تعبر عن سعادتها من مذاق قهوتها الرائعة...فهى بحاجة إليه بشدة فى هذا الجو البارد ليسرى بعض الدف فى جسدها... سحبت كرسى نحو النافذة وجلست عليه وهى ترتشف من كوب قهوتها ...اجفلت بسرعة واتسعت عيناها من الصوت الصادر من الهاتف وضعت يديها على قلبها الذى ازدادت دقاته ...وعقدت حاجبيها ...من يمكن قد يكون المتصل بها الآن ؟!...تحركت مبتعدة عن السرير وهى تتبع صوت الهاتف فهى لا تتذكر حتى أين وضعته ...وصوت الرنين يأبى التوقف ...تنهدت بقوة وابتسمت ما ان وصلت إليه ...عقدت حاجبيها بدهشة ...وعيناها تلتقط رقم غريب على شاشة هاتفها ...لثوانى رفضت الرد ...لكنها سرعان ما خذلتها أصابعها وضغضت على زر الموافقة ...وضعت سماعة هاتفها المحمول على إحدى اذنيها .

"مرحبا " قالتها بصوت حاولت أن يكون هادئا إلا انه خرج ناعما منها ...فتاوه المتصل وانفاسه تخرج متقطعة ...رفعت أحدى حاجبيها بتعجب ...وهى تنتظر ان يجيب أحد ...لكن ما من مجيب ...
" مرحبا! ...من المتصل ؟!...لكنها لم تجد غير الصمت وصوت أنفاس فقط ...فقالت بقلة صبر وغضب " إن لم تجب ساغلق الهاتف ...حقا لا أعلم من هذا الوقح الذى يتصل على أحد ما فى هذا الوقت !...بالطبع فامثالكم لا يوجد وراءهم شئ "قالت كلماتها بسرعة ...وما كادت تبعد الهاتف عن اذنيها حتى سمعت صوته ...الذى جعل قلبها يكاد يخرج من مكانه ...انه هو ...نعم هو ...
" دينا " قالها بشوق وحرقة... شعرت بصدمة ما ان سمعت اسمها من فمه بلعت ريقها بصعوبة محاولة ان تبدو ثابتة ولا تسقط على الأرض ...لماذا هى متفاجاة هكذا بسماع صوته ...
" دينا ...دينا أنا أسامة أرجوك لا تغلقى الهاتف " قالها برجاء وهو يشعر بصمتها خائف من أن تغلق الهاتف وتمنعه من أن يخبرها بشوقه إليها ...يخبرها انه لا يستطيع الابتعاد عنها ...
أغلقت عيناها بقوة تنتظر باقى كلامه ...ما ان وجد صمتها حتى تابع بصوت متهدج حزين
" اشتقت إليك ...أعطيني فرصة
وسامحينى...سامحى خطاى و...وبعدى عنك ...سامحى حماقتى لتركك...اغفرى لى ...واعطينى فرصة ...فرصة واحدة فقط ...انا ما زلت أحبك ...انسى كل شى ...انسى بعدى عنك ...انسى إننى ...اننى تركتك...لقد أخطأت ولكن لم يكن بيدى" ...احترقت عيناها من الدموع التى امتلأت بها وضعت يدها على فمها تحاول كتم شهقاتها من ان يسمعها ...صمتت...اسامح وانسى ...كيف؟! ...وهل الغفران يطلب! ...
" دينا ...أنا ما زلت أحبك ...دينا " قال كلماته بحشرجة حتى قاطعته بغضب وألم
" كفى ...كفى أرجوك ...ابتعد عنى ...يكفينى ألما ...أرجوك " هتفت بكلماتها وأغلقت هاتفها من دون ان تنتظر إجابته ... وضعت الهاتف على الطاولة تحاول السيطرة على اهتزازة يديها وقدميها من السقوط على الأرض ...حتى جلست على أقرب كرسى ...دفنت وجهها بين يديها واجهشت بالبكاء وجسدها يهتز بشدة ...لم ترفع عيناها إلا عندما شعرت بدف أشعة الشمس التى عبرت عبر النافذة المفتوحة والتى رافقتها نسمات هواء باردة ...لقد ظلت جالسة على الكرسى حتى انها أغلقت عيناها لا تعلم لمتى بعد ان بكت ...تحركت بتعب مبتعدة عن الكرسى ...وظهرها يؤلمها من جلستها تلك ...تحركت نحو الحمام ...أبعدت ثيابها عنها وسقطت بجسدها تحت مياه الدش ...حاولت ألا تفكر به ...ولا بكلماته لها ...لكنها ظلت تردد فى اذنيها وراسها كصدى الصوت .."ما زلت أحبك !" لقد عاد لأنه علم أنه عندما يعود سيجدها. ...وأنها فى النهاية لن تذهب لغيره ...
نظرت إلى المرآة وهى تبعد المياه عن وجهها واقتربت من المرآة قربت يدها ومسحت بها تكثف البخار عليها ..
" ثلاثة وثلاثون عاما ...هل أصبح لديك وقت لكى تبداءى من جديد!؟ ...لقد ضاع منك الكثير انتى لست بصغيرة. ...فقط لو كان يحبك ...فقط لو أحبك بصدق ...لما تركك كل هذا الوقت وبعد ذلك يعود ...عاد طالبا السماح ...ولكنى بشر كيف اسامح من تركنى وذهب ...أول من كنت أحتاج إليه ...كم كنت أحتاج لضمه لى فى أوقات كثيرة ...كنت فى حاجة إلى من يمسح دمعى ويربت على ظهرى. ...أليس هذا هو الحب ...أليس الحب ان لا نترك من احبنا...ألا نخذلهم. ...ولكنه تركنى وخذلنى إذا ماذا أفعل انا؟ ...هل أستطيع أن اسامح !"

 

تسللت خيوط أشعة الشمس إلى الغرفة مما ايقظها...أزاحت الغطاء عنها ووضعت رجليها على الأرض ...لكنها سرعان ما شعرت بأن الأرض تدور بها فوضعت إحدى يديها على رأسها والأخرى كانت تستند بها على السرير ...لم تشعر بالجسد الذى ركض إليها ما ان راءها هكذا عندما لمحها وهو خارجا من الحمام
"اروى ...ماذا هناك !؟...هل تشعرين بشئ ؟" هتف بها سيف بلهفة وهو ينظر اليها بتفحص ويمسك رأسها بين يديه ... ادارت رأسها إليه وعيناها تلمعان بحب وهى تنظر إليه ...ارجعها بهدوء على السرير
ثم قالت بصوت متهدج "لا تقلق انا بخير "
نظر إليها بأعين ثاقبة يتمنى أن تنطق حتى تريحه من هذا العذاب ...تنهد بضعف ثم تحرك وانحنى إليها وشفتاه تطبع قبلة دافئة على جبهتها ثم عيناها وصولا إلى عنقها الذى استنشق رائحته مطولا ثم لثمها بقبلة على شفتاها جعلتها تشعر بأنها تطير فى السماء الواسعة ... فتحت عيناها ببط تحاول أن تأخذ أنفاسها ما ان ابتعد فمه عن شفتاها ...نظرا إلى بعضهما لثوانى ثم أبتسم وهو يقول بحنان واهتمام وجدته بين عيناه " كنى بخير ...وتناولى طعامك بانتظام "
قالها ثم ابتعد عنها ...لم يعد يعرف ماهية شعوره نحوها لكن كل ما يعلمه انه لن يستطيع الاستغناء او الابتعاد عنها فهى أصبحت تحمل طفله ...فأصبح لديه هدف واحد هو ان يؤمن لطفله كل ما يحتاجه ...فهو لن يجعله يوما مثله ...لكن حقا هل سيتمكن من أن يكون أبا جيدا...ام انه من الممكن أن يكون نسخة مطابقة لوالده ...لا ...قالها فى نفسه موكدا ...انه سيبذل كل جهده حتى يمنح طفله ما لم يحصل عليه هو سيكون له أباه واخاه وصديقه...
عدلت من جلستها على السرير وهى تراقب ارتدائه لملابسه. ...نظرت إلى أصابع يدها الموضوعة فى حجرها وهى تقول بصوت ضعيف مرتبك
" أريد أن اذهب إلى والدتى "
فالتفت بجسده إليها وهو يرمقها بقوة فتابعت بصوت مرتجف "انا لم اذهب إليها منذ ان تزوجنا...أريد ان اذهب إليها ...أرجوك " قالتها برجاء وخوف وهى تنظر إلى عيناه المسلطة عليها بدون اى رد فعل ...ظل يتبادلان النظرات ...حتى قال بهدوء " حسنا يمكنك الذهب ...لكن لا تتاخرى "
ظهرت السعادة فى وجهها فقالت بابتسامة اذابت قلبه جعلته يتمنى لو يرفض ذهابها ويبقى بجوارها يتذوق من رحيق شفتاها الذى لم تجعله تلك القبلة يشبع منها او من قربها
ثم تابع بحزم " إياك ان تتاخرى يا اروى ...هل فهمتى " فاؤمات رأسها موكدة ...

 

دلفت إلى الغرفة مباشرة ما ان سمعت صوت محرك سيارته معلنا عن وصوله وما ان دلفت إلى الغرفة حتى بحثت بعيناها فى ارجاءها لكنها لم تجد له أثر غير سترته وقميصه وبنطاله الملقون على الأرض ...عقدت حاجبيها و حاولت تهدئة نفسها وهى تستمع لصوت تدفق المياه فى الحمام المرفق بالغرفة ...فجلست على السرير وهى تفرك فى يديها بقوة لكنها سرعان ما ابتعدت عنها وكأنها قد جلست على صفيح ساخن ...وبدأت تتحرك فى الغرفة ذهابا وايابا بغير هدى ...عندما أتى لم تره كان مختفى تماما فاختلقت له الأعذار انه ربما يكون مشغولا لكن زادت شكوكها عندما لم ياتى ليلة أمس ...وهى تكاد تجن من القلق والتفكير عليه خصوصا عندما أخبرها زوجها مراد بأنه لم يذهب إلى الشركة ...انتظرته طوال الليل لكنه لم ياتى وفى ساعات الصباح الأولى كاد يجن عقلها وهى تفكر بأنه قد يصيبه شئ وكانت على وشك إيقاظ والده ...لكى يبحث عنه ...وما كادت تفعل حتى سمعت صوت محرك سيارته معلنا عن وصوله ...فتنهدت براحة وركضت نحو غرفته وفى رأسها ألف سؤال له ...توقفت فى مكانها وهى تراه يخرج من الحمام مرتديا بنطالا قصيرا وتى شيرت ووجهه متعب شاحب عيناه ذابلة من التعب ... حتى جسده فقد قليل من وزنه ...هذا ليس ابنها ...حازم يهتم بجسده وصحته بطريقة هى كانت تشك بها ...حازم يهتم بنفسه وجسده بطريقة جعلتها تنزعج أحيانا ...تعلم انه قد ورث هذا الشئ منها ...لكن ما سبب تحوله لهذه الدرجة ...سفر وعودة فجأة بدون مقدمات او أسباب ...

"أمى ...صباح الخير " نطق بها حازم بهدوء رغم تفاجاه بوجود والدته فى غرفته فى هذا الوقت
فتابع عندما وجدها تنظر إليه بتفحص " هل هناك شئ !؟"
" نعم " ردت بها بسرعة وحدة
فانعقد حاجبيه السوداوان باستغراب وفمه يلتوى بحزم كعادته ...فقالت بهدوء وهى تنظر إليه بحب واعين حزينة ..."هناك أن ابنى ليس بخير قلبى يخبرنى بذلك ...ابنى حزين ويفكر فى شئ ربما قد يكون يزعجه ...انتظرت ربما قد ياتى ويخبرنى كعادته ولكن هذه المرة لم يفعل ...هل يعتقد بأننى لن أستطيع تقديم المشورة له ...فالتفت بجسده معطيا ظهره لها وهو يغلق عيناه بقوة ...فتابعت وهى تقترب منه بهدوء وتلاحظ تصلب ظهره "ماذا بك ...يا قلب والدتك " قالتها بحنان جعله يخرج تنهيدة طويلة من قلبه جعلتها تلتفت له وتضمه إليها فاشتد بذراعه حول كتفيها بقوة وهو يتنهد بحزن ...حتى وإن لم ينطق فهى دائما ما تشعر به ...تعرف حزنه والمه من عيناه فقط وقبل هذا قلبها يخبرها بحزنه الذى لم تنطق به شفتاه ...ابتعدت عنه ووضعت يدها بين يديه وسحبته خلفها وكأنه طفل صغير ...نعم سيظل صغيرها مهما كبر او حتى أصبح أكثر طولا منها ...جلست على طرف السرير واجلسته بجوارها ...ونظرت إليه وهى تنتظر ان يفصح عما يعكر تفكيره ويجعله هكذا ...هل يمكن أن يكون الحب ...الحب هو من جعل صغيرها يسهر الليالى وربما هو من جعله أيضا يسافر ...لكن من تكون من جعلته هكذا ...وهل هى هنا ام من هناك ...تساؤلات كثيرة دارت فى رأسها ...ابتعد عن السرير ووضع يديه فى جيب بنطاله ينظر من نافذة غرفته وهو يحجب أشعة الشمس بطوله الفارع...تنهد مطولا حتى عقدت والدته حاجبيها بشدة وهى تستمع لصوت تنهده الذى آلم قلبها...

فقال بهدوء وصوت متهدج بدون اى مقدمات فهو لا يحتاج إليها عندما يتحدث إلى والدته ...لا يحتاج إليها عندما يتحدث مع نورا ...من فعلت الكثير والكثير من أجله فقط " حياتى كانت دراسة وبعد ذلك عمل فقط أردت أن أصل إلى ما أريده بدون مساعدة أحد ...واستطعت فعلا أن أحقق هذا ...حتى ...توقف قليلا ثم تابع قائلا. ...حتى ظهرت هى ... رأيتها أول مرة كفراشة صغيرة تحلق فى السماء تلمع باشراق وتألق ...تمنيت أن احتضنها وإن تكون بين يدى ...لكن ...لكن ...صمت وهو يحاول ترطيب حلقه الجاف ...وهل يستطيع أخبار والدته أكثر ...هل يستطيع ان يخبرها بما يعرفه ...بأنها كانت لرجل آخر ...لكن هذا ليست المشكلة بالنسبة له رغم أن الأمر يؤلمه إلا انه يحبها ...يحبها لدرجة انه سيتغاضى وينسى كل شى فقط لتكون بين يديه ومقابل فقط كلمة من فمها انها تحبه او حتى نظرة من عيناها تخبره بأنها تفكر به كافية له ...لقد أصبح مجنونا هاءما بها ...

انتظرت لكنه صمت ...فقالت بسرعة وهدوء "من ؟"
فالتفت بجسده إليها فتابعت بثبات " من ...من هى ؟" هل يخبرها بمن سلبت النوم من عيناه ...هل يخبرها بما فى قلبه ...اقتربت منه وهى تقول بدف "اخبرنى ...ربما أستطيع المساعدة "صمتت وهى تحاول أن تساءله عمن تفكر بها ...عن المرأة التى لمحت نظرته إليها ... نظرة كانت أول مرة تراها فى عينى ابنها ...لم يبعد نظره عنها عندما كانوا فى حفلة زفاف حفيد السيوفى مالك ...
" أ هى نور؟! " قالتها بسرعة
بلع ريقه ...و عيناه هى ما نطقت فى هدوءهم هذا ...
"نعم " همس بها اخيرا
" إذا ما المشكلة " همست بها نورا هى الآخرة
المشكلة انها لا تحبه ...المشكلة انها ...انها لا تنظر إليه ...أراد قول هذا لوالدته لكنه لم ينبس ببنت شفه فضل الصمت
" حازم هل تحبها " سألته ...لمعان عينيه كان كافيا لنورا لتعلم أن ابنها أصبح عاشقا مثلما كان والده ...نظرت له بابتسامة عذبة ...ومن ثم خرجت من الغرفة بهدوء ...تبحث عن زوجها ...فهى لن تقف ويداها معقودان أمامها ...نزلت درجات السلم ...حتى تسمرت مكانها وهى تحدث نفسها بغيظ"ما الذى أتى بها الآن! "
رأت حماتها العتيد تجلس مع ابنها الوحيد ...فاقتربت منهما وقالت وهى تحاول رسم ابتسامة على شفتيها "مرحبا حماتى ...ما الذى أتى بك ؟!"

فلوت الأخرى شفتاها من استقبال زوجة ابنها ورفعة حاجبيها وقالت بتهكم " بخير يا زوجة ابنى "
حاول مراد ان يدير برأسه نحو زوجته لكن والدته منعته وهى تحاول ان تجعله ينتبه لها وهى تريه باقى مجموعة الصور التى بحوزتها " انظر ما رأيك بهذه ...أليست جميلة انها مناسبة "
اشتعل الغضب بين مقلتيها وهى ترى صور الفتيات التى تريها حماتها لابنها ...هل تحاول تلك العجوز تزويج ابنها الذى قد شاب رأسه ...بعد أن فشلت قديما ...وتعيد محاولتها مرة أخرى ...لا وألف لا ...ستقتله وتقتل والدته هذه المرة...وربما تقوم بتقطيع جسديهما ووضعها فى أكياس القمامة ...لا بل ستقوم برمى القطع على قارعة الطريق حتى تأكلها الكلاب المتشردة على الأقل ستفعل حماتها حسنة واحدة فى حياتها بأن تشبع الكلاب الجائعة فى الشوارع وحينها سيتصدر الخبر جميع الجرائد والمجلات ""مقتل المحامى الشهير مراد السيوفى هو ووالدته التى كانت تخطط لزواجه على يد زوجته ""...فاخرجها صوت زوجها من أفكارها الشيطانية والاجرامية فى قتله هو ووالدته ...
" نورا ...تعالى وانظرى لهذه الصور واختارى واحدة ...والدتى رشحت مجموعة من الفتيات لحازم تعالى واختارى واحدة "
"ماذا " هتفت بها مستنكرة وغاضبة
فردت حماتها بلؤم " على الأقل أستطيع أن اختار لحفيدى فتاة تناسبه بعدما فشلت فى تزويج والده ممن تستحقه وتليق بمركزه...اشتعلت عيناها غضبا ولكنها اصتكت على أسنانها تحاول تهدئة نفسها وبكل هدوء جمعت الصور من أمامهم وقالت ببراءة كاذبة تحاول ان تغيظ او تفقع مرارة حماتها "لا اريد ان اتعبك حماتى ...لكن ابنى ...انا من سأختار له فهو لديه معاير خاصة جدا لمن ستتزوجه وهو جعلنى اختار له ...حقا رائع ان يثق بى ابنى ويجعلنى اختار له " نطقت كلماتها وهى تصتك على كلمة" ابنى "
وتابعت وهى تنظر إلى زوجها "مراد أريدك " فابتسم بشقاوة...وما كاد يتحرك مبتعدا عن الكرسى الجالس عليه حتى اوقفته والدته قائلة بحزن كاذب " ما هذا ألن تبقى معى قليلا "
فكشرت نورا عن انيابها وقالت بدلال " مراد أريدك "
قالتها وابتعدت عنهم ...فظهر الامتعاض على وجه والدة مراد وقالت من بين أسنانها " وقحة ما زالت تعتقد نفسها جميلة وصغيرة " أبتسم مراد واقترب منها وطبع قبلة على يديها وراسها " أحبك ...لن أتأخر ساعود اليكى لكى نكمل باقى حديثنا ...فأنا قد اشتقت اليكى "
قالها وذهب وهى تشتعل غيظا وغضبا من زوجة ابنها ...لا يعلم لماذا ابنها يحبها لهذه الدرجة فلا يوجد بها شى يجعله هكذا لها ...بالتأكيد هى قد سحرة له ...لتجعله هكذا ...قالتها فى نفسها
دلف إلى الغرفة بهدوء يحاول رسم ابتسامة على وجهه فهو لا يعلم إلى متى ستظل هذه الحرب بين نورا ووالدته ...نورا لم تسامح والدته على ما فعلته بها حتى الآن رغم أنها تشتعل غضبا عندما تراها ...لكنها رغم هذا تحاول ان تكون هادئة وصبورة. ...ووالدته رغم ما فعلته نورا معها سابقا إلا أنها ما زالت لا تتقبلها...
" ما الذى أتى بها ؟!...ومتى أتت؟ " هتفت بها نورا بغضب
ابتلع غضبها وهو يقول بهدوء " اليوم صباحا ...ثم تابع بنبرة تحذير ...نورا انها والدتى لا تنسى ذلك "
رمقته بقوة ومن ثم اقتربت وهى تعقد حاجبيها "أعلم انها والدتك ...ولا تخف لم أنسى ...لكن لا شأن لها بابنى ولا تجعلها تتدخل فى حياته ...مثلما فعلت ب ..." بترعت عبارتها وصمتت. ...فاقترب منها وحاوط خصرها بيديه قائلا بحب يشتعل بين عيناه " اعذريها حبيبتى ...انا ابنها الوحيد ...وستعلمين شعورهاعندما تجدين حازم متزوجا ...وهى لم تخطئ انها تريد أن تجد له زوجة جميلة ومناسبة له "
فردت بسخط " حازم أيضا ابنى الوحيد ...وعلى عكسك فأنت ولد واحد على ثلاث فتيات ...لكن حازم هو وحيدى. ..وتابعت بنبرة تحذيرية ...لذا لن أسمح لأحدمهما كان فى التدخل فى حياة ابنى. ..حتى وإن كان انت هل فهمت "
تغاضى عن كلماتها وقال بدلال " لماذا كنت تريدينى يا قلب مراد " قالها وهو يحاول التقاط شفتاها
فقالت بغضب " تادب يا مراد ...لقد شاب شعرك "
"تبا لك ...هل ستظلى ترددين بهذه الكلمة ...أقسم أن نطقتيها مرة أخرى ساجعل والدتى تبحث لى عن عروس ...هل فهمتى " نطق الأخيرة بتحذير ...
فامسكت بياقة قميصه وهى تكشر عن انيابها " أفعلها وحينها ستعلم ما سافعله بك وبوالدتك "
ثم تابعت وهى تبتعد عنه " انا لا أريد الحديث لا عنك ولا عن والدتك الآن ...وتابعت بهدوء ...ألا تفكر فى حازم يا مراد ...ألم تفكر به ...ألا تريد أن تراه سعيدا وترى احفادك"
فابتسم لها ابتسامته الدافئة التى جعلتها تقع فى حبه من النظرة الأولى وقال " بالطبع ...هل لديك عروس له ...أعتقد انك اشارتى انك انتى من ستبحثين له عن عروس "
" نعم لدى ...ما رأيك بنور " قالتها بسرعة
" نور! ...من ؟"قالها وهو يعقد حاجبيه بتساول
فابتسمت وهى تقول " نور ابنة ياسين ...ما رأيك ...انها فتاة رائعة وجميلة ...وابنة صديقك وهكذا ستكون مطمئن عليها وتحميها من عمها الجشع ...الطامع بها "
" لكن حازم " قاطعته بسرعة ...لا تقلق انه موافق ...ما رأيك ..أن تذهب وتطلبها يدها من عمها " قالتها وهى تطوق ذراعيها حول رقبته
" متى " سأل
"اليوم " أجابت وهى تطبع قبلة على شفتاه ...فوضع يديه على خصرها وقربهامنه وما كاد يتعمق فى قبلته حتى وجد والدته تنادى باسمه قاطعة عليه متعته ...فابتعدت عنه ساخطة وهى تمتم بغضب " اجعل والدتك تنفعك ...اذهب إليها ...قبل أن تأتى إلى هنا ...ولا أريد أن أرى لا وجهك ولا وجه والدتك "
ودلفت إلى الحمام ...فمرر يديه على وجهه بقلة حيلة وخرج من الغرفة ...

" أسامة " هتفت بها نوال بصوت عالى وهى تجد ابنها شاردا أمامها حتى أنه لم يستمع لنداءها المستمر له
رفع رأسه لوالدته متمتما بخفوت " هل هناك شئ أمى؟ "
" هناك انك لست معى ...هل هناك شى يشغلك!؟ " سألته
" لا لكن كنت أفكر فى شيئا ما ...هل تحتاجين إلى شئ ؟!" قالها باهتمام
ابتسمت شبه ابتسامة " لا لكن ...أردت أن أسألك هل وجدت مكانا لإقامة المعرض به !"
" لقد قمت بتعين شخص للبحث لا تقلقى بنهاية الأسبوع سيكون موجودا "قالها وابتعد عن كرسى طاولة السفرة
"لم تأكل " قالتها نوال بحزن
" لقد شبعت " قالها وابتعد ...أسقطت نوال الملعقة من أصابعها ووجهها يكسوه الحزن فهى تعلم ما يعكر ابنها ويجعله هكذا ...تدعو ربها أن يساعدها حتى تستطيع ان تريح ابنها وتجعله سعيدا ...
تحركت مبتعدة عن كرسى السفرة وتوجهت حيث المطبخ وطلبت من إحدى الخادمات إيصال القهوة إلى مكتب ابنها ...ووقفت تحمل كوب العصير بشرود. ..فاقتربت منها خادمتها الأمين والتى بمثابة صديقة لها ...
وهى تقول بحزن " ماذا بك !؟"
ردت نوال بضيق " ابنى ليس بخير ...وأيضا لم أعد أعلم كيف أصلح الأمور بينهما !...دينا فتاة رائعة وقد شعرت فى آخر حديث لى معها انها ما زالت تكن لأسامة مشاعر ...لكن ...لكنها ما زالت حزينة ويملاها الغضب من تركه لها "
فربتت خادمتها على يديها " لا تقلقى ...فقط ادعى ربك وكل شئ سيكون بخير ...وما تفعلينه هو الصحيح "
تنهدت وهى تقول " ارجو ذلك ...ارجو ذلك حقا "
وضع وجهه بين يديه وهو يستند بمرفقه على سطح مكتبه وصوتها يدوى فى أذنيه شوقا لها ...اشتاق إلى ضمها ليشعر بانفاسها ...لقد سلبت قلبه منذ اليوم الأول الذى رآها فيه مع سيف ...أخرج من أفكاره صوت الهاتف ...أمسك سماعة الهاتف ووضعها على أذنيه استمع إلى المتحدث وبعد ذلك وضع السماعة فى مكانها وهو يلعن بخفوت ...
" تبا ...أين ذهبتى؟ " تمتم بها أسامة ...منذ ان أعطاه ماجد مفتاح الشقة وأخبره بأنها انتقلت وهو يكاد يجن ...حتى انه قام بوضع شخصا ما للبحث عنها ...لكن ها هو يخبره انه قد فشل فى المهمة ...

 

ابتسمت وهى تراقب والدها يلاعب ويداعب ميا ...ويرفعها الى السماء وهى تضحك بسرور وصوت عالى ...وعندما ينزلها تبكى وتظل تنظر إليه وكأنها ترجوه ان يلاعبها مرة أخرى ...وعندما يرى جدها دموعها على وشك السقوط يحملها ويظل يدغدغها حتى لا تبكى ويعيد ما يفعله معها مرة أخرى ...لم تكن تعتقد ان سليم السيوفى بهذه الحنية لم تكن تعلم حتى انه يستطيع أن يداعب الأطفال ...فكل ما عرفته عنه هو أنه لم يكن يهتم بها يوما ولا باخيها سيف ...وعندما أتى إليها فى المشفى تمنت لو تمسك به وترجوه ألا يتركها ...ولا تعلم كيف اتتها الشجاعة ما ان خرج حسام من الغرفة ...حتى طلبت منه ان ياخذها من هنا و ألا يتركها ...فاخذها بين احضانه وهو يربت على ظهرها وشعرها ...يخبرها بصوت اشتاقت للغاية لسماعه ...يخبرها بأنه لن يتركها ...وظل يهدهدها ...إلى أن خرجوا من المشفى واحضرها إلى هذا المكان ...منزل كبير وله حديقة واسعة ملتفة حوله بعيدا عن ضوضاء المدينة وصخبها. ...لكنها ما ان دلفت إلي المنزل... ورأت تصميه الذى يمتاز بلمسة أنثوية ...ويوجد به الكثير والكثير من الصور ل فيروز ...المرأة التى لم ترها يوما ولكنها كانت باقية دائما فى داخلها...المرأة التى رغم موتها إلا أنها ما زالت باقية فى قلب وعقل سليم السيوفى ...الذى من أجلها ترك كل شئ محاولة منه لينساها...لكن هيهات من يستطيع نسيان فيروز الحسينى ...
اقتربت منهما و مدت يديها وأخذت ميا التى أصدرت همهمات احتجاج وغضب ورفض بعد تركها لجدها...لكنها ثبت يديها حولها جيدا حتى لا تقع منها
" يكفى لقد اتعبتى جدك " قالتها بثينة بغضب للصغيرة التى ذمت فمها وسرعان ما امتلأت عيناها بالدموع
"يا الله ...اتركيها معى قليلا يا بثينة ...و لا تقلقى على انا لم أتعب " قالها سليم بهدوء
" لا يجب ان اطعمها وساجعلها تنام قليلا " ردت بها بثينة
فاقترب سليم وطبع قبلة على جبين الصغيرة وقال "حسنا اطعميها ...و تعالى إلى أريد أن أتحدث معك قليلا "
فاؤمات بثينة رأسها ...وأخذت طفلتها وذهبت ...
جلست على الأريكة الكريمية التى تتوسط الغرفة الكبيرة بغرفة مكتب والدها بعد ان اطعمت ميا وجعلتها تنام ...جلست قبالة والدها تنظر إليه بترقب. ...أغلق صفحات الكتاب الذى كان بين يديه ورفع نظره إليها وهو يبتسم ...فقال بهدوء " حسنا اخبرينى ماذا بك "
بلعت ريقها وتمتمت بخفوت " لا يوجد شى "
" بثينة ..حتى وإن كان لا يوجد بيننا علاقة أب وابنته إلا انك ما زلتى ابنتى ...وأنا أشعر بحزنك الذى لم تفصحى عنه حتى الان ...ما الذى حدث حبيبتى " قالها بحنان
نظرت إلى أصابع يديها واخفضت رأسها وهى تحاول كتم شهقاتها لكنها فشلت وبكت بحرقة وألم وكأنها كانت تنتظر هذا الوقت حتى تبكى ...فاخذها سليم إلى احضانه ويضمها إليه وهو يقبل مقدمة رأسها ...وهو يهدءها بكلماته " أبكى أبكى ...كل هذا! ...ماذا بك صغيرتى؟! ...أبكى ...أبكى انا معك ...لا تخافى ولا تقلقى "
" أبى " قالتها بحرقة وهى تلف بيديها حول رقبته تقربه إليها وتبكى على صدره وهى تقول بألم " أبى ...لقد تعبت ...لقد تعبت ولم أعد أستطيع التحمل أكثر ...انا أكاد اختنق. ...أرجوك لا تتركني "
" أنا معك ...انا معك لن اتركك...اهدءى حبيبتى ...اخبرينى ما الذى يجعلك هكذا ...ما الذى يؤلمك حبيبتى "
هدءت قليلا ثم ابتعدت عن احضانه وهى تمسح بأطراف أصابعها الدموع التى على وجنتيها ... فقالت بوجه محمر من البكاء " أريد ان أبقى معك قليلا فقط ...انا بحاجة لهذا "
صمتت ولم تستطع أن تخبره بخيانة حسام لها ولا بضربه لها سابقا ...لم تستطع أن تخبره ان زوجها سىء وكان يسئ معاملته لها ...
نظر إليها سليم بتفحص وما كاد ينطق محاولا أن يحثها على الحديث ...حتى وجد هاتف مكتبه يرن ...وقف مبتعدا وهو يستند بعصاه الخشبية حتى وصل إلى الهاتف
" مرحبا " نطق بها سليم
بقى قليلا وهو يستمع إلى الصوت الآخر حتى قال منهيا المكالمة " حسنا ساعة على الأكثر وسأكون عندك ...يا مراد ...لا تقلق .. لن أتأخر ...حسنا وداعا "
لم يكن يعلم أحد غيرمراد بأن سليم قد أخذ ابنته وأتى بها إلى منزله القديم الذى كان يعيش فيه مع زوجته ...حتى والديه واخاه محمود وأخته فريدة لم يعلموا بمجيءه إلى هنا ...فهو يعلم أن لا أحد سيتوقع بقاءه فى هذا المنزل ...لم تخطو قدميه هذا المنزل منذ وفاة فيروز ...لكنه عندما عاد ومعه بثينة إلى مصر ...جعل خادمة تأتى لتنظيفه كل فترة ...ما أن دخل بقدميه هذا المنزل ومعه بثينة حتى تلاحقت عليه الذكريات مع فيروز ...
خرج من أفكاره وهو يقول " حسنا ساتركك ...وربما أتأخر ...ولكنى أريد منك أن تكونى ناضجة وهادئة وفكرى جيدا ...فأنا لا أريدك أن تتسرعى فى شئ حبيبتى "
" هل ستخرج !؟" سألته بثينة
" نعم ...يجب أن اذهب ...هل تريدى اى شئ احضره لك او لميا "
" لا ...لكن ...حسام " قالتها بارتباك
" لا تقلقى لن يعلم بمكانك. ..إلا عندما تطلبى منى ذلك ...لكن فكرى جيدا فقط " قالها بسرعة وهو يخرج من الغرفة يسند بيد على العصاة وباليد الاخرى يمسك بيد ابنته ...حتى اوصلته إلى غرفته وخرجت ...متوجهة حيث غرفتها هى وميا
وقفت فى الشرفة وهى تراقب ركوب والدها للسيارة بعد ان بدل ملابسه ...التفتت بجسدها نحو صغيرتها النائمة وهى تراقبها بحزن ...هل أخطأت بأبعاد ميا عن حسام ...وهل قرار ابتعادها عنه كان صحيحا ...ام انها ستندم عليه .

 

الجزء الثاني

تعالت الأصوات فى غرفة الاجتماع الكبيرة للشركة الرئيسية لعائلة الحسينى ...حيث اجتمع رؤساء الاقسام والمديرين وأصحاب الأسهم ...بناء على الرسالة التى تم إرسالها لهم عن طريق الفاكس او عن طريق مواقع التواصل الاجتماعى تخبرهم بالاجتماع السرى الذى سيعقد اليوم ...جلسوا جميعا على الكراسى الجلدية ملتفين حول مائدة الاجتماع الكبيرة ...وكلا منهم يتساءل عن سبب هذا الاجتماع منتظرين سليمان الحسينى ليفصح عن الأسباب ...بدأ كل منهم فى السكوت ما ان رأوا باب الغرفة الكبير يفتح وكالعادة دلوف سليمان الحسينى منه ...لكن هذه المرة لم يخرج سليمان الحسينى بل مساعده ...فبداوا بالهمهمات والتساؤل عن سبب تأخره فهو من حدد هذا الموعد عن طريق الرسائل التى أرسلت وهم فى غنى عن الإنتظار فالوقت من ذهب وكل دقيقة يضيعونها ربما تسبب لهم فى المزيد من الخسائر ...وأيضا هم لم يعرفوا عن سليمان الحسينى تأخره فى مواعيده هكذا...فبعضهم بدأ يطرح الأسئلة على مساعده " عن سبب تأخره أولا وعن سبب الاجتماع ثانيا فقليلا جدا ما يجتمع بهم سليمان إلا فى الحالات الطارئة "
فبدأ مساعد السيد سليمان " توفيق " بالكلام قائلا " ارجو من حضراتكم الصمت والهدوء والإنصات إلى جيدا حتى أستطيع أن أقوم بتوضيح كل شى والإجابة على أسئلة كلا منكم "
فصمت البعض وأنتظر هو حتى عم الهدوء أرجاء الغرفة الكبيرة واستءنف كلامه قائلا بهدوء " أولا السيد سليمان الحسينى قد سافر "
فتعالت الأصوات مرة أخرى فقال توفيق بصوتا عالى وهو يمسك بالميكرفون مقربا إياه من فمه " أرجوكم استمعوا إلى "
فصمتوا منصتين إليه فتابع كلامه " أرجو منكم الهدوء إذا سمحتوا "
أخذ نفسا مطولا وزفره بقوة وهو يخبر نفسه ان سليمان الحسينى كان لديه قدرة فائقة فى إدارة الحوار واجبار الجميع على الإنصات له بانتباه واهتمام فقال بنبرة هادئة وصوتا عالى حتى يستمع الجميع إليه فهو لا يريد أن يستخدم الميكرفون مرة أخرى تجنبا لأى شئ " كما اخبرتكم السيد سليمان مسافر منذ عدة ايام وقد قام بتوكيل كل شى إلى ...لذلك ..." بدأ توفيق ببخ سمومه على الحاضرين وملئ قلوبهم وعقولهم بما هو مطلوب ناحية عائلة الحسينى المسءولة عن كل شى لعقود طويلة وانه منذ بداية ونمو جذور تلك الشركة والمناصب العليا فى الشركة لا يتولاها إلا واحدا منهم ...كما أنهم لهم اليد العليا والكلمة الأولى والأخيرة فى كل شئ حتى وإن كان يجتمع بهم على سبيل أخذ الرأى والمشورة...وانه على الجميع ان يستغل هذه الفرصة وإن يتم اختيار رئيس تتفيذى آخر ... كما لمح بكل مكر ان سليمان الحسينى ...سيقوم باختيار او تعين ابن ابنته الوحيدة وجعله الرئيس التنفيذى من بعده لهذه الشركة ...ومن هذه النقطة بالذات استطاع توفيق ملئ رؤوسهم بالحقد والكره لأفراد عائلة سليمان الحسينى ...لانه كان من بين المجتمعين بعض من أبناء عمومة سليمان الحسينى ...الذين كانوا يتمنون الوصول إلى اى منصب فى الشركة وليس فقط كمساهمين. ...وما زادهم حقدا هو علمهم ان بعد موت سليمان الحسينى كل شى سيؤول إلى ابن ابنته " سيف " فالجميع يرى انه غير أهلا وحقا لهذا فهو لا يحمل الدم المتاصل من عائلة الحسينى ...

اتسعت ابتسامة توفيق حتى كاد فمه يصل إلى أذنيه وهو يرى أن كلامه قد ثبت فى عقول المجتمعين الذين وافقوه فى كلامه ...وأنهم مستعدين لأى تغير وهم معه ...تكلم توفيق بهدوء أفعى وأخبرهم انه ...سيخبرهم بموعد الاجتماع النهائى حتى يتم الاختيار ...كما وضح. ...بأنه سيتواجد فى الاجتماع الأخير مفاجأة كبرى للجميع ...نطق بكلماته معلنا عن انتهاء اجتماعهم ...فبدأ الجمع بالخروج من الغرفة ...فبعضهم من أخذ قراره بأنه سيحضر والبعض الآخر ما زال يشاور نفسه فهو لن يفيده الانقلاب على عائلة الحسينى وخاصة الأخوة " سليمان وعزت " فهو بغنى عن غضبهم إذا علموا بما يضمر الباقين ...
جلس توفيق براحة وهو يشعر بأن نصف مهمته قد تحققت ...أمسك بهاتفه وضغط بعض الأزرار ووضع السماعة على أذنيه وقال بتكبر واضح ما أن سمع الصوت " لقد تم كل شى ...الجميع منتظر الاجتماع الذى سيقام "
فاته الصوت الانثوى ضاحكا " حسنا يا توفيق ...نصف ما اتفقنا عليه سيرسل إلى حسابك اليوم والنصف الآخر عندما تنتهى المهمة ...لذا عجل من إقامة الاجتماع النهائى ...حتى ننتهى سريعا "
" حسنا سيدة علا كما تامرين...حسنا إلى اللقاء " قالها وأغلق الهاتف وهو ينظر للقاعة بجشع جلى فى وجهه ...فاخيرا سيتحقق ما يريده فكل ما يهمه منصبه الذى سيصل إليه بعد ذلك والأموال التى ستتم إيداعها فى حسابه ...

 

مررت يديها على وجهها بتعب وارهاق واضح ...وقفت عند مكتب الاستقبال فى المشفى منتظرة حضور صديقتها حتى لمحتها قادمة إليها وهى تضع يديها فى جيب سترتها البيضاء ...وقفت أمامها وهى تمد بيديها إليها تعطيها ما طلبته ...أخذت ريم علبة الدواء من يد صديقتها ومن ثم وضعتها فى حقيبتها السوداء
" شكرا لك يا بسمة " قالتها ريم بهدوء والتعب واضح على وجهها
" لا داعى للشكر انا فى خدمتك ...ردت بها بسمة بسرعة ولكنها سرعان ما نظرت إليها بتردد وهى تقول بقلق " لكن ...أليست هذه الحبوب مبكرا عليها فانتى ما زلتى فى بداية زواجك ...وأيضا أنا اعلم انك تحبين الأطفال "
بلعت ريم ريقها بتوتر وهى تمرر أصابع يديها على جبهتها وقالت بارتباك حاولت اخفاءه " انها ليست لى ..انها لإحدى صديقاتى طلبتها منى " قالتها وهى تحاول رسم ابتسامة
فردت الاخرى إليها بسرور " حسنا ...أتمنى لك السعادة يا ريم ...وإن احتجتى إلى اى شئ فأنا موجودة "
ابتسمت ريم وحركت رأسها بسعادة وقالت " حسنا وداعا الآن ...فأنا أكاد لا أستطيع أن أقف على قدمى من التعب " قالتها وابتعدت عنها والأخرى تحركت فى الجهة الأخرى لتتابع عملها ..


أغلقت الباب الحديدى للمنزل واقتربت إلى داخل المنزل الكبير وهى تضع يديها على جبهتها محاولة منها عدم السقوط حتى تصل إلى غرفتها وسريرها
اجفلت عندما سمعت صوت حماتها السيدة كوثر وهى تقول بتذمر واستهزاء واضح " لقد أطال الله فى عمرى حتى رأيت المرأة تصل إلى المنزل بعد زوجها بدلا من ان تأتى مبكرا وتحضر له طعاما مناسبا بعد تعبه وشقاءه فى العمل "
فتحت ريم عيناها وهى تنظر لحماتها بغضب محدثة نفسها " انها فى غنى عن كل تلك الثرثرة ...هى لا تريد غير الركض إلى غرفتها والسقوط على سريرها من التعب "
فأخذت نفسا عميقا ثم زفرته بقوة محاولة تهدئة نفسها وهى تقول بهدوء " هل أتى مالك "
فلوت حماتها فمها وقالت بتهكم" نعم أتى منذ وقت طويل ولم يضع شى فى فمه "
"ولماذا لم يتناول طعامه حتى الآن!؟ عادة هو لا ينتظرنى " سألتها
فرمقتها كوثر بحدة وهى تقول " لا هو لا ينتظرك لكن المشكلة انه لا يوجد طعام ...ثم تابعت ...وقبل أن تقولى لماذا لا يوجد طعام ...لا يوجد لان الخدم فى إجازة اليوم ولا يوجد أحد لطهى الطعام ...وكما ترين ليس من المعقول أن تقوم زوجة عمى"الحاجة فيريال "ولا انا حتى بأعداد العشاء ...فأنا أشعر بالتعب منذ الصباح
لذلك ان تكرمتى ارجو أن تقومى بأعداد الطعام اليوم لأن موعد العشاء قد قارب " ما ان أنهت كلامها حتى أمسكت بأحد مجلات الأزياء الموضوعة على طاولة القهوة الصغيرة ووضعت قدم فوق الاخرى وبدأت بتفحصها بتركيز وعدم اهتمام بالواقفة أمامها ...أغلقت ريم عيناها وهى تعد من الواحد إلى العشرة محاولة عدم الخروج عن نطاق الأدب من أفعال تلك السيدة ...فقالت بهدوء تشك حتى فى ان حماتها قد سمعتها " حسنا سابدل ملابسى. ..وسانزل لاعد العشاء " قالت كلماتها ومن ثم صعدت الدرج ...دلفت إلى الغرفة لم تجد مالك بها...هل يمكن أن تكون حماتها تكذب عليها فهو ليس هنا ...فدلفت إلى الحمام غسلت وجهها ببعض الماء البارد حتى تعيد بعض النشاط إليها ...ومن ثم أخرجت علبة الدواء الصغيرة التى ظلت تنظر إليها بتركيز ومن ثم وضعتها بين ملابسها محاولة ان تخفيها حتى تعلم ما الذى ستفعله ...بدلت ملابسها ونزلت درجات السلم توجهت نحو المطبخ ...ارتدت المازر وبدأت فى إعداد الطعام

 

ألقى بغضب الأوراق التى كانت بين يديه على المكتب وهو يزفر بغضب ...فجده مختفى منذ عدة ايام وهو حتى الان لا يعلم أين ذهب ...وما يغضبه أكثر انه لم يخبره قبل ذهابه او يعلم باى شى ...وهو يشعر كأنه تاءه بدونه ...فهناك أوراق كثيرة تحتاج إلى توقيع ...بالإضافة إلى الشركة الرئيسية لا يعلم لماذا جده ولى المسئولية لمساعده وليس له هو ... رفع سيف عيناه عندما سمع صوت إدارة مقبض الباب معلنا عن دخول ماجد
" هل علمت باى شئ؟! " سأله سيف
" لا " أجابه
كور يديه بغضب وضربها على سطح مكتبه وهو يصتك على اسنانه قائلا برنة غاضبة " ما الذى يفكر فيه ذلك العجوز ...كيف يترك الأمور هكذا ويرحل من دون ان يعلم أحد ...منذ متى يكون مهملا هكذا ...حقا أكاد اجن من أفعاله تلك "
حاول ماجد تهدءته وهو يقول " ربما حدث شى جعله يختفى هكذا "
"تبا " قالها بضيق
ثم تابع بغضب وهو يبتعد عن كرسيه مادا يده ملتقطا مفاتيح سيارته من على المكتب " انا سأذهب الآن "
" لماذا اليوم ستذهب مبكرا"سأله ماجد وهو يرفع حاجبيه بمكر
" اروى عند والدتها سأمر لاحضارها " قالها بهدوء
"حسنا " قالها ماجد وهو يغمز له
فنظر له سيف بنصف عين يحاول التغاضى عن غمزات صديقه ...الذى سيحاول ان يجعله يتحدث معه ...وهو مستعجل لذلك سيتجاهل نظراته ويتركه. ...خرج من باب الشركة يتتبعه حراسه ...لكنهم أمرهم بذهاب كلا منهم إلى منزله فهو ليس بحاجة لأحد منهم اليوم ...ركب سيارته بعد أن صرف ساءقه هو الآخر ...
...
اجفلت اروى وهى تستمع إلى زفرة والدتها التى خرجت منها بدون قصد عالية
" ماذا هناك !...هل هناك شئ يزعجك ؟!" سألتها اروى "خالك سليم ما يفعله لا يعجبنى. ...فضيقت اروى بين حاجبيها بعدم فهم ...فتابعت والدتها ...خالك أخذ بثينة ولا أحد يعلم أين وزوجها يبحث عنها كالتاءه "
"متى ذلك؟! " سألتها بسرعة وهى تعدل فى جلستها
" منذ يومان "
" يا الله ...هل يمكن ان يكون قد حدث بينهما شئ ...لدرجة تجعلها تهرب وتذهب من دون أن تخبره " قالتها بصوت خفيض
" الله أعلم حبيبتى بما فى البيوت ...ثم تابعت وهى تنظر إليها بتفحص جعلت اروى تخفض رأسها وتنظر حيث موضع يديها تحاول الابتعاد عن نظرات والدتها ...لكن اخبرينى ماذا بك انتى الاخرى !...منذ أن اتيتى وانتى صامتة وشاردة. ...وأيضا لقد قل وزنك وكأنك لا تاكلين؟! ...او أن هناك شخصا ما يأكل معك ...توقفت فريدة عند آخر ما نطقت به وتابعت وهى تضع يديها على صدرها بسرعة وعيناها مفتوحتان. ...اروى هل انتى حامل ؟!" قالتها والدتها بسعادة. ...فهزت رأسها بنعم وهى ترى السعادة تكاد تخرج من عينا والدتها ...التى أخذتها بين أحضانها ما ان رأت اهتزازة رأسها واخذت تقبلها من وجنتيها وعلى رأسها ...اه حبيبتى ...انا أسعد شخص بسماع هذا الخبر ...أتمنى لك السعادة دائما حبيبتى ...ثم تابعت وهى تبعدها عن أحضانها قليلا ...وماذا عن سيف هل كان سعيدا بالخبر ...ماذا فعل!؟ "
صمتت اروى ...يا الله لماذا تساءل الآن عن هذا بالذات ...نظرت إليها والدتها منتظرة ان تخبرها ...فقالت اروى بسرعة " لا لم أخبره فأنا لم أعلم إلا ليلة أمس ...فعقدت والدتها بين حاجبيها وهى تنظر إليها بتفحص محاولة تبين كذب ابنتها ...فتابعت اروى وهى تتفهم نظرات والدتها ...أريد أن اجعلها له مفاجأة وساخبره أنا" قالتها وهى تحاول أن تظهر ابتسامتها ...بلعت والدتها كلامها وصمتت. ...وبعد دقائق أتت الخادمة تخبر اروى ان السيد سيف ينتظرها فى الحديقة حتى يذهبا...ارتدت اروى معطفها الجلدى وخرجت إليه فى الحديقة ومعها والدتها ...
رأته واقفا بجوار سيارته السوداء واقترب منهما ما ان رأى عمته ...سلم عليها بسعادة ...وهى الاخرى قابلته بابتسامة عذبة "لماذا لا تدخل ...وتأكل بعض الطعام ...ام أقول لك ...فلتقضى اليوم هنا وساجهز لكما غرفة اروى ...ما رأيك " قالتها فريدة
فضحك سيف على إقتراح عمته وقال وهو يقترب من اروى التى حاولت ألا تقف قرابة منه ...وطوق خصرها بذراعه وقربهاإليه مما جعل الكلمات تقف فى حلقها وأحمر وجهها خجلا وهو يقول " لا ...المرة القادمة ...أريد أن اذهب إلى المنزل فقد اشتقت لزوجتى اليوم كثيرا "
فظهرت السعادة على وجه فريدة ...وابتعدوا عنها وهى تدعو الله ان يديم عليهم هذه السعادة ...صعدا للسيارة وانطلق بها سيف بسرعة متوسطة ...سندت أروى برأسها على زجاج نافذة السيارة شاردة ...هل حان وقت اخباره ام لا ...حقا لم تعد تعرف ...دارت برأسها نحوه واتسعت عيناها وهى تستمع إلى صوته وهو يغنى بكلمات الأغنية مع مسجل السيارة ...ضغطت على شفتاها السفلى بقوة وهى تحاول كتم ضحكتها حتى ادمعت عيناها...وهو يردد الكلمات بتركيز شديد وكأنه هو من يغنى ... صوته لو سمعه أحد سيسبب له بتلوث سمعى لا محالة ...فصوته يخرج حادا للغاية والبحة التى به مزعجة لكنها ابتسمت بخفوت تحاول التركيز مع كلمات الأغنية وهى تتسال عن سبب اختياره لهذه الأغنية دون غيرها ...
إنى خيرتك ...فاختارى
ما بين الموت على صدرى
او فوق دفاتر اشعارى
اختاري الحب ...او اللاحب
فجبن ألا تختارى
لا توجد منطقة وسطى
ما بين الجنةوالنار
ارمى اوراقك كاملة وسارضى عن اى قرار
قولى. ...انفعلى. ...انفجرى. ...
لا تقفى مثل المسمار ...
(نظر إليها بقوة وهو يقول المقطع الأخير مما جعلها ترفع إحدى حاجبيها وهى تبتسم لافعاله التى تراها تصدر منه لأول مرة )
لا يمكن أن أبقى أبدا ...كالقشة تحت الأمطار
مرهفة انتى ...و خائفة. ...وطويل جدا ...مشوارى
(خفض من صوته وهو يقول الكلمة الأخيرة وتنهد بضعف )
غوصى فى البحر ...او ابتعدى
لا بحر من غير دوار
الحب ...مواجهة كبرى ...إبحار ضد التيار
توقف بالسيارة فجأة أمام المنزل ...مما جعلها تجفل...بسبب تركيزها وتاملها فى ملامحه وتعابير وجهه التى يحاول رسمها وهو ينطق بالكلمات ...ترجل من السيارة وسار نحو باب المنزل من دون حتى الاهتمام بفتح باب السيارة لها ...ترجلت وسارت هى الاخرى نحو الباب ...دلفت الى المنزل فسمعت صوته وهو ما زال يدندن بكلمات تلك الاغنية وهو يصعد درجات السلم ...ضحكت بخفوت ...فهذه اول مرة تراه هكذا ...ما الذى حدث وجعله سعيدا هكذا؟! ...صعدت درجات السلم ...دلفت الى غرفتهما الخاصة وجدته على نفس حالته ما زال يدندن وهو يخلع سترة بذلته تبعتها رابطة عنقه ...ثم بعد ذلك بدا بفك ازرار قميصه ...ومن ثم توجه نحو الحمام ...غيرت ملابسها والأفكار والتساؤلات مازالت تدور فى رأسها ...
انزلقت بجسدها على السرير بعد ان ابدلت ملابسها وفضلت ان تحاول ان تظهر استغراقها فى النوم حتى لا تفتح معه اى نقاش او حوار ما ان يخرج من الحمام ...فهى تشعر بالذنب من عدم اخباره لكن ماذا تفعل فهى ما زالت تشعر بابتعاده عنها وعدم حبه لها حتى الآن...لا تريد ان تخبره حتى لا يشعر بانه قد استطاع الوصول الى هدفه وهى كالحمقاء حققت له هذا ...تعطيه طفل ...فيحصل هو على الاسهم ...لا هى ولا طفلها يساويان شيئا بالنسبة له غير مجموعة من الأسهم فقط ...ضغطت باصابعها بشدة على الغطاء وهى تكتم دموعها من السقوط ...شعرت بحركته وانخفاض السرير وهو ينزلق بجوارها ...
" أعلم انك مستيقظة " قالها سيف بهدوء وهو يستند بظهره على ظهر السرير ويضع يديه خلف رأسه
" كيف علمت ؟!" نطقت بها بصوت ضعيف
أبتسم بخفوت وقال " من صوت تنفسك...لماذا تهربين منى ؟" سألها
أغمضت عيناها تحاول ان تظهر عدم اهتمامها " انا لا هرب ...لماذا تعتقد إننى أهرب منك؟! ؟"سألته
" لماذا أعتقد ...لأن أفعالك تظهر فعلا انك تهربين منى بداية من نومك المستمر عدم مبالاتك بى ...وفوق كل هذا ابتعادك عنى وكاننى...وكاننى ...قطع عبارته وصمت قليلا لكنه تابع بعد ذلك ...هل تخفين عنى شئ " قالها وهو يدعو ربه بأن تخبره لتريحه ...كل ما يتمناه ويريده هو حضنها لينسيه كل ما مر به طول اليوم وليس ابتعادها عنه وكأنه وحش سيفتك بها ...لو فقط تشعره بأنها مهتمة به ...
" أنا لا أهرب فقط انا متعبة ..." قالتها بنبرة ناعمة ...
" حسنا تصبحين على خير " قالها بجمود وهو يتحرك مبتعدا عن السرير ...
" أين ستذهب " قالتها بسرعة
" الى المكتب لدى بعض الأعمال ...عليا الانتهاء منها " قالها مبتسما
" أحلام سعيدة " قالها واطفا الأضواء فى الغرفة ...وغاصت هى فى أفكارها ...

 

مسحت بظهر يديها على جبهتها من التعب ...وهى توشك على الانتهاء من إعداد العشاء ... انتفضت بجسدها وكادت تدير جسدها... وهى تشعر بيد تلتف حول خصرها من الخلف لكنها استكانت ما ان اشتمت رائحة عطره الرجولى وهو يقترب من رقبتها وانفاسه تلفح بشرتها وهو يقول بصوت مغرى " لا تخافى انه انا ...لكن هل تعلمين تبدين رائعة وانتى واقفة هكذا وتعدين الطعام ...وبدأ يمرر فمه على بشرتها مرسلا تيارا كهربيا على طول عمودها الفقرى وكادت تغلق عيناها وتستجيب له لكنها سرعان ما نغزته بكوعها فى بطنه جعلته يتاوه من الألم ...فدارت بجسدها وهى تحمل بين يديها معلقة كبيرة وتقول بغضب " هل هذا وقت وقاحتك وفى هذا المكان ...هنا ...ما الذى أتى بك هنا ؟"
ثم تابعت وهى تتمتم بخفوت " ساجدها منك او من والدتك التى تعتقد إننى الخادمة التى جلبها لها ابنها "
مرر أصابعه فى شعره وهو يقول باقتضاب " أردت مساعدتك فقط ...كما إننى جذبنى شكلك وانتى واقفة هكذا "
فنظرت إليه بحدة وقالت " بالتأكيد انت قد جننت وإن كنت تريد مساعدتى حقا احمل تلك الأطباق وقم بترتيبها على طاولة السفرة ...فأنا قد انتهيت "
" بالطبع حسنا كما تامرين " قالها بسعادة وبدأ فى حمل الأطباق وخرج من المطبخ ...وهى تزفر بتعب وقرف ...
" ما الذى تفعله ...ما هذا " هتفت بها كوثر وهى ترى مالك يحمل الأطباق
فابتسم لها " سارتب الأطباق "
" ماذا ؟!" هتفت بها كوثر منزعجة ومصدومة وهى تضع يديها على فمها
" سترتب ماذا .؟...وأين هى لكى ترتب كل شئ"
قالتها بحدة
" هى من؟ " سألها مالك ببراءة
" أقصد زوجتك أين هى .؟...ولماذا لا تفعل هى كل هذا !"
" انها مشغولة بالفعل وأنا من قد اقترحت عليها ان اساعدها"
" ومكانتك. ..وشكلك. ..ابنى أنا يرتب الاطباق ...لا لا يمكن ابدا "
" أمى ارجوكى ...لم يكن يوما ترتيب الاطباق يقلل من مكانتى. ..وأنا اساعد زوجتى ...وليس شخصا آخر " قالها وتركها وبدأ بترتيب الاطباق ...
دلفت إلى الغرفة وصفعت بابها بقوة خلفها وعيناها تومض غضبا ...بسبب تلك الساحرة الشريرة ...التى لم تكف عن ابدأ رأيها بأن الطعام لم يكن على المستوى المطلوب ...وأنه ليس جيدا إطلاقا ...جميع الأطعمة غير صحية بالإضافة ان مذاقها سىء للغاية ...ظلت ريم تقلد طريقتها المسرحية وهى تحرك رأسها ويديها كحماتها..."انها ساحرة شريرة حقا "
هتفت بها غاضبة وهى تحاول كبت انزعاجها و أن تمنع عيناها من السقوط ...فبعد وقوفها كل هذا الوقت رغم تعبها...إلا انها لم تجد كلمة شكر ...على تعبها ...فالجميع صمت إلا الحاجة فيريال التى قالت ان الطعام "جميل " لكنها لم تنطق بكلمة أمام السيدة كوثر ...حتى زوجها ...لم ينطق ...وكأن الجميع خائف منها ..."يا الله " هتفت بها وهى تضع يديها وعيناها تمتلئ بالدموع ...سمعت صوت فتح الباب فمررت يديها على وجهها وشدت من ازر نفسها ونظرت إليه بغير اهتمام ...اقترب مالك منها وهو يضع يديه فى جيب بنطاله المنزلى " ريم ...ارجوكى لا تنزعجى من والدتى ...لكنها حقا هكذا ...تبدى رأيها فى كل شى بصراحة من دون خجل او شعور بمن أمامها ...لذلك الجميع صمت ولم يتحدث فقد أصبحوا يعلمون طباعها. ...لذا أرجوك تفهمى أنتى الاخرى هذا " قالها برجاء
التفتت بجسدها أخرجت ملابس نظيفة من خزانة الملابس وتوجهت حيث الحمام ...غير ابهة او مهتمة بكلماته ...فهو لم يحاول حتى الدفاع عنها او أن يشد من ازرها. ..ويخبرها حتى ان الطعام على الأقل لو كلمة جيد ...لكنه لم يفعل غير الصمت ووالدته لم تترك طريقة إلا وهى استخدمتها لتذلها...
خرجت من الحمام ...وضعت جسدها على السرير وغطت نفسها جيدا معطيا ظهرها له ...اقترب منها وما كاد يلمس بشرة ذراعها حتى قالت بحدة " ابتعد عنى يا مالك "
جلس على طرف السرير وهو يضع يده على وجهه ...ما الذى كان يجب ان يفعل والدته هكذا ...هل يصرخ فى وجهها مثلا ...وهى يجب ان تعرف طبيعة والدته ...فهكذا هى طباعها حادة ...
أغلقت عيناها وكل ما يدور فى رأسها ...انتى لم تخطئ يا ريم بإحضار تلك الحبوب ...بل انتى محقة ...هو لا يستحقك...هذا المكان ليس مكانك ...

 

دق دقات خفيفة على الباب حتى أتاه الصوت
" تفضل " هتف بها عزيز
دلف خالد إلى مكتب خاله ...بعد أن عزم على فعل ما ظل يفكر به طوال اليوم ...سيتقدم لخطبة نور من خاله واليوم ...وسيحميها وسيفى لخاله ياسين بما فعله معه ومع أخيه ووالدته ...بأن يحافظ على ابنته بان يجعلها زوجته ...سيحميها من كل من يضمر لها شرا سيكون لها سندا وظهرا ...
" هل هناك شى يا خالد " سأله عزيز
" نعم يا خالى ...أنا أريد أن أتحدث معك " قالها خالد بتصميم
واقترب من خاله وجلس على الكرسى المقابل له ...فنظر إليه خاله باهتمام ...وما كاد ينطق خالد حتى وجد الباب يدق ...تبعه دخول الحارس يخبره بأن هناك ضيوف تريد رؤيت الحاج عزيز
" ضيوف من ؟!" سأل الحاج عزيز الخادم
" السيد سليم السيوفى والمحامى مراد السيوفى " قالها الحارس
" حسنا ادخلهم إلى غرفة الضيافة الكبيرة حتى أتى " أمره الحاج عزيز
فاؤما الحارس بخضوع وخرج من الغرفة ...التفت الحاج عزيز إلى خالد وقال بهدوء " ما رأيك ان نتحدث بعد أن نرى ماذا يريدان "
" حسنا " قالها خالد وهو يقف مبتعدا عن كرسيه متتبعا خاله المستند على عصاه ...حتى دخلا إلى غرفة الضيوف حيث يجلس أفراد عائلة السيوفى ...رحب بهم خاله ...وجلسوا يتحدثوا قليلا ...وعينا خالد لا تكاد تبتعد عن الفرد الثالث الذى عرف فيه انه ابن مراد السيوفى ..."حازم مراد السيوفى " ذاكرته تخبره انه رآه فى مكان ما لكنه لا يتذكر ...وحازم لا يكاد يرمقه ببرود وعدم اهتمام والنار تشتعل فى صدره ...فقد رأى خالد مع نور ذلك اليوم عند البحيرة ...أبعد حازم بنظره عن خالد وتابع حديث والده وعمه سليم السيوفى مع خال نور المدعو عزيز
" هل نستطيع أن نرى ابنة ياسين " قالها مراد بهدوء
" هل هناك شئ ما سيد مراد ...لماذا تريد رؤيتها " سأله عزيز
وما كاد مراد يحرك شفتاه حتى اوقفه سليم قائلا بوجه بشوش " لا ..لا يوجد شى ...لكن فقط نريد أن نرى ابنة صديقنا ...فهى كما تعلم كل ما بقى لنا منه ...فقط سنطمان عليها ...أن كنت لا تمانع بالطبع " نطق به سليم بعقلانية مطلقة جعلت الحاج عزيز ...يأمر خالد بالذهاب واحضارها ...خرج خالد من الغرفة وهو ما زال يرمق حازم بغضب والآخر يرمقه ببرود وغيرة فى نظراته ...
وقف عاقدا يديه أمام صدره منتظرا خروج والدته بنور ...التى ينتظرها حتى تنتهى من ارتدا ملابسها لتنزل معه ...خرجت الحاجة هيام من الغرفة ونور تمسك بكفها بقوة وكأنها ترجوها ألا تتركها ...مرر خالد عيناه على نور بتقيم ثم قال بهدوء لوالدته " ضعى شيئا على رأسها "
فنظرت إليه نور بخوف وهى تمسك بيديها تحاول ان تمنع اهتزازهما...وبسرعة أبعدت الحاجة هيام حجابها الأسود عن رأسها والبسته لنور وربطته جيدا...تحرك خالد مبتعدا وهو يامرها " هيا تتبعينى "
تتبعته نور بهدوء وهى تبعد عنه بضع خطوات ...
دلف خالد إلى الغرفة ...وبعده نور التى لم ترفع رأسها عن الأرض ...اشتد حازم بقبضة يده يحاول منع نفسه من الوقوف والركض إليها ...لكنه ثبت نفسه فى مكانه وعيناه تراقبها إلى أن اقترب منها والده الذى قبل مقدمة رأسها وكذلك عمه سليم الذى ضمها إليه بشوق وهو ينظر اليها بحزن ...جلست بجوار خالها وعيناها منخفضة وكأنها غير موجودة بينهم ...لم يستطع منع عيناه من النظر إليها أكثر صدم عندما نظر إليها بتركيز ...الوردة ذبلت لم يعد بها رونق ولمعان كالسابق ...
لقد كانت جميلة وناعمة ...كانت عيناها مليئة بالفرح أما الآن فهى ليست سوى شيئا هش ...قابل للكسر... حتى ملامحها الجميلة ذبلت من الحزن ...وكانها وردة ضعيفة واجهتها رياح عاتية لكنها لم تستطع الثبات اكثر فوقعت منهكة ذابلة ...لم اكن أعتقد ان الحياة ستتغلب على فتاة مثلها يوما ...لكنها فعلت !
وما أمامه الآن تجلس امرأة انهكها الآلام !مثلما انهكتها الظروف التى لم ترحم ضعفها وقلة حيلتها
الفصل التالي
رواية عندما يعشق الرجل لـ شيماء محمد الفصل 25

26-11-2021 01:56 صباحا
مشاهدة مشاركة منفردة [23]
زهرة الصبار
عضو فضي
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس : أنثى
الدعوات : 2
قوة السمعة : 10
 offline 
look/images/icons/i1.gif رواية عندما يعشق الرجل
رواية عندما يعشق الرجل لشيماء محمد الفصل الخامس والعشرون

ظل يركضان وهو ممسك بكف يدها بإحكام خائفا من ان تفلت منه وهما يتجاوزان العديد من المارة والأشخاص الواقفون أمام أحد المحلات ...التفت وليد برأسه للخلف يحاول أن يعرف ان كانوا هؤلاء الملثمين على وشك الاقتراب منهما ام لا لكنه و أثناء تقديره للمسافة اصطدم جسده بجسد شخصا ما لكنه أعتذر له وركض مرة أخرى لكن هذا كله لم يوقف الرجل عن نعته ببعض الصفات البذيئة وهو يصرخ به ...لم يأبى لصراخ الرجل واستمر فى الركض وهو ما زال يمسك بكفها...وجد زقاق صغير فى أحد الشوارع الجانبية فركضا إليه ...حتى وصلا ...وما ان وقفا حتى بدأ كلا منهما بأخذ أنفاسه ...نظر اليها بتمعن وصدره يعلو وينخفض بسرعة ...ووجهها الذى أصبح محمرا من كثرة الركض زادها جمالا واغراء لو يقترب منها ويأخذ أنفاسها بقبلة تحرقها فضغط على شفتاه بقوة يحاول ان يبعد تلك الأفكار عن رأسه...
فقال بهدوء ووجهه يتصبب عرقا.

" هل تاذيتى "
مالت ايملى بجسدها ووضعت يديها على ركبتها وهى تفكر لولا مجيئه فى الوقت المناسب واخذها فالله وحده يعلم ما كان سيحدث لها ...أغلقت عيناها بشدة وردت بتعب وهى تهز راسها ب لا
" قدماى فقط تؤلماننى "
" هل تعرفين هؤلاء الرجال ...ما الذى كانوا يريدونه منك "سألها
" لا أعرف لم ارهم يوما ...لا أعرف ما الذى كانوا يريدونه منى ...حقا لا أعرف "
قالتها تدافع عن نفسها ومن دون ان تشعر لفة ذراعيها حول كتفيها ومقلتيها تتحركان من الخوف ...
ضغط على شفتاه باسنانه بشدة وهو يقترب منها قائلا بنبرة محتقنة
" تبا ...سيكون الأمر خطيرا ربما يحاولون اللحاق بك فيما بعد يجب ان أتصرف "
" وما الذى جعلهم يحاولون فعل هذا معى ...يجب ان نبلغ الشرطة "
ما ان حاول فتح شفتاه حتى أستمع لخطوات تقترب منهما نظر إليها فوجدها تبحلق وراءه كالصنم ...وما ان التفت برأسه حتى وجد أحد الرجال الملثمين يصوب نحو رأسه مسدس ...
" أرفع ذراعيك وإياك ان تتحرك "
قالها الرجل بتحذير وأشار برأسه لأحد الرجال الذين كانوا معه ...إلى اتجاه ايملى فاصتك وليد على اسنانه يحاول كبت غضبه. ...عندما رأى الرجل الآخر يصوب بالمسدس ناحية ايملى
" لقد اتعبتمونا ...كنت ستاتين معنا فقط دون أية مشاكل "
قالها الرجل الممسك بايملى وابتسامة واسعة تزين ثغره
" من أنتم ...وما الذى تريدونه منى " قالتها ايملى بغضب مكتوم
" ستعرفين عندما تاتين معنا أيتها الجميلة " رد الرجل وعيناه تنزل على جسدها ببط و إغراء
احتقن وجه وليد غضبا من نظرات ذلك الرجل ...ففكر فى سحب نفسه ببط من أمامه ومحاولة أخذ ذلك المسدس من بين يدى الرجل ويخلص نفسه وبذلك يستطيع تخليصها هى أيضا ...نظر إليها فبادلته النظر بعدم فهم ...فأشار بعيناه إلى الرجل ...استوعبت القليل فبدأت الحديث مع الرجلان محاولة منها لمساعدته ...وعندما نظرت إليه ووجدته يحرك رموشه دليلا على موافقته على ما تفعله تابعت
" ما الذى يجعلكما تحاولان اختطافى. ..ما الذى فعلته " سالتهما ايملى بهدوء
فأجاب أحد الرجلان وهو يقول بابتسامة فاترة " قلنا ستعلمين أيتها الجميلة ...هيا تحركى أمامى " قالها وهو يضربها على ظهرها بطرف مسدسه ...فظهر الغضب أكثر على وجه وليد قائلا بزمجرة
"أنت ...إياك أن تتعامل معها هكذا ...أفعلها مرة أخرى وحينها ساريك العرق الصعيدى ما الذى يفعله عند الغضب "
ضحك الرجل الآخر بقوة وهو يضرب وليد على ظهره
" ما الذى تتفوه به أيها الأحمق وأنت فى هذا الموقف ...هيا سر أمامى بهدوء وإلا لن تعرف حينها ما سافعله بك انا ...ثم تابع وهو ينظر للرجل الآخر الذى معه ...وأنت تعامل معها جيدا ..فالزعيم قال لا يجب ان تمس بسوء ...هل فهمت "
لوى الرجل شفتاه بضجر واؤما بقنوط ...
" إياك ان تتصرف اى تصرف أحمق أيها الابله وإلا لن ترى الجميلة ابدا " قالها الرجل محذرا وهو يضع مسدسه فى حزام بنطاله وبعد ذلك كبل وليد بيده يمنعه من الهرب وقال قرب اذناه
" إياك ...ثم إياك ..والتصرف بحماقة "
ثم تبعه الرجل الآخر وأمسك ايملى جيدا وهو يصوب المسدس بخفاء نحو جنبهاوخرجوا من الزقاق بعد ان خلع كلا منهما ذلك القناع الذى يخفى وجوههم ووضعوا بدلا منه نظارة سوداء ... بلع وليد ريقه وهو يلعن فى نفسه فهو لأول مرة لا يعرف كيف يتصرف ...ظل يراقب المسدس المصوب نحو ايملى ...التمعت عيناه وهو يرى عدد من رجال الشرطة ...ففكر وليد انه يستطيع تخليص نفسه لكن ايملى من الممكن أن يحدث لها شئ ...نظر إليها بتركيز يحاول أن يفمهما ان تفعل اى شئ ليلهلى الرجلان عنه ...ضغطت ايملى على شفتها العلى بانزعاج. ...تفهم نظراته لكنها لا تعلم ما الذى يجب ان تفعله ...
" حسنا " قالتها فى نفسها مصممة
وضعت يدها على جبهتها مدعية التعب وبدأت فى أخذ أنفاسها بطريقة ملحوظة ...فنظر إليها الرجل بتمعن هاتفا بضجر
" انتى ...كفى عن ما تقومين بفعله "
فقال وليد بسرعة وقلق
" يا الله انها مريضة ...يمكن أن تصاب بأزمة ان لم تأخذ الدواء حالا "
" ماذا " هتف بها الرجل مستنكرا
فقال وليد بقلق وتوضيح أكثر " انها مريضة وإن لم تأخذ دواءها يمكن أن تموت "
" ماذا ..دواء وأين ذلك الدواء " سأله الرجل
" انه معى انا فى جيب بنطالى " قالها وليد بسرعة
نظر إليه الرجل الممسك به والتفت إليه حتى يخرج الدواء ...فبدأ وليد بوضع يده فى جيبه الامامى فنظر إليهم بابتسامة ثم وضعها فى جيبه الخلفى ... فنظر إليه الرجل بضجر قائلا بغضب " هيا أيها الأحمق بسرعة "
" حسنا " قالها وليد وعلى وجهه تعلوه ابتسامة جانبية ...أخرج مديته من جيبه بسرعة ...ثم قام بضرب الرجل بقدمه فى بطنه على حين غرة...و بسرعة وضع مديته اتجاه الرجل وهو يقول بصوتا عالى " هيا تحرك وتوقف أمامى "
وكبل الرجل بيد على عنقه واليد الاخرى أمسك بها المدية وصوبها نحو رقبة الرجل
متحدثا مع الرجل الآخر " أتركها وإلا ساقطع رأس سيدك "
علم وليد من حديث الرجلان ان الرجل الذى كان يمسك به هو من يصدر الأوامر بمعنى انه هو الزعيم ...وإن الآخر لا يوجد من هو أغبى منه ...
"أتركها قلت لك " هتف بها وليد محذرا وهو يقرب سن مديته أكثر بالقرب من عنق الرجل وعندما شعر الرجل بأن وليد لا يمزح وبقرب أجله هتف به أمرا " أتركها أيها الأحمق "
تجمع القليل لمشاهدة ما يحدث ...
تحركت ايملى قليلا ...وما زال وليد يمسك بالرجل ...وما ان تحرك قليلا ...حتى ألقى به على الأرض ...وركضا الاثنان مرة أخرى ...رأى وليد ان الرجلان ما يزالا يتتبعهما ويركضان خلفهما
فتوقف وهو يقول لايملى " اذهبى انتى إلى اى قسم للشرطة وابلغيهم ..وأنا سأحاول منعهم والتصدى لهم قليلا "
" ماذا ..لا لا لن اتركك " قالتها بارتجافة وخوف
" لا تخافى ...اذهبى ...هيا ...ارجوكى " هتف بها وهو يرى أن الرجلان يقتربان منهما ...ركضت كما طلب ... وبعد ركضها لدقائق وجدت مركزا للشرطة ...دلفت إليه وهى تستنجد بمن يقابلها بهستيرية ...جلست بعد ان حاولت تهدئة نفسها ...كما ان من فى القسم بداو فى فهم ما تقصده ...وسرعان ما خرجوا وهى معهم إلى حيث المجرمين ...ما ان وصلوا حتى ترجت من السيارة ...شهقت بقوة وادمعت عيناها وهى تراه غارقا بدماءه والرجلان يمسكان به ...ما ان رأى الرجلان رجال الشرطة حتى حاولا الهرب لكنهما فشلا ... وبداوء الاشتباك مع الشرطة وانتهى الأمر بهما مكبلان بالاساور الحديدية ... جثت نحوه وهى تبكى بحرقة عندما رأته هكذا ...لقد ضحى بنفسه من أجلها ...لقد مات ...
"وليييييييييييييييد " صرخت بها ايملى وهى تبكى بحرقة ومررة وألم عليه ...وتضمه نحو صدرها ...

استيقظت وهى تشعر بذراعيه العاريان وهما يحاوطان خصرها مقربا إياها نحوه بتملك حتى شعرت ببشرة صدره العارى خلف ظهرها ...مررت لسانها على شفتاها محاولة منها لترطيب شفتاها من هذا الوضع المخجل ...حاولت إبعاد ذراعه عنها لكنها فشلت ...هل توجد اى وسيلة مهذبة يمكنها بها انتزاع نفسها منه ؟سألت ريم نفسها باحراج. ...لكن كيف تستطيع التملص منه من دون ان يشعر بها ويستيقظ...أغمضت عيناها بقوة وهى تحارب رغبة قوية بداخلها تدعوها للبكاء. ...ما كان يجب ان تستسلم لكلماته ولا لهمساته ولمساته لها التى تشعر بأنها مغيبة ما ان ينظر اليها او يقترب منها تشعر بأنها فى عالم آخر. ...عالم بعيد عن ظنونها وخوفها الذى يؤرق نومها ...لكن ماذا تفعل هى ...هل تترك نفسها لتقع بحبه ...ام انه لم يحن الوقت بعد ...يجب أن يثبت لها ولو على الأقل انه سيتمسك بها مهما كان الثمن وأنه لن يتركها مثلما تركها من هم قبله ...والديها تركاها الن يفعل هو هذا ...يا الله ياليتها تظل نائمة طيلة عمرها ولا تترك لعقلها العنان للتفكير ... بعد عناء استطاعت إبعاد ذراعه عنها وجلست على طرف السرير وهى تغطى جزء من جسدها العارى بملاءة السرير وسحبت قميصها الأسود من جانب السرير الذى سقط عن جسدها ليلة أمس ...ارتدته وتوجهت نحو الخزانة أخرجت ملابسا لها وما كادت تغلق الخزانة حتى فتحتها مرة أخرى و سحبت من بين ملابسها علبة الدواء و وضعتها بين الملابس وتحركت ببط وحذر نحو الحمام ...أخذت حماما ساخنا ارتدت ملابسها ... مدت يدها وحملت تلك الأقراص ...أمسكت واحدة بين اصبعيها وما كادت تقربها نحو فمها حتى سمعت صوته من الخارج
" ريم هل انتى فى الداخل ؟!" سألها مالك وهو يدق دقات خفيفة على الباب
" نعم ...نعم " قالتها بارتباك
ثم سمعت صوت اقدامه مبتعدة عن الباب ...أخرجت نفسا مطولا وهى تضغط على حافة الحوض العالى ...نظرت إلى العلبة التى بين يديها مرة أخرى ...وهى تتساءل فى نفسها ...هل حقا تريد هذا ...هل حقا ستحرم نفسها مما تمنته طويلا فقط من أجل بعض الخوف الذى يدور فى رأسها ...مررت يديها على وجهها بقوة ...وهى تفكر انها بحاجة للحديث بحاجة ان تتحدث مع أحد ... وضعت القرص فى العلبة ثم اغلقتها ...بعد ان حسمت أمرها انها لن تفعل هذا ستترك كل الأمور بيد الله ...وضعت العلبة بين محتوياتها الشخصية الموجودة فى الحمام فى تلك الخزانة الصغيرة ...بعيدا عن اى شى يخص مالك ...
خرجت من الحمام وجدته نائما على السرير وواضعا ذراعيه خلف رأسه مستندا عليهما ...لا يرتدى شيئا غير بنطال قصير ...
"هل نمتى جيدا " قالها مالك وهو ينظر اليها بهيام بشعرها الأحمر وعيناها المتلالة ...
" نعم جيد ...وانت "
هل يخبرها انه لم يستطع أن يغمض له جفن وهى بين يديه بعد استجابتها له و تلك المشاعر المتاججة التى كادت أن تحرقهما معا ...هل يخبرها أنه فى كل مرة كان يفكر فى ان ييقظها بقبلاته حتى يجعلها تسهر معه ليله ...لكنه فى كل مرة كان يمنع نفسه فهو يعلم جيدا انها قد تعبت فى الآونة الأخيرة غير انه أيضا يعلم انها لم تسلم من لسان والدته يعلم أن والدته امرأة شديدة صارمة ...لكن ماذا يفعل لا يستطيع الوقوف أمامها او ان يخبرها بميله الشديد نحو ريم واهتمامه بها لأن ذلك سيجعلها تعتقد أن ريم تاخذه منها وتزداد غيرة نحوها خاصة وانه ابنها الوحيد و حينها ستكون معاملتها لها أكثر سوء ...لذلك هو فضل عدم التدخل ...وهو على يقين بأن ريم تستطيع أن تأخذ حقها سواء بالكلام او بالتجاهل...
أبتسم لها باغراء وهو يبتعد عن السرير واضعا يديه فى جيب بنطاله ...مقتربا منها بخطوات بطيئة مترنحة ...حتى وقف أمامها ...وجدها تخفض رأسها محاولة ألا تنظر لصدره العارى ... مال برأسه وطبع قبلة على ارنبة أنفها ثم رفع رأسها إليه باصابعه وطبع قبلة قرب فمها وما كاد يلتقط شفتاها ...حتى وجدها تقول له برجاء وقد ازداد وجهها الأبيض احمرارا
" أرجوك ..أن هذا يسبب لى مزيد من الإحراج "
" إحراج " تشدق وجهه بتعجب
ثم تابع وهو يلف ذراعيه حول خصرها مقربا إياها إليه قائلا " لماذا ...لماذا ريم تشعرين بالاحراج الستى زوجتى ...هل فى كل مرة تبتعدين فيها عن احضانى ستكونين بهذا الوجه ...أريد ان أبعد عنك حمرة الخجل تلك ...أريدك ان تشعرى بى وإن تحترقى مثلما احترق ما ان اقترب منك ...أريدك ان تفكرى بى وقبل كل هذا ان تحبينى " نطقها بانفاس ملتهبة جعلتها تشعر بسخونة أنفاسه قرب صفحة وجهها ...
" مهما طالت مدة بقاءك بين ذراعى سأظل دائما أشعر بالشوق إليك ...ثم تابع وهو يبتسم لها ...أفكر فى ان نذهب إلى رحلة شهر عسل قريبا "
" لا لا أستطيع " قالتها بسرعة وغضب
" لماذا " سألها وهو يرفع أحد حاجبيه بحزم
بلعت ريقها وهى تلعن لسانها على نطقه وقالت بهدوء " لأننى أخذت مدة اجازتى ولن أستطيع أن أخذ مدة أخرى إلا بعد فترة طويلة بعض الشئ "
" حسنا " ثم تابع وهو يلتقط شفتيها بشفتاه ...وهو يمرر يده على شعرها مرورا إلى ظهرها وما ان وصل إلى ...حتى اتسعت عيناها وضربته بخفة على كتفه وابعدته عنها ...وهى تقول بانفاس متسارعة وتمسح على شفتاها ..." وقح " قالتها وخرجت من الغرفة بخطى سريعة ...ضحك من تصرفها وقال من بين أسنانه ..." انا لست راهبا...كيف أمنع يدى عن لمسك و واضعهما جانبا ...صدقينى قطتى لم أتعلم الوقاحة إلا على يديك "

دلفت إلى المطبخ و تفاجأت بوجود الخدم يعدون الطعام ...ابتسمتم لهم وهى تقول بسعادة " صباح الخير "
ردوا عليها التحية ثم اقتربت منهم لتساعدهم. ..حاولت إحدى الخادمات منعها ولكنها أصرت ...فهى ستقوم بأعداد الفطور ثم بعد ذلك ستذهب إلى عملها ... انضمت إلى الجمع بعد ان أعدت الفطور على طاولة السفرة وتناولوا الطعام فى هدوء تام ...تناولت طعامها ثم تحركت متوجهة نحو غرفتها ...بدلت ملابسها ولفت حجابها وتناولت حقيبتها ...وما كادت تخرج من الغرفة حتى اصطدمت بجسد مالك الذى سألها " إلى أين ؟!"
" الى المشفى " اجابته
ضيق عيناه قائلا بهدوء منافى تماما للعاصفة المتاججة فى صدره " انتظرى ساغير ملابسى وسأقوم بايصالك " قالها ثم دلف إلى الغرفة
فضلت الصمت بعد ان رأت ملامح وجهه التى لا تعبر إلا عن غضبه فهى لا تريد اى جدال معه فى هذا الصباح...بدل ملابسه ونزلا درجات السلم سويا ...أمسك بيديها وعندما حاولت انتزاعهما من قبضته فشلت ...فاستكانت حتى وصلا إلى السيارة صعداها. ...وانطلقا بها ...الطريق من المنزل إلى المشفى يأخذ وقتا لذا فضلت استغلاله والاتصال ب أروى فهى تحتاج إلى الحديث معها وكذلك تحتاج إلى الاطمئنان على نور فهى لم تتصل بها منذ أكثر من خمسة ايام لا تعرف عنها شيئا...
أمسكت هاتفها وضغطت على زر الاتصال ...تحدثت معها بعد ان حيا كل منهما الأخرى ...و تفاجات ريم عندما علمت بوجود اروى فى المشفى وأنها كانت على وشك فقد جنينها ...واخبرتها بأنها ستاتى إلى منزلها اليوم ما ان تنتهى من عملها عندما علمت انه سيسمح لها بالخروج اليوم من المشفى ... تنهدت بقوة وعلامات الضيق ترتسم على وجهها ... كان يراقبها مالك بين اللحظة والأخرى وما كاد يتكلم معها ...حتى وجدها تضع الهاتف على اذنيها ...فصمت حتى تنتهى من اتصالها الثانى ...لكن ما من مجيب ...زفرت بغضب وهى تحاول الاتصال بالسيدة هيام مرة واثنان لكن لا يوجد رد ...وصلا أمام بوابة المشفى ...ترجلت من السيارة بهدوء وصمت تام ... راقب خروجها من السيارة هو الآخر بصمت وما أن ابتعدت عن السيارة قليلا حتى وجدته ينطلق بسيارته بسرعة ...زمت شفتاها بملل ..وبعدها تنهدت بقوة ... "تصرفاته لا تدل إلا على طفل صغير مدلل ...ويبدو إننى ساعانى فى التعامل معه "...قالتها ريم فى نفسها بتافف ودلفت إلى المشفى

 

جلست على طرف السرير و انزلت قدميها على الأرضية فارتجفت ما ان شعرت ببرودتها... بحثت عن حذاءها والدوار يجتاحها و أعينها غائمة ...
" ما زلت أشعر بالتعب " قالتها اروى فى نفسها وهى تضع أطراف أصابعها على جبهتها ... جلست والدتها بجوارها تساعدها فى ارتداء سترة صوفية على فستانها حتى يحميها من البرد ...قربت الحذاء من قدميها وساعدتها فى ارتداءه أيضا
" أرى انك ما زلتى مريضة ...أروى ما رأيك ان تأتى معى ...لكى أهتم بك صغيرتى " قالتها فريدة بهدوء وهى تراقب وجه ابنتها الشاحب
" لماذا لا تاتين انتى معى "عرضت عليها اروى
" وماذا عن والدك واخاك ...لا أستطيع تركهما...ولا أعتقد انك ستقومين بفعل اى شئ لمدة طويلة ...لذلك ان اتيتى معى ساهتم انا بك جيدا ..حتى تمرى من هذه المرحلة وتصبحين انتى والجنين بخير " قالتها والدتها بحزن وقلق عليها
" انتى قلتى لن أفعل شئ إذا لا تقلقى. ..ثم تابعت وهى تحاول عدم اغضاب والدتها وهى ترى حزنها وقلقها عليها واضح وقالت وهى تزم شفتاها بدلال
" انتى لا تريدين ترك زوجك ...وتطلبين منى ترك زوجى حتى يقول ان زوجته ما زالت طفلة و تريد الذهاب إلى والدتها ...آسفة سيدة فريدة انا أيضا لا أستطيع ترك زوجى " هتفت بكلماتها الأخيرة وهى تعقد ذراعيها أمامها بطفولية
ضحكت والدتها بشدة وقالت مقترحة وهى تبتسم
" ما رأيك ان ياتى سيف معنا أيضا "
" ماذا ...لا أعتقد انه سيوافق"
" ولماذا لن يوافق "
" أمى ...ألا تعرفين طبيعة ابن أخيك ..حتى الآن "
نظرت إليها فريدة بتفحص ...هناك شعور بداخلها ان ابنتها ليست بخير و أن هناك شئ بينها وبين سيف ...هناك شئ متوتر بينهما ... كما ان ابنتها أصبحت أكثر شرودا عن ذى قبل
"أروى "
اجفلت اروى عندما سمعت صوت والدتها و رفعت رأسها إليها متسائلة
" هل هناك شئ بينكما..انتى وسيف " سألتها والدتها
فهزت رأسها نفيا وهى موكدة ب لا
" متأكدة "
" نعم " ردت اروى وهى تنظر إلى والدتها محاولة رسم ابتسامة على ثغرها
" حسنا يا أروى لن اضغط عليك ..ولكن اعلمى إننى موجودة " قالتها فريدة بابتسامة متشككة لابنتها
راقبت دخول سيف إلى الغرفة صامتا أخذ الحقيبة
وهو يقول ببرود " هيا "
أغلقت عيناها بشدة تمنع سقوط دموعها ...منذ اليوم الأول لدخولها إلى المشفى وهو لم يتحدث معها ...منذ ان ضمها إليه وهو لم يتحدث معها وكأنه يعاقبها لفعلتها...تعلم انها أخطأت لكن صمته و ابتعاده عنها لهذه الدرجة يجعلها تشعر بالتعب اكثر واكثر ...انها حقا تحتاج إليه ...حتى تستطيع الخروج من مما هى به وطفلها بخير ... لقد كانت شعورها بأنها ستفقد طفلها فى ذلك اليوم كاد أن يحطمها إلى أشلاء ...انها تحتاجه تحتاج ان يربت على يدها وشعرها تحتاج ان يضمها إليه ويخبرها انه هنا معها ...
" هل أحضر كرسيا متحركا صغيرتى " سألتها والدتها " لا ...لا أحتاجه ...انا بخير " هتفت بهدوء
اشتد بقبضته على يد الحقيبة قائلا بصوت خافت " عنيدة "
ثم خرج من الغرفة تتبعانه...
نظر إليها بطرف عيناه ...ما زال وجهها شاحبا ...ما زالت متعبة ... يعلم انها تحاول رسم القوة على وجهها ...عقد حاجبيه بقوة وهو يراها تترنح قليلا رغم إمساك والدتها و اسنادها لها ...زفر بقوة وغضب واقترب منهما
"أروى هل انتى بخير " سألتها والدتها بقلق
" نع..." وما كادت تنطق حتى وجدت نفسها مرفوعة بين يديه ...و قبل أن تطلق كلمة اعتراض
قال مزمجرا " اخرسى...أيتها العنيدة "
" واو أيها الفارس ...رائع. .رائع...انا لم اخطى عندما زوجتك ابنتى " ظلت ترددها فريدة بسعادة وهى تنظر إلى سيف بانبهار وكأنه فارس همام ... و أروى تزداد حمرة وجهها وهى ترى كل من فى المشفى يراقبهما ...منهم بحسد. ..ومنهم بانبهار لا يقل عن انبهار والدتها ...التى تمشى معهم وهى تكاد تصل إلى السماء من سعادتها ...
فتح السائق باب السيارة لها ما ان راى سيف ...وما ان راى سيده يحمل زوجته حتى فرغ فاها فهذه اول مرة يرى سيده هكذا ... وضعها داخل السيارة بهدوء و رفق فى المقعد الخلفى ...وجلست والدتها بجوارها...والسائق ما زال واقفا وهو يبحلق فى سيف ...فرمقه سيف بقوة فتنحنح الرجل وصعد الى مكانه ...وركب هو فى المقعد الامامى بجانب السائق ...انطلق السائق بسيارته نحو المنزل ...وصلوا إلى المنزل وما ان فتح الباب حتى وجدت نفسها بين ذراعيه مرة أخرى ...اخفضت جفنيها والتوتر والخجل يجتاحناها ... ظهرت شبه ابتسامة على وجهه ..وبتعمد قربها إليه أكثر مجبرا إياها على وضع رأسها فوق صدره ...و بتلقائية طوقت ذراعيه حول رقبته ...وما ان دلفا إلى الغرفة حتى طبع قبلة على شفتاها ...
فشهقت بقوة وهى تنظر خلفها قائلة بهلع
" والدتى "
ضحك بقوة لدرجة ان راسه رجعت للخلف" هل هذا كل ما يهمك. ..ثم قال وهو يغمز لها ...هل تعلمين ما هو أجمل شئ بعمتى"
نظرت إليه ببلاهة. ...فابتسم وقال وهو يقترب من شفتاها وهو ما زال يحملها بين يديه " انها تحبنى. ...لذا هى تفهمنى جيدا ...جدا ...جدا "
قالها و التقط شفتاها بشفتاه وهو يدور بها فى الغرفة ومشاعرهما تجعلهما كالمغيبين ...لم يبتعد عنها إلا عندما وجد أصوات أنفاسها تخرج مضطربة ...نظر إلى وجهها و جده محمر ..." هل انتى بخير ...آسف ما كان يجب ان ...انتى متعبة "
قالها وابتعد عنها ...وضعها على السرير برفق
ارجعت شعرها للخلف ... وهى تنظر نحو موضع يديها ...عندما وجدها صامتة ...
" يجب ان أبدل ملابسى ...وأذهب إلى الشركة " قالها وتوجه نحو الحمام ...خرج وهو يرتدى بذلة عملية زرقاء ...ووجد عمته تجلس بجوار أروى على السرير وصنية الطعام أمامها ...
" حسنا ...سأذهب انا وقبل أن تذهبى عمتى اتصلى بى لكى أتى " قالها وهو يرتدى سترة بذلته أمام المرآة التى فى الغرفة ...
اؤمات عمته ب نعم ...وقالت بارتباك " ما رأيك ان. ..
فضغطت اروى على يدها بشدة وهى تنظر إليها تمنعها من إكمال كلامها ...فصمتت والدتها مجبرة ...
فنظر إليهما سيف باهتمام " ماذا ...هل تريدان شئ"
" لا ..لا شئ " هتفت بها اروى بسرعة
"حسنا إلى اللقاء زوجتى العزيزة " قالها وهو يخرج من الغرفة غامزا لها ومرسلا لها قبلة فى الهواء ...تنحنحت من جرأته ومن حسن حظها والدتها لم تنتبه لما فعله او ربما حاولت إظهار عدم انتباهها لهما ...
" حقا لم تعد تفهم هذا الرجل ...هل هو يحبها ام يكرهها ام يعقبها ام ماذا ...لم تعد تفهم " ظلت تبرتم بها اروى بصوتا خافت ووجهها يكسوه الغضب ولكنها سرعان ما بدأ غضبها يختفى وهى تتذكر قبلته له ...فتنهدت بقوة وهى تقول بانزعاج
" تبا انه وسيم بهذه البذلة "
" أروى هل جننتى " سألتها والدتها بابتسامة وهى تراقب تعابير وجهها المتغيرة
" نعم أظن إننى ساجن قريبا بسبب هذا الرجل " قالتها بصوتا خافت ...

 

ترجلت دينا من سيارتها تبحث عن العنوان والمبنى المقصود ...لم ترى شيئا فاغلقت سيارتها فى موقف للسيارات وفضلت المشى حتى تستطيع البحث جيدا والوصول أسرع ...فبسيارتها لن تستطيع البحث ...ابتعدت عن سيارتها ووضعت نظارتها السوداء فوق عيناها ...وبدأت فى المشى على رصيف جانبى تصتطف عليه عدد من المحلات الكبيرة للأزياء وأخرى لأدوات الزينة ...توقفت فجأة عندما جذبها أحد فساتين الزفاف خلف زجاج المحل ...نظرت إليه بانبهار وهى تضع أصابع يدها على فمها التمعت عيناها سعادة ...كان الفستان انيقا وبسيطا فى نفس الوقت مثل اى فستان للزفاف ...ضيق من فوق حتى الخصر ومن الخصر حتى النهاية واسع كفساتين الأميرات ...لا يختلف عن اى فستان زفاف آخر لكنه كان له ذيل طويل من الخلف رغم انه كان طويلا ويوجد به تطريزات على حافة الفستان من أسفل ...ومن عند الصدر مطعم بحبات الياقوت بطريقة مبهرة ...وقفت مشدوهة ولم يخرجها من تاملها إلا صوت الباءعة تنظر إليها بابتسامة قائلة برسمية ولباقة "هل تبحثين عن شئ خاص سيدتى ...يمكنك الدخول واختيار وتجربة أكثر من فستان "
هزت دينا رأسها نفيا بسرعة وقالت بارتباك خفيف " لا ...لا شكرا لقد جذبنى شكله فقط" قالتها و ركضت مسرعة ...وهى تفكر انها وضعت نفسها فى موقف محرج ...وما كان يجب عليها ان تقف و تشاهد ...فهى لن ترتدى مثل هذا الثوب يوما ...قاطع تفكيرها صوت رنين الهاتف ...ضغطت على زر الإجابة واتاها الصوت الرقيق قائلا
" أين انتى ...هل ضللتى الطريق "
" لا ...ولكنى لم أصل إلى المكان الذى وصفتيه لى بعد "
أغلقت معها الهاتف ...وهى تفكر ان السيدة نوال ...سيدة عطوفة ...احبتها وكأنها والدتها ...
وصلت إلى المبنى المطلوب ...وصعدت درجات السلم حتى وصلت الى الشقة ...فوجدت السيدة نوال تنتظرها أمامها وهى تقترب منها قائلة بفرح " ها قد اتيتى ...تعالى لاريك المكان "
دلفت إلى الشقة وانبهرت من اتساعها الكبير ...
" ما رأيك " سألتها السيدة نوال بابتسامة
"جميلة من أين حصلتى عليها " سألتها مستغربة
" لقد كانت مكتبا لأحد المحاميين ولكنه انتقل وكان من حسن حظنا أننا استطعنا شرائها ...لذلك علينا أن نعدها بشكل متقن وجميل حتى نستطيع افتتاح المعرض بسرعة "
" لكن .." تشدقت بهدوء
" لا يوجد لكن ...هيا تعالى معى لاريكى باقى أرجاء الشقة " قالتها نوال وهى تضع يديها على كتفى دينا تدفعها ببط بطريقة محمسة. ...فاتسعت ابتسامة دينا وسارت معها بقلة حيلة ...

 

دلفت بثقة وغرور يتتبعانها وهالة مثيرة وهى ترتدى بنطال من الجينز وقميص وردى من الحرير مفتوح عند الصدر مظهرا مفاتنها ...جميلة ومثيرة وفوق هذا ذكية ...ذكاءها هذا هو الذى جعلها تستطيع الوصول إلى تلك المكانة وتلك الطبقة الاجتماعية بعدما كانت مجرد امرأة تكافح فقط من أجل لقمة العيش من محاسبة صغيرة كانت تعمل فى أحد مكاتب المحاسبة ما ان أنهت تعليمها المتوسط و دبلوم التجارة ... ومن هذا المكتب استطاعت أن تجعل صاحب العمل يقع فى غرامها وتمنيه بالكثير والكثير حتى تزوجها ... كان الرجل أكبر من ان يحتمل جمال و إغراء إمرأة أقل ما يقال عليها كتلة من الأنوثة تتحرك على الأرض فمات بعد ان تذوق القليل من عسلها...لم تكن ترحم الرجل استطاعت فى كل ليلة جعله يعطيها أكثر مما تريده ...حتى استطاعت فى ليلة ما جعله يكتب لها نصف مكتبه الصغير وجعلها شريكة له به ...ومبلغ من المال أودعه لها فى حسابها ...بعد ان ملأت رأسه انها مجرد امرأة منكسرة الجناح ولا يوجد لها سند ...و ان ما يقوم به الآن سيجعلها تعيش بعد ذلك فى أمان بعيد عن اى طامع بجمالها ...وفعلا مات الرجل ...ولأن أولاده لم يكونوا يريدون اى فضائح ...بالاضافة إلى عدم حاجتهم إلى مكتب والدهم الصغير تركوا لها المكتب ...ومن يومها بدأت عملها وأصبحت لها علاقات وروابط مع شركات كبيرة ...وهنا قابلها سيف ...فى البداية أكثر ما جذبه بها هو جمالها وإظهارها لمدى حبها لعملها والاهتمام والعناية به ...أظهرت كم هى إمرأة تستطيع الاعتماد عليها ومع مرور الأيام أصبحا صديقين ...و كاد أن يقع فى علاقة معها لولا انه علم فى الوقت المناسب علاقتها مع احد رجال الأعمال تزوجته وسافرت معه ... ومن يومها خرجت علا من حياة سيف نهائيا ...

جلست قبالته وعيناها تنظر إليه بثقة وابتسامة واسعة تزين ثغرها ...رمقها ببرود وهو يضع إحدى يديه على مكتبه ويستند بظهره على ظهر الكرسى بشموخ وكأنه ملك يتربع على عرش مملكته ...لمعت عيناها بانجذاب مهما يفعل بها سيظل هو فارس أحلامها الرجل الوحيد الذى قال لها" لا " عندما قدمت له حبها ونفسها له من دون مقابل ...الرجل الوحيد الذى تعلم انها عندما ستكون بين يديه وفى احضانه فهى ستكون فى أكثر الأماكن أمانا و دفءا...لكنه رفضها ...نعم رفضها بكل تفاخر وجبروت ...ظلا الاثنان يتبادلان النظرات لدقيقة ...
" كيف حالك " قالتها بصوت ناعم وهى تقطع ذلك الصمت بينهما
حدق بها بقوة وهو يرفع إحدى حاجبيه بتهكم ... أطلقت ضحكة رنانة ما ان رأت نظراته وسألت بصوت متهدج وابتسامتها المعتادة تزين ثغرها المغطى بطبقة من احمر الشفاه باللون الوردى ...
" هل يمكن ان أعلم سبب تلك النظرة " سألته بدلال
" لا أعتقد انك اتيتى لتسالى عن حالى " قالها بصوت اجش ...جعلتها تتوقف عن الابتسام ...
بلعت ريقها رغم أنها تعلم سبب نظراته وتحديقه بها إلا أنها شعرت ببعض الارتباك وربما الكثير وهى تجلس هكذا قبالته ...
ظلت لثوانى صامتة حتى قالت بهدوء وهى تنقر باصابعها على سطح المكتب تنظر إلى حيث أصابعها..
" سمعت ان جدك سافر ...رفعت عيناها إليه ثم تابعت وشبه ابتسامة على فمها ...وأيضا ولى مساعده أمور الشركة الكبيرة ...فنظر إليها نظرة باردة و كأنه يخبرها أن تتابع حتى تكشف عن مقصدها فهو لم يكن يوما محبا ل اللف ولا الدوران ...
أدارت رأسها إلى أحد جوانب الغرفة وتابعت و هى تحاول الابتعاد عن نظراته فلطالما اخافتها تلك النظرات و تسرى فى جسدها قشعريرة غريبة ما ان ينظر اليها ..."ألم يكن جدك خائفا من ان يتمرد عليه أحد الشركاء ...كيف يذهب هكذا من دون ان يخبر أحد او حتى يخبرك ...لم أعرف عن سليمان الحسينى الإهمال يوما " قالتها باهتمام وهى ترفع اكتافها ظهرت ابتسامة تهكمية على وجهه ثم قال بهدوء
" هكذا هو جدى يفعل ما هو غير متوقع ...ثم تابع وهو ينظر اليها باعين ثاقبة " لكن لا اعتقد انك اتيت من اجل هذا ...اخبرينى ما لديك "
" يا الله لماذا دائما تأخذ عنى سوء الظن هذا ...تعلم أننا أصدقاء حتى وإن لم نعد كما كنا ...لكننا سنظل أصدقاء ...كلا منا يهتم بالآخر ...وأنا أردت فقط ان احذرك "
صمتت وهى تراقب صوت ضحكاته يعلو ...قهقه بصوت عالى حتى كادت أنفاسه تقطع ...وقال و هو ما زال يضحك بتهكم " حقا "
بلعت ريقها وقال بتلقائية تحاول أن تخفى ارتباكها
"بالطبع "
توقف عن الضحك ...ثم قال بهدوء
"حسنا ...شكرا على التحذير "
ابتعدت عن كرسيها واتجهت نحوه ومالت بجسدها نحوه وهى تقول باغراء
" لا داعى للشكر حبى ..فلطالما ستجدنى بجوارك احذرك ...وبجانبك دائما "
نظر إليها بوجه خالى من التعبير وهو يمرر عيناه على جسدها يعلم انها تحاول اغراءه لكن كما يقولون أصبح القلب والعقل مشغولان ومهما فعلت لن تحرك به شعرة من رأسه ...ابتعدت عنه وهى تلاحظ نظراته ...فعقدت ذراعيها أمامها وهى تقول بحزن كاذب واعين دامعة وهى تضع يدها على قلبها
" حقا ...حقا لقد حزنت لما حدث ...ليس من أجل أحد بل من أجلك فقط ...لقد تألم قلبى لحزنك والمك. ...لقد كنت أصرخ لاتى إليك واضمك"
ضحك بتهكم ثم قال بقلة صبر وتحذير
" علا ...قولى ما عندك بسرعة ما الذى تقصيدينه بكلامك هذا "
اهتز داخلها من نبرته تلك لكنها حافظت على رباطة جاشها وهى تقول بنفس النبرة ونفس الحزن
" جدك و سفره ...ثم نظرت إليه بنصف عين وهى تتابع ...و زوجتك وطفلك ...لقد حزنت حقا عندما علمت بما حدث وانك كدت تفقد الطفل ...حقا لقد حزنت ...ليس من أجل أحد ...ولكن من أجلك أنت فقط ...فأنا أعلم كم انت تنتظر هذا الطفل وفى شوق كبير لضمه. ...فهو من سيجعلك تصل إلى أسهم الشركة الكبيرة " نطقت كلماتها الأخيرة بخبث و ابتسامتها تظهر لكنها سرعان ما حاولت اخفاءها ورسمت تعبير الحزن على وجهها
اشتد على قبضة يديه و أخذ نفسا عميقا ثم زفره بقوة يحاول عدم الانقضاض عليها وخنقها بيديه هاتان ...وعيناه اشتعلت غضبا وظهر على وجهه تعابير الضيق والعبوس. ...
وقال وهو يصتك على اسنانه " شكرا على اهتمامك...لكن كما قولتى زوجتى وطفلى بأفضل حال ولن يمسهما سوء طالما انا على قيد الحياة ...يمكنك الخروج الآن ...انتهت المقابلة "
كلماته كانت كدلو الماء الذى سقط فوق رأسها ...انه يخرجها من مكتبه بطريقة لبقة ...
لم يجد منها ردة فعل وهى متسمرة فى مكانها ...فاعاد كلماته مرة أخرى بحدة " قلت يمكنك الخروج "
بلعت ريقها ...وبخطى بطيئة اقتربت منه وأخذت حقيبتها وخرجت من الغرفة وهى تقسم انها ستقوم بهد المعبد على رأسه ...و هى من فكرت ان تتراجع عن خططها ...لكن لا وألف لا ...ستجعله ياتى إليها شاء او أبى

ما ان خرجت من الغرفة حتى أمسك بقبضة شديدة أول ما قابلته يده على المكتب والقاها بغضب وهو يصرخ بالسكرتيرة ان تتصل ب ماجد ...ويأتى إليه فورا ...ضرب بيد فولاذية على المكتب وهو يصرخ بهياج ...أتى ماجد مسرعا و دلف إلى الغرفة ينظر بتمعن إلى سيف وإلى حالته تلك ...
وجد الغرفة فى فوضى شديدة وكل ما قابلته يد سيف تم كسره
هتف بغضب و عيناه تكاد تخرجان من مكانهما من حدة غضبه " كيف علمت علا بسفر جدى ...وما حدث لزوجتى. ..يا ماجد ...هل تنام فى العسل ...وتلك الأفعى تلتف بجسدها حولى انا و زوجتى ...أين ما أخبرتك أن تفعله ...أين .."
بلع ماجد ريقه بتوتر واقترب من سيف يحاول تهدءته
" لا أعلم كيف علمت كل هذا ...لكن لا تقلق انا اضعها تحت عينى ...اليومان فقط ما غبت أنت بهما انا فقط ربما نسيت الاهتمام بما يدور حولها "
جز على اسنانه و صدره يعلو ويهبط من شدة انفعاله وقال بحدة " لا يوجد شئ اسمه قد نسيت هل فهمت ...أريد أن أعلم كل تحركاتها "
" حسنا لا تقلق ...لكن كيف علمت بما حدث لزوجتك ...جدك وانتشر أمر سفره ...لكن ما حدث لزوجتك ..."
قاطعة بحدة " لا أعلم ... لقد حرصت ألا يعلم أحد وأنا لم أخبرك غير اليوم بما حدث كيف علمت ما حدث ...تبا لتلك الافعى ...أقسم أن مست زوجتى سيكون حينها وقت دمارها وموتها " هتف بكلماته وهو يضرب بيديه على سطح مكتبه بقوة ...
اجفل عندما دخل أسامة غاضبا وهو يهتف بنبرة حادة
" أين هى دينا "
" تبا هل هذا وقتك " هتف بها سيف فى نفسه فأكثر ما هو ليس بحاجة إليه الآن هو أسامة وبحثه عن دينا وكأنه هو من يخفيها عنه ...فنظر إليه بنصف عين ...شعر ماجد بحدة الموضوع ...وأن سيف فى غنى عن مجى أسامة فى هذا الوقت بالذات لذا قال بهدوء وهو يحاول سحبه خلفه بهدوء وإخراجه من الغرفة
" تعالى معى سأخبرك انا "

وما ان خرجا حتى تهاوى بجسده على كرسى مكتبه وهو يلعن بخفوت ..

 

وقفت كعادتها أمام النافذة الزجاجية لغرفة حضانة الأطفال بمعطفها الأبيض ...تراقب الزائرين الجدد لهذه الغرفة ...فكل مرة ياتى عدد من الأطفال يبقون قصيرا وبعضهم طويلا وبعد ذلك ياتى غيرهم بعد ان يرحلوا مع والديهما ...
ابتسمت لهم وكأنها طفلة صغيرة وهى ترسل القبلات الهوائية لكلا منهم ...راقبت دخول إحدى الآباء وهما يحملان طفلهما بحب وشوق وكلا منهما يقبلانه بحرارة ...
ابتسمت ريم والتمعت عيناها بالدموع وهى تراقب ذلك المشهد المؤثر ...ومن دون ان تشعر وجدت نفسها تبتسم وهى تتخيل نفسها تحمل طفلها بين يديها وبجوارها مالك يحتضنها هى وطفلها ويقبلها. ...لكنها سرعان ما نفضت تلك الأفكار عن رأسها ...
"هل حقا سياتى يوما وتحمل بين يديها قطعة منهما ...ام أن السعادة لن تدق بابها يوما "
اجفلت عندما سمعت صوت ماهر يقول ببرود
" بالطبع السيدة ريم تأخذ اجازة كما تشاء وتجلس فى المشفى الوقت الذى تريده ...وتقف وهى تراقب للأطفال ...وكأن المشفى كانت باسم والدها "
تنهدت بضعف ونظرت إليه وهى تبتسم ببرود وهى ترفع إحدى حاجبيها بتكبر وعنفوان
" ما الذى تريده يا سيد ماهر "
عدل من وضع نظارته على عيناه وقال باسف " آسفة ..ولكن انتى من تدفعينى إلى هذا ...اخذتى اجازة وبعد ذلك يخبروننى فى مكتب التمريض بأن الطبيبة ريم ستخرج بعد قليل ...وكان المشفى ..." نظرت إليه بقوة قبل أن يكمل كلامه وقالت بهدوء
" نعم سأذهب اليوم مبكرا ...أولا لكى اذهب إلى أروى وثانيا لأنى أشعر بالقلق على نور لذا يجب ان اذهب ان بقيت لن أكون بعقلى هنا "
تنهد بقوة وهو يقول بتساءل " ريم ماذا بك ..."
وما كاد يسألها حتى اجهشت بالبكاء وهى تقول بحزن وبكاء
"لا أعلم ...لا أعلم ما بى ...

 

...لكنى أحتاج إلى التكلم مع أحدا ما أرجوك يا ماهر "
" يا الله لماذا تبكين الآن ...هل تعاملك زوجة خالى كوثر معاملة سيئة " قالها وهو يناولها منديلا
مسحت دموعها بالمنديل وهى تهز رأسها ب لا ...رغم أن أحد سبب ضيقها هو السيدة كوثر فعلا ...لكن ليس هذا فقط
" حسنا ...حسنا يمكنك الذهاب "
رفعت اهدابها إليه وهى تبتسم بخجل
" شكرا لك "
نظر إلى ساعته وقال بتنهيدة
" لا داعى للشكر ...لطالما اعتبرتك مثل أروى يا ريم" قالها وابتعد عنها قاءلا " سأذهب انا الآن لدى عمل ...فأنا ليس لدى أحد لينوب عنى "
ابتسمت وهى تراقب ابتعاده
وابتعدت هى الأخرى بدلت ملابسها ...وصعدت سيارتها وانطلقت بها إلى أروى ...
...
ما ان دلفت إلى منزل سيف حتى تفاجأت بذلك الضيف الجالس فى الصالون الكبير ...
" كاسر " قالتها ريم باستغراب
ضحك كاسر على تعابير وجهها وقال بهدوء
" ماذا ..لماذا تفاجاتى هكذا "
هزت رأسها وهى تقول " لم أقصد ولكنى علمت انك قد سافرت "
حرك يديه وهو يقول " سافرت وها انا قد عدت ...وقبل أن تسالى لماذا انا هنا ...سأخبرك اتيت من أجل سؤال سيف بعض الأشياء "
حركت كتفيها بقلة اهتمام ...ثم راقبت دنو سيف منهما وهو يحمل كوبان من الشاى بين يديه ناول كاسر واحدا ثم جلس على أحد الاراءك ناظرا إلى ريم و قبل أن تنبس ببنت شفه. ..
قال بسرعة " أروى فوق ومعها عمتى ...هل اصنع لك كوب شاى قبل ان تصعدى " سألها وهو يرتشف من كوبه
نظرت إليه ببلاهة. ..
ضحك كاسر بقوة وقال بمكر " لا تقلقى يجيد صنعه ...أظن انه تحسن فى صنع الشاى "
فنظر إليه سيف بطرف عيناه ...فابتسمت بهدوء قائلة
" كاسر ..يا الله أما زلت تتذكر ..حقا قلبك اسود "
أصدر كاسر ضحكة عالية قائلا " ومن هذا الذى ينسى مذاق أول كوب شاى صنعه سيف كاد يصيبنا بالغثيان ...فنظر إلى سيف وهو يقول ...ولا يعلم احد حتى الان كيف قام بصنعه "
بادله سيف النظرات وهو يقول ببرود " ولا تسألني حتى الان كيف صنعته ...لأنى انا الآخر لا أعلم كيف صنعته "
" لا أعتقد انه كان شايا " قالتها ريم
تنهد سيف بضعف وهو يقول بتحذير " تبا لكما هل سأكون سخريتكما لهذا اليوم ...ريم اصعدى إلى فوق هيا بسرعة ...قبل ان اطرد كلا منكما الآن "
لوت فمها بامتعاض وصعدت درجات السلم ...
فالتفت كاسر إلى سيف قائلا
" آسف ان كنت أتيت فى هذا الوقت ...لكن أردت مقابلة جدك وأعلم انك تستطيع الحديث معه ...لكى يقابلنى "
" ألا تعلم ما حدث...متى اتيت من سفرك "
رفع كاسر عيناه إليه باستفهام فقال بهدوء " اتيت اليوم صباحا ...فهز رأسه قائلا. ..ولكن ما الذى لا أعرفه "
"جدى سافر منذ عدة ايام ولا أعلم أين هو "
" ماذا " هتف بها كاسر بغضب وهو يهم واقفا
تنهد سيف ...فتابع كاسر بصوتا اجش
" سافر ...هكذا ...أين ...هل يمكن أن يكون قد ذهب إلى أخيه عزت ...هل تعتقد انه يعلم أين هو عزت الحسينى "
هز سيف كتفيه بجهل " حقا لا أعلم ...ولكن سفره جعلنى تاءها "
"تبا" قالها كاسر وهو يمرر يده على وجهه بغضب
" أما زلت لم تستطع الوصول إليها حتى الان " سأله سيف
لاحظ الحزن جلى على وجه كاسر فقال بألم
" لا لم اجدها ...بحثت ..وبحثت ولكنى لم اجدها ...لا أعلم أين هى... تركتنى وذهبت ك الطائر الوحيد "
" كاسر ...سياتى يوما ويعود الجميع ...لن تبقى طيلة عمرها مختفية ...هى ستعود ..بنفسها فى يوما ما "
" يوما ما ...متى ...لطالما سألت نفسى إلى متى ...ولم أجد جوابا حتى الان له " نطق بكلماته بضعف
" سأذهب " قالها كاسر وهو يبتعد عن كرسيه
فنهره سيف بسرعة قائلا
" لا ..لا أبقى ...فلتجلس معى قليلا لم نجلس مع بعضنا منذ فترة طويلة "
جلس بقنوط ...وهو يحاول سيف جذبه للحديث معه رغم شروده وحزنه الظاهر على وجهه ...
اجفلا الاثنان عندما سمعا صوت جرس الباب ...فتحرك سيف مبتعدا عن كرسيه ...وضيق عيناه وهو ينظر إلى ذلك الزائر الذى لم يعتقد يوما انه سيدق بابه
" لقد حان وقت تسديد الديون "
الفصل التالي
رواية عندما يعشق الرجل لـ شيماء محمد الفصل 27

26-11-2021 01:56 صباحا
مشاهدة مشاركة منفردة [24]
زهرة الصبار
عضو فضي
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس : أنثى
الدعوات : 2
قوة السمعة : 10
 offline 
look/images/icons/i1.gif رواية عندما يعشق الرجل
رواية عندما يعشق الرجل لشيماء محمد الفصل السابع والعشرون

الجزء الأول

وقف مراد ما ان دنا حازم منه وهو يراقب ملامحه التى تكون عادة هادئة ..
يظهر عليها الوجوم والكدر ...سأل والده بهدوء واتزان
" أين كنت ؟!...وما هذه الرسالة التى أرسلتها لى !؟...لماذا طلبت منى عدم ذهابى إلى عزيز المنشاوي اليوم ؟!... وقلت انك ستقوم بحل الأمر! "
فجلس حازم على أول كرسى قابله وقال بصوتا متزن " لقد حللت الأمر "
" كيف ؟" سأله والده مستفهما وهو يحدق به باهتمام

" ذهبت إلى السيد عزيز ... واعطانى موافقته ... وهو ينتظرك غدا حتى تعرف ما هى طلباته كاملة ...والزفاف سيكون الاسبوع القادم " قالها حازم بسرعة ثم ابتعد عن كرسيه واقفا بجسد متصلب...و ما كاد والده يفتح فمه حتى قاطعه حازم قائلا بنبرة متعبة
" أبى انا متعب اليوم ...أعدك سنتحدث عن هذا فى أقرب وقت ممكن" قالها ثم ابتعد عن نظر والده الذى اكتست ملامحه الكثير من التساؤلات ...
صعد مراد هو الآخر درجات السلم ... و دلف إلى غرفة نومه ..وجد زوجته نورا تمسك بعض الصور فى يديها و أعينها دامعة... اقترب منها وهو يهتف برعب وخوف
" ماذا هناك لماذا تبكين الآن؟! " قالها وهو يقترب منها ويجلس بجوارها على السرير وهو يمسح دموعها عن وجنتيها ...
زمت شفتيها وقالت بنبرة حزينة وضيق
"فقط أخرجت بعض الصور القديمة لحازم عندما كان صغيرا" ...فتوجهت نظراته نحو احدى الصور التى كانت لحازم عندما كان فى عمر الثالثة وهى تقف بجواره تضمه إلى صدره وتضع قبلة على وجنته. ..
ضمها إليه وقال بنبرة حنون هادئة
" وهل هذه ذكريات تجعلكى تبكين "
هزت رأسها ب لا وقالت بصوت متهدج
" فقط عندما تذكرت ... أن ابنى يكبر يوما يوم ... تابعت بابتسامة هادئة على ثغرها رغم عيناها الممتلئ بالدموع
" اتمنى حقا أنه أراه سعيدا وإن يكون له عائلة وأطفال تركض من هنا وهنا وأنا اركض وراهم... فضحك مراد ما ان تخيل شكلها وهى تركض وراء احفادها الصغار ومن دون ان يشعر تخيل نفسه هو الآخر يركض وراء إحداهما وهو يصرخ من شقاوته. ...
" لكن يا ترى هل سيكونوا هولاء الاشقياء مثل حازم ام مثل نور ...فحدقت به بدهشة من ما سمعته فاتسعت ابتسامته أكثر وتابع ...ام مثل جدتهم "
ضيقت ما بين عيناها للحظات ثم هتفت بسعادة
" هل وافق عزيز ...على زواج نور وحازم "
فهز رأسه قائلا بتأكيد " نعم ..ومن هذا الذى يرفض ابن مراد السيوفى " قالها بغرور مصطنع وهو يضع قدم فى الاخرى بتعالى
" حقا...كيف.!؟.. " هتفت تساله
" هكذا لا أعلم غدا سنذهب انا وانتى لتتكلمى مع الفتاة وتعرفى ما تحتاجه بأكمله لكى تحضريه لها قبل موعد الزفاف الذى سيكون فى خلال أسبوع إن شاء الله "
"ماذا ؟!...اسبوع" هتفت بكلماتها ببلاهة وهى تحاول استيعاب ما قاله زوجها ...الذى صدرت منه ضحكة مجلجة لم يستطع كبتها وهو يراقب تعابير وجه زوجته المندهشة والمصدومة فى آن واحد ...

 

أبعدت يده عن خصرها تحاول الابتعاد عن دف جسده ما ان استمعت لنداء ربها ...ابتعدت عن السرير ببط شديد تحاول عدم إيقاظه ... وما ان ابتعدت عن السرير حتى وجدته يهمهم بخفوت و يشد الغطاء عليه أكثر محاولا أن ينعم نفسه بالدف الذى افتقده ما ان ابتعدت عنه ...فتحركت بهدوء ...توضات ... وارتدت اسدالها ...و خرجت من الغرفة وتوجهت إلى الغرفة التى توجد بجوار غرفتهما مباشرة ... يوجد بها تلفاز كبير حديث واريكة كبيرة...وضعت خصيصا حتى يستطيع مشاهدة مباريات الكرة ... وبعض الألعاب الخاصة بمالك التى ما زال يحتفظ بها منذ ان كان صغيرا ... ومكتب كبير فى احد الزواية يوجد عليه تصمماته الهندسية وأدوات الهندسة ... ومكتبة على عرض وطول أحد حوائط الغرفة يوجد بها عدد من الكتب لوالده ...
فردت سجادتها فى زواية الغرفة صلت السنة ثم ركعتى الفجر ...وجلست وهى ترفع يديها تناجى ربها بقلب متضرع ومنكسر...حزين ... تحمده على نعمته ...تخبره عن وحدتها التى ما زالت تشعر بها ... تخبره عن مشاعرها المتخبطة وانه هو الوحيد القادر على انقاذها من مما هى به ...هو الوحيد القادر على اخراجها من ضيقها ... تريد ان تنعم بالسكينة والطمأنينة التى لم تصل إلى روحها منذ كانت صغيرة ...عندما كانت ترى شجار والديها وسب كلا منهما للآخر ... منذ كانت صغيرة وتولدت لديها عقدة كانت تكبر يوما بعد يوم ... وأصبحت حفرة عميقة يملاؤها السواد والضيق عندما انفصلا ... وجدت نفسها أكثر وحدة و اختناقا عاشت مع جدتها ووالدتها تزوجت بعدما انتهت شهور عدتها بأول شخص طرق بابها ورحلت ...ام والدها ربما لم يكن مثل والدتها فى انانيته لكنه أصبح بعيدا عنها ...كانت قليلا جدا ما كان يتحدث معها او يشعرها بأنه بجوارها ... عاشت حياة صعبة خالية من الحب و الاحتواء التى كان يحتاج اليه اى طفل من والديه حتى يستطيع أن يكون إنسان سوى خالى من العقد والخوف ... لم تكن تعرف يوما معنى الحب كيف تعرفه وهى لم تشعر به يوما من والدتها ... لم تكن يوما محبة للدراسة كانت حياتها رتيبة مملة ومحبطة أصبحت أكثر تمردا عدوانية تتشاجر مع زملائها فى المدرسة حتى جدتها وجدت صعوبة كبيرة فى كبح تمردها لم تكن معها قاسية لأنها كانت تشعر بها ... معظم لياليها كانت تقضيها فى غرفتها المظلمة ضامة ركبتيها إليها تبكى حرقة وآلام و شوقا إلى شئ كانت تراه عندما كانت ترى أحد من زملائها يمسك بيد والده او والدته لاصطحابه إلى منزله حيث الأمان والسكن ... كانت تشعر حينها بألم حارق يدب بين اوصالها كره ...كره فظيع اجتاح قلبها جعلها تتحسر على حياتها ... ما زالت تتذكر أول مرة عندما رأت جدتها تصلى وتبكى بتتضرع جعل اوصالها ترتجف ... ركضت ما ان رأت جدتها انتهت من صلاتها ... لكنها لم تكن تعلم ان الحاجة زينب قد شعرت بها فابتسمت بحبور وقررت تنفيذ خططها ... استغلت عدم قرأتها للحروف بشكل جيد وتعللت بالصداع الذى أصبح يؤرق عليها يومها وطلبت من ريم ان تقرأ لها ما تيسر من القرآن الكريم ومن يومها رغبت فى الاقتراب أكثر من ربها ...ولم تعد تترك فرضا وهى تناجى ربها أن يعوض لها عما فقدته من دف وأمان فهل استجاب لها ربها ...
نزلت درجات السلم و توجهت مباشرة نحو المطبخ بعد أن شعرت بالجوع ومعدتها تصرخ طالبة للطعام فهى لم تتناول غير وجبة واحدة طوال اليوم بالإضافة إلى بكاءها المستمر الذى انهك روحها ...
لذا فهى بحاجة إلى وجبة دسمة تعيد لها قوتها بعد هذا اليوم الطويل ... وضعت أصابعها على زر إضاءة الغرفة وتوجهت نحو الثلاجة فتحتها لم تجد بها غير أنواع مختلفة من الجبن وبيض ...أخرجت إحدى أطباق الجبن ووضعته على الطاولة فى غرفة المطبخ ... وسحبت ثلاث بيضات ... وما كادت تغلق باب الثلاجة حتى وجدت ما سال لعابها لأجله ...موس الشوكولاتة ...التمعت عيناها وكأنها وجدت كنز ... عادت بكل ما أخرجته وعاودته مكانه ... وأخذت إحدى أطباق الصينى وسحبت الطبق الكبير الموضوع فيه عدد من قطع الموس الشهية ... ووضعته أمامها ... وضعت فى الطبق الخالى الذى أمامها قطعة من موس الشوكولاتة وهى تعد نفسها بأنها لن تأكل غير قطعة واحدة فقط ... وبدأت رحلة استمتاعها والغرق فى الطعم الرائع للموس الشهى...
تململ فى نومته ويده تبحث عنها ففتح عيناه بسرعة ما أن شعر بعدم وجودها ... ضيق ما بين عيناه بانزعاج واضح ... أبعد عنه الغطاء دق على الباب الحمام لكنه لم يسمع صوتها بحث عنها الطابق بأكمله وعندما لم يجدها نزل درجات السلم ... لمح ضوء ياتى من غرفة المطبخ فتوجه إليه بخطوات ثابتة ...
وقف مشدوها أمام الباب وهو يراقب تعابير وجهها وهى تقرب الشوكة إلى فمها وتتذوق ذلك الشئ الغامق ... وعيناها تنغلقان باستمتاع جعله يشعر باضطراب ضربات قلبه ... نظراته كانت منجذبة لشفتيها التى تضغط عليهم باسنانها مستمتعة بطعم ذلك الشئ الذى عرف بعد ذلك انه عبارة عن شوكولا ... بدون وعى منه بلع ريقه و خرج لسانه ليرطب شفتيه الجافتين... وفى لحظة وقعت عيناه الخضراء على بحر عيناها وهى تنظر إليه باستغراب ... طار عقله ما ان رأى ابتسامتها الموجهة إليه ... فابتسم هو الآخر وقال بخفوت ومكر وهو يضيق بجفنيه
"لص"
فنظرت له بنصف عين وتابعت رحلة استمتاعها لتذوقها تلك الشوكولا غير ابهة لوقوفه ...فضحك بخفوت واقترب منها بحركات بطيئة ثابتة قائلا من بين أسنانه
" أرى انك مستمتعة ... ألم تكونى حزينة وتبكين منذ فترة ليست بطويلة!"
زمت شفتيها بعد ان وصلت إليها ما كان يرمى إليه ... انها كانت تبكى بين يديه ... فرفعت حاجبيها وقالت بصوتا ناعم ذهب بعقله
" أنا لست من النوع الذى يضرب عن الطعام عندما يحزن ... فما ذنب جسدى بحزنى "
أطلق ضحكة مجلجة وانخفض إليها بجسده يستند بيد على ظهر كرسيها واليد الاخرى على حافة الطاولة مما حبسها بجسده ... جعلتها تشعر بقطعة الموس الصغيرة تقف فى منتصف حنجرتها وهى تشعر بحرارة جسده قربها ... بلعت ريقها تحاول منع ارتجافة عيناها او يقشعر بدنها وهى تشم رائحة جسده الذى جعلت دقات قلبها تزداد
وقالت بصوت حاولت جعله ثابتا لكنه رغما عنها خرج ناعما
" مالك "
لم تقل ضربات قلبه عنها وقال باغراء
" عيون مالك ... وقلبه "
شعرت بحرارة غريبة تجتاح جسدها وبيد مهتزة ابعدته عنها ... فتراجع بجسده للوراء قليلا و فمه يتشدق بابتسامة جانبية عذبة ... وباصابع مهتزة مررت يديها على وجهها ... و كمحاولة منها لإخراج نفسها من هذا الإحراج تابعت أكلها للموس ... رغم أنها شعرت بالتخمة ما ان اقترب منها هكذا ...
أخذ نفسا عميقا ثم زفره بهدوء وقال بصوت هادى
" هيا لتنامى ما زال الوقت مبكرا "
بلعت ريقها وقالت بتوتر وخفوت
" مالك ... العمل ... انا سأذهب للعمل ... ساحضر نفسى وأذهب "
لمحت نظرة غاضبة ... لكنها سرعان ما اختفت وقال بنبرة منخفضة باردة لكنها تحمل بين طياتها الغضب والحنق
" لا ... لقد سبق واخبرتك لا عمل ... صمت ثم تابع وهو يهم بالخروج من الغرفة ... ربما لهذه الفترة فقط "
ألقت بالشوكة التى بين اصابعها بغضب وهى تزفر باختناق وجلست وجسدها متصلب لدقائق... ثم تحركت بسرعة ...
دلفت إلى الغرفة وجدته مستغرقا فى النوم ...نادت باسمه لعدة مرات لكنه لم يجيب عليها ... فجلست على السرير وهى تزفر بحنق...
فتح عيناه ما ان شعر بثقل جسدها على السرير ... يعلم انه أخطأ بادعاءه النوم ولكنه ليس لديه رغبة فى التحدث عن هذا الأمر مرة أخرى ...
بقيت على جلستها حتى بلغت الساعة الثامنة منتظرة استيقاظه ... قربت يدها ببط من ظهره وهى تحارب رغبة قوية فى إيقاظه فهى لن تجلس هادئة فى حين هى تشتعل غضبا وحنقا من أسلوبه وتعامله معها ... فبدأت تهزه ببط لكنه لم يستجب فزادت حركتها حتى استيقظ وهو يهتف بانزعاج و صوتا عالى
"هل هكذا يتم إيقاظ البشر "
بلعت ريقها وقال مبررة بارتباك
" انها الثامنة ... و عملك "
تشدق بسخرية رافعا إحدى حاجبيه قائلا بسخرية لم تخلو بها نبرته
" حقا ... إذا ها هو انا استيقظ"
... قالها ثم تحرك مبتعدا عن السرير ... و دلف إلى الحمام
وبعد دقائق جلست وهى تراقب تمشيطه لشعره ... فحسمت أمرها ودلفت إلى الحمام وهى تدعو فى نفسها ان يذهب حتى تتمكن من الذهاب لعملها ...شهقت بقوة ما ان خرجت من الحمام ووجدته يقف واضعا يديه فى جيب بنطاله ووجهه خالى من اى تعبير ... وقبل أن تقترب من خزانة الملابس قال بصوت هادى
" ارجو ألا تاخذى كلامى كسخرية بالنسبة لكى ... وإن تثبتى لى ان كلامى لن يكون هباء لكى "
هتفت بتلعثم وعيناها متسعتان
" ما الذى تقصده "
نظر إليها بنصف عين قائلا بتهكم
" أقصد انه لا يوجد عمل "
"انت لست جادا .. هتفت بها بحنق ثم ضغطت على شفتاها ما ان رأت نظرته الغاضبة التى يحاول سبر اغوارها "
ماذا !؟... إلى متى؟ " صرخت بها وهى تقترب منه بأعين قطة غاضبة
لوى فمه وقال بهدوء جليدى
" لحين أشعر انك زوجتى ... عندما أشعر أن لدى قيمة عندك .. عندما أشعر انك تحترمينى وتقيمين لكلماتى وزنا لك ... وتحترمينى بالقدر الكافى ... عندما تفعلين كل هذا يمكنك الذهاب إلى عملك " قالها بسخرية ثم خرج من الغرفة صافعا بابها بقوة ... وهى تقف فى مكانها بتصلب وكأنها تمثال من الشمع ملامحه باهتة

 

الجزء الثاني

اتسعت عيناها وامتلاتا بالدموع حتى اصبحتا شفافتان كالزجاج وغصة مولمة ألمت قلبها شعرت بجرح غاءر فى ثنايا روحها ..وهى تستمع لحديث عمتها ... زواج ... كيف ووالدها مات ... تتزوج ... تتزوج ... كلمة ترددت فى راسها ... تصبح عروس ووالدها ليس بجوارها ... لن يكون معها كما تمنت دائما ستكون عروس بدون أب او سند ... وفوق كل هذا ... تم الإعداد والتخطيط لكل شئ وهى لا تعلم ... كيف عمها وافق ... وهى تعلم جيدا أن رابح لطالما أرادها وتمناها لكن والدها كان سابقا يقف أمامهم يبلغهم برفضه ورفض صغيرته... والمفاجأة الكبرى ان العريس هو رئيسها فى العمل ... أكثر شخص مغرور قابلته فى حياتها بارد وتعامله جاف مع من حوله ... تذكرت انها كانت جالسة عندما أتى هو و والده والسيد سليم أول مرة ووالده يعلن انه يريدها لابنه ... لكن عمها قابله بالرفض ... وفى خضم مشاحنتهم الكلامية وقعت هى مغيبة ... ومن يومها هى لا تعلم ما الذى حدث بعدها ... كل ما تعلمه الآن هو ما أخبرته به عمتها بعد تنحنحها وارتباكها فى الحديث ... تخبرها انها فى خلال أسبوع ستتزوج بحازم السيوفى ... أغلقت عيناها بقوة تاركة العنان لبعض من دموعها بالسقوط حتى لا تختنق بسبب كتمها لها ... لا يوجد لديها قدرة على الكلام ... ولا الصراخ ... قوتها خارت تماما ولم تعد قادرة على الجدال او الوقوف فى وجه أحد فهى على يقين انها لن تستفيد تعلم عمها لن يعتبر رفضها حرية لها بل سيعتبره قلة تهذيب ... وسيصر ان أخاه لم يعرف كيف يربى ابنته ... وهى لن تتحمل أن تسمع اى شى عن والدها ... حتى وإن استطاعت رفض حازم والتخلص منه ... فستجد نفسها فى براثن رابح ... الزواج ... نعم الزواج من حازم ستستطيع من خلاله الخروج من هذا المنزل ...الفرار من كل شى ...الزواج منه سيحررها. .. ستتزوجه وبعد ذلك ستهرب تاركة كل شى ورائها. .. هى لن تبقى هنا ... اتسعت عيناها إصرارا ... وجفلت عندما استمعت إلى صوت دقات على الباب تبعها دخول تلك المرأة التى لطالما شعرت نحوها بشئ رائع دف غريب يجتاحها ما ان تضمها إلى صدرها ... وفم المرأة يتسع بابتسامة دافئة ... اقتربت نورا من نور واخذتها بسرعة بين احضانها وهى تهتف بنبرة ناعمة لا تخلو من السعادة والفرح
" حبيبتى ... لو تعلمين كما انا سعيدة بموافقتك على الزواج ... لو تعلمين كم تمنيت هذا اليوم ... لو تعلمين كم سيكون حازم سعيدا ... لو تعلمين كم هو ... قطعت نورا عبارتها فهى لا تريد أن تخبر نور بشعور حازم نحوها وكم هو يحبها ... ستترك هذا الأمر له ... طوال الأيام الفائتة وهى تدعو ربها ان تكون نور تحب حقا ابنها ... وكم كانت سعيدة عندما علمت بموافقتها وبموعد زواجهما ...
" يا الله ... من اليوم سنذهب انا وانتى ونجهز لك كل شئ ... أريد أن يكون الزفاف اسطوريا. .. أريده ان يكون رائعا. .. رغم أن حازم وضعنى فى موقف صعب ... فسبعة ايام لن تكفى لإعداد كل شئ ... لكن لا ... حتى لو تطلب منى الأمر عدم النوم فسافعل كل شئ على أتم وجه ... وأحسن صورة " هتفت نورا بكلماتها بسعادة مطلقة تظهرها وكأنها شابة صغيرة تخطط لزفافها. .. ولما لا ليس زفافها فهو لابنها الوحيد ... الذى انتظرت طويلا حتى اتى هذا اليوم اخيرا... لم تستمع نور لأى من كلمات نورا فقد كانت تشعر بالتيه والقلق ... اجفلت عندما شعرت بيد عمتها توضع على كتفها ... فاستعمت لباقى حديث نورا العفوى وهى تقول بنفس السعادة
"مراد فى الأسفل ... انا وانتى و عمتك سنبدأ من الآن لتجهيز كل شئ... ثم وجهت نظرها نحو الحاجة هيام قائلة بلهجة امرة مرحة
" هيا عليكى ان تستعدى سيدة هيام انتى ونور لكى نستغل كل دقيقة ... بسرعة "
قالتها فاطعتها عمتها وخرجت من الغرفة لتجهيز نفسها ... لبدا رحلتهم هم الثلاثة لشراء كل ما تحتاجه العروس ... وما ان خرجت الحاجة هيام حتى جلست نورا بجوار نور ... وهى تقرب إليها كتالوج ما يحتوى على ألوان للحائط ...
قائلة بهدوء وهى تهم بفتحه ."انظرى ... ما الذى يعجبك اى الألوان أفضل "
فتح فم نور ببلاهة وهى تقول بخفوت
" ماذا! ! "
ابتسمت نورا بدف وقالت بهدوء
" هيا اختارى لونا وساعدينى "
قالتها بإصرار فقالت نور بقلة حيلة وتلقائية
"أزرق " فاتسعت ابتسامة السيدة نورا وابتعدت عنها قائلة. ..
"سأخرج حتى تستطيعى الاستعداد ... لا تتاخرى" قالتها وأغلقت الباب خلفها
تنهدت نور بانزعاج وهى تشعر باختناق ... و دفنت وجهها بين يديها وهى تبكى بحرقة وألم...

زفر حازم بملل وانزعاج وهو واقف يراقب العمال وهم يبدأون رحلة عملهم فى غرفته ... اليوم صباحا تفاجأ بوالدته فى غرفته ما ان دلف إلى الغرفة بعد ركضه ومشيه لأكثر من ساعتان ... وجد والدته جالسة على السرير فى انتظاره ... وطلبت منه او بالأحرى امرته... ان يقوم بتغير ديكور الغرفة بأكمله من اثاث و لون الحائط فبالطبع لن يتزوج فى غرفة قاتمة كتلك التى يجلس بها ... وارته عدد من غرف النوم الجميلة ذات الألوان الفاتحة والغامقة. .. ورغم انها ارته كلاهما إلا أنها أصرت على الون الأبيض قائلة انه أفضل وأجمل لون مناسب لغرفة عروسان ... واختارت معها عدد من الارءك ... وأيضا طلبت منه كسر الحائط الذى بين جدران غرفته وغرفة مكتبه حتى يستطيع توسيع الحمام وأيضا حتى تتسع الغرفة لكل شئ ... وبالفعل ما ان رحلت هى ووالده اليوم حتى أتى العمال وبداو فى رحلة ازعاجهم وتكسيرهم للحائط... جفل عندما استمع إلى صوت رنين هاتفه معلنا عن وصول رسالة تضمن ... صورة للون الذى اختارته والدته
" أزرق " قالها بنبرة خافتة لا تخلو من التهكم ولكن غصب عنه تشدق فمه بابتسامة عذبة ...
وأمر العمال ببعض التعليمات وخرج ... وبعد ذلك رن هاتفه
وضع سماعة الهاتف إلى أذنيه ... واغلقه ما ان استمع لكلمات والده ... التى تخبره انه تم الاتفاق على أن يقام الزفاف فى حديقة منزل الحاج عزيز فهو أصر هو وابن عمة نور خالد على أن يقام الزفاف فى منزله ... يجلسوا بعض الوقت ويتم عقد القرآن هنا وبعد ذلك يستطيع أخذ عروسته والذهاب بها أين ما يريد ... بالإضافة إلى اخباره انه لا داعى لكى يحجز اى صالة للأفراح وإن يجهز فقط حديقة منزلهم لاستقبال العروس ... وأنه لن يستطيع العودة اليوم هو و والدته ...
وضع هاتفه فى جيب بنطاله ... وعاد إلى العمال يصدر إليهم بعض التعليمات ...

انزلقت بقدميها فى حوض الاستحمام ... وهى تغلق عيناها باستمتاع واضح من رائحة الصابون المنعش وسخونة المياه ... جسدها مرهق للغاية رغم أنها لم تتحرك من على السرير إلا فقط للضرورة ...إلا انها شعرت بأن جلوسها هذا سيسبب لها الخمول والتعب فهى غير معتادة على عدم التحرك لمدة طويلة ... والدتها وزوجها يهتمان بها للغاية ... دفنت وجهها بخجل وهى تعيد بانفاس مضطربة زوجها ... نعم سيف زوجها ... الذى أظهر فى الأيام الفائتة طوال فترة جلوسها فى السرير ...اهتمامه الشديد بها ... تتذكر فى إحدى الليالى عندما حاولت التحرك من السرير عندما شعرت بالجوع وحاجتها الشديدة لتذوق شئ مالح او حار وجال فى فكرها انها يجب ان تطلب من ريم حتى تحضر لها (محشى ورق العنب )الشهى فهى لم تذقه منذ وقت طويل ووالدتها لا تجيد صنعه او حتى لديها الصبر لتحضيره ... فاوقفها بصوته الحاد هاتفا
" الى أين ستذهبين؟! "
تفاجأت عندما وجدته ما زال مستيقظا فقالت بصوت خافت
"أريد أن أكل "
قفز من على السرير واقفا وقال وهو يمرر يده على وجهه بتعب وهو يتثاءب
"ماذا تريدين أن تاكلى؟! "
فقالت بسرعة
"اى شى ... وربما بيتزا "
ارتفع إحدى حاجبيه بتعجب
"بيتزا! "
فحركت رأسها بنعم
أغمض عيناه قائلا " بماذا تريدينها "
" الجبن "
ما ان استمع حتى تحرك مبتعدا عنها وخرج من الغرفة ... وبعد ما يقارب الربع ساعة أتى وهو يحمل بين يديه علبة ... و وضعها أمامها وهو يراقب استمتاعها الواضح لتذوقها ...
ضحكت بسعادة وهى تتذكر كل موقف يقوم به يدل على اهتمامه وحرصه الواضح على راحتها ... ابتعدت عن حوض الاستحمام بعد ان أنهت حمامها المنعش ... وارتدت روب قطنى وردى ... وقبل أن تخرج من الحمام لمحت قميصه معلقا فمدت يدها وسحبته وقربته من أنفها تسنشق رائحة عطره التى دغدغدت حواسها ... جعلتها تبتسم بهستيرية وكأنها مجنونة ... وضعت القميص مكانه و خرجت من الحمام... قامت بتنشيف شعرها ثم مشطته جيدا ... وما ان لمحت ذلك الكارت الصغير على طاولة الزينة ... حتى امسكته وبدأت تنظر إليه فى سعادة ... يوم ونور ستتزوج ... رفعت رأسها عاليا تشكر ربها لانه رزق فتاة كنور بشخص كحازم و هى متأكدة بأنه أكثر شخص يستحقها ... دعت ربها بأن تبدأ حياة نور بسعادة و الا يعكر صفو حياتها اى شئ فهى تستحق السعادة ... جالت بخاطرها فكرة وهى تتذكر انها يجب ان تقيس الثوب الذى سترتديه غدا فى الزفاف فوزنها قد ازداد ومعدتها أصبحت منتفخة بشكل واضح ... كانت لديها رغبة شديدة فى ان تسافر إلى نور اليوم وتقضى معها اليوم لكن سيف لم يوافق متعلل بحالتها وإن السفر ليس جيدا لها فى هذه الفترة بالذات من حملها وإن الطبيب قد أكد على كلماته ... ففضلت الصمت ... ارتدت الفستان ... ونظرت فى المرآة ودارت بجسدها ... تحاول رؤيته من جميع الزواية ...
وقالت بتفكير وهى تقف وواضعة يديها على بطنها المنتفخة
" ضيق "
" للغاية "
اجفلت عندما استمعت للصوت الآتى من خلفها وسيف واقفا مستندا على الحائط ويضع يديه فى جيب بنطاله و نصف أزرار القميص مفتوحة ... و شعره مشعث وكأنه خرج من حرب ضارية ... بلعت ريقها وهى تراه بهذا الشكل المغرى ...
واخفضت رأسها ما ان رأته يقترب منها بخطوات بطيئة ...
قائلا وعيناه تلتمع باغراء
" قميص النوم يبدو راءعا عليكى "
رفعت إحدى حاجبيها وقالت بحدة
" انه فستان سهرة "
تشدق فمه بتهكم قائلا وهو رافع احدى حاجبيه " ثوب " ثم تابع
"الثوب مغرى للغاية ... ثم تابع وهو يقترب منها ويضع يده على ظهرها الشبه عارى ... كما انه يظهر أشياء لا يجب عليها الظهور ... قد تسبب خطرا على الأمن العام "
اقشعر جسدها وشعرت بخدر وهو يمرر إصبع يده على كتفها العارى ...
" لم أكن اعرف انك بهذا الجمال... ثم لوى فمه قائلا بسخرية ... لما أصبحت اثواب السهرات تشبه قمصان النوم هذه الأيام "
اتسعت عيناها وقالت بحدة وغضب
" قميص نوم ... ثوبى هو آخر صيحة من صيحات الموضة " هتفت بها بغرور
ضحك بقوة وقال وهو يقترب من اذنها بصوت منخفض مغرى
" لا مشكلة ثوب سهرة .. قميص نوم .. لا مشكلة عندى طالما سترتدينه لى وفى هذه الغرفة "
شعرت بجسدها يخرج منه حرارة تكاد تحرقها وبدأت قلبها يضطرب لكن رغم نبرته المغرية تلك إلا أن وجهها احتقن وقالت بتعالى وهى تعقد يديها أمام صدرها
" تحلم ... انا سأذهب به الزفاف غدا "
ظهر الغضب على وجهه واصتك على أسنانه و قال بهدوء وبنفس برودها رغم غضبه
" تحلمين ... أن كنتى تعتقدين انك تستطيعى الخروج من هذه الغرفة بهذا الثوب "
" ماذا؟ ! ...وماذا إذا ارتدى غدا!؟ " هتفت بها بحنق
" ارتدى اى شى... صمت ثم تابع ... اى شى واسع ومستور زوجتى العزيزة ... فانتى لن تذهبى ولن تخرجى بهذا القميص من هنا " قالها بنبرة غاضبة صارمة وقاطعة وهو يخلع سترة بذلته تبعتها قميصه ثم دلف من الغرفة غير عابء بغضبها الظاهر ...
نظرت اروى إلى انعكاس صورتها فى المرآة وهى تمرر يديها على ثوبها بحزن ... كان ثوب قصير عارى الكتف ياتى من عند الصدر بفتحة تشبه حرف الV وأسفل الصدر ضيق ظهر معالم أنوثتها بشكل واضح ...
" لم يكن هكذا قبل أن أكون حاملا " قالتها فى نفسها فقد ارتدت هذا الثوب عدد من المرات ولكنه لم يكن عليها هكذا يوما ... لقد أظهرها هذه المرأة بشكل رائع ...
"أما زلتى ترتدينه إلا تريدين أن يمر يومك على خير " قالها سيف وهو يضع منشفة على وجهه ...
"حسنا " قالتها باحتقان ودلفت إلى الحمام وقبل دلوفها وتعمدت الاصطدام به ... فهتف بتهكم وتعجب ما ان تحرك بجسده قليلا بسبب اصطدامها به
" تبا ... يبدو أن غضبك ليس سهلا ... يا زوجتى العزيزة "

 

جلست على السرير وهى تفرك يديها بتوتر واضح منتظرة حضوره ... منذ الليلة التى تحدثوا بها وأخبرها برفضه ذهابها إلى عملها وهو لم يتكلم معها غير قليل جدا وكأنها ليست موجودة ... أصبحت تنزعج بطريقة غريبة من ابتعاده عنها لم يعد يفرض نفسه عليها كالسابق بل يبتعد عنها و يناى بجانبه لا يحاول التكلم او فتح اى حديث معها ...وكم ازعجها هذا ... لا تعلم كيف تفاتحه وتقنعه ان تذهب إلى نور اليوم حتى تستطيع قضاء هذه الليلة معها ... فنور بالنسبة لها ليست مجرد صديقة فقط بل هى أخت... تشعر بها ومتأكدة أن صديقتها بحاجة إليها اليوم... فلا يوجد بجوارها لا ام ولا أب ... فحالاتهما متشابهة فكل منهما يعتبر يتيم الأب والأم ... رغم أن نور فعلا هكذا يتيمة ... أما هى فوالديها مازالا على قيد الحياة ...
مسحت ريم بسرعة دمعة خائنة نزلت على وجنتيها ... وهى تتساءل فى نفسها .. لماذا ما زال هذا الأمر يؤثر بها رغم أنها تعودت على الأمر منذ زمن ... لقد عودت نفسها منذ صغرها ألا تبكى على أحد وكان اولهما والديها الذان لم يهتما بها ... والآن هى قد كبرت لماذا ما زالت تبقى عليهما ... ألقت بجسدها على السرير وهى تكتم شهقاتها قائلة بختناق يؤلم القلب ... ما زلت بحاجة إليهم رغم كبرى .. ما زلت أحتاج إلى ام تكون بجوارى ... لو كانت بجوارى لما حدث لى كل هذا ... لو كانت معى لكانت اخبرتنى كيف أتعامل مع مالك ... كيف أكون زوجة بحق كما يقول ... مسحت دموعها ما ان سمعت صوت إدارة مقبض الباب وجلست برأس منحنى ...
رفع إحدى حاجبيه ونظر إليها بتعجب وهو يراها تجلس على السرير ...القى بمفاتيح سيارته على الطاولة ... وتوجه نحو الخزانة أخرج ملابس بيتية وما كاد يدلف إلى الحمام حتى قالت له بسرعة ونبرة متحشرجة
" مالك ... أريد الحديث معك "
استدار بجسده نحوها ونظر إلى وجهها متفحصا باهتمام ... فظهر الغضب على وجهه عندما وجد وجهها محمر وعيناها منتفخة ...
" هل كنتى تبكين ؟!"
فهزت رأسها بلا وهى تحاول كتم دموعها ...
أغلق عيناه وهو يزفر بقوة قائلا بحدة
" إذا لماذا وجهك وعيناك منتفخان هكذا؟! "
كتمت شهقة وغصة فى حلقها و قالت بثبات وهى تخفض وجهها إلى الأسفل
" أريد أن اذهب إلى نور اليوم .. غدا زفافها ويجب أن أكون معها "
ألقى مالك بملابسه وقال بهدوء منافى تماما لغضبه الذى يكاد يعصف بهما ... فهو ليس لديه القوة او القدرة على الجدال معها
" حسنا ... ارتدى ملابسك وساوصلك "
رفعت نظرها إليها بتعجب وهى تهتف فى نفسها
" هكذا بسهولة ... وافقت ... من دون ان تقول اى شئ "
قطع أفكارها قائلا بصوت منخفض
" هيا حتى أستطيع توصيلك... وأعود مبكرا "
اؤمات براسها وهى تقول بهمس
" حسنا "

 

ألقت بجسدها بتعب بعد تسوقها الذى أخذ منها منتصف يومها ... لم تكن تنوى الخروج لكن بعد إصرار والدها لم تستطع الرفض وخضعت لرغبته وذهبت واشترت ثوب مناسب لها ولابنتها فستان جميل من أجل زفاف الغد ... اجفلت عندما استمعت إلى دقات على باب غرفتها تبعها دلوف والدها إلى الغرفة بوجه مبتسم قائلا
" قمتى بشراء ما سترتديه "
اومات براسها ... ثم قالت بهدوء
"ما رأيك هل تريد رؤيتهم "
هز سليم رأسه بسرعة ... وظهرت السعادة على وجهه وهو يمسك بين يديه فستان الصغيرة ميا ... راقبته بثينة بفرح وهى تلمح تلك النظرة فى عينى والدها ... ولكنها سرعان ما ضيقت بين حاجبيها بتساؤل وهى ترى ملامح وجه والدها تغيرت وظهر الحزن جلى عليها ... وربما لمحت دمعة تتلألأ بين مقلتيه
وقال بصوت منخفض مختنق وعيناه تهيمان فى الفراغ
" أنا .. انا لم أكن بجوارك انتى او أخاك ...حرمت نفسى من رؤيت ابناءى الصغار ومراقبتهما وهما يكبران ... حرمت نفسى من شئ يتمناه اى رجل ... من رؤية ابنه الصغير يكبر ويكبر حتى أصبح رجل يافعا لا يحتاج لمساعدته ... و ابنته كبرت وأصبحت امرأة جميلة ... لم امسك بيديكما عندما كنتما صغيران إذا ... كيف ساطالب بحقى عندما أحتاج اليكما فى شيبتى... حاولت بثينة مقاطعته ولكنه قال بسرعة وبنبرة هادئة محاولا الحفاظ على رباطة جاشه
" سيف زوجته حامل "
فظهرت شبه ابتسامة على وجهها تتذكر اخاها .. اخاها الذى لم تره غير عدد قليل للغاية من المرات وجميعها اما كان يحاول عدم النظر إليها أو لم يلمح وجودها ... كيف تلومه وهى أيضا تشعر بجفاء بينهما ... كل ما يربطهما فقط هو اسم الأب " سليم " وربما الدم ...
" بثينة ... ألم يحن الوقت " سألها والدها بهدوء
فالتفتت إليه وهى علم تماما بما يقصده والدها بالتأكيد هو يقصد موضوع حسام ... وأنها يجب ان تعود إلى زوجها ... وألا تحرم أب من ابنته ... أخبرها والدها فى الأيام الماضية ان حسام أصبح يتصل به باستمرار ... يرجوه ان يخبره عن مكانهم ... لكن والدها رفض وقال انه لن يستطيع أن يخبره طالما هى ليست موافقة ... ابتسمت بخفوت ... وهى تعلم ان والدها بجانبها ويناصرها رغم عدم علمه حتى الان بسبب بكاءها و توسلها ان يأخذها بعيدا عن حسام ...
" لا لم يحن الوقت بعد " همست بها بثينة وهى مخفضة رأسها ... ابتعد عنها والدها قائلا بهدوء وهو يخرج من غرفتها
" حسنا .. انا لن اضغط عليك ... لكن ... لكنى لا أتمنى أن تكبر الصغيرة بعيدة عن والدها ... وبالذات انه لايكف عن السؤال عنها باستمرار "
قالها ثم خرج من الغرفة ... فتنهدت بثينة بضعف وهى تنظر إلى الهاتف بجوارها ... منذ ان وعدته بأنها لن تغلق الهاتف ... وهو يتصل بها كل يوم ... يرجوها ان تستمع له وفى كل مرة ... يخبرها ان حياته أصبحت رتيبة بدونها هى وميا شعر بالحزن والاختناق وهو بعيد عن صغيرته. .. يرجوها ان تعود فهو لا يريد لصغيرته ان تبقى أكثر من هذا بعيدا عنه ... يظل يتحدث ويتحدث وهى صامتة تستمع فقط ... هل تخبره ان الغيرة تأكل احشاءها. .. هل تخبره أنها أصبحت تخافه ... لم يعد امانها كما كان ... انها منذ ان رأت تلك الصورة والغيرة تنهش قلبها وهى تجد زوجها يحتضن امرأة غيرها ... انها فى البداية تحملت من أجل صغيرتها. .. وهى الآن غير قادرة على الاحتمال ... صمتت ...
ثم تنتهى المكالمة وهو يستمع لهمهمات صغيرته غير المفهومة او لضحكاتها وهو يحاول كتم غصة فى حلقه ... يتمنى لو يستطيع المرور عبر الهاتف حتى يقف أمامها ويأخذ صغيرته بين احضانه ... اشتاق إليها ولم يعد يستطيع تحمل بعادهما. ... كلمات ... وكلمات كان يقولها ... لكنها كانت تستمع فقط ثم تغلق الهاتف منهية حديثهما الذى كان المتحدث به هو فقط ... والمستمع هى ... هى المسلوبة غير القادرة على فعل شئ ... تتارجح بحيرتها يمينا ويسارا ... لا تعلم هل تطلب الانفصال ... انفصال مجرد التفكير فى هذه الكلمة يشعرها بالألم ... ام تبقى وتتحمل وتستمر حياتها من أجل ميا ... ام ربما من أجل نفسها
الفصل التالي
رواية عندما يعشق الرجل لـ شيماء محمد الفصل 29




الكلمات الدلالية
رواية ، عندما ، يعشق ، الرجل ،


 





# فنون # مشاهير # صحة # منوعات # الأطفال # English # تفسير الأحلام ثقافة # قصص # سيارات Cars # صور # تقنيات # الاجهزة الالكترونية # المطبخ # كلام فى الحب # أبراج # رياضة # ازياء # حكم وأقوال تطوير الذات# خلفيات # صور بنات # مشاهير # ديكور # صباح الخير # مكتوب برقيات شهر رمضان # جمعة مباركة # حب رومانسية # عيد # ادعية # خلفيات كرتون # منوعات # موضة # الأم # أطفال # حيوانات # صور ورد # اكلات # New Year # مساء الخير # اللهم صلي علي النبي # القران الكريم # صور نكت # عيد ميلاد # اعلام # سيارات # تهنئة الخطوبة # حروف واسماء # الغاز # صور حزينة # فساتين # هدايا # خلفيات النادي الاهلي # تسريحات شعر # الاصدقاء # بوستات نجحت # خلفيات نادي الزمالك # حب رومانسية # تهنئه # ازياء # صور بنات # صوره وكلمه خلفيات # كرتون # بروفايل رمزيات # دينية # سيارات # مضحكة # أعلام # مسابقات # حيوانات # ديكور # أطفال # أكلات # حزينة صور شباب أولاد ر# صور # الطب و الصحة # مقالات عامه # CV المشاهير # وصفات الطبخ # العناية بالبشرة غرائب وعجائب # قصص روايات مواعظ # صور حيوانات # وصفات الحلويات # الرجيم والرشاقة # نكت مضحكة # صور خلفيات # العناية بالشعر # شروحات و تقنيات # videos # Apps & Games Free # موضة أناقة أزياء # سيارات # ديكور # رعاية الأطفال # نصائح المطبخ # موبايل جوال # الفوركس # التعليم والمدارس # الحمل و الولادة # اخبار الرياضه # وظائف # صحة المرأة # حوادث # صور بنات # صور اطفال # مكياج و تجميل # عناوين بنوك شركات محلات مطاعم # العاب الغاز # عيد # كلمات الاغانى # اشغال فنيه واعمال يدويه # مصر # أشعار خواطر # للنساء فقط # للرجال فقط # صور شباب # علاج النحافه # رسائل SMS # أكلات نباتية - Vegetarian food # برامج الكمبيوتر # المراهقة # جمعة مباركة # blogger # رعب # لعنة العشق # حب # اسلامية # قاسي ولكن أحبني # أحفاد أشرار الحرب لأجلك سلام # أسمى معاني الغرام # حقيقية # لقد كنت لعبة في يده # ملهمة # أباطرة العشق # عربية # حب خاطئ # لست مميزاً # من الجاني # مشاهير # راقصة الحانة # اغتصاب طفلة # عاشقان يجمعهم القدر # الطريق الصعب # خيال علمي # أشواك الحب # تاريخ # سجينة ثوب الرجال # لروحك عطر لا ينسى # أطفال # عشق وانتقام # لازلت أتنفسك # لقاؤنا صدفة # للحب معان أخرى # خاتم سليمان # ممن أنتقم # نجاح # أبواب وهمية # حلمى فى صفيحة قمامة # فيلم # مجنون بحبك # بين شباكها # حزينه # رحلات جوليفر # عذاب قسوته # عندما ينادي الشيطان # لعنة حبك # مريم وامير # هدوء في قلب العاصفة # الحاسة السادسة # المشعوذة الصغيرة # عباقرة # لوعة العشق # حروب # قدر بالإجبار # بنات مضحكه# فوركس Forex# صحتك # الصور والخلفيات # الطبخ والحلويات # منوعات # اخبار الفن # القصص و الروايات الألعاب الرياضية # الحياة الزوجية # أزياء وملابس # الأم و الطفل # دراسات لغات # افكار منزلية # انترنت تكنولوجيا # صفات الابراج # حيوانات ونباتات # تفسير الاحلام # معانى الاسماء # خواطر و اشعار # الكون والفضاء اجمل نكته# Mix # Forex # youtube # foods # Kids # Health education # stories # News # kitchen # woman # Famous # Sport # Animals

-------

الساعة الآن 06:31 صباحا