أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم في منتدى جنتنا، لكي تتمكن من المشاركة ومشاهدة جميع أقسام المنتدى وكافة الميزات ، يجب عليك إنشاء حساب جديد بالتسجيل بالضغط هنا أو تسجيل الدخول اضغط هنا إذا كنت عضواً .





رواية عندما يعشق الرجل

مقدمة الرواية - تعريف الشخصياتعائلة رشاد السيوفىزوجته (فيريال ) لديه ثلاثة أبناء1-محمود زوجته (كوثر)ابنه(مالك )2-سليم تز ..



26-11-2021 01:52 صباحا
مشاهدة مشاركة منفردة [16]
زهرة الصبار
عضو فضي
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس : أنثى
الدعوات : 2
قوة السمعة : 10
 offline 
look/images/icons/i1.gif رواية عندما يعشق الرجل
رواية عندما يعشق الرجل لشيماء محمد الفصل السابع عشر

حاول وليد أن يمنع نفسه كثيرا من التحرك والتوجه إليهما لكنه لم يستطع الصمود أكثر وتصاعد غضبه عندما رأى ذلك ال نزار يمسد بيديه على يدها فتحرك مبتعدا عن كرسيه بسرعة وتوجه إليهم ...انعكست مصابيح المطعم على جسده ووقف كالشبح أمامهم وعيناه تلتهب من الغضب ووضع يديه على الطاولة ناحية ايميلى ومال بجسده قليلا نحوها قائلا ببرود وسخرية واضحة فى صوته...مرحبا آنسة ايميلى ...أوه يا الله كم هى صدفة رائعة رؤيتكما.

رفعت نظرها إليه وعيناها تضيقان بشدة وتكسو ملامحها بعض الذهول من وقوفه أمامها وحضوره إلى هنا ...ابتسم نزار ابتسامة جانبية وهو يتابع نظرات هذان الاثنان ...فتح وليد زر بذلة سترته وشد الكرسى وجلس بينهما فى المنتصف قائلا بانزعاج وأسف كاذب ...آسف أن كنت قطعت عليكما العشاء ...لكن حقا رايتكما فأحببت أن ألقى عليكما السلام واتشارك معكما العشاء أن كنتما لا تمانعان بالطبع ...فأظن انكما تتحدثان عن العمل ...أم إننى قطعت خلوتكما قالها بمكر
"كاذب"قالها نزار فى نفسه فهو متأكد أن وليد تعمد الحضور أو ربما كان يعلم باجتماعهما هذا ...وما هو متأكد منه أكثر أن وليد لن يسمح له بالاقتراب مجرد أنملة من ايميلى لكنه أحمق لا يعلم بأن الفتاة بالفعل قد صدته ...ربما ايميلى تكن له مشاعر بالفعل لكن هل حقا هو يحبها أم أنه يتلاعب بها ولا يستحق أن يقترب من ايميلى يعلم أن وليد زير نساء كما يقولون سمع عنه الكثير رغم أنهما لا يتقابلان كثيرا إلا أن وليد مثل الأسد إذا أراد شيئا يحصل عليه ...طلبوا شراباً بارداً بعد الانتهاء من تناول الطعام والصمت يعم بين الثلاثة وكلا منهم ينظر إلى الآخر نظرة جانبية ...تحركوا مبتعدين عن الطاولة وتوجه نزار لدفع الفاتورة بنفسه ووليد لم يحاول منعه أو حتى عرض دفع الفاتورة هو ...حقا أنه بخيل قالها نزار فى نفسه ...يستطيع دفع كل أمواله بصدر رحب. ...لكن ما أن رأى ابتسامة وليد اللامبالية التى استفزته كثيرا جعلته يتمنى لو يذهب إليه ويقول له بتشفى. ...اذهب وادفع ثمن عشاءك بنفسك ألا يكفيك انك جعلت العشاء كارثياً بحضورك ونظراتك لايميلى وفوق كل هذا قطعت علي عشاءى الهادئ معها لربما كان حصل على نظرة أمل فى عيناها أنها ربما تفكر فيه يوما ...دفع الفاتورة على مضض وذهب وراءهما. ...رأى كلاهما واقفان فى موقف السيارات حيث تصطف السيارات ووليد يضع إحدى يديه فى جيب سترته ينظر إلى ايميلى بجرأة ...اقترب منهما ووقف قبالة ايميلى قائلا بهدوء ...هيا لكى أقوم بايصالك آنسة ايميلى فنظر إليه وليد بغضب مكتوم وقال بنبرة حادة حاول أن تكون هادئة ...لا داعى أن تتعب نفسك سيد نزار ...الآنسة ايميلى سأقوم بإيصالها بنفسى فهناك موضوع أريد أن أتحدث به معها...قالها وهو ينظر إليها وعيناه تلمعان مكرا وتشفى...فنظرت إليه بتساول فهتفت بحدة لم تقصدها. ...ما هو الموضوع الذى تريد أن تتحدث به معى ...فقال بعدم اهتمام ...أنه بخصوص العمل ...لذا لا تقلقى ستعلمى عاجلا أم آجلا ...

فاخفضت رأسها ثم رفعتها إلى نزار وماكادت تنطق حتى بادرها بالقول وابتسامة على ثغره ...حسنا لا داعى سأذهب أنا ثم اقترب منها وأمسك يدها وهو يلثمها برقة قائلا بخفوت ورقة ...تصبحين على خير ...سارت قشعريرة فى جسدها وشعرت بوجنتيها اصبحتا حمروتان من الخجل. ...على عكس وليد الذى تصاعد الغضب إلى وجهه جعله مسودا للغاية ...ثم انسحب نزار بهدوء ونظرات ايميلى تتبعه ...أشار وليد بيديه حيث سيارته قائلا بهدوء ...هيا لكى نستطيع التحدث ...
اشتدت قبضة يديها على الحقيبة التى بين يديها حتى قالت بقوة ...يمكنك التحدث هنا ...لن أصعد لسيارتك
-ايميلى لا تخرجينى من تحضرى...قالها وهو يغمض عيناه مصتكا على أسنانه ثم تابع وهو يزفر بقوة ...لذا من الأفضل لكى أن تتبعينى بهدوء وإلا لن تعرفى ما الذى سافعله بكى
-كيف تتجرأ على التحدث معى هكذا ..لن أصعد سيارتك ...قالتها بغضب عاصف ...
لوى فمه وحاجبه يرتفع ثم اقترب منها وأمسك بمعصم يدها بقبضة فولاذية قوية ومؤلمة فى نفس الوقت لها مما جعلها تصرخ لكنه وضع يده الأخرى على فمها وقبض على جسدها وهو يضع يد على فمها وأخرى تمسك بيديها الاثنان ...وحركها بعنف حتى وصل إلى سيارته الفارهة وادخلها بعنف قاومت بكل قوتها لكنه كان اقوى منها ادخلها للسيارة ثم أغلق بابها بقوة وتوجه حيث مقعد السائق بسرعة وغضب ...ما أن صعد للسيارة حتى حاولت أن تدير مقبض السيارة وتخرج لكنه قام باغلاقها من أزرار السيارة وقبض على كلتا يديها بيد واحدة واليد الأخرى كانت تدير السيارة منطلقا بأقصى سرعة ...صرخت بقوة لكنه لم يبالى بصراخها...أوقف السيارة بسرعة من شدة صراخها والتفت إليها قائلا بحدة ...لماذا تصرخين
فصرخت فى وجهه قاءلة ...لماذا أصرخ ...هل أنت مجنون ما الذى تفعله الآن. ...
أغمض عيناه وقال بهدوء ...حسنا فلنتحدث بهدوء ...ايميلى تعلمين أن طريقتك تلك فى ايغاظتي ليست صحيحة ...
رفعت إحدى حاجبيها وقالت بتهكم. ...اغاظتك هل جننت. ...نظر إليها بنصف عين ثم عدل من نفسه وقاد السيارة غير مهتم بها ...حتى وصلا أمام باب منزلها وما كادت تدير مقبض السيارة لتخرج حتى وجدت يده تمسك بمعصمها فالتفتت إليه بتساول فقال بهيام ومكر ...انتى مثلى تماما تشعرين بالانجذاب الذى بيننا لماذا تكابرين...لماذا لا تشعرين بى...بلعت ريقها بخوف وهى تراه يقترب منها يحاول أن يقبلها شعرت بأنفاسه الساخنة وهو يقول قرب شفتاها...اجعلينا نستمتع وبعد ذلك فلنفكر فى أى شئ ...اقترب حتى أوشك فمه أن يلتقط شفتاها لكنها أبعدت جسده عنها بيديها وهى تصرخ قائلة ...لا ...ثم أدارت مقبض باب السيارة وخرجت وهى تلعن بخفوت...
قبض بيديه على المقود وهو يشتم ...هل اخطاء بفعلته تلك ...لكنه أرادها نعم ارادها ويجب أن يحصل عليها ...من هذه التى تقف فى وجهى ...ستاتين إلى شئتي أم ابيتى بقدميكى ...أخرجه من تفكيره رنين الهاتف الذى أخرجه من جيب سترة بذلته ثم وضعه على أذنه وهو يقول بفرح ...مرحبا أخى الكبير اشتقت إليك حقا
-فأتاه الصوت الآخر ضاحكا ...حقا لو كنت اشتقت إلى لكنت أتيت لرؤيتى. ...أم أن فتيات لندن تمنعك
فتنهد وليد تنهيدة طويلة جعلت أخاه يسمعها و يعقد حاجبيه باستغراب قائلا بنبرة متسائلة ...ماذا بك يا وليد ...

-هناك فعلا فتاة تستعصى على أخاك ...أنها عنيدة جدا وجميلة جدا وقوية جدا ...قالها بتنهيدة
فضحك أخاه بخفوت ...إذا ما المشكلة
لوى وليد فمه ...المشكلة أنها صعب الحصول عليها ...فهى على مايبدو شخص لا يرتبط إلا بالزواج ...وكما أنت تعلم اخاك لا يمكن فى يوما من الأيام أن يتزوج ...
-لماذا يا وليد ...لماذا لاتتزوج فربما هى فتاة مختلفة عن من قابلتهم سابقا ...ألا تتمنى أن تكون عائلة سعيدة ...
فقاطعه وليد بسرعة ...أنت من تتحدث عن الزواج والاستقرار ...أفعلها أنت اولاوتزوج فأنت الأكبر ..ثم تابع بمكر ...وحينها سافكر فى الزواج ...
فزمجر أخاه هاتفا باحتقان. ...أخى الأكبر أخى الأكبر ..حقا تحتاج إلى صفعة قوية على وجهك لكى اجعلك تتذكر أن ما بينى وبينك هو عام واحد أيها الغبى. ...ثم هدأت نبرته قائلا. ...أما بالنسبة للزواج فأنا لم أجد المرأة المناسبة بعد ...من يدق لها قلبى حقا ...فأنا لست مثلك اركض وراء الفتيات بل هن من يركضن وراءى. ...هل فهمت ...قالها بغرور...ومن ثم أغلق الهاتف دون أن يستمع لكلمة من وليد ...أبعد الهاتف عن أذنه وهو ينظر إليه ببلاهة تبعتها ضحكة مجلجة. ...حقا أنه لن يتغير ...قالها وهو يدير السيارة منطلقا بسرعة ...يفكر كيف يستطيع إيقاع تلك الشرسة الصغيرة ...
أغلقت ستار النافذة الكبيرة بعد أن كانت تراقب وقوفه وعدم ذهابه مباشرة عندما دفعته بقوة وهو يحاول تقبيلها. ...حتى وإن كانت تكن له القليل من المشاعر فهذا لا يعنى أن تخضع وتستسلم له ...رغم أنها متأكدة أنه يتلاعب بها لكنها لا تستطيع حقا أن تمنع نفسها كما قال من الانجذاب الذى يحدث بينهما ...وخير دليل على ذلك هى رفضها لمشاعر نزار نحوها ...هى لا تستطيع أن تفكر فى رجل غيره ...لكن لماذا هو بالذات من بين كل الرجال قالتها بأعين حائرة وهى تدفن وجهها بين راحتى يديها الباردة ...

ترجل من سيارته وجسده متصلب بشدة ما ان فتح السائق باب السيارة الخلفى له ووجهه مكفهر من الغضب ...وجبينه وحاجبيه منعقدان بشدة وعيناه تنظر بحدة لكل من كان يقابله من موظفيه الذين كانوا يحيونه برسمية وبشاشة لكن ما أن يلمحوا نظراته وجبينه المنعقد وعيناه التى تنم عن غضبه حتى تتغير ملامحهم إلى التساول فقليلاً جداً ما يكون رئيسهم بهذا الشكل ...ركب المصعد حتى وصل إلى الطابق الاخير حيث غرفة مكتبه خرج منه ...ما أن رأته سكرتيرته حتى همت واقفة باحترام منتظرة أن يبتسم لها كالمعتاد حتى وان كان لم ينطق بكلمة حينها ...لكن هذه المرة لم يفعلها بل كان وجهه يوحى بمزاجه السئ الذى لن يكون جيد اليوم ابداً ...بلعت ريقها داعية الله أن يمر اليوم بسلام فهى أول شخص ينال من غضبه عندما يكون بهذا المزاج ...تنهدت بقوة وامسكت الأوراق بين يديها وابتعدت عن مكتبها ووقفت أمام باب غرفة مكتب الرئيس عدلت من هيئتها وأخذت نفسًا عميقاً ثم أخرجته بهدوء تحاول أن تكون قوية وشدت علي قبضة يديها في محاولة بائسة منها لدعم روحها الخائفة و الشد من ازر نفسها ثم ارختها وبعدها بدأت بدق الباب دقات خفيفة وعلى وجهها ابتسامة عريضة ...لم تستمع لرده فدلفت هى بهدوء ...اقتربت منه بخطوات مدروسة حاولت أن تكون ثابتة ثم وضعت الأوراق أمامه بهدوء ...فلوح بيديه لها علامة الانصراف فخرجت بسرعة وأغلقت باب المكتب وزفرت بارتياح ...انتفض جسدها بخوف ما أن سمعت صوت التكسير بالداخل ...وهى تتمتم بخوف وتذمر ويديها على خدها بقلة حيلة ...من هذا الذى اغضبك وجعلك بهذه الحالة وما ذنبى أنا ...لقد كنت جيدًا الأيام الفائتة ما الذى حدث لكل هذا ولماذا أنا من تنال من غضبك وتبقى فى هذا الخوف ...

-هل جننتى...تتحدثين مع نفسك ...قالها ماجد باستغراب
فزفرت الأخرى بقوة وقالت وهى تقترب منه ...الرئيس ليس بخير ...مزاجه سئ للغاية ...
التفتا الاثنان نحو الباب ما ان سمعا صوت الأشياء التى تكسر بالداخل ...عقد ماجد حاجبيه بشدة ...فقالت هى بسرعة ...هل سمعت ...أرجوك أفعل شئ ...أنه ليس بمزاج جيد ابدًا...دلف ماجد إلى المكتب مباشرة فوجد سيف يقف أمام النافذة وظهره متصلب بشدة ويديه فى جيبه ...
-ماذا بك ...هل حدث شئ ...سأل ماجد
فالتفت سيف بجسده وهو يهتف بقوة ملقيا بعض الأوراق على المكتب بقوة ...تبا ...هذا ليس وقتها ...
-ماذا ...ما الذى حدث ...ومن هذه ...هتف بها ماجد بهدوء
جلس سيف على كرسى مكتبه ودفن وجهه بين يديه يحاول أنها يتمالك نفسه وإلا يخرج غضبه على صديقه ...دينا ...
رفع ماجد حاجبه وصمت منتظرا من صديقه ان يتابع ...فتابع سيف بصوت منخفض ...دينا أرسلت العقود التى تمتلك من خلالها الشقة وذلك المحل ...
-إذًا ما المشكلة
-المشكلة أنها لا تعرف ان أسامة هو من قام باعطاءها كل شئ وأنا كنت أقوم فقط بما كان يطلبه منى ...ثم جلس مرة اخرى على كرسيه قائلاً بحدة. ...لدى ما يكفينى وأنا لا أريد أن اتدخل بين هذان الاثنان ...
هدأه ماجد قائلا. ...لا تقلق ساتصرف أنا ...ولكن لا أظن أن هذا ما يزعجك ...هل هناك شئ آخر يجعلك بهذه الحالة ...
-لا ...لا شئ قالها سيف وهو يبعد وجهه عن صديقه ...تنهد ماجد مطولا ثم خرج من المكتب فهو يعلم أن صديقه لن يتفوه باى شئ طالما هو بهذه الحالة ...من الأفضل أن يتركه قليلاً وبعد ذلك سيتحدث معه ...لكن الأهم الآن بالنسبة له هو الذهاب إلى دينا ...ليعلم سبب كل هذا منها ...ولماذا كل هذا فجأة ما ان خرج ماجد حتى دفن سيف وجهه بين يديه
...وما زالت كلماتها تردد فى أذنه ...ما أن لمح ضوء الشمس حتى تحرك مبتعدا عن السرير بدل ملابسه وخرج. ...لا يعرف كيف استطاع النوم بجوارها ليلة أمس...طيلة الليل وعيناه لم تذوق طعم النوم ...يفكر فى كلماتها التى كالسين فى جسده ...حتى وإن كان مغصوبا على هذا الزواج وهى مثله كذلك ألا أنه شعر بجرح شديد فى قلبه ...هل أصبح يكن لها مشاعر وكيف لا يفعل وهى زوجته شرعا ...كيف استطاعت نطق تلك الكلمات بلسانها حقا أنها امرأة تحتاج إلى التهذيب ...ويجب عليه ان يضع حدا لكل هذا قالها بتصميم. ..

 

مسحت بيديها قطرات المياه التى تجمعت على مرآة الحمام وهى ترى انعكاس صورتها بها ثم مررت بيديها على بشرة وجنتيها القمحية وبعض النمش مرسوم عليها ...وهى تلاحظ شحوبة وجهها أهو بسبب إرهاقها أم لأن آثار تقدم العمر بدأت تظهر عليها ...نعم فهى لم تعد صغيرة حتى أن بعض الشعيرات الرمادية تظهر على فروة رأسها قالتها وهى تمرر يديها على شعرها الكستنائي ... فتنهدت بضعف وهى تذكر نفسها بأنها يجب أن تذهب إلى صالون التجميل لتصبغ شعرها قبل أن تنتشر تلك الشعيرات أكثر ...لقد أصبحت فى منتصف الثلاثين ...من فى مثل عمرها الآن وربما أصغر منها لديه طفلان أو ثلاثة ...وهى بقت وحيدة بدون أنيس أو سكن أو حتى طفل يجعلها تتحمل وحدتها القاتلة تلك ...عندما كان يأتي سيف إليها لم يكن هو الوحيد من يحتاجها بل هى أيضا احتاجته حتى وإن كان ياتى كل فترة إلا أنها كانت سعيدة عندما تشعر بأنفاسه الساخنة فى شقتها التى امتلأت بالبرودة ...يعيد إليها الدفء الذى فقدته منذ زمن ...لن تكذب او تخدع نفسها وتقول أنها أحبت سيف لكنها كانت تحتاجه تحتاج إلى رجل تحتمى خلفه عندما تكون خائفة او إلى حضن دافئ يحميها برد الشتاء القارس الذى لم تعد تحتمله ...لقد أصبحت تخاف الشتاء بوحدته وبروده ...بعد سفر أسامة وموت والدها و فقدانها لكل شئ لم تجد غيره من تحتمى به أول شخص مد لها يده أول شخص أخذها بين أحضانه ...أهذا حقا هو الحب يا دينا...أيتها الحمقاء هو لم يفعل كل هذا لأنه أحبك لقد ساعدك باسم الصداقة وخير دليل على ذلك هو عدم التفاته لكى عندما تزوج فهو لم يسأل عنك ...لقد انتهى كل شئ وانتهت قصتها مع سيف يجب أن تبدأ حياتها بعيدا عن أى شئ ...انكمشت ملامح وجهها ومقلتيها امتلاتا بالدموع وهى تتذكر أسامة وهل هى حقا نسته لقد كانت تتذكره فى كل معنى لطيف ورقيق ...لم تستطع أن تكره يوما أحبته بكل كيانها لكنه تركها تركها ولا تستطيع أن تسامحه لابتعاده عنها كل هذه السنين ...لم تعتقد أنه سيعود ويفتح جروحها مرة أخرى ...لقد ودعت الهوى منذ ان تركها ...ضمت جسدها بيديها تحاول تدفئة جسدها البارد ...خرجت من الحمام وهى تستمع لرنين هاتفها الذى يأبى السكوت امسكته وهى تعقد حاجبيها عندما رأت المتصل فوضعت الهاتف على اذنها حتى قال الصوت ما ان انتبه لردها. ...دينا أريد مقابلتك
-لماذا يا ماجد ...
-هناك شئ أريد أن أتحدث به معك لذلك ما رأيك ان نتقابل فى مطعم (...)خلال ساعة
رفعت حاجبيها وهى تستمع لكلماته الأخيرة التى انتهت ب سأنتظرك لا تتاخرى ...أغلقت الهاتف وهى تتسال عن سبب رغبته برؤيتها ...اتجهت حيث دولابها وأخرجت بنطالا رماديا وقميصا اسود ..

 

منزل محمود السيوفى...
انتفض من نومه وهو يستمع لصوت دقات الباب المتلاحقة التى تكاد تكسر باب الغرفة وعيناه تضيقان بشدة لكنها سرعان ما لانت...عندما رأى وجهها الغارق فى النوم وجسدها يقبع بين يديه بسلام بدون دفع او غضب منذ ليلة أمس ...عيناه ذاقت النوم بعد عذاب طويل وهو يقاوم مشاعره المتأججة من رغبته الشديدة فى تقبيلها وعناقها بشدة ...عادت الدقات المتتالية على الباب مرة أخرى فتأفف بغضب وهو يراها تستيقظ لكن الابتسامة عادت إلى محياه وهو يرى مقلتيها تتفتحان كالزهرة التى على وشك التفتح ما ان فتحتهما حتى رأى ذلك البحر الذى أسر قلبه وجعله عاشقا له ...يا الله سيصاب فى يوما من الأيام بسكتة قلبية من رؤيته لها هكذا ...لقد أصبحت مرضه الذى لن يشفى منه وكذلك دواءه لكل شئ ...رآها وهى تفتح عيناها وتغلقهما تحاول استيعاب ما يحدث حتى أبعد رأسها عن يديه بابتسامة وتحرك من السرير بتذمر يلعن من قطع عليه صباحه هذا حتى قال الطارق بغضب مكتوم ...يا مالك ...يا نور عينى والدتك استيقظ أنها الثانية عشر إلى متى ستنام هكذا ...فلوى فمه فما كان الطارق غير والدته السيدة كوثر ...وما كاد يدير مقبض الباب حتى تسمر مكانه وإلتفت إليها بذعر هاتفا بصوت منخفض ...والدتى
فرفعت أحد حاجبيه بتهكم وما زال آثار النوم على وجهها فاقترب منها مرة أخرى هاتفا بارتباك ...أمى بالخارج ...
-وما شأني أنا ...هتفت بها ريم غاضبة
فأشار إلى فستانها قائلا ...انتى ترتدين ثوب الزفاف ...اذهبى بسرعة إلى الحمام قبل أن تراكى هكذا ...فهى لن تمر الأمر بسهولة ...قالها وهو يلتفت مرة إليها ومرة أخرى إلى الباب الذى لم تتوقف والدته من الدق عليه ...فامسك بيديها بسرعة وهو يقول بهدوء ...هيا بسرعة ...فأدخلها للحمام وأغلق بابه وعدل من قميصه البيتي الأخضر واتجه حيث الباب فاتحا إياه بابتسامة عريضة ...
دلفت والدته مباشرة إلى الغرفة وعيناها تتجول فى الغرفة بعد اهتمام ثم التفتت إلى مالك وهى تقول بسخرية واضحة فى صوتها...أين العروس
فسعل بخفوت وقال بهدوء ...تبدل ملابسها ...
فرفعت أحد حاجبيها وقالت بحدة ...حسنا يكفيكما نوما...هل ستظل نائمة بدلاً من أن تستيقظ وتساعدنى تنام ثم تابعت وهى تضع يدهاعلى وجهها مدعية البكاء ...ألم تقل لى أنك ستتزوج فتاة تساعدنى ...فقربها إليه وقال وهو يقبل رأسها ...بالطبع ستساعدك ومن غيرها سيفعل ... فأمسكت بيده وهى تسحبه ورائها قائلة. ...حسنا هيا لكى تتناول الفطور ...فقاطعها مالك بحنو. ...لا داعى س...فقاطعته بسرعة وهى تسحبه ورائها مرة أخرى ...لا تقلق هى ستأتي خلفنا ...هيا ومن ثم اخذته وخرجت ...
بعد ثوانى خرجت ريم من الحمام وهى ما زالت بفستانها الأبيض تراقب الباب الذى خرج منه زوجها ووالدته ...جلست على طرف الفراش تنظر حيث موضع قدميها بحزن ...هل هى ستكون مجرد خادمة لوالدته ...كيف ستكون حياته فى هذا المنزل ؟
تنهدت بقوة وهى تخرج عباءة من الدولاب ثم توجهت نحو الحمام مرة أخرى ...بدلت فستانها بعباءة بيضاء واسعة مطرزة اوصتها جدتها بارتدائها ...لذلك ارتدتها تحسبا لمجئ جدتها فى اى وقت ...فهى لا تريد جدال معها ...وجلست على كرسى طاولة الزينة
دلف إلى الغرفة ثم أغلق باب الغرفة بقدمه وهو يحمل بين يديه صينية مرتص عليها أصناف من الطعام بعد جدال طويل مع والدته بأنه اليوم فقط سيتناول مع عروسه الإفطار فى غرفتهما ...وما كاد ينطق هذا حتى اشتعلت غضبا وهى تنهره بقوة إلا يقوم بتدليلها هكذا حتى لا تتمرد عليه وسيكون مثل الخاتم فى إصبعها...لذلك يجب أن يكون شديداً معها ويريها قسوته فى يوم زفافهم الأول ...طال الجدال بينه وبين والدته فتركها بهدوء بعد أن قبلها على رأسها لعلها تهدأ فهو يعلم جيداً بحبها الشديد له
...راءها تجمع شعرها فى عقدة قوية ...
فقال بابتسامة بعد أن وضع الصينية على الطاولة الصغيرة ...ما الذى تفعلينه
نظرت إليه بسخرية من خلال مرآة الزينة وقالت بعصبية لم تقصدها. ...مثلما ترى
بلع بصعوبة عصبيتها وطريقتها تلك فى التعامل معه وقال بنبرة محبة ...حسنا تعالى لكى تتناولى الفطور ...فقالت وهى تبتعد عن كرسى طاولة الزينة وهى تغطى شعرها بطرحه وردية اللون تدارى شعرها بأكمله تحتها فعقد حاجبيه بشدة وشدد من قبضة يده وقال بغضب مكتوم وهو يرى فعلتها ...ما الذى تفعلينه
فردت بفتور. ...ما هو الذى أفعله ...
فاقترب منها وهو يضع يده على رأسها ثم رفع بيده الأخرى تحت ذقنها يرفع وجهها لكى تنظر إليه فتتقابل عيناهما...فقال بألم فى صدره وحزن فى عيناه وهو يراها قريبة منه لكنه يعلم أن الوصول إليها أصعب من صعود الجبل ...لماذا تخفين نفسك عنى ...لماذا تحرمينى من رؤية جمالك الذى سحرنى منذ أن رأيتك ...فبلع ريقه بصعوبة وهو يتأمل وجهها عيناها الزرقاء أنفها الصغير وفمها الورى المكتنز ...حاول أخذ أنفاسه لكنه لم يستطع غير أن يقرب رأسه منها لعله ينال من شفتاها ... لكنها ابتعدت عنه بسرعة وقالت بعصبيتها المعتادة ...لن أتناول شئ لست جائعة
وتوجهت حيث السرير ...
فظهرت شبح ابتسامة على وجهه رغم حزنه من عدم قدرته على أن ينالها ... وجلس على الأريكة التى فى الغرفة وبدأ فى تناول الطعام الذى سقطت فى جوفه كالحجارة...

 

توجهت حيث المطعم الصغير الملحق بالشركة ...فاحضرت من هناك كوب من القهوة لعلها تعيد إليها نشاطها فهى لم تنم جيداً ليلة أمس وأيضا كانت ليلة زفاف ريم مرهقة بسبب مساعدتها لها...وقفت أمام أحد الشرف الموجودة فى الطابق الثالث للشركة وهى تنظر إلى الغيوم البيضاء التى تسبح فى السماء فضحكت بخفوت وهى تتذكر نفسها عندما كانت صغيرة تتخيل هذه الغيوم على شكل قطة أو كلب وربما أحيانا كثيرة كانت تتخيلها على شكل مخلوقات عجيبة ليس لها وجود ...عندما كانت صغيرة كانت تمشى وهى تنظر إلى السماء ولا تبعد نظرها عنها حتى أنها وقعت مرة فى بركة من المياة الممتلئ بالطين ووالدها قام بتانيبها بشدة فى ذلك اليوم ...
ارتشفت القليل من كوب القهوة القابع بين يديها و عيناها تتغيران نظراتهما إلى حزن وشرود لما حدث ليلة أمس ...بعد الشجار الذى حدث فى الزفاف بين المدعوان كاسر وأدهم خرجت نور من القاعة تحاول استنشاق بعض الهواء كانت الأجواء مكهربة للغاية رغم أن سيف بدى صارماً للغاية ...وبينما هى كانت تقف شعرت بمن يعانق ظهرها من الخلف بشدة ارتعبت وذعرت فابعدته عنها بسرعة
جحظتا عيناها وهى ترى مازن أمامها فقالت بحدة رغم المفاجأة ...مازن ...
-نعم مازن ...اشتقت اليكى يا نور ...قالها بشوقاً جارف وهو يحاول التقرب منها مرة أخرى
-ابتعد عنى ...إياك أن تقترب منى ...قالتها بفتور وقسوة
-وما بيننا يا نور
- أ بيننا شئ...لم يعد بينى وبينك شئ...أبتعد قالتها بصراخ ودموعها تترقرق فى مقلتيها
وضعت يدها المهتزة على عيناها تحاول أن تمنع دموعها من السقوط ...فضمها إليه عنوة وانفاسه تلفح بشرة رقبتها وهو يردد بحب جارف ...
-أحبك ...أحبك ...أحبك يا نور
كانت كلماته وأنفاسه كالنبيذ الذى يجعلها كالسكير بين يديه بدون إرادة او قوة حاولت الابتعاد ...لكن أنفاسه كانت أقوى منها تمنعها الابتعاد لثوانى وربما لدقائق
-سأترك هايدى ...واتزوجك ...أنا أحبك
كانت هذه الكلمات بمثابة دورق الماء الذى إيقظها من غفلتها وخمورها بين يديه ...فتح عيناها بسرعة وحاولت ابعاده عنها حتى نجحت فى ذلك ...
هتفت بقوة لم تكن تشعر يوما بأنها تملكها
-ابتعد عنى ...وإياك ان تقترب منى مرة أخرى هل فهمت ...وابتعد من امامى حالاً ...او قسما سأصرخ وأجعل كل من فى هذا الحفل يلقونك درساً لن تنساه طيلة عمرك ...ابتعد وأذهب إلى زوجتك ...وإياك ان تقترب منى مرة أخرى ...هتفت بتحذير وهى تعطيه ظهرها ...
جحظتا عيناه وهو يراها لأول مرة هكذا ترفض حبه لها ... لكنه تحرك مبتعدًا وهو مطأطأ الرأس
هاوت بجسدها وجلست القرفصاء تضم قدمها إليها تتساءل بخفوت وألم ...لماذا يحدث لها ذلك ...لماذا عندما أحبت شخصا تركها وفعل بها هذا ...نزلت دموعها حارة على وجنتيها ليست رثاء على ترك مازن لها لأن المرأة تحب فى لحظة وعندما تكره تكره أيضا فى لحظة ...وهو لم يعد له وجودبقلبها ...لكن تبكى خوفا من عدم إيجادها لذلك الذى يسمى حبًا...هل ستجد من يحبها حقا ...قالتها فى نفسها وهى تنظر إلى السماء وغيومها التى تنذر بقدوم الشتاء ...
لم تكن تشعر بذلك الواقف على بعد خطوات منها يحترق شوقا لعناقها...لكن ما رآه ليلة أمس جعل قلبه قاسيا بعد ان كسر وينعى حبه لها ...رآهاوهى خاضعة مستكينة هادئة بين يدى حبيبها الذى تركها بعد ان جرحها ...لم يستطع الوقوف ومشاهدته عناقه لها ...قلبه لم يتحمل فهرب بعيداً ينعى حظه ...
يبدو أنها ما زالت تحبه ...او ربما حقاً قد حدث بينهما أكثر من ضمة يد او قبلة ...نعم فقد قالها مازن ولا يمكن أن يكون قد قالها هكذا ...نعم قلبها وجسدها كان ملكا لمازن فقط ...وهو يجب عليه الابتعاد ...نعم فحبك الصامت لها يجب أن ينتهى وتبتعد ...قالها بقوة ...عندما خرج ورائها ليلة أمس وجد ان الفرصة سانحة له لكى يتحدث معها ولكنه وجد مازن يعانقها وهى تبكى شوقا وحزنا على فراقه لها ...لقد كانا ملتحمان كالجسد الواحد ...شعر بغصة مريرة فى قلبه ولم يستطع الوقوف أكثر وهرب يحاول أن ينعى قلبه ونفسه على حبها الذى لن يكون يوما له ...
سأرحل...نعم يجب ان أعود يكفينى بقائاً هنا ...قالها بعزم وملامحه تنطق بصمت لما يجول فى نفسه ...

 

جلست على كرسى الطاولة فى ذلك المطعم كما قال لها ماجد ...وهى تمرر إصبعها على كوب العصير الذى أمامها وتنظر إليه تارة وتارة أخرى تنظر إلى باب المطعم ...حتى التقطت أذنها بعض الهمهمات والهمسات من الطاولة التى خلفها يتحدثون عن حفل زفاف أحد أفراد عائلة السيوفى وما حدث ليلة أمس وعن زوجة حفيد سليمان الحسينى التى تقول للقمر قف وأجلس مكانك تحدثوا عن جمالها وأناقتها حقا تستحق أن تكون زوجة لسيف ...والبعض الآخر تحدث عن أجواء الحفل المنمقة والعظيمة وكأنه كان زفاف لأحد الملوك والعروس التى كانت غاية فى الرقة والجمال والأنوثة ...وأيضا بدأوا يتطرقون إلى المشاجرة التى حدثت أمس ...انعقد حاجبى دينا بقوة وهى تستمع لكلمة مشاجرة ...هل يمكن أن يكون سببها سيف ...لكنهم ذكروا اسم كاسر ...نعم هى تعرفه لقد سمعت هذا الاسم من قبل تقريبا أنه كاسر إمام الحسينى ابن عم ريم ...سمعت من قبل أنه شخصًا جالبًا للمشاكل ...
شعرت بالظل الذى يقترب منها ويجلس قبالتها فعلمت أنه ماجد ...فقال ببشاشة. ..
-كيف حالك دينا؟
-بخير قالتها بهدوء ...ثم تابعت وهى تنظر إليه ...حسناً ماذا هناك ...
فضحك بخفوت وقال ...حسنًا ...ما هذا الذى فعلتيه علمت جيداً أنه يقصد أوراق الملكية للشقة والمحل ولكنها ردت بهدوء ...ما الذى فعلته
-تعلمين جيدا ما أقصده قالها وهو ينظر إليها بتركيز
أخذت نفسا عميقا ثم قالت وهى تمرر بسبابتها على أطراف الكوب ...ما فعلته يا ماجد ...كان يجب ان أفعله منذ زمن ...لقد أرسلت له ما هو ملكه ...وأيضا شكرته على ما فعله معى ...قالتها بابتسامة ...ثم تابعت بهدوء ...وأيضاً أنا لم أعد صغيرة لقد كبرت و آن الأوان لأن اعتمد على نفسى
فزفر بقوة قائلا. ...وكيف ستعتمدين على نفسك
شعرت بالسخرية فى صوته لكنها سرعان ما بلعتها وقالت بابتسامة ...سأبحث عن عمل فى أي مكان ...ساعتمد على نفسى وأترك الشقة أنها كبيرة على للغاية وقد وجدت شقة تناسبنى ...وسانتقل إليها قريباً
سخر بقوة وهو يهتف بغضب ...ماذا ...إذا أنتِ كنتِ تخططين لكل شئ منذ البداية ...
نظرت إليه بقوة وهى تنهره بعيناها من صوته العالى الذى جعل من حوله ينظران إليهما ...فخفض من صوته وقال ...دينا فلنتحدث بتعقل هل تعتقدي أن ما ستفعلينه صحيحا ...أنه أكبر خطأ ...كيف ستعتمدين على نفسك وهل يوجد أحد غيرنا بجوارك ليساعدك
كلماته أحزننها فخفضت رأسها بحزن ...مرر ماجد يده على وجهه وهو يؤنب نفسه على ما لفظه ...أخذ نفسا عميقا وهو يقول
-دينا نحن أصدقاء منذ فترة طويلة وربما أيضاً أكثر من ذلك ...لذلك ارجوكى لا تحزنى أو تغضبى من كلماتى أنتِ بالنسبة لى أختى وصديقتي ...لذلك كان قرارك هذا من أن تبتعدى عنا خطأ ...وإياكي أن تعتقدي أن ما فعله أيا منا معكى شفقة أو إحساناً لا بل لأننا أخوة ...
-أفهم جيداً كلماتك هذه ولكن حقا أنا بحاجة إلى الابتعاد ...بحاجة أن اعتمد على نفسى هل تفهمني يا ماجد ...أريد أن أصل إلى ما أريده بدون مساعدة أحد ...قالتها بتصميم
-أفهم كلماتك وشعورك جيداً ...لكن حسب ما اخبرتنى به أنتِ لم تجدى عمل بعد ...ما رأيك أعرف إمراة كانت تعيش بالخارج منذ مدة وعادت إلى القاهرة منذ فترة ...وهى تريد أن تبدأ عملها الخاص وتبحث عن أحد ما ليشاركها فى مشروع صغير أيا كان ...ما رأيك أن أتحدث معها
-ماذا قالتها بتساؤل
فرد بسرعة ...لا تقلقى. ...أنا اعرفها أنها امرأة رائعة وهى تبحث عن أحد لديه خبرة ...ارجوكى لا ترفضى طلبى اشعرينى بأننا ما زلنا أخوة وأصدقاء ...قالها برجاء
- حسناً. ...قالتها بقلة حيرة
فرد بسرعة وفرح ...حسنا ما رأيك أن أحدد موعد معها وتتقابلان غداً أو اليوم أن أرد
-ماذا بهذه السرعة
-نعم أنها تبحث عن شريك منذ أن أتت
-لا فلتجعله غداً ...سيكون أفضل ...قالتها بهدوء وابتسامته تتسع أكثر
جلسا قليلاً يتحدثان إلى أن استأذنت منه وغادرت
بعد مغادرتها بدقائق اقتربت منه امرأة ترتدى فستانا أسود طويل و ما زالت تحمل رونق الشباب رغم سنواتها ترافقها خادمتها البدينة كظلها...جلست على الكرسى الذى كانت تجلس عليه دينا تقول وهى تبعد نظارتها الشمسية عن عيناها ...حسنا أخبرني بما حدث
فضحك بخفوت قائلا ...هل رأيتها سيدة نوال
فابتسمت نوال وقالت ...أنها جميلة ...لكن اخبرنى أولا هل أخبرتها بما اتفقنا عليه
-لا تقلقى ستقابلين زوجة ابنك المستقبلية غداً ...قالها بتأكيد
فضحكت ضحكة بشوشة. ...حقا لا تعلم كم أنا اتحرق شوقاً لرؤيتها والحديث معها مباشرة ...لقد تعب أسامة معى وأريد أن أجعله سعيدا
أنتِ امرأة رائعة قالها وهو يربت على يديها ...وتابع هو بضحك ...سيقتلنى أسامة إذ علم ما نخطط له ...
-لا تخف لن يجرؤ على الاقتراب منك طالما أنت معى قالتها بثقة

 

أنهت عملها وتوجهت مباشرة إلى المنزل ...دلفت إلى المنزل وأنفها يشم رائحة طعام شهية ...تتبعت الرائحة حتى وصلت إلى المطبخ فرأت والدها يقف عند المقود فاقتربت ببطء وفى نيتها أفزاعه فقالت بصوتا عالى ...ياسييييييين
فضحك بشدة وأخرج طرف لسانه لها قائلا بمكر. ...لقد سمعت صوت خطواتك أيتها الحمقاء...فزمت شفتاها إليها بشدة وقالت بدلال ...لقد فشلت خطتى
فقهقه عاليا قائلا بسرعة ...حسنا اذهبى وبدلى ملابسك بسرعة ...لقد أعددت لكى طعام ستأكلين أصابعك وراءه من روعته ...لذلك هيا بسرعة قبل أن يبرد وأنا سأرتب كل شئ
دلفت إلى غرفتها وبدلت ملابسها وجلست هى والدها يتناولا الطعام بشهية كبيرة ...وبعد ذلك قامت نور بجمع الأطباق ورتبت المطبخ ...ودلفت إلى غرفة والدها رأته يستند بظهره على السرير وعيناه شاردة ...وعندما انتبه لها دعاها إلى احضانه فلبت بسرعة تستنشق رائحته يضمها إليه بشدة ووضع قبلة على رأسها بدفء ابوى وحنان كانت فى أشد الحاجة إليه ...قرأ الاثنان كتابا ما عن القانون ...ثم بدأ هو بالحديث قائلا...لقد اشتقت لبقاءنا سويا منذ فترة يا نور
-وأنا أيضا اشتقت إليك أيها المستشار ...لقد كنت أحتاج حقا إلى حضنك هذا للغاية
-فرفع ذقنها إليه وهو يقول بحنان ...ماذا بك يا نور ...أشعر إنكِ حزينة ...هل أنتِ بخير حبيبتى
فحركت رأسها بالنفى. ...لا تقلق على ابنتك ...ولكن تأكد إننى أصبحت أقوى مما سبق ...ابنتك قوية
رغم أنه لم يفهم شئ من كلماتها إلا أنه سعد بكلامها وضمها إليه أكثر وهو يقول بمكر ...حازم شخص جيد ...ما رأيك به ...
فضحكت بخفوت وقالت وهى تعلم جيداً مقصد والدها ولكن ما لا يعلمه أن ذلك ال حازم لن يلتفت لها يوما فهو لم يرفع نظره إليها يوما ...أنه مغرور ومتكبر قالتها ببرود
فضحك ياسين بشدة ...ماذا مغرور ومتكبر أنتِ من تعتقدينه هكذا لكنه شخص رائع... أتمنى حقا بأن يحبك شخصا مثله ...
فنظرت إليه بغضب ...فصمت يحاول كتم ضحكته ...حتى قالت وهى تنظر إلى يديها ...أبى
فألتفت إليها بإنتباه فقليلا جداً ما كانت تدعوه بأبي ...فقالت بخفوت ...أبى ...هل والدتى ...فرفعت عيناها إليه ...لن أسألك ان كانت موجودة أم لا ...لكن هل كنت تحبها ...كيف هى ...ما شكلها ...اخبرنى أى شئ عنها ...قالتها بأعين دامعة وهى ترى ملامح والدها الجامدة ...فنظرت إليه برجاء ...أخفض رأسه وقال بتأكيد ...أريد أن أخبرك بشئ يا نور تأكدي إننى لم أحب امرأة مثلما أحببت والدتك ...لكن الظروف وأحيانا القدر يكون أقوى من الإنسان ...ام بالنسبة ان كانت تشبهك ام لا ...فتابع بابتسامة ...ما رأيك هل تريدين رؤيتها
فالتمعت عيناها بفرح ...فقال بسرعة ...قفى أمام المرأة يا نور
تحركت كما طلب ووقفت أمام المرآة ...فقال بألم حاول اخفاءه. ...ماذا ترين يا نور
نظرت إلى المرآة وهى ترى انعكاس صورتها بها ...ففهمت ماذا يقصد فقالت بصوت مكتوم وحزن ...هل أنا اشبهها لهذه الدرجة
-أنتِ هى ...أنتِ صورة طبق الأصل منها ...
من دون أن تشعر نزلت دموعها الحارة على وجنتيها ولكنها مسحتها بسرعة والتفتت إلى والدها وجدته هو الآخر يمسح دمعة خائنة على خده ...ركضت إلى أحضانة ولم تستطع كبت دموعها فبدأت شهقاتها تعلو أكثر وأكثر ...

 

-ماذا ...هتفت بها نورا وهى تستمع إلى إقتراح حازم ...فتابعت بحزن ...تريد العودة إلى لندن يا حازم ...ستتركنى بعد ان عدت إلى لماذا يا بنى تفعل هذا بى
-أمى أرجوكي أنا أحتاج إلى الابتعاد قليلاً ...قالها وهو يدفن وجهه بين يديه ...يحاول أن يفهم والدته ضرورة سفره
فجلست بجواره وهى تربت على ظهره وهى تقول بصوت دافء حانى...لماذا ...ماذا بك حبيبى ...هل يوجد شئ يزعجك ...
فابتعد عنها وهم واقفاً وهو يقول بقلة حيلة وعدم صبر وهو يمرر أصابعه بين خصلات شعره السوداء ...فقط يجب أن أسافر ...ثم جلس القرفصاء عند قدميها ...لا تقلقى سأعود ...أقسم إننى سأعود إ ليكي
-متى ...متى ستعود...قالتها بألم
-لا تقلقى سأبقى قليلاً هناك فقط وبعد ذلك ساعود
فقالت وهى تضع وجهه بين راحتى يديها ...ماذا بك ابقى معى ...أريدك أن تكون بجوارى عندما أموت ...أنت ...أنت ...قاطعة كلماتها وهى تغمض عيناها بشدة ونزلت دموعها على وجنتيها. ...ثم تابعت بحزن شديد وهى تبتعد عنه و تقترب من باب الغرفة ... عندما يخبروك أن والدتك ماتت تعالى لرؤيتى ولا تنسانى يا حازم ...قالتها ثم خرجت من الغرفة
-أمى قالها بتنهيدة طويلة ...أنا حقا أحتاج إلى الرحيل ...أرجوكي لا تمنعينى ...قالها بخفوت.

كانت تجلس على طرف السرير وهى تحمل بين يديها أحد الكتب تطالعها باهتمام شديد فاقترب منها بخطوات ثابتة وجلس على الطرف الآخر وهو ينظر إليها وهى ما تزال كما كانت صباحا بعباءتها البيضاء وحجابها زفر بقوة وهو يلاحظ عدم اهتمامها او التفاتها له فاقترب منها أكثر ووضع أصابع يديه الحارة على يديها التى تفاجأ من برودتها الشديدة ...عندما شعرت بلمسته انتفض جسدها فاقترب أكثر وأغلق بيده الكتاب الذى كان بين يديها قائلا بهيام وتنهيدة طويلة من قلبه ...أحبك ...اخفضت أهدابها بخجل جعل ابتسامة مالك تتسع أكثر

وأمسك بذقنها لتنظر إليه وبدأ فى فك حجابها المعقود وما أن خلعه عن رأسها حتى تناثر شعرها على كتفيها كالحمم البركانية ...زادها جمالا وانوثة...بلعت ريقها بخوف وارتباك وهى تسنشق رائحة عطره الرجولية التى جعلت مشاعرها مضطربة تائهة ...هل تستكين وتخضع له أم تبتعد ...نظراته كانت تاسرها. ...لكنها ما ان تذكرت كلماته لوالدته حتى أبعدت يده عنها بحدة وقالت بقوة وهى تقف مبتعدة عن السرير ...حسناً أخبرني أين تريد النوم ...الأريكة أم السرير
-ماذا هتف بها باستتكار
-عليك أن تختار أين تريد النوم لكى أعرف أين سأنام أنا طوال فترة بقائي هنا
- ماذا ...هل تمزحين. ...نحن متزوجان قالها وهو يقف مبتعدا عن السرير
فبدأت بصمت بأخذ أحد المفارش ووضعته على الأريكة مستعدة للنوم
فسحبها بقوة إليه وحملها بين يديه والقاها بشدة على السرير وهو يكبل يداها بيديه يمنعها التحرك ...ظلت تحرك يديها وقدميها تحاول التخلص من قبضة يده وجسده القابع فوقها لكن دون جدوى ...ظل يراقب تعابير وجهها وكأنها تقاتل شخصا ما تنفر منه ...وربما أكثر من هذا شخصا تكره
نظر إلى عيناها فوجد الرعب بهما تألم قلبه ورجولته من خوفها منه ...فأسند جبهته على جبتها قائلا بحزن وخفوت وعيناه مغمضتان ...لست أنا الرجل الذى يفرض نفسه على امرأة ...وخصوصاً... تابع وهو ينظر إلى عيناها ...وخصوصاً إن كانت حبيبته وزوجته ...قالها ثم ابتعد عنها نام على طرف السرير يعطيها ظهره ...دقات قلبها تسارعت نبضاتها ونامت هى الأخرى فى مكانها وكلا منهم يعطى ظهره للآخر ... وكلا منهم يفكر فى شيئاً ما هى بمشاعرها وأفكارها المضطربة ...وهو يحاول كبت شوقه للنائمة بجواره ولا تشعر به ...

 

دلف إلى المنزل بعد أن أخبرته الخادمة بنوم السيدة منذ الصباح وعدم استيقاظها حتى الآن فنظر إلى ساعة يده وجدها تتجاوز التاسعة فعقد حاجبيه بشدة لماذا هى نائمة حتى الآن ...صعد درجات السلم ...وتوجه إلى غرفة نومهما مباشرة ...وجدها تغط فى نوم عميق ...فخلع سترة بذلته والقاها على السرير بقوة تبعتها ربطة عنقه ...وخلع ساعته والقاها على الكومود بجوار السرير لكن لا حياة لمن تنادى ...لم يرمش لها جفن وظلت كما هى ...فبدأ بفك أزرار قميصه وهو يقترب منها يناديها بصوتا شبه عالى ...اروى ...لكنها لم تستجيب فرفع نبرة صوته أكثر ...اروى ...فبربشت باهدابها بتعب قاءلة بخفوت ...ماذا ..أريد النوم ...فرفع أحد حاجبيه
وقال بحدة ...تحركى واعدى لى الطعام
فاعطته ظهرها وهى تقول بنبرة خافتة ...اجعل الخادمة تعده ...
فتعالى صوته أكثر قائلا. ...بسرعة تحركى ...
فجلست على السرير وهى ترجع بيديها شعرها للخلف تبعده عن عيناه قاءلة بتعب ونعاس ظاهر على وجهها ...ماذا هناك ...أريد النوم إلا تستطيع أن تطعم نفسك... كانت نبرتها مستهزة مما جعله يقترب منه ويمسك بزراعها بشدة ...قائلا بقوة ...عندما أقول لكى تحركى فلتتحركى لن أعيد كلماتى مرة أخرى هل فهمتى. ...هتف بها بقوة
مما جعل اوصالها ترتجف ...ورائحة عطره جعلت معدتها تضطرب جعلتها تشعر بنفور منه فابتعدت عنه بسرعة راكضة إلى الحمام ...وهى تفرغ كل ما فى جوفها ...وجهها اصبح شاحبا وبعض حبيبات العرق على جبهتها من التعب ...لم تضع شيئا فى فمها منذ الصباح وشعرت بتعب شديد جعلها نائمة حتى الآن ...
-ماذا بك ...قالها بلهفة حاول إخفائها وهو واقف عند باب الحمام
فقالت وهى تخرج منه غير ابهة بوقوفه وعادت إلى السرير مرة أخرى ودثرت نفسها وبدأت فى النوم مما جعله يعقد حاجبيه بشدة .
الفصل التالي
رواية عندما يعشق الرجل لـ شيماء محمد الفصل 18

26-11-2021 01:53 صباحا
مشاهدة مشاركة منفردة [17]
زهرة الصبار
عضو فضي
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس : أنثى
الدعوات : 2
قوة السمعة : 10
 offline 
look/images/icons/i1.gif رواية عندما يعشق الرجل
رواية عندما يعشق الرجل لشيماء محمد الفصل الثامن عشر

الجزء الأول

أغلق أزرار القميص العلوية ثم أزرار كمى القميص ...وارتدى سترة بذلته السوداء ...وتجولت عيناه للمرة الأخيرة فى غرفته يتأكد من عدم نسيانه لأى شئ ... بعد أن قامت الخادمة بإنزال حقائبه...ثم خرج من غرفته واتجه حيث غرفة والديه سيودع والدته ويرحل ...وجدها تجلس على السرير مستندة بيديها على الفراش ...رغم أنها استنشقت رائحة عطره إلا أنها لم ترفع عيناها إليه ...ابتسم شبه ابتسامة ثم اقترب منها وهو ينحنى يقبل مقدمة رأسها ويديها وهو يقول بعتاب ...ألن تودعينى يا أمى سأسافر ...

نظرت إليه بانكسار ومقلتيها لم تذق طعم النوم منذ أن أخبرها بقرار سفره ...لاحظ شحوب وجهها وتعبها لكنه حقا يحتاج للسفر والابتعاد هذه المرة لن يستطيع البقاء يجب أن ينسى وإلا سيتألم وهو يرى من دق لها قلبه مع رجل آخر غيره ...نظر إليها برجاء لكى تتكلم لكنها ظلت صامتة فوضع يديه على وجهها وهو يقول بألم ...هل هذا هو عقابك لى يا أمى ؟...هل تحرمينى من سماع صوتك قبل أن أسافر !...ألن تشتاقى إلى !...سقطت دمعة على خديها كيف ستتحمل فراقه وبعده عنها وهى من تحملت من أجله الكثير والكثير ...حتى لا يبتعد عنها ولكنه ما أن كبر حتى رحل عنها ...
-أمى ...أمى ...أمى انظرى إلى أرجوك ...ظل يرددها حازم أملًا من ان تلتفت إليه ...نظر إلى ساعته فقبلها قبلة أخيرة ونظر إلى عيناها لثوانى. ..وابتعد وما أن ابتعد بضع خطوات ...حتى نادته بصوت مبحوح
- حازم ...لم تستطع أن تكون صلبة او قوية من دون أن تأخذه بين أحضانها قبل رحيله عنها ... فضمها إليه وهو يقسم بقلبه قبل فمه ...سأعود اقسم هذه المرة لن أطيل البقاء وسأعود ...سأتصل بكى كل يوم
فقالت بنحيب وبكاء وهى تضرب بقبضة يديها على ظهره برفق...لقد قلت هذا عندما سافرت آخر مرة ...قلت أنك ستذهب للدراسة فقط ...ولم تعد لم أرك مرة أخرى يا حازم ...حرمتنى منك يا بنى ...خائفة من أن أموت ولا أجدك بجوارى وأنا الفظ انفاسى الأخيرة ...
جلس القرفصاء عند قدميها وقال وهو يقبل يديها الاثنتان قبلات عديدة ...أقسم سأعود ...لكن يجب أن أذهب...لا تجعلينى أتألم من فراقك ...سأتصل بكى كل يوم ...قبل وجنتيها وقال وهو يبتعد عنها ...يجب أن أذهب سأتأخر على الطائرة ...قالها وخرج وهى ارتمت على السرير تبكى من رحيل وحيدها...
قبل والده ثم رحل ...يحاول أن يبقى علي عزمه حتى لا يضعف أمام دموعها ...
دلف إلى الغرفة وجدها ملقية على السرير وهى ما زالت تبكى ...فجلس بجوارها وبدأ يربت على ظهرها قائلاً بحنان ...نورا ...وما ان نطق اسمها حتى ارتمت بين ذراعيه وهو أخذها فى عناق قوى وهى تقول بألم ...مراد ...ابنى رحل بعيداً عنى مرة أخرى ...


جلس على مقعده فى الطائرة يلوم نفسه ما كان يجب عليه أن يعود ...فعودته وبقائه فى مصر سبب له جروح لا يعلم أن كانت ستندمل وتشفى فى يوما من الأيام أم لا ! ...سيسافر لكى ينساها ...نعم يجب أن ينساها ...فهو لم يكن يوما عاشقًا لامرأة ...


استيقظت مبكراً ارتدت ملابسها ثم توجهت إلى غرفة والدها وجدته ما زال جالساً على السرير ...فاقتربت منه وعانقته ثم قالت بابتسامة ...صباح الخير سيدى المستشار ...أرى أنك كسولاً وما زالت لم تتحرك من السرير حتى الآن !...فظهرت شبه ابتسامة على وجهه وقال بتعب ...سأبقى اليوم فى المنزل أشعر ببعض التعب ...
فعبست ملامحها بسرعة وجلست بجواره وهى تمرر يديها على وجهه وقالت بقلقٍ وخوفٍ ...ماذا بك ؟!...ما الذى تشعر به ...لن أذهب إلى العمل سأبقى معك اليوم ...سأتصل بالطبيب حالاً ...فنهرها بقوة وهو يقول بخفوت ...لا تقلقى أنه بعض الإرهاق فقط ...سأرتاح وسأكون بخير
فتطلعت إليه بخوف وقالت ...هل أنت متأكد !...
فضحك بخفوت وقال مؤكدًا . ...نعم متأكد ...وهيا أذهبي إلى عملك ...أصدقائى سيأتون الآن لرؤيتى ...هيا بسرعة
فنظرت إليه بلؤم وهتفت بدلال وانزعاج ...إذاً أنت تريد البقاء مع أصدقائك ...لكن نور لا تريد البقاء معها ...حسناً حسناً سيدى المستشار ...أنا حقاً غاضبة منك ...قالتها وخرجت من الغرفة ...وهو يضحك على تصرفات ابنته التى ستظل طفلة فى نظره ...تنهد طويلاً ثم أسند ظهره على السرير ...
ما أن فتحت الباب حتى رأت أمامها السيد سليم يقف بطوله الفاره أمام الباب وما أن رأها حتى ابتسم ببشاشة ...فقالت نور بابتسامة مماثلة ...مرحبا سيد سليم ...كيف حالك ...تفضل
دلف سليم إلى المنزل ورد بوقار. ...بخير ...كيف حالك أنتِ يا صغيرتى
فردت بسرعة وهى تستعد من الخروج ...بخير ...سأتركك مع والدى ...إلى اللقاء ...قالتها وأغلقت الباب خلفها ...


سارت فى رواق الشركة وهى تستمع إلى همسات الموظفين عن رحيل ابن صاحب الشركة المفاجئ ...دارت فى رأس نور كثير من التساؤلات عن سبب رحيله ...دلفت إلى غرفة مكتبها ولكن سرعان ما أتى الساعى يخبرها بأن السيد مراد يريدها ...دلفت إلى المكتب فرأته يجلس نفس جلسة ابنه وتعمقه وحتى نظراته إلى الأوراق التى بين يديه ...وضعت يديها على صدرها ما أن شعرت بنغزة غريبة بها ...اقتربت منه ...فرفع السيد مراد رأسه إليها قائلاً بابتسامة ...صباح الخير يا آنسة ...من اليوم سيكون التعامل معى وإذا احتجتى أي شئ أخبريني...
أومأت برأسها متفهمة وهى تصارع نفسها لكى لا تسأله عن سبب سفر ابنه المفاجئ ...خرجت من المكتب وهى شاردة ولكنها سرعان ما نفضت تساؤلاتها عن رأسها ...


- إلى أين أنتِ ذاهبة يا أمى ؟! سألها أسامة وهو يرى والدته تتسلل كالصوص ومستعدة للخروج وهو يقف خلفها ...فتصلب جسدها وبلعت ريقها وقالت وهى تلتفت بجسدها وعلى وجهها ابتسامة ...سأذهب لرؤية إحدى صديقاتي القدامة
-حسناً ...لكن ...وقبل أن يفتح أسامة فمه ببنت شفة ...عقد حاجبيه وهو يرى والدته ترسل له قبلة فى الهواء وهى تسرع فى الخروج ...عقد حاجبيه فى شك ...وهو متأكد بأن والدته تخطط لشئ ما فتصرفاتها غريبة منذ مدة ...
أخذ نفسا عميقا ثم زفره بقوة وهو يخبر نفسه ...بأن والدته تحتاج حقاً أن تخرج وتقابل صديقاتها فما رأته وما ذاقته من تعب ومرارة لم يكن سهلاً لأى امرأة ...وهى ترى زوجها وحبيبها يموت أمامها ببطء ...تنهد بقوة وهو يفكر بحبيبته التى أخرجته من حياتها منذ أن تركها متألمة ووحيدة ...لم يعد يجرأ على الاقتراب منها خوفاً من نفورها ونظراتها التى أصبحت تؤلمه وتحرقه وهو يرى عذابها فهى تحبه حتى وإن كانت تنكر ذلك ...

-لماذا تأخرت هكذا ؟!قالتها دينا وهى تنظر إلى ساعة يدها الذهبية
-لا تقلقى ستأتي ...رد بها ماجد الجالس بجوارها فى نفس المطعم الذى تقابلا فيه أمس
-أشعر بأن الأمر غريبا كيف سأقابل امرأة أول مرة أراها بها وأيضا سأشاركها ...حقاً يبدو غريباً! ...هتفت بها دينا بارتباك
فضحك ماجد بقوة وهو يضيف فى نفسه ...وأيضاً والدة حبيبك ...
- ها هيا قد أتت ...نطق بها ماجد وهو يراقب اقتراب السيدة نوال منهما
فنظرت دينا حيث ينظر ماجد ...رأت إمراة متوسطة الطول وملامحها وضحت لها ماأن وقفت أمامها وجهها بشوش وبشرتها خمرية وجسدها ممتلئ بعض الشئ لكنها يبدو عليها الأناقة من ملابسها وحقيبتها غالية الثمن ...حيتها بأدب ثم جلست ...
سار بينهم صمت لعدة ثوانى حتى نطقت المرأة أخيراً وعيناها لم ترفعها عن دينا بنظرات مبهمة بالنسبة لها ...
-سعيدة بمقابلتك ...قالتها نوال بلباقة
-شكرا لكِ ...نطقتها دينا بخجل
استأذن ماجد منهن بأدب وانصرف ...تطلعت نوال إلى دينا بنفس النظرات ...
-أنتِ جميلة ...قالتها نوال وهى تنظر إلى دينا بابتسامة جعلت عينا المرأة تلمعان. ...رفعت دينا رأسها وبدأت حمرت الخجل تظهر على خديها وقالت بخفوت
-شكرا لكى
- حسنًا ما رأيك أن نتمشى ونتحدث أفضل من الجلوس ؟!...قالتها السيدة نوال وهى تستعد للوقوف ...نظرت إليها بتعجب وردت بارتباك واستغراب لم تستطع اخفائه ...نعم بالطبع ...لا مشكلة
خرجتا من المطعم وبدأتا فى السير ودينا تراقب المرأة التى لم تختفى ابتسامتها منذ أن تحركتا...
جلست بجوارها وهى تراها تتوقف وتجلس على أحد المقاعد الخشبية الموجودة على الرصيف الكبير ...
-حسنا أخبريني ما هو عملك ...ما هو مشروعك ...قالتها السيدة نوال وهى تلتفت ناحية دينا تحدثها وجها لوجه ...
-الحقيقة لا أعرف لكن أنا كان لدى محل للملابس ولكنى تركته منذ مدة
- حسناً لا مشكلة ...لكن هل تفكرين فى فتح آخر ...او هل تفكرين فى شئ مختلف ...سألتها نوال حتى من دون أن تسالها عن سبب تركها لعملها
- لا أعلم ...لكننى عملت فى هذا المجال لأنه كان أمامى ...
ابتسمت السيدة نوال بخفوت ...حسناً ما رأيك ان تفكرى قليلا فى المجال الذى تحبين أن تبدأ به ...و أنا معك فى أي شئ
عقد حاجبى دينا بشدة متعجبة من تلك المرأة التى أمامها ...

أغلقت دينا باب الشقة ببطء ما ان دلفت إلى الشقة تفكر فى حديث تلك المرأة التى تتحدث بعفوية وكأنها تعرفها منذ زمن ...لم ترى أشخاص مثل تلك المرأة منذ وقت طويل طويل للغاية ...ألقت الحقيبة بعنف على الأريكة وهى تغلق عيناها بقوة وتتنهد بصوت مسموع وألم ...لقد اشتاقت إليه ...نعم لا تستطيع أن تقول أنها لا تحبه بعده عنها سبب لها الألم لقد كانت تحتاجه ولم تجده لا تستطيع ان تنسى ذلك ...لكن ماذا ستفعل هل ستقدر على بعده عنها بعد ان رأته مرة أخرى ...هل ستستطيع أن تنساه ...بدلت ملابسها والأفكار تدور فى رأسها بدون توقف ...لماذا لم يأتي مرة أخرى إليها ...هل يدرب قلبه على نسيانها ...وهل سيستطيع ...تأففت بغضب وهى تدلف إلى الغرفة التى تقضى فيها وقتها ...تطلعت فى أرجاء الغرفة الممتلئة باللوحات وأدوات الرسم ...لم تدخل إلى هذه الغرفة منذ وقت طويلٍ طويلٍ جدااااً...نعم منذ أن أتى سيف إليها آخر مرة عندما نام على فخذيها ورحل وبعدها عرفت بأمر زواجه ...نعم منذ ذلك اليوم يبدو أن ذاكرتها ترفض نسيان ما كان سبب ألمها وعذابها...تنهدت بضعف وعيناها تنظر إلى الشخص المرسوم على تلك اللوحة التى تتوسط الغرفة... وستائر النافذة البيضاء تتحرك بغير هدى فى الغرفة تعلن عن بدأ رياح الشتاء العنيفة ...تحركت ببطء وأغلقت النافذة بقوة كبيرة رغم شدة الرياح إلا أنها تمكنت من إغلاقها ...عيناها التقطت مرة أخرى تلك الصورة لمن كان سبب فى عذابها هذا إلى من كان من الممكن أن يكون أمانها...هى من رسمت تلك اللوحة له وهى تنتظر قدومه لكنه لم يأتي وعندما أتى يطلب منها السماح ...لكنها بشر كيف تستطيع السماح كيف ...

 

نزلت درجات السلم الحديدى بعد أن انتهت من تنظيف تلك اللوحة المعلقة على الحائط فى غرفة الصالون الكبير فاليوم هو يوم التنظيف بالنسبة لها فى كل أسبوع رغم أن هناك خادمة تأتى إليها كل أسبوع لمساعدتها فى كل شئ إلا أن هناك بعض الأمور والأشياء فى المنزل تحتاج إلى عنايتها وتنظيفها بنفسها ...وأصبح الأمر أكثر صعوبة منذ أن أنجبت ميا التى لا تكف عن البكاء فقد اعتادت منذ أن ولدت على حملها باستمرار وازداد الأمر سوء بتعلقها بحسام لا تنام إلا بعد أن يهدهدها والدها وأحيانًا يغنى لها أحد الأغانى بصوته الشاذ والعجيب أنها تنام بعد كل هذا ...مسحت حبيبات العرق بظهر يدها وهى تتأفف من التعب فالمنزل كبير يحتاج لأكثر من اثنان لتنظيفه رغم أنها تحدثت مع حسام أكثر من مرة منذ زواجهم ان ينتقلوا من هذا المنزل ويسكنوا فى منزل متوسط ويكون فى نفس الوقت مناسب لهم إلا أنه رفض هذا الأمر وبشدة ...رغم أن هذا المنزل لم تطأه قدم أى منهم إليه إلا عندما تزوجا فقد اشتراه حسام ما أن وافقت على الزواج به ...إلا أنه يرفض وبشدة فكرة ترك هذا المنزل والتنقل إلى اى منزل آخر ...سمعت صوت جرس الباب فعقدت حاجبيها بتعجب من من الممكن أن يكون الطارق ...فحسام يعلم أنها فى هذا اليوم بالتحديد تقوم بالتنظيف لذلك لا يأتي إلا عندما تتصل به فهو لا يحب ان يكون موجودًا فى هذا اليوم بالذات ...ما أن سمعت صوت إغلاق الخادمة للباب حتى وقفت فى مكانها منتظرة ان تأتى الخادمة إليها ...أتت الخادمة وناولتها أحد الأظرف وهى تقول ...أن هذا الظرف قد أحضره ساعي البريد باسم السيدة بثينة ...تناولت منها المظروف وحاجبيها منعقدان بشدة ...وبعد ذلك طلبت منها الذهاب إلى غرفة ميا وتفقدها...جلست على أحد الكراسى وهى تبحث عن من من الممكن أن يكون قد أرسل هذا؟! ...فبدأت بفتحه وجدت مجموعة من الصور ...نظرت إليهم بصدمة وهى تضع أحد يديها على فمها وتمنع نفسها عن البكاء من هول ما رأت ...انزلقوا من يديها وعيناها غائمتان من الدموع أغلقت عيناها بشدة فتساقطت الدموع حارة على عيناها فبدأت شهقاتها تعلو وانفجرت باكية وهى تضع يديها على وجهها من الألم ...نظرت بطرف عيناها إلى الصور مرة أخرى وهى ترى زوجها ...زوجها الذى اعتقدت أنه أصبح حقاً مخلصاً لها ...يعانق فتاة ما ويضمها إليه ...وأخرى وهو يقبلها... صرخت بقوة وهى تضرب بقبضة يدها على فخذها من الألم فالألم والغدر والخيانة التى تشعر بها الآن أكثر ألما من أي شئ ...لماذا يحدث لها هذا؟ ...إلا يحق لها السعادة ؟...لماذا؟! ...ظلت ترددها بحزن ...
ظلت جالسة فى مكانها كالصنم لدقائق إلى أن أتت الخادمة وهى تحمل ميا ...ظلت الخادمة تردد كلمات لم تسمعها بثينة فهى تشعر بأنها لم تعد قادرة لا على ان تستمع ولا ان تتحدث ...إلا أن ايقظتها صوت بكاء ميا المستمر وصراخها فتحركت بتثاقل وهى غير شاعرة بقدميها ...وأخذت منها الطفلة وأمرتها بالرحيل ...بدأت إطعام الطفلة رغم شرودها وصراخ طفلتها المستمر وهى تنتظر الملعقة لكى تقترب من فمها ووالدتها شاردة فى عالم آخر ...اطعمتها وجعلتها تنام بصعوبة فعليها أن تفعل شئ ...وضعت طفلتها على السرير فى غرفتها وتوجهت حيث الصالون مباشرة وبدأت فى جمع تلك الصور وهى تحبس دموعها ...وبعد ذلك عادت إلى الغرفة مرة أخرى وسحبت الحقيبتان من جانب الدولاب وبدأت فى إخراج ملابسها بعنف ...انتهت من جمع ملابسها وملابس ميا ...وبعد ذلك توجهت حيث الحمام بدلت ملابسها وجلست على الأريكة وهى فى انتظار مجيئه ...
بعد ساعتان من جلوسها
أدار مفتاح الباب بتعب فاليوم كان متعباً بالنسبة له ...يفكر فى أخذ أجازة طويلة والذهاب فى رحلة هو وبثينة وميا فقط ...سيحاول فى تلك الفترة أن يقترب منها ويعلمها حقاً أنه يحبها ...فظهرت ابتسامة على ثغره وهو يفكر ً أن هذا الأمر سيكون حقاً رائعاً ...دلف مباشرة ًإلى المنزل فوجد بثينة جالسة على الأريكة ووجهها لا يوحى بأي تعبير...ابتسم بخفوت وهو يقول وهو يقترب منها ...
-لماذا لم تتصلى بى اليوم عندما انتهيتى مثل كل مرة من التنظيف ...
لم يجد منها إجابة فاقترب منها أكثر وانحنى وهو يحاول تقبيلها لكنها منعته بيديها فعقد حاجبيه ...ولكنه قال بدلال وهو يقترب منها هامساً فى أذنيها ...أنا متعب احتاج للراحة ...أغلقت عيناها بشدة وأنفاسه الحارة تلفح جانب عنقها وابتعدت عنه وهى تقول بخفوت وعيناها مسلطة على أصابع يديها باهتمام وارتباك واضح ...سأترك المنزل لعدة ايام وأخذ ميا معى ...
تطلع بها بنصف عين وقد وصل به التعب والملل لعدم قدرته على المشاجرة أو المجادلة معها ...فألتفت إليهايطلب منها أن تعيد ما قالته مرة اخرى ...
-فلتكررى ما قلتيه ...قالها وصبره أوشك على النفاذ فردت بقوة ثابتة ...سأترك المنزل لفترة ...أحتاج إلى الابتعاد
فرد هو بكل برود ...لماذا حبيبتى تريدين الابتعاد ...هل هناك شئ ؟!...
فهتفت غاضبة وهى تقول بألم ...لقد تعبت ...أحتاج ان أجمع شتات نفسى ...أحتاج أن أجد نفسى ...لذلك أرجوك اتركنى لمدة
-أن كنتى مريضة ابقى فى منزلى لكن لن تخرجى من هنا أبداً...هتف بها برود وتحرك بضع خطوات وتوقف وهو يلف عنقه ناظراً إليها بألم ...


تهاوت جالسة على الأريكة وهى تمرر أصابع يدها المرتجفةعلى وجهها من التعب والألم ...هل تبقى معه بعد أن رأت خيانته ...بقيت جالسة فى مكانها تفكر فى حل لما هى فيه ...تحركت بعد نصف ساعة وهى تتأوه من آلام ظهرها ورأسها من الصداع الشديد ...دلفت إلى الغرفة وجدته مستلقيا على السرير وهو يداعب ميا بأصابع يده بشرود ...تأفتت ثم اقتربت من السرير وما كادت تضع يدها لتحمل الطفلة حتى نهرها بخفوت ...لا اتركيها ...أريدها أن تنام بجوارى اليوم ...
نامت الطفلة بصعوبة بعد ساعات من لعبها مع حسام ...هو أخذ الطفلة بين أحضانه وأغلق عيناه وهى بدلت ملابسها ونامت على طرف السرير معطية ظهرها له ...
فاقترب منها وهو يضع يديه على خصرها ضاماً ظهرها إليه بشدة يحتويها وهى تشعر بضربات قلبه قرب جسدها فبدأ بالهمس قرب أذنها
- هل تشعرين بالتعب من شئ ما !...ماذا بكى حبيبتى ؟...هل تنظيف المنزل يجعلكى متعبة أستطيع أن أحضر خادمة أخرى تقوم بالتنظيف الكامل للمنزل تعلمين إننى أستطيع ذلك! ...ولا أعلم سبب اصرارك على ترتيب بعض الأشياء بنفسك! ...وأيضا إن اردتى أستطيع أن أحضر مربية لمايا ...أصبح مستوانا أفضل منذ أن ...بتر عبارته وهو لا يريد أن يكمل جملته ...بمنذ أن شارك والدها ...نعم فهو منذ أن شارك سليم السيوفى وقد أصبح حاله أفضل من السابق بكثير ...أصبح لديه حساب كبير فى البنك وسيارة جديدة الطراز ومنزل كبير ...لم يكن حتى يحلم بأنه سيصل لكل هذا ...
ابتعد عنها وهو لا يجد أي ردة فعل منها بعدأن اقترب منها وعقد ذراعيه خلف رأسه ناظراً إلى سقف الغرفة بعد أن عاد إلى مكانه على طرف السرير وطفلتهما فى المنتصف بينهما
انكمشت بجسدها أكثر وعينيها ترفض نسيان ما رأته من صور ...هل تنسى وتتغاطى عن كل شئ أم ...أم ترحل وتأخذ ابنتها وتبتعد ...لكن أين ؟...

تأفف بغضب وهو يغلق باب الغرفة ويراها نائمة على السرير ...منذ أن نطقت بكلماتها تلك ...وبعد ذلك اليوم الذى تركته فيه غاضباً وذهبت للنوم ...وهو يراها كل يوم نائمة عند عودته وكأنها تتجنبه بنومها هذا ...خلع سترته وألقاها بعنف على السرير هاتفاً بحدة فهذه المرة لن يجعلها تتهنى بنومها أبدًا ...هو رجل ويحتاج إلى اهتمام زوجته ...
أروى ...أروي
أدارت جسدها للجهة الأخرى ...فتنهد بصوت مسموع وهو يلعن بقوة ...صارخاً بعنف
-تباً لك لماذا أنتِ نائمة حتى الآن! ...
فنهضت جالسة على السرير بتعب و فزع وهى تتأفف من صوته العالى الذى أقلق نومها ...
-لماذا تصرخ بهذه الطريقة !؟...ماذا هناك قالتها؟! بخفوت
سخر بقوة قائلاً بغضب واستنكار ...ماذا !...ماذا هناك؟! ...هناك انكِ نائمة دائماً ...وأنا مثل أي رجل أحتاج لأهتمام زوجتى ...
-وكيف تريدني أن أهتم بك هل أطعمك مثلاً ...قالتها بسخرية
-أروى تأدبي ...قالها وعيناه تنذر بالشر ...
بلعت نظراته بخفوت ثم قالت بهدوء ...حسناً ما الذى تريده سيدى
أغلق عيناه وهو يصتك على أسنانه وهو يستمع لسخريتها الواضحة ...فنظر إليها بقوة وهو يأكلها بنظراته قائلاً بخفوت
- أحتاج أن أتى وأرى زوجتى فى انتظارى مثل أي رجل ...وأشعر باهتمامها بى ...
ما أن ابتعدت عن السرير وحاولت الوقوف حتى شعرت بدوار عنيف جعلها تجلس مرة أخرى على السرير وهى تضع يديها على جبينها تحاول فتح عيناها الزائغتان...لاحظ تراجعها على السرير ويديها التى تضعها على جبينها ...فقال باهتمام حاول اخفائه ...ماذا بكى هل أنتِ بخير !
فردت بخفوت ...أشعر ببعض التعب ...ثم تابعت وهى تنظر إليه مبتسمة ...لا تقلق أنا بخير
فضم يديه إلى صدره قائلاً بتعالى ...ولماذ أقلق ...أنا غير مهتم ...لكن أرجو أن تتحركى وتعدى لى العشاء أن كنتى لا تمانعين
تألمت من كلماته بشدة بقدر ألمها الذى تشعر به فى جسدها ...وتحاملت على نفسها وابتعدت عن السرير وخرجت من الغرفة
تنهد بصوت مسموع وهو يقول فى نفسه ويبرر طريقته ...بأنها هى من أدته إلى فعل ذلك ...هى من اضطرته لمعاملتها بقسوة خصوصاً بعد كلماتها تلك له آخر مرة وأيضا تجنبها المستمر لها ولا يعلم أن كان مقصوداً أو غير مقصود منها ...
تأففت بغضب بعد أن سقط الطبق من يديها وهى تعد الطعام فى الأطباق ...وما كادت تنخفض بجسدها لجمع أشلاء الطبق المكسور ...حتى أتت إليها الخادمة مسرعة وهى تساعدها فى الوقوف قائلة ...اتركيه سيدتى سأقوم أنا بجمعه ...ووضعت يديها على ظهرها تساعدها فى الجلوس على كرسى طاولة المطبخ ...ووضعت الخادمة بعض الحليب فى كوب وناولته لأروى التى رفضته بشدة متقززة من رائحته لكن الخادمة أصرت على تناوله فأخذته أروى على مضض ...فقالت الخادمة بعتاب ...لماذا لم توقظينى سيدتى وكنت سأقوم أنا بتحضير العشاء للسيد...لكن ماذا بكى سيدتى أراكي متعبة منذ مدة
فقالت أروى بخفوت ...لا أعلم أشعر بالتعب ...وأصبحت أنام كثيراً أكثر من المعتاد ودائماً جسدى متعب
فقالت الخادمة بابتسامة وصلت لعيناها وفرحة ...سيدتى أنتِ حامل
سعلت أروى بشدة ما أن سمعت كلمات الخادمة حتى أحمرت وجنتيها فقالت بعد هدأت وهى تنهرها بخفوت ...اصمتى ما هذه التخاريف وهل كل امرأة متزوجة تتعب بعض الشئ تكون حاملاً
فزمت الخادمة فمها وهى تقول بامتعاض وتأكيد ...لا سيدتى ...لكن ما تصفينه الآن هى أعراض حمل وأنا أعرف أكثر منكِ لأننى امرأة متزوجة وأيضا أم لثلاثة أطفال
شهقت أروى وفتحت فاها وهى متعجبة كيف تكون فتاة تبدو حتى أنها أصغر منها ومتزوجة وأيضًا أم لثلاثة أطفال ...فقالت بلطف محاولة منها تغير مجرى الحديث وتعجب ...أنتِ متزوجة وأم! ...
فضحكت الخادمة بقوة ...وبدأت تثرثر وتقص عليها كيف تزوجت بمن أحبته وأنجبت منه وهى تضع الطعام فى الأطباق وما كادت تحمل الصينية ...حتى رفضت الخادمة بشدة وهى تصرخ وقالت أنها هى من ستقوم بنفسها بتوصيل الطعام للسيد وهى لا يجب عليها أن تتعب نفسها فيبدو من أعراضها هذه أن حملها لن يكون سهلاً بل متعب ...حتى أنها أمرتها بأن تأكل مع زوجها ولا تظل هكذا فهى لم تذق الطعام منذ الصباح ...ابتسمت أروى من كلمات تلك المرأة التى تشعر وكأنها والدتها أو إحدى صديقاتها من كلامها المستمر دون توقف ...لكنها سرعان ما تغيرت ملامحها وهى تفكر فى كلماتها هل ممكن فعلاً أن تكون حاملاً ...صعدتا درجات السلم والخادمة تحمل صينية الطعام حتى وصلتا للغرفة فتحت أروى الباب لها ودلفا ووضعت المرأة الصينية وما أن استدارت حتى شهقت بقوة وهى ترى سيدها يخرج من الحمام عارى الصدر خرجت من الغرفة بخطوات متعثرة وهى تضع يديها على وجهها من الخجل ...أحمرت وجنتا أروى خجلاً وارتباكاً من وقوفه اللامبالي هكذا فأدارت جسدها وأعطته ظهرها تحاول إخفاء خجلها. ...فضحك بخفوت وهو يراقب خروج الخادمة المتعثر وزوجته التى أصبح وجهها مثل حبة البندورة ...فجلس على الكرسى أمام طاولة القهوة الموضوع عليها صينية الطعام وبدأ فى تناول الطعام ...
جلست أمامه تحول تجنب النظر إليه وهو ينظر إليها بابتسامة ماكرة ...أكلت بعض اللقيمات وما أن دخلت جوفها حتى اضطربت معدتها ووضعت يديها على فمها مسرعة إلى الحمام ...ما أن وصلت إليه حتى افرغت كل ما فى جوفها وجبينها تنزل منه حبيبات العرق و أصبح شاحباً ...تنفست بصعوبة وقدمها أصبحت كالهلام لم تعد تستطيع التحرك بها او حملها فجلست على أرضية الحمام الرخامية وعيناها غائرتان خوفاً من أن يكون كلمات تلك المرأة صحيحا وتكون حقاً حاملاً ...رجعت بيديها الاثنان شعرها للخلف بتعب وهى تحاول التذكر متى آخر مرة كانت دورتها الشهرية ...
- هل أنتِ بخير ...هتف بها سيف وهو ينظر لجسدها الملقى على الأرض وتعبها الواضح على وجهها ...انتفض جسدها وهى تستمع لكلماته وعيناها محمرتان ...رأها تحاول رفع يدها و الاستناد على الحوض فاقترب منها بسرعة ووضع إحدى يديه أسفل ظهرها والأخرى أسفل قدميها وحملها خارجا من الحمام ...سارت قشعريرة على طول عمودها الفقرى وشعرت بارتباك حتى وضعها على السرير برفق ...ودثرها بالغطاء ...بلعت ريقها وهو يضع إحدى يديه على جبهتها يتفحص درجة حرارتها ...فعبس وجهه وهو يقول بغضب ... منذ متى وأنتِ هكذا ...ثم أضاف بحدة ...ووجهك شاحب أيضاً ...لماذا تهملين نفسك هكذا؟! ...انكمش جسدها وهى تستمع لنبرته تلك حتى أن بعض الدموع ظهرت بين مقلتيها ...
شتم بخفوت قائلاً بتأسف. ...آسف ...لكن أنتِ من تضطرينى إلى ذلك ...ولماذا لم تذهبى إلى الطبيب طالما أنتِ مريضة ...وأبتعد عنها وهو يقول ...حسناً سأتصل بماهر حتى يأتي لفحصك
- لا ...قالتها بسرعة مما جعله يعقد حاجبيه فى شك
فقالت بخفوت ...لا تقلق سأكون بخير ...لا أريد أن يقلق ماهر أو والدى علي ...سأنام جيداً اليوم ...وإن لم أتحسن غداً سأذهب إلى الطبيب لا تقلق
ضم شفتاه مفكراً ثم عاد ونام بجوارها ...وعيناه تنظر إليها باهتمام وحيرة كبيران ...انتفض جسدها وهو يحتضن يدها بيديه قائلاً بصوت منخفض ...يدكى باردة ...هل تشعرين بالبرد
فردت بخفوت وهى تنظر لعيناه المسلطة عليها وقلبها تزداد خفقاته...نعم قليلاً ...قالتها وبلعت ريقها
ومن دون أن ينطق ببنت شفه جذبها إلى صدره وحاوط خصرها بيديه وثبت رأسها على صدره الدافى ...

 

الجزء الثانى

ابتسم بحالمية وشقاوة وهو يراها تغمس وجهها أكثر فى صدره وتضع يديها حول خصره وتضمه إليها أكثر ...لكن سرعان ما اختفت تلك الابتسامة وحل محلها عبوس. ...قلق...خوف ...حزن ...منذ ليلة زفافهما وهو يستيقظ على بكائها ونحيبها فى الليل وعندما يديرها إليه أو ينظر إليها يتفاجأ بأنها نائمة ووجهها حزين ...يا الله كم ألمه قلبه على حزنها هذا وشقائها ما الذى يجعلها هكذا ...هل زواجهما هو السبب أم أن هناك شيئاً آخر يجعلها هكذا تعيسة ...وليلة أمس زاد الأمر عن حده ...عندما أطلقت صرخة خافتة وما كان منها إلا أن وجدها تبحث عنه بيديها وتقترب منه تعانقه ... تفاجأ من تصرفها ووجدها تضمه إليها أكثر عندما حاول الابتعاد عنها تمسكت به بقوة ...تنهد تنهيدة طويلة قائلا فى نفسه ...آه لو تفعلها عندما تكون واعية ...شعر بأنها تحتاج حقاً للأمان حتى وإن كان فى نومها وكم سعد بقربها هذا منه ...كانت طوال الليل بين يديه ساكنة ...وفى الصباح ...
فتحت عيناها ببطء ولكنها سرعان ما اتسعتا غضباً وهى تجد نفسها بين ذراعيه ...فابتعدت عنه بفتور وغضب بعد أن بعدت يديه عن خصرها بقوة ...وجلست وهى تضع يديها على صدرها تنظر إليه بشر ...فبادلها مالك نظرات مستغربة وهو يتأفف قائلاً فى نفسه ...تباً ...ها هى قد عادت
صرخت بقوة وهى تقول بغضب ...ما الذى كنت تفعله بى؟! ...هل كنت تستغل إننى نائمة؟...حقاً لم أكن أعتقد أنك هكذا ...
فزفر بملل وأبعد الغطاء عنه بقوة وملل وهو يقول بتهكم واضح ...استغل من !...أنتِ من كانت تغمس أنفها بصدري وأنتِ نائمة...وعندما حاولت الابتعاد لم تسمحى لى بذلك ...خفق قلبها بشدة وبلعت ريقها وهى تقول بخفوت ...أنا لا أصدقك !
فبادلها النظر بأعين باردة وقال وهو ينحني بجسده ويضع يديه على السرير يستند عليه وقال بحفيف. ...لو كنت أريد أن أحصل عليكِ...لكنت فعلت منذ أيام ...ولكنى لست هذا الشخص ...لانكِ من ستأتين إلى بنفسك وبمحض أرادتك
نظرت إليه بسخرية واضحة وقالت بثقة ...إذاً ستنتظر طويلاً ...لأننى لن أتى إليك أبدًا ...
ابتعد عن السرير وهو يقول بابتسامة فاترة ...سنرى...وبعدها ولج إلى الحمام ...ما أن خرج حتى قال وهو يمشط شعره للخلف ...اليوم سنتناول الفطور مع والداى ...ثم نظر بسخرية ...فيكفينا تمثيلاً وكأننا عروسان ...
نظرت إليه بحدة ودلفت إلى الحمام و هي ترتعش ...لا تعلم أن كان من الخوف أم من شئ آخر ...
أخذت حماماً وخرجت وهو جالس بانتظارها ومن دون أن ينبس ببنت شفه انتظرها إلى أن ارتدت حجابها ونزلا حيث يجتمع كلا من جديه ووالديه ...قابلها والده السيد محمود بحنو وكذلك جدته وجده ...إلا والدته التى كانت تعاملها بجفاء طوال جلوسهم على طاولة الطعام ...

بدأت فى فتح عيناها ببطء
على ضوء النهار الذى قطع عليها نومها والصوت الذى لم يكف عن مناداتها...فتململت فى فراشها غير راغبة فى التحرك بل تريد النوم أكثر حتى أنها قامت بشد الفراش إليها أكثر عندما تغلغل بعض الهواء إلى الغرفة ...سمعت وقع خطوات حتى وقفت الخادمة بجسدها أمامها قائلة بحنان ...سيدة أروى هيا استيقظى يكفيكي نوماً
فتمطت أروى بكسل بعد أن جلست على السرير قائلة وهى ترجع خصلات شعرها السوداء إلى خلف أذنيها ...كم الساعة الآن ...وهل ذهب سيف
-أنها الثالثة عصراً ...والسيد خرج منذ الصباح الباكر
شهقت أروى بخفوت وقالت وهى ترجع برأسها للخلف قليلاً ...يا الله لقد أصبحت أنام كثيراً ...ماذا بى!؟
فابتسمت الخادمة قائلة بسعادة ...لا تقلقى أنها أعراض طبيعية لمن هو فى مثل حالتك ...وزمت شفتاها بقوة وهى تتابع قائلة. ...رغم أن نومك هذا غير صحيح بدون تناول الطعام ...فيجب أن تتنظمى على أطعمتك ...حتى يولد الطفل كاملاً ومعافى
رقمتها أروى بغضب عاصف وكأنها تحذرها من تكملة كلامها قائلة بحدة ...اخرسى...ما هذه التفاهات !
رغم حدة أروى فى الحديث إلا أن الخادمة لم تنزعج من نبرتها فهى أحبت سيدتها منذ أن تعرفت عليها وتعلم أنها غاضبة أو مصدومة فقط ...والدليل على ذلك أنها أظهرت ابتسامة دافئة على ثغرها
قائلة ...أعلم أنك خائفة...ولكى نقطع الشك باليقين ما رأيك أن نتأكد
نظرت أروى إليها ببلاهة وقالت بسرعة وهى تبتعد عن السرير ...حسناً ...سأتأكد بنفسى ...وسأكون أكثر من سعيدة حينما أخبرك أنكِ على خطأ
فضحكت الخادمة وقالت بتأكيد ...بالطبع لن يكون كذلك وسأكون أنا على صواب...ثم تابعت وهى تضع يديها على كتف أروى ...الأطفال هم أكثر شئ يربط بين الزوجين ...فعقدت أروى حاجبيها بانزعاج واضح ...وتأففت غاضبة من تطفل الخادمة بطريقة ازعجتها وألمتها وكأن الخادمة تعلم بالفعل أنهما غيرا مترابطين
فقالت بهدوء ورقة تحاول أن تصرفها بهدوء حتى تستطيع التفكير فى حل لمشكلتها تلك ...حسناً يمكنكى الخروج حتى أستطيع تبديل ملابسى. ..وسأتبعك خلال دقائق ...اؤمات الخادمة وخرجت وهى لا تعلم بأن كلماتها قد جرحت أروى بالفعل ...أخذت الغرفة ذهاباً وإيابًا ويديها لم تكف عن إرجاع شعرها للخلف بطريقة مؤلمة لكن تفكيرها بأن ما قالته الخادمة من الممكن أن يكون صحيحاً جعلها تجن ...وظلت تصتك على أسنانها بقوة ...وعيناها يشوبها بعض الحزن والكثير من الخوف ...لكن يجب عليها أن تنهى كل شئ حتى ترتاح ...ارتدت ملابسها وخرجت وفى رأسها عزم أكثر منه إصرار فى الذهاب والتأكد من كل شئ ...
صعدت سيارتها بعد أن خرجت من ذلك المعمل بعد أن أجرت ذلك الاختبار وقلبها يرتجف من انتظار الغد الذى سيكشف عن كل شئ ...وبعد ذلك أمرت السائق بالذهاب إلى منزل خالها محمود لترى ريم فهى لم ترها منذ الزفاف فربما تخفف عنها قليلاً فهى تحتاج لأن تبتعد عن تفكيرها هذا لوقت قصير حتى ولو كان لساعة واحدة فمهما كان سيكون أفضل لها ولاعصابها ...ترجلت من السيارة ودلفت إلى المنزل مباشرة بعد أن فتحت الخادمة لها الباب ...دلفت إلى غرفة جدتها فى منزل خالها فرأت بثينة تجلس معها سلمت عليهما ثم جلست تتبادل معهم الحديث تحاول أن تبدو طبيعية وتبعد عنها القلق ...ولم تكن تدرى أن هناك أخرى مثلها تخفى الكثير خلف وجهها المبتسم لما تمر به فبثينة رغم ابتسامتها إلا أنها لم تكن أفضل حالاً من أروى ...أخذت بثينة وصعدتا إلى غرفة ريم ...تعانقن بقوة وجلسن وكل واحدة منهن تخفى وجعاً مختلفا ...
لخمسة دقائق كن الثلاثة نساء صامتات حتى بدأت ريم الحديث محاولة كسر هذا الصمت المطبق ووجهت الحديث إلى بثينة التى انتبهت لها ما ان نطقت الأخرى اسمها ...لم أكن أعلم أن لسيف أخت إلا منذ فترة قصيرة ...فظهرت شبه ابتسامة على وجه بثينة فتابعت ريم ...لكن هل تعلمين ...هناك القليل من الشبه بينكما ...ثم نظرت الى اروى وقالت ...إلا تتفقين معى فى الرأى ؟!
فضحكت أروى بهدوء ...لا أعلم ...ربما !
سألت أروى كلا منهما عن حالهما. ...لكنها لم تطمئن لإجابة كلا منهما لذلك فضلت الصمت حتى تستطيع أن تكون مع كل واحدة منهن بمفردها والحديث معها
بعد ما يقارب الثلاثون دقيقة ...غادرت أروى منزل خالها بعد أن ودعت الجميع ...
وبثينة أخذت طفلتها وذهبت هى الأخرى ...
أوصل السائق أروى إلى المنزل وبعد ذلك توجه بالسيارة حيث رب عمله ...

 

-ماذا معمل للتحاليل الطبية!؟ ...قالها سيف للسائق الواقف أمامه باحترام وخضوع كبيرين ...
فأومأ السائق مؤكدًا وقال ...قمت بايصالها إلى المعمل الطبى وبعد ذلك اوصلتها إلى منزل السيد محمود السيوفى و انتظرت السيدة لما يقارب الساعة وبعد ذلك اوصلتها للمنزل ...ردد الرجل كلماته بإتقان شديد وكأنه يقول تقريراً لشيئًا ما
صرفه سيف بيديه ووجهه يكسوه الغضب ...كيف تخرج بدون إذن منه اليوم وكانه لا يوجد له قيمة أو مكانة أمامها وقبل كل هذا يفكر عن سبب ذهابها لهذا المكان هل ممكن أن يكون بها شئ ...
أخرجه من تفكيره دخول كاسر إلى المكتب ووجهه لا يبشر بخير ...الذى جلس قبالته ما أن دلف إلى المكتب ومعالم الإجهاد والتعب ظاهرة عليه ...نظر سيف إليه وحاجباه ينعقدان بقوة وهو يرى أمامه كاسر هكذا لأول مرة ...
دفن كاسر وجهه بين يديه وقال بعد أن أخرج تنهيدة طويلة تظهر مدى تعبه ...سأسافر. ...قالها كاسر بدون مقدمات
عقد حاجبى سيف أكثر وقال بهدوء ...ماذا بك ؟!
أخذ كاسر نفسا عميقاً ثم زفره بقوة قائلاً بضعف ...سأسافر لابحث عنها ...
وسرعان ما فهم سيف من يقصد ...وأن طليقته هى سبب شقاءه وتعبه حتى الآن ...وهى من تسببت له فى تلك الحالة المزرية حتى وإن كانت لم تقصد ...فهى بالطبع بعيدة عنه ...لكنه يعلم أكثر من غيره ان أكثر شخص تأذى من ذلك الانفصال كان كاسر ...فقال بهدوء
-وهل تعلم أين هى !؟
- سأجول العالم بحثاً عنها حتى أجدها ...لا أستطيع الجلوس والبقاء وهى بعيدة عنى ...فتابع وهو يبتعد عن كرسيه ...أتيت فقط لأخبرك. ...وأيضاً لكى تهتم بحمزة أثناء غيابى...هو فى المزرعة ولكن فقط أجعل عيناك عليه حتى لا يحدث له شئ ...قال كلماته بسرعةوخرج
أرجع سيف رأسه للخلف ...هل سيكون حالة مثل كاسر فى يوماً من الأيام ! ...أو مثل والده الذى هرب لكى ينسى من أحبها حتى أنه ترك ابنه وهو لا يعلم ما عناه ابنه من صعوبات !؟...ضيق عيناه بقسوة لتذكره والده بالذات ...والده الذى تركه وهو فى امس الحاجة إليه لقد كان يحتاج الى الحنان قبل المال والثروة ...والتى لم يجدها فى جده إلا قليلاً جداً فكان دائماً يقسو عليه يكفيه أن معظم أفراد عائلة الحسينى تكرهه وتعتقد أنه سمكة القرش التى ستبتلعهم جميعا ...لم يجد ما أراده بينهم دائماً ما كان يشعر بينهم منذ أن كان صغيراً بأنه منبوذ أو غير مرغوب به فى مجالسهم التى كانت تعقد سابقاً ...كانوا دائماً يشعرونه بأنه أقل منهم ولا يجب أن يبقى بينهم ...حتى أن عدد من الأشخاص كانوا يلقون عليه بالكلمات عندما لا يكون جده موجودا عندما كان صغيراً "ما الذى يفعله حفيد السيوفى هنا اذهب إلى والدك وتمتع بماله .."
"لا يحق لك البقاء هنا فهذا ليس مكانك "
"والدك لم يرحب بك عندما ولدت هل نحن من سنفعل ونجعلك بيننا ...فيبدو أنك شؤماً منذ أن ولدت ...فحتى والدتك ماتت "
وكم ألمته تلك الكلمات وسببت له جروح عميقة داخله ...ولم يستطع الزمن أن يشفى تلك الجروح ...
أب هذه الكلمة لا يستحقها أي شخص ...أب ترك ابنه وهرب وعندما عاد علم أنه قد تزوج وأيضاً أنجب أخت كان حظها السيئ أيضاً أن والدها هو سليم السيوفى ...الذى لم يعرف من الأبوة شيئاً. ...وأكبر دليل أنه زوج ابنته لرجل لم يكن يريدها إلا ليصل لشركات السيوفى ...

لماذا غير مسموح لى برؤية الأوراق الخاصة بالصفقة التى ستتم مع عائلة الحسينى ؟!...قالتها روز بحدة وهى تقتحم غرفة مكتب أخيها مارسيل بالشركة غير مهتمة لمن يجلس معه
أخذ مارسيل نفسا عميقا محاولاً أن يكون هادئا فقال باتزان وبرود شديدان وهو يجلس خلف مكتبه ...ولماذا تريدين الاطلاع على الأوراق؟! ...الستى انتِ من قولتى أن علاقتك انقطعت بهم وانكِ لن تتدخلى فى أي عمل بينهم ...وايضاً انتِ مسؤولة عن صفقة اخرى
بلعت ريقها تحاول أن تجلى حنجرتها وسرعان ما تغيرت نظرتها الحادة إلى نظرة متسائلة عندما لمحت عيناها امرأة ما تجلس قبالة أخيها أقل ما يقال عليها شبه عارية ...التقط اخاها نظراتها المتساءلة ووجدها فرصة لكى ينهى الجدال فى هذا الشأن وقال بهدوء وهو يشير إلى أخته ليعرفها على الجالسة التى كست ملامحها هى الأخرى غموض لم يفهمه ...أعرفك روز أختى الصغرى ...ثم أشار إلى الأخرى ...أعرفك علا ...أحد شركاؤنا فى المنتجع الذى سيتم بناوه فى مصر ...وقفت علا بسرعة قائلة بإحترام ...أهلا بكِ سيدة روز لقد سمعت عنكى الكثير
نظرت روز إليهما بفتور وخرجت غاضبة من الغرفة ...والأخرى ترمقها بتعجب ...ساد صمت كالصقيع فى المكتب لعدة ثوانى حتى قال مارسيل بابتسامة ...اعذريها أنها مدللة ...لكن ما سبب نظراتك لها ؟!
ضحكت علا بقوة وقالت بتفكير ...لا أعلم ولكن عقلى يخبرنى إننى رأيت أختك من قبل ...
-ربما فى الشركة فانتِ اتيتى هنا عدة مرات
ردت بسرعة وعيناها منعقدان ...لا ليس فى الشركة رأيتها لكن ليس هنا بل فى مصر
لكنها غيرت مجرى الحديث بسرعة فهى لم تأتى إلى هنا لتتعرف على السيدة روز التى سمعت عنها الكثير فهدفها وتفكيرها منصبان فى أمر أكثر اهمية من هذا كله فقالت ...حسناً ما هى خطتك لعائلة الحسينى !؟
ظل مارسيل ينقر على مكتبه بأصابع يده لثوانى يفكر فى شيئاً وكأنه يدرس الشخص الجالس امامه لكنه قال بصوت منخفض وبسرعة ...سمعت انكِ كنتى على علاقة مع كاسر الحسينى؟! ...ماذا أثمرت هذه العلاقة !قالها بمكر
ردت بثقة رغم أنها تفاجأت بعلمه بعلاقتها بكاسر التى لم تدم لعدة ايام فقد كان الآخر ما زال يبكى على فراق زوجته التى تركته من دون أن يطرف لها جفن ...تستطيع أن تقول بأنها انتهت ...استخدام كاسر لم يكن سهلا فى الوقت الذى اعتقدت بأننى ساستطيع فى يوما ما تحريكه ...وجدت نفسى غرة أمامه ...
ضحك مارسيل بقوة حتى أن ضحكته استمرت لدقائق لم يوقفها غير سعاله فقال بصوت منخفض ...اعتقدتى انكِ تستطيع استخدام من... كاسر ...يا الله حقا لقد كنتى تلعبين بالنار...ثم تابع بتركيز بعد ان هدأت ضحكته ...لكن أخبريني هل عاد إلى زوجته؟! ...
هزت رأسها علامة النفى ثم قالت بهدوء ...أنه يبحث عنها ؟...أعتقد أنه سيجن أن لم يستطع الوصول إليها ...لكن الشئ الذى سيظل معقد وغير مفهوم وربما سر لا يعلمه أحد ...لماذا انفصلا ؟!
ابتعد مارسيل عن كرسيه قائلاً بتركيز وصوت منخفض يكاد لا يسمعه غيره ...تزوجا فجأة وانفصلا فجأة حقا أنه شئ محير! !...وفوق كل هذا عزت الحسينى اختفى بعائلته ما أن طلق كاسر حفيدته ...حقا يوجد غموض فى هذا الأمر
سمعت علا همساته والتقطت أذنيها عدد من الكلمات لكن لم تساعدها فى توضيح ما يقصد فقالت بتركيز ...هل تقول شئ ؟
التفت إليها بابتسامة ...لا ...لا تهتمى
نفضت أفكارها وعادت مرة أخرى تتذكر سبب حضورها ومقابلة مارسيل بالذات فهى تعلم حقده وكرهه السابق لعائلة الحسينى دون غيرها ورغبته فى تدميرهم والاستيلاء على شركاتهم وتحطيمهم بقدميه غير مهتم بهم ...فكل همه هو رؤية كل فرد بها مذلولا وخاضعا تحت قدميه ...فهى تعلم او بالأحرى سمعت ان مارسيل كان يريد الزواج من فيروز إبنة سليمان الحسينى منذ ان قابلهاوهو كان مفتونا بها ولكنها رفضته وفضلت عليه سليم السيوفى ...والتى هى أكثر من متأكدة أنه سيكون الهدف التالى لمارسيل بعد ان ينتهى من عائلة الحسينى ...حقا تلك المرأة فيروز سمعت عنها الكثير رغم موتها إلا أنها تركت أثرا فى قلب كل رجل يمنعه من نسيانها ...تسألت كيف كانت لكى تجعل كلا الرجلان لا يستطعان نسيانها حتى الان ... ظهرت ابتسامة على ثغرها لثاتية وهى تتذكر ان سيف مثلها يستطيع ترك بصمة فى قلب كل امرأة ...نفضت الأفكار عن رأسها وهى تذكر نفسها بما أتت من أجله ...بالإضافة لمقدار ما تستطيع ان تحصل عليه وراء كل هذا
فقالت بحفيف أفعى ...ما هى خطتك بالنسبة لشركات عائلة الحسينى ؟!
-عندما يحن الوقت سأخبرك لا تقلقى ...لكن أهم شى إلا يعلم أحد بشأن انكِ لديكي أسهم فى الشركة ...ثم تابع بقوة ...والأهم ان تعودى إلى مصر وساخبرك بكل شئ حينما يأتي الوقت المناسب ...
قالت بتأكيد ومكر ...بالتأكيد أنا تحت امرك ...ثم تابعت بدلال ...ولكن ما مقدار استفادتى من ذاك الأمر ...أنت ستتخلص من أكبر منافسيك وستحقق رغبتك بالانتقام
ظهرت شبه ابتسامة على وجهه وهو ينظر اليها بين جفونها يعلم انها أفعى لكن كل ما يهمه هو أنه سيستفيد منها قدر استطاعته وعندما يحصل على انتقامه سيتخلص منها وقال...لا تقلقى لكى ما تريدين ...


جلس على مقعده فى ذلك المقهى يحتسى قهوته الثانية وهو فى انتظارها على أحر من الجمر ...تفاجأ عندما وجدها تتصل به اليوم صباحا تطلب منه رؤيته فما كان منه أن رد عليها بسرعة وحدد المعاد بعد ساعة ولكنها رفضت وقالت انها تستطيع مقابلته بعد ساعتين على الأكثر وافق ... ظل يفكر عن سبب طلبها لرؤيته فهى منذ ان اوصلها إلى منزلها ذاك اليوم وهو لم يرها ...ما أن أغلق السماعة حتى ارتدى ملابسه على عجالة وخرج من شقته متوجها حيث اتفقا وها هو يجلس لما يقارب الساعة فى انتظارها ...رأها من بعيد بعد ان ترجلت من سيارتها على الجهة الأخرى من الطريق ...سلبت قلبه وهو يراقب وقوفها فجأة عندما رأت طفلة صغيرة مع والدتها قبلت الطفلة رددت بعض الكلمات وعلى وجهها ابتسامة شعر خلالها برغبة عارمة فى الركض إليها وتقبيلها ليثبت لها أنها ملكه فقط ...نعم فهو يريدها... يريدها حتى وإن كان ليوما واحد ...ظل صدره العريض ينخفص ويعلو من مجرد تفكيره أنها ستكون بين يديه مستسلمة ... لاحظ عبورها الشارع المزدحم بالسيارات حتى وقفت أمامه بملابسها العملية تنورة قصيرة تصل لبعد الركبة بقليل وقميص أظهر كم أن صدرها عامر وسترة مغلقة بزر فى المنتصف ...وشعرها مجموع فى عقدة دائرية محكمة ...مما أظهر بشرتها البيضاء كالحمامة...لقد كانت جميلة ورشيقة ...امرأة يتمناها أي رجل حقاً ...بلع ريقه برغبة شديدة فهو يريدها بإي ثمن ...ولا توجد امرأة من الصعب الحصول عليها ...راقب جلوسها وهى تشبك أصابع يديها بقوة وكأنها تفكر جيداً فيما ستقوله. ...عقد حاجبيه منتظراً سماع صوتها الذى يشتاق إلى سماعه ...فرفعت عيناها الخضراء إليه قائلة بثبات ورقة ...وليد أحتاج مساعدتك
خفق قلبه حتى أنه شعر بأنه يكاد يخرج من مكانه وهو يستمع لصوتها العذب ونظر إليها بصمت يطلب منها المتابعة ...
فقالت بصوت منخفض حزين ...حازم ليس بخير
شعر فى تلك اللحظة وكأنه قد هوى فى حفرة عميقة سببت له كسر جميع عظام جسده وقلبه ...فبلع ريقه يحاول أن يخفى ألمه ...لقد اتصلت به وهو كالمجنون أتى إليها ركضاً اعتقاداً منه بأنها تحبه أو أنها على الأقل قد شعرت حقاً بأن بينهما انجذاب...
قال بحدة ...ماذا به حازم ...
قالت بسرعة ...حازم ليس بخير منذ أن عاد دائم العمل ودائماً منكب على اوراقه ...
فقاطعها بحدة ...وهل حازم عاد!؟ ...متى؟ ...ثم تابع بلامبالاة...وما الجديد حازم هكذا دائماً
فحركت رأسها علامة النفى وهى تغلق عيناها بشدة ...لا ليس هذا فقط ...منذ ان أتى من أسبوع وهو لم يذق طعم النوم واذا نام فهو ينام على الأريكة فى المكتب لعدة دقائق...ولايذهب إلى شقته إلا من أجل تغير ملابسه فقط ...حتى لم يعد يحلق ذقنه كالسابق
ثم وضعت يدها على يده الموضوعة على الطاولة بتلقائية وتوسل ...وليد أرجوك ...انا أعلم انكم أصدقاء هل يمكنك الحديث معه ...حازم ليس بخير
عاصفة عصفت به جعلته يتمنى أن يمسك برقبتها وخنقها وهى تتحدث عن رجل وكأنها تعرفه أو ربما على علاقة ...لولا أنه يعلم حازم جيداً لكان شك بأن ايملى على علاقة بصديقه ...ظلت تنظر إليه على أمل إلا يرفض توسلاتها ...
أبعد يده القابعة أسفل يديها بفتور قائلاً بغيظ مكتوم ...حسناً سأذهب لرؤيته والحديث معه
-متى !؟...قالتها ايملى بلهفة
فنظر إليها نظرة نارية وعيناه تلتهب شراً ...الآن سأذهب إليه ...ثم تابع وهو يصتك على أسنانه من الغضب ...لا تقلقى
ما أن نطق حتى اتسعت ابتسامة ايملى جعلته يتمنى الموت فى هذه اللحظة هل يمكن أن تكون ايملى تحمل مشاعر لحازم لذلك هى مهتمة به ...نفض تلك الأفكار عن رأسه بقوة فهو يعلم جيداً ان ايملى تعتبر حازم أخا لها ...
بالفعل بعد ما يقارب النصف ساعة دلف وليد إلى مكتب حازم وسرعان ما ارتسمت على وجهه الحيرة والدهشة وهو يرى صديقه أسوء مما وصفته له ايملى ...منكب على عمله أكثر من السابق حتى أنه لم يرفع رأسه عن اوراقه وحتى لم يرد عليه التحية ...عقد حاجبيه بتسأل وجلس على الكرسى قبالته قائلاً بابتسامة ...ما هذا حازم السيوفى هنا وأيضا منذ ما يقارب الأسبوع وأنا لا أعلم! ...حقا يبدو أنه لم يجدى معك صداقتنا التى دامت لأكثر من عشر سنوات ...رفع حازم أخيرًا عينيه عن الأوراق قائلا بارهاق واضح وبصوت متعب ...كيف حالك يا وليد! ...
ضحك وليد فقال بتأكيد وهو يغمز له ...بخير
ظهرت شبه ابتسامة على وجه حازم أن كانت تعتبر ابتسامة ...
فقال وليد بحزن ...ماذا بك يا صديقى !
دفن حازم وجهه بين يديه وقال بحشرجة. ...لست بخير ...ما كان يجب أن أعود ...ما كان يجب ان اراها أنا اتعذب من فراقها ...
نظر وليد إلى صديقه بألم فقال بهدوء ...اخبرنى ما بك
بدأ حازم يقص على صديقه كل شئ كيف قابلها ...وأخبره بأمر رؤيتها له مع حبيبها السابق الذى تركها وتزوج صديقتها ...لكنه لم يخبره بما قاله مازن له بأنها كانت على علاقة معه ...أو انه رأها بين أحضانه ويديه. ...لا يعلم سبب كتمانه للأمر ربما لأنه لم يريد أن يتذكر ذلك ويتألم أكثر...أو حفاظاً ربما لكبريائه اللعين ...أو لانه حقاً يحبها ...لا يعلم حقا ما هو السبب ...لكنه كل ما علمه أن هذا يجب الا يعرف به غيره ...
نظر وليد إلى صديقه بألم وهو يرى دموع ...من حازم السيوفى تكاد تسقط على وجهه ...لقد أحب صديقه وربما تخطى هذا وأصبح عاشقا لامرأة ...لا يعلم ماذا يفعل غير أنه ربت على ظهره يحاول أن يدعمه حتى وإن كان معنويا

 

دلف إلى الغرفة وجدها على نفس حالتها التى أصبح يراها بها دائماً عندما يعود نائمة بكل ارياحية وهو متعذب فقد اشتاق إليها ...اشتاق إلى ضمها ومعانقته لها بقوة ... ليعلمها قواعد عشقه ...عشق... نطقها سيف وهو يعقد حاجبيه فى تساؤل ...هل حقاً أصبح عاشقاً لها ...نفض أفكاره تلك عن رأسه ...فهو لن يقع فى ذلك الفخ الذى يسمى حباً ...وهى لا تستحق ذلك الحب وهى تقوم بتعذيبه بتلك الطريقة ...

-بدلى ملابسك سنخرج...قالها مالك بدون مقدمات وهو يدلف إلى الغرفة
عقدت حاجبيها بتساؤل وقالت بهدوء ...إلى أين !؟
نظر إليها بغضب ...فهو لم يعد يستطيع أن يبقى على بروده وهو يرى المرأة التى أحبها بين يديه وحلاله ولكنها ترفضه ولا يستطيع الوصول إليها ...لأسبوع كامل وهو يهدأ من نفسه بأنها ربما تكون خائفة وما أكد له ذلك كوابيسها المستمرة ...لكنه لم يعد يتحمل أو يقدر على عدم الاقتراب منها وهى أمامه ...لكن فى نفس الوقت هو لا يريد أخذها بالقوة ...لذلك سيحاول أن يشعرها أولا بالأمان والحنان وبعد ذلك ستعلم أنه حقاً يحبها ...فأخذ نفساً عميقاً ثم زفره بقوة يحاول أن يكون هادئاً...
- سنخرج لتناول العشاء بالخارج ...والدتى وكل من بالمنزل أصبح يشك بنا ...فالجميع شعر بابتعادك عنهم وانعزالك فى هذه الغرفة ...والجميع أيضاً بلا استثناء سأل لماذا لم نذهب لشهر عسل حتى الان ... لذا علينا أن نثبت لهم العكس ...قالها مالك وهو يخرج سترة زرقاء وبنطال أزرق وقميص بلون السماء ...تحركت ريم بتثاقل من على السرير وهى تفكر بأنه محق ...كما انها أيضاً تحتاج لاستنشاق بعض الهواء حتى وإن كان معه ...ارتدت فستان بلون الزمرد واسع ولفت حجابها بأناقة نظر إليها والهواء يكاد يخنقه وهو يحاول كتمه من رؤيتها له هكذا ...بلع ريقه بشوق ورغبة ...فامسك بيديها برقة رغم اعتراضها وعندما لاحظ ذلك قبض على يديها أكثر يمنعها من الإفلات من يديه وخرج من الغرفة ثم من المنزل ...
وصلا إلى المطعم ... يعم فيه هدوء غريب ...بانواره الخافتة وموسيقاه الكلاسيكية الهادئة التى تنتشر بالمكان ...سحب مالك أحد الكراسى لتجلس عليه فجلست بهدوء وهو جلس قبالتها...عم الصمت لثوانى حتى أتى النادل يسأل هل سيتناولان الطعام مباشرة ام سيكتفيان بشرب شيئا أولا ...اختارا من قائمة الطعام ثم انصرف النادل ...
- هل أعجبك المكان ...قالها مالك وهو ينظر إلى ريم متفحصا
- ليس سيء. ...قالتها ببرود ازعجه. ...
ساد صمت بينهما لدقائق حتى أتى النادل وتناولا الطعام فى صمت ...
-حسناً لقد انتهينا هل يمكن ان نذهب الآن ...قالتها ريم ببرودها المعتاد رغم أنه كان يشوبه بعض الحدة
أغلق عيناه وشدد على قبضة يده بقوة يحاول تمالك نفسه ...
فضل الصمت وتجاهل ما نطقت به ...حاول التكلم معها لكنه وجدها تنظر بشرود إلى الكوب الذى بين يديها ...نظر إليها حاول التكلم معها لكنه لم يجد اى رد فعل منها ...لوى شفتاه بقلة حيلة ثم تحرك مبتعداً عن كرسيه قائلاً بانزعاج واضح ...هيا بنا ...
تبعته بهدوء ...دفع فاتورة العشاء ثم خرجا من المطعم ...وصعدا للسيارة ...سلمت رأسها على زجاج السيارة بنفس شرودها. ...كتم غضبه فى قبضة يده التى اشتدت على المقود ...من الأفضل أن يهدأ ...من الأفضل لهما التحدث واليوم ...فهو لم يعد يستطيع التحمل أكثر ...ترجلت من السيارة ما أن وصلا ...وترجل هو بعدها ...دلفا إلى المنزل وجد والده يجلس على أحد الكراسى الصالون الموجود فى غرفة الجلوس وهو يدفن وجهه بين يديه ووالدته بجوار زوجها تربت على ظهره بحزن ...
بلع ريقه فى خوف مما يمكن أن يكون قد حدث ...وما كاد ينطق حتى قال جده وجدته بجواره وهو أتى من خلفه
- إنا لله وإنا إليه راجعون
الفصل التالي
رواية عندما يعشق الرجل لـ شيماء محمد الفصل 19

26-11-2021 01:53 صباحا
مشاهدة مشاركة منفردة [18]
زهرة الصبار
عضو فضي
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس : أنثى
الدعوات : 2
قوة السمعة : 10
 offline 
look/images/icons/i1.gif رواية عندما يعشق الرجل
رواية عندما يعشق الرجل لشيماء محمد الفصل التاسع عشر

الفصل التاسع عشر (ج1)

- ماذا هناك ...هتف بها مالك وهو يجد والديه وجديه صامتون
- لقد توفى المستشار ياسين ...قالتها جدته بحزن وهى تجلس بجوار زوجها الحاج رشاد على الأريكة
شهقت ريم بقوة وهى تضع يديها على فمها تهز رأسها مرات عديدة بنفى وهى تقول بحزن ...لا يمكن ...لقد ...لقد كان بخير ...ثم تابعت وعيناها يملاها الدموع وهى تتراجع للخلف وكادت ان تقع من الصدمة ...وماذا عن نور ...لن تكون بخير ...

وضع مالك يديه على كتفيها يحاول أن يجعلها تتمالك نفسها ولا تنهار ...وما كاد يفعل حتى وجد والده يخرج من المنزل بسرعة ووالدته تصرخ به تامره ان يلحق بوالده ...وما ان خطى خطوة واحدة حتى وجد ريم تقبض على يديه ...نظر إلى عيناها وجد بهما رجاء ...سحبها ورائه بسرعة يحاول اللحاق بوالده الذى أخذ سيارته وانطلق بها صعدا للسيارة ولحق بوالده ...ترجلا من السيارة وهما يشاهدان تجمع لمجموعة من الاشخاص ...أمسك بيدها وسحبها ورائه وهما يعبران ذاك التجمع حتى وصلا لباب العمارة ...ركبا المصعد حتى وصلا إلى الشقة التى وجدا بابها مفتوحا دخلا ... كان هناك والده وعمه سليم والسيد عادل والسيد مراد ...ووجه كلا منه مكدر وحزين ...بحثت بعيناها عن نور ...حتى قال سليم بصوت مبحوح. ...ريم ...هل يمكنك أن تذهبى إلى نور ادخلتها السيدة نورا وفريدة إلى غرفتها. ...ما أن نطق حتى توجهت حيث غرفة صديقتها ...فتحت الباب بسرعة ووجدت السيدة نورا تجلس بجوار نور الصامتة ووجهها يخلو من اى تعبير على عكس السيدة نورا التى تضمها إليها بشدة تبكى بحرقة وحزن على الصغيرة التى بين يديها ...أسرعت إليها حتى انها سحبتها إليها بقوة من يدى نورا التى تحركت مبتعدة ...وضعت يديها على خد صديقتها وهى ترى ان عيناها قد فقدتا لمعانهما المعتاد ...لا تبكى ...لا تصرخ ...لا تفعل اى شى غير الصمت ...وعيناها شاردة عابسة وحزينة ...جسدها كالثلج ووجهها يشبه الأموات شاحب ...تكلمت بحشرجة تحاول إخراجها من مما هى فيه ...

-نور حبيبتى ...أبكى سترتحين ...ستكونين بخير ...أبكى ...
-نعم حبيبتى ابكى ...قالتها فريدة التى تحاول كبت دموعها ...والتى لم تنتبه لها ريم
حاولت نور التكلم تحركت شفتاها لكن صوتها يأبى الخروج ...عيناها جامدة لا تستطيع البكاء لكى ترتاح ...تشعر وكان هناك صخرة ضخمة على صدرها تمنعها التنفس او فعل اى شى ...تشعر وكأنها مقيدة ...
- نور ...نور ...نور ...ظلت ترددها ريم بألم...لكن لا يوجد اى استجابة من نور ...
المنزل امتلى وخاصة عندما أتى أخوة المستشار ياسين ...والذين أصروا على دفنه فى بلدته ...قاموا بتجهيز جثمانه ...وبعد ذلك انطلقت السيارات فى الساعة الثانية صباحا ...
وحضرت اروى ومعها سيف التى لم تكن لتعرف لولا أن ريم اتصلت بها قبل ذهابهم ...ساندت نور الصامتة وكأنها دمية يتم تحريكها وصعدت بها ريم لسيارة مالك الذى لم يبعد عيناه عنهما يراقب الأخرى الصامتة ...فى تمام الخامسة وصلت السيارات وتم دفن المستشار ياسين ...

وذهبت السيدات إلى منزل أخ السيد ياسين ...حتى يتم هناك أخذ العزاء ...ما ان رأت عمة نور ابنة أخيها(السيدة هيام ) حتى أخذتها بين أحضانها وهى تبكى بحرقة وألم فهى كل ما بقى لها من أخيها الحنون الذى كان دائما يقف بجوارها ويساندها ...اشفقت تلك السيدة على حال ابنة أخيها التى فى حالة صدمة شديدة ...عيناها لم تطرف لها رمش وصامتة لا تصدر اى رد فعل ...جلسن السيدات فى الصالون الكبير لذلك المنزل ...وريم واروى صعدتا إلى الطابق الأعلى حيث أمرت أخت السيد ياسين أحد الخدم لإيصال السيدات لإحدى الغرف ...لعلها تصبح بخير ...
ادخلتها الفتيات إلى الغرفة...وريم واروى يراقبان نور فى صمت جسدها بارد كالثلج عيناها مضطربة خائفة. ...حائرة... تائهة ...ضمت جسدها إليها بقوة بعد ان جلست على السرير وعيناها تهتز بهستيرية ورعب رغم أنها لم تبكى إلا أنهما كانتا وكانهما غرقتا فى بركة من الدماء ...

وضعت ريم يديها على وجهها تحاول كبت دموعها ولا تطلق العنان لهم وهى تتزكر ما تحدثت به السيدة نورا وما حدث قبل موت السيد ياسين وإن نور قد شهدت بعيناها وفاة والدها ...خلال أسبوع كامل كان مريضا لكن لم يعرف أحد بمرضه إلا منذ يومان او ثلاثة ...لقد كان بخير فقط القليل من التعب ...قالتها ريم فى نفسها ولكنها سرعان ما استعاذت من الشيطان الرجيم ...توجهت حيث الحمام تتوضأ وبعد ذلك تصلى بعد ان اطمأنت على أن اروى بجوار نور ...
أخذ العزاء للرجال فى الحديقة الكبيرة لمنزل الأخ الأكبر للمستشار ولم يتأخر اى شخص عن العزاء لا أصدقاء المتوفى ولا الأقارب ...امتلى العزاء أيضا بشخصيات مشهورة ولها مكانتها فى عالم القضاة ومحاميين أيضا ذو صيت فى البلد ...
جلست ريم على سجادة الصلاة فى غرفة نور وهى تدعو ربها ان يلهم صديقتها الصبر والسلوان على ما فقدته فوالدها كان كل شئ بالنسبة لها ...دارت بجسدها وهى تستمع لدقات خفيفة على الباب ودخول الخادمة تخبر فيه السيدة اروى بأن زوجها ينتظرها فى الأسفل ...

نزلت اروى درجات السلم وهى تتبع الخادمة حتى وصلا للحديقة الخلفية للمنزل حيث ينتظرها سيف رأته واقفا بالقرب من أحد أشجار الليمون ...اقتربت منه بخطى سريعة حتى وقفت امامه ...ما ان راءها سيف حتى نطق بصوت منخفض متعب
- هيا بنا لنذهب. ...هناك منزل لجدى سليمان هنا سنذهب لنقضى فيه الليلة ...
- لكن ...نور ...قالتها برجاء
- لا تخافى صديقتك ستكون بخير ...هيا ...قالها بقوة وهو غير مستعد لأى نقاش او جدال
تبعته بهدوء إلى أن وصلا للسيارة صعدها وبعد ذلك اتصلت ب ريم لتخبرها ان تهتم جيدا بنور ...
بعد دقائق وصلا للمنزل الذى لم يكن يبعد فعلا عن منزل اخ المستشار ...ترجلا من السيارة وجدا باب المنزل مفتوحا ...والسيد سليمان يجلس على أريكة المنزل الذى لم يقل فخامة عن منازل عائلة الحسينى الأخرى وأيضا حضرت الحاجة زينب أخته ...استغربت من حضورهما...ولم تتوقع أن ياتيان إلى العزاء ...استأذنت الحاجة زينب منهم وذهبت لأحد الغرف الموجودة فى الطابق الأول وهى تتحرك بتعب ...وما كاد الحاج سليمان يتحرك هو الآخر حتى اوقفه سيف بسرعة وهو يقول ...
- جدى ابقى ...أريد أن أتحدث معك قليلا ...ومن ثم نظر إلى اروى متابعا بهدوء ...اصعدى إلى الطابق الثانى وارتاحى فى اى غرفة تريدينها فى الجناح الأيمن من الطابق ...اومات موافقة ثم تحركت متوجهة حيث سلالم المنزل الداخلية ...صعدت درجات السلم وتوجهت حيث الجناح الأيمن ودلفت إلى أول غرفة وجدتها ...أضاءت انوارها ودارت بعيناها بها ...كانت غرفة ذات طراز قديم للغاية سرير كبير فى المنتصف مصنوع من النحاس وذو أعمدة وتسقط منه ستائر بيضاء ولا يوجد فى الغرفة غير طاولة للزينة وكرسيها ودولاب كبير يظهر عليه القدم... وطلاء الغرفة لم تستطع تبين لونه ...تحركت نحو السرير وللمفاجاة وجدته نظيف وكأنه وضع اليوم ...جلست عليه لثوانى وشعرت ببعض الظمأ كما انها أيضا تحتاج لمنامة لتنام بها فهى لم تفكر فى إحضار اى شى عندما ركضت إلى صديقتها ...خرجت من الغرفة ...ستحضر كوبا من الماء لترتوى وتحضر أيضا منامة من الحاجة زينب ...نزلت عدة درجات وتسمرت مكانهاوكانها ضربتها صاعقة وهى تستمع لكلمات سيف ...

- لقد تزوجت كما أردت أين هى الأسهم! !؟...لم يتم كتابة او تحويل اى شى بأسمى حتى الان! ...هدر بها سيف غاضبا
نظر الحاج سليمان اليه ببروده المعتاد ... لماذا تريد الأسهم الآن؟! ...
- ماذا ؟!...هتف بها سيف بغضب عاصف ...لماذا أريدها !؟...ألم يكن هذا اتفاقنا...
- أما زلت تعتبر أن هذا الزواج صفقة ؟! ...سأله الحاج سليمان منتظرا أجابت حفيده ...يتمنى حقا لو ان حفيده قد أحب اروى او قد علم من تكون ...طوال الفترة الماضية أعتقد أن سيف ربما قد عرف ان اروى هى الفتاة نفسها التى بقيت بجواره فى المشفى من كان يبحث عنها بعيناه بشوق عندما استيقظ ...لكن للمفاجاة حفيده أكبر أحمق فى هذا العالم ...
ظهر الارتباك على ملامح سيف ...لا يعلم أن كان حقا يعتبر هذا الزواج صفقة بالنسبة له هل أحبها ام لا ...لم يعد يعلم ما هية مشاعره نحوها...لكن كل ما يعلمه انه تزوجها من أجل شى واحد فقط هو شراء مزيد من الأسهم فى الشركة ...
أنتظر سليمان لدقيقة أملا فى ان ينطق حفيده بكلمة حتى ليعبر فيها عن حبه لكنه لم ينبت ببنت شفه وعندما نطق اخيرا بما كان يعلمه جيدا

- كل ما أعلمه إننى تزوجت من أجل شى واحد وهو نقل الأسهم بأسمى كما اتفقنا
أغمض الحاج سليمان عيناه بقوة لاعنا سيف فى نفسه بقوة وجسده يتصلب فى كرسيه بشدة
- حسنا ..لكن عندما أرى ابنك او أعلم بقدوم أصغر فرد فى عائلة الحسينى سانقل لك ما تريده من أسهم ...جحظتا عينا سيف بقوة وما أن حاول أن ينطق ...حتى تابع جده ...تصبح على خير فأنا أريد أن أرتاح قليلا ...قالها الحاج سليمان وهو يتحرك مبتعدا عن الأريكة ...مما جعل سيف يصمت نهائيا ...
عادت اروى إلى الغرفة بخطوات متعثرة وهى تضع يديها على فمها تحاول كتم شهقاتها ...لم تستطع الصمود أكثر وأطلقت العنان لدموعها...يا الله لم يرغم لزواجها فقط ...بل أيضا كان الزواج منها مجرد صفقة ليصل إلى ما أراده دائما. ...هى لم تكن ولن تكن شى له قيمة فى حياته ...وعندما اقترب منها لم يكن لانه أحبها ...بل ليحقق مما يريده جده ...ابن لحفيده...ألقت بجسدها على السرير وهى تقبض بيديها هل الملاءة بقوة وهى تلعن وتبكى بحرقة ...
- تبا... تبا ...تبا ...ماذا أفعل ولماذا يحدث لى هذا! ...لماذا؟! ...لماذا!؟ ...لماذا ؟!..رددتها بألم وهى تشعر بألم يصل لاحشاءها ومعدتها تتلوى بشدة مما جعلها تركض إلى الحمام الموجود فى الغرفة بعد ان افرغت كل ما فى معدتها...غسلت وجهها ببعض الماء وهى ترى انعكاس صورتها بالمرآة ...وجهها شاحب وريقها جاف ليوم كامل لم تذق شيئا رغم أن عمة نور أحضرت لهم صينية ملئ بالطعام ...لكنها لم تضع شيئا فى فمها ...كان رحلة وصولهم إلى هنا متعبة مما جعلها تشعر بعدم الرغبة فى أكل اى شى ...خرجت من الحمام وهى تراه يهم بخلع سترة بذلته لم تهتم به وتوجهت نحو السرير ...فما أن رأته حتى شعرت بألم مبرح فى قلبها ...ردت فعلها جعلته يعقد حاجبيه بقوة ...فلم يكن هذا ما تمناه ان تفعله عندما تراه ...دثرت نفسها جيدا واعطته ظهرها مما جعله يعقد حاجبيه أكثر ...نام بجوارها ملتزما الصمت فهو غير قادر على الحديث او الجدال ...أسند ظهره على السرير يفكر فى كلام جده ...لقد أصبح جده يساومه يريد ابنا لحفيده مقابل الأسهم ...حقا ذلك العجوز قد جن ...لكن لماذا يفعل هذا ...لماذا دائما يصر على تقيدى وجعلى كدمية فى يده يستطيع تحريكها متى أراد وشاء ...نظر نظرة عابرة إلى الناءمة بجواره يشعر بشئ غريب نحوها لا يعرف ما هو ...من هى...حواسه تخبره انه قد شم رائحة عطرها هذه من قبل لكن أين ومتى لا يتذكر ...جده يريد حفيد لكن هى هل ستسمح له بهذا ...

 

أنهت صلاتها ونامت بجوار نور التى أخيرا قد غفت بهدوء ...رغم انها يقلقها وبشدة صمتها هذا لو تبكى لو تصرخ لو تفعل اى شى ربما لارتاحت صديقتها ولارتاحت هى أيضا ...أمسكت مصحفها الصغير بعد ان أخرجته من حقيبتها وبدأت ترتل بعض الآيات لدقائق. ...حتى رن هاتفها معلنا عن وصول رسالة جعلها تشعر ببعض الراحة وهى ترى الكلمات التى إرسالها لها مالك ..."هل أصبحت نور بخير "
فردت عليه ..."نعم بخير ...وأيضا نامت "
"جيد وماذا عنك...هل تناولتى الطعام "
ظهرت شبه ابتسامة على وجهها وهى تقراء كلماته ومن دون ان تشعر بدات تكتب كلماتها بتلقائية شديدة
"نعم القليل ...لكن نور ليست بخير لم تبكى او تصدر اى رد فعل انا خائفة عليها للغاية ..."
أتاها الرد سريعا "لا تقلقى انه رد فعل طبيعى وبإذن الله ستكون بخير "
"بإذن الله "
فكتب بلهفة "هل انتى جائعة...هل أرسل لكى بعض الطعام "
"لا لا لست جائعة انا بخير "
صمتا قليلا حتى كتب أخيرا وظهرت جملة واحدة جعلت اوصالها ترتجف جعلها تشعر وكأنها مسحورة او منومة "اشتقت اليكى ...ألم تشتاقى إلى "
بلعت ريقها بخوف ومن دون ان تشعر ضمت هاتفها إلى صدرها وكأنها كانت بحاجة إليها ...يا الله ما الذى يحدث لى ...
أنتظر دقيقة واثنان وثلاثة لكن لم يصل إليه رد ...وهى ارادت ان تقول له بانها ايضا تشتاق اليه لكن اصابعها لم تطاوعها لكى تكتب ما تمنت ان تقوله ...كبرياءها خانها ...ولكنها كتبت اخيرا

"تصبح على خير"
رغم ان كلماتها كانت مقتضبة إلا أنها جعلته سعيدا ولو قليلا ...فأرسل إليها رمز تعبيرى "مبتسم"
وضعت هاتفها على الكومود بجوارها لقد استطاع بطريقته ان يسعده ويشعرها بالأمان حتى لو كان بعيدا ...بقى هو ووالده وعمه السيد سليم وعمه الآخر مراد وكذلك زوجته ووالدى اروى أيضا السيدة فريدة والطبيب عادل وماهر. ...لم يتأخر أحد فى حضور العزاء ...علمت أنهم كانوا أصدقاء للمستشار ...حقا الصداقة التى تجمع بينهم جميلة... وبقى الجميع فى منزل اخ المستشار(عزيز) فقد رفضوا المغادرة اليوم واصروا على حضور ثلاثة ايام العزاء ...أكثر شخص كان قلق على نور هو السيد سليم الذى كانت تعلم أنه شخص لم يكن يهتم بأحد لا ابنه ولا ابنته ولكنه عامل نور وكأنها ابنته وظل يسأل عنها وكيف أصبح حالها ...تنهدت بضعف وهى تمرر يديها على وجه صديقتها التى لم تضع شى فى فاهها...خائفة كثيرا عليها من صمتها هذا ...دثرتها جيدا ثم نامت بجوارها

 

فى نفس المنزل لكن فى غرفة أخرى ...ألقى شاب فى عقده الثالث بجسده على السرير وأمسك هاتفه ضغط بعض الأرقام ...حتى أتاه صوت أنفاس أخيه الذى يبدو أنه ما يزال نائما فاغلق عيناه بشدة وقال بتهكم ...هل أنت ناءم سيد وليد ...بالطبع فأنت لا تشعر بشئ
-ماذا هناك ...هل حدث شى ...قالها وليد بتعب ونعاس
- هناك الكثير سيد وليد ...ان خالك مات ...ويجب ان تأتى ...هل فهمت ...هتف بها غاضبا
- اى واحد ...سأله وليد بلامبالاة
ظهر الغضب جلى على وجه الآخر فقال وهو يحاول تهدئة نفسه ...خالك المستشار ياسين
- اممم وماذا بعد ...

زفر أخيه بضيق وقال وهو يمرر يديه فى شعره بقلة حيلة من اخاه الذى سيظل طيلة عمره هكذا غير مهتم بشئ ولا بأحد وقال بهدوء ...وليد عليك أن تأتى ...ماذا نقول للعالم خاله مات ولم ياتى
تثاءب وليد وقال بملل ...لقد قلت لك لن أتى ...تصرف أنت أعلم انك ستعرف كيف تدارى على غيابى ...قل اى شئ مشغول اى شى يا خالد هل انا من سأقول لك ...قالها وأغلق الهاتف غير ابه لانفاس الآخر الممتعضة. ...شدد خالد على الهاتف الذى بين يديه ...يحاول ان يتنفس بهدوء ...لا يعرف إلى متى سيظل أخاه هكذا شخص مهمل وغير مسئول ...ثم ألقى بجسده على السرير و أغمض عيناه بتعب ...لقد كان هذا اليوم متعبا له للغاية لم يجلس وهو من تابع كل شئ رغم أن اولاد خاله كثر إلا أنهم لا فائدة ترجى منهم ...حمد الله على انصراف المعزيين لولا أن الجو كان باردا لبقى الناس أكثر وهو لم يذق طعم النوم منذ ايام العمل ومرض خاله كل شئ أتى متتابعا...يتمنى لو يعود وليد ويسانده ولو فى القليل لكنه يعلم انه لن يعود إلا أن أراد ذلك فهناك هو أكثر حرية ... سمع دقات خفيفة على الباب تبعها دخول والدته وخلفها الخادمة تحمل صينية بالطعام ...أشارت للخادمة بوضعها على السرير فوضعتها كما أمرت وخرجت ...جلست والدته بجواره ووضعت يديها على رأسه وبدأت فى تمسيدها وتدليكها بهدوء ...مما جعله يصدر آهات متعبة بخفوت ويشعر ببعض الارتياح لقد كان حقا محتاجا لهذا ...ووالدته كالعادة تعرف كيف تريحه بطريقتها وتشعره بالسكينة ...
- أعلم أن اليوم كان متعبا لك يا بنى ...أعانك الله علينا ...منذ ان توفى والدك وأنت من تهتم بكل شئ لو ياتى فقط وليد ويساعدك لما أصبحت هكذا ...

قالتها والدته السيدة هيام بحزن وملامحها حزينة ومتعبة...
أخذ يديها بين يديه ولثمهما بقبلة طويلة قائلا بحنان ...لا حرمنى الله منكى يا أمى ...ووليد تعلمين انه مشغول ...
فنظرت إليها بشدة وكأنها تقول له ...لست انا من تستطيع ان تقول لها هذا ...فضحك خالد بخفوت قائلا. ...حقا صدقينى
أدارت وجهها إلى ناحية الشرفة وعيناها حزينة ...حزن لحزنها يعلم أن والدته امرأة قوية وتستطيع أن تخفى مشاعرها بمهارة ...فكان أكثر أخواتها حبا إلى قلبها كان ياسين ...لقد كان أول شخص وقف بجوارها عندما توفى زوجها ...وكان اخاها الأكبر (عزيز) أكثرهم قسوة عليهم ...توفى والده وهو فى سن صغير هو و وليد والده كان من عائلة مقتدرة فترك لهم اراضى كبيرة ومنزل لكن خاله عزيز رفض أن تبقى فى منزلها بحجة انها ما تزال صغيرة وارملة سيطمع بها الكثير وهو كان أول طامع بها ...اقنعها حتى جعلها تقوم ببيع المنزل وبدء فى جعلها تتنازل له شيئا فشيئا عن جزء من الأرض ...بحجة ان يستطيع أبناءها إكمال دراستهم ...حتى عندما كبروا لم يستطيعوا أن يخروج من هذا المنزل لدرجة أن وليد عندما أتيحت له أول فرصة لسفر ترك كل شى وغادر ...وهو لم يستطع أن يفعل مثلما فعل أخيه لن يترك والدته التى شقيت وتعبت من أجله ولن يترك هذا المنزل إلا عندما يعيد كل ما فقده من خاله الظالم الجشع ...
أخرجه من أفكاره صرخة هزت كل أرجاء المنزل وجعلت النائمون يستيقظون فزعين والمستيقظ يركض نحو الصراخ ...خرج من غرفته وتبعته والدته ...

سمع الصوت أتى من غرفة ابنة خاله ...فركض إليها حتى وصل وما كاد يضع يديه ليدير مقبض الباب حتى أتاه صوت من خلفه غاضبا ...إياك ...زوجتى بالداخل سادخل انا
التفت بجسده فوجده ذلك الضيف الذى بقى هو وعائلته هنا ...فرفع خالد حاجبيه بتعجب وترك المقبض. ...وتراجع قليلا للخلف ...فاقترب مالك لفتح الباب ...لكن صوت خالد أتى صارما. ...ادخلى انتى يا أمى لتعرفى ما الذى يحدث وسابقى هنا انا والسيد ...قالها وهو يشير إلى مالك الذى وقف يحاول تمالك نفسه يريد أن يطمان عليها باى ثمن مرتعب من أن تكون هى من كانت تصرخ ...صدرت صرخة أخرى قوية جعلتهم يلتفون بجسدهم نحو الباب حتى دخلت السيدة هيام ...وما ان فعلت حتى بدء من فى المنزل بالتجمع عند الغرفة ...
خرجت ريم من الغرفة وهى تقول ببكاء وتبحث عن ماهر بين الواقفين ...ماهر ...أين ماهر...نور ...نور ليست بخير ستصاب بصدمة عصبية ...بسرعة أرجوكم ...قالتها برجاء

وبسرعة أتى ماهر الذى توقع بالفعل أن تكون نور هى من تصرخ ...
دلفت إلى الغرفة وجدت السيدة فريدة و عمة نور تحاولا أن تقوما بتهدءتها وكل واحدة منهما تمسك بيديها وهى لم تكف عن الصراخ وهى تقول بألم وبكاء ...لقد تركنى. ...لقد تركنى ...ياسين تركنى وحيده ...أبى ...أبى لم يمت ...أبى لم يمت ...أنتم كاذبون . ...ومن ثم ابعدتهم عنها بقوة وبدأت فى الابتعاد عن السرير قائلة بهستيرية ...ما الذى احضرنى هنا ...سأذهب إلى والدى اتركونى ...صرخت بها بقوة ...ومن ثم انهارت بين يديهم. ...ركض ماهر بسرعة اليها وأعطاها حقنة مهدءة. ...ثم خرج والتف حوله الجميع
- انهيار عصبى...قالها ماهر ثم تابع وهو ينظر إلى ريم ...إذا حدث هذا مرة أخرى اعطها هذه الحقنة ...قالها ثم دلفت الى الغرفة تاركة ماهر والباقون يلتفون حوله يستفسرون عن حالتها ...فبدأ بالشرح لهم انه انهيار عصبى كان متوقع فهى لم تصدر اى رد فعل عندما توفى والدها ...ثم دعاهم ان يدعوا لها فهى تحتاج إلى هذا الدعاء من الجميع
بقت ريم بجوار صديقتها تحاول كتم دموعها وتدعو ربها ان يخرجها مما هى فيه

 

تجولت بعيناها فى أرجاء الشقة التى اوتها منذ ان توفى والدها ...هل قرارها بترك الشقة سيكون فى صالحها ام سيكون العكس ...هل ستستطيع أن تعتمد على نفسها بدون مساعدة سيف ...ام ستحتاج لمساعدته بعد ذلك ...أغلقت عيناها بقوة تحاول إلا تتراجع عن قرار تركها للشقة نعم ما فعلته كان صحيحا قالتها بتشجيع لنفسها ...أخرجها من تفكيرها صوت جرس الباب ...نظرت إلى ساعة الحائط التى تشير للتاسعة صباحا ...مما جعلها تعقد حاجبيها فى تساؤل ...عن من ممكن ان يكون الطارق ...نظرت إلى ملابسها المكونة من بنطال قصير وبلوزة تماثله قصرا ...واقتربت من الباب ونظرت من العين السحرية الصغيرة الموجودة على الباب فعقدت حاجبيها بشك وهى ترى من خلالها جسد امرأة لكن ملامحها لم تتبين لها جيدا ...ففتحت الباب ببط ...والذى ما ان فتحته حتى قالت السيدة نوال بسرور ووجه بشوش وهى ترفع بيديها تظهر الأكياس التى بين يديها ...صباح الخير ...هل يمكن أن أتناول الفطور معك
فغرت دينا فاها استغرابا من تلك المرأة حتى أن دينا بقيت لثوانى تمسك بمقبض الباب النصف مفتوح ...نظرت السيدة نوال إليها لثوانى هى الأخرى وبدون مقدمات دلفت إلى الشقة و سارت بضع خطوات داخلها ...
وقالت وهى تدير جسدها قليلا إليها ...هيا بسرعة قبل أن يبرد الطعام ...ومن دون أن تنطق ببنت شفه أغلقت دينا الباب بهدوء ...وسارت خلف السيدة العفوية او أقل ما يقال عنها غريبة الأطوار ...والتى بدأت بالفعل برص بعض الشطاءر على طاولة القهوة الصغيرة وهى تحرك يديها فى دعوة لدينا من التقرب إليها بسرعة ...وبسرعة جلست دينا قبالتها طواعية وبدات فى التهام الطعام مباشرة ما ان رأت السيدة الأخرى تأكل بنهم ...رغم ان الطعام كان بسيطا مكون فقط من (الفول والطعمية )إلا أنها لم تذق ما هما أفضل منهما طيلة حياتها ...كان تناول الطعام مع تلك السيدة الغريبة ممتعا وهادءا حقا ...و التى كانت تبتسم باستمرار ...تحركت دينا من على كرسيها قائلة بتلقائية للسيدة ...ماذا تفضلين ان تشربى
- عصير ...قالتها السيدة بسعادة وابتسامة جميلة على ثغرها ...
أعدت دينا كوبا من العصير للسيدة وكوبا للقهوة لها وبداتا الاثنتان فى ارتشافهما بهدوء ...
- القهوة ليست جيدة فى الصباح ...ومن خلال نظرى لكى أجد انكى من مدمنيها ...قالتها السيدة نوال بهدوء ولا تزال ابتسامتها المعتادة التى تبعث الدف والارتياح مرتسمة على وجهها ...
- اعرف ...لكن ماذا أفعل احبها ...قالتها دينا مبتسمة
فبادلتها الأخرى الابتسام ...

تجولت عينا السيدة فى أرجاء المنزل ...منزلك جميل ومرتب ...
- نعم ...لكنى لن أبقى به كثيرا ...قالتها دينا بشرود
التفتت إليها السيدة قائلة بتساؤل غريب ...لماذا
عقدت دينا حاجبيها وقالت بهدوء ...سانتقل إلى مكان آخر أفضل لى
اؤمات السيدة متفهمة وقالت بمرح. ...ألن تسأليني كيف عرفت عنوانك
صمتت دينا تنتظر بقية حديثها ...فقالت السيدة ...لقد عرفته من ماجد
ظهرت شبه ابتسامة على وجه دينا ...فتابعت المرأة ...حسنا ...هل فكرتى فى مشروع ما
فحركت دينا رأسها نافية قائلة بتأكيد ...لم اتوصل لشئ بعد ...ولكن هل لديكى فكرة
حركت السيدة هى الأخرى رأسها بالنفى قائلة بهدوء ...انا لا أعلم كثيرا او بالأحرى لا أعلم شيئا عن عالم الأعمال ولا حتى عن المشروعات الصغيرة ...فتابعت بتلقائية وتنهيدة طويلة من صدرها ...لطالما قام زوجى بالاهتمام بكل شئ وحتى عندما ساعدنى على إتمام دراستى لم يجعلني أفكر فى العمل او اى شى ...وربما أيضا لم أكن أريد ذلك
- إذا لماذا تريدين هذا الآن ...سألتها دينا بسرعة بعد ان استمعت لكلمات تلك السيدة فنظرت إليها بحزن ...فتابعت دينا بارتباك ...انا آسفة ...هل انا اتدخل فى ...شئ

فقاطعتها نوال بسرعة ...لا ...لا ...لكن انا فقط تذكرت بعض الأشياء المولمة. ...وتابعت بابتسامة ...لكنى سأخبرك لماذا أريد أن أبدأ فى عمل مشروع ...لأننى وحيدة قالتها بألم وصل بأعماق دينا التى شعرت وكان تلك المرأة قد وصلت لاعماق جروحها ...
بلعت ريقها وهى تحاول استجماع شجاعتها وقوتها يا الله الوحدة ...مرة أخرى ...لماذا أصبح الجميع يتحدث عنها
- هل انتى متزوجة ام ...سألتها دينا بعفوية
فضحكت السيدة بقوة رغم الحزن الذى ظهر بين مقلتا عيناها وقالت بمشاكسة جعلتها تبدو أصغر من عمرها بكثير ...متزوجة ...لكن كم تعطينى من العمر
- ربما فى الأربعين ...قالتها دينا بارتباك لا تعلم ما سببه
فضحكت السيدة مرة أخرى وقالت بهدوء وهى تجلس بجوارها على الكرسى ...حسنا لن أخبرك بعمرى ولكنى سأخبرك انى كبيرة بما يكفى لكى يصبح لدى ابن تقريبا فى مثل عمرك
صعقت دينا ...ماذا ...متزوجة ...وأيضا لديها ابن فى مثل عمرى ...من ينظر اليها يعتقد أنها ربما تكون فى مثل عمرها ...حتى هى قد ظلمتها وهى تعطيها سنها للاربعين وحتى هى لا تعلم كيف نطقتها - هل تعلمى الجميع يقولون لا يظهر عليكى سن ...وربما كان هذا ما كان يزعج زوجى رحمه الله ...
أخذت السيدة نوال نفسا عميقا ووجهها ارتسم عليه معالم الحزن رغم أنها كانت تبتسم ...
- اشتقت إليه ...قالتها بألم ودموعها لفحت بشرة وجهها الخمرية ...
ربتت دينا على ظهرها بتلقائية فابتسمت شبه ابتسامة ...فبادلتها دينا الإبتسامة وقالت بهدوء وفضول ظهر جلى فى عيناها ...كيف تزوجتيه. ...وهل تزوجتما عن حب
- هل سيكون لديكى سعة صدر لتستمعى لقصتى ...فاؤمات دينا رأسها بسرعة موافقة

 

الفصل التاسع عشر (ج2)

بدأت نوال فى قص كل شئ على دينا التى استمعت بانصات وفضول شديدين ...
- لقد كنت الاخت الكبرى لخمس فتيات أنهيت المرحلة الاعدادية ولم تسمح لى الظروف بإكمال دراستى ...تزوجت بالصدفة ...انعقد حاجبى دينا بشدة ...فابتسمت السيدة نوال وه تتابع ...كان لوالدتى صديقة كانت تعرف والدة زوجى التى كانت تبحث عن عروس لابنها الأكبر الذى لم يحالفه الحظ فى الزواج ...فرشحتنى صديقة والدتى لها ...أتت وراتنى فاعجبتها وبعد ذلك اتفقت مع والدتى على كل شئ. ...اتفقت على أن تحضر هى وزوجها وابنها لرؤيتى وفعلا أتوا ...كنت صغيرة فى هذا الوقت ولم أكن افهم شيئا لكنى كنت أشعر بارتباك وخوف شديدان ...جلست معه ومن خجلى لم أجرؤ على رفع عيناى إليه وهو أيضا كان صامت مثلى انتهت الجلسة بهدوء ...وبعد ذلك عرفت بعد رحيلهم ان والديه اتفقا مع والديا على ان يكون الزفاف بعد ثلاثة أشهر ...الحقيقة لم انزعج او اعترض على الأمر ...فبعد تلك الجلسة بعدة ايام أتى وأحضر الكثير من الهدايا للجميع فلمحته خلسة وهو جالس مع والدى كانت ملامحه رجولية للغاية وفى نفس الوقت مطمئنة ومريحة لا أعلم شعرت بأنه خطف قلبى فى هذا الوقت واننى أسعد شخص لأننى سأكون زوجته ...قالتها بأعين عاشقة ...كما جعل عينا دينا تلمعان بحب ...فنظرت السيدة نوال إلى دينا بخجل وهى تقول بصوت ناعم ...فى اليوم الذى حضر فيه حاولت والدتى اقناعى بمقابلته ولكننى رفضت فحزنت لرفضى واعتقدت إننى رافضة له وحاولت الحديث معى لكننى لم أكن أجيبها غير بالصمت فتحركت وقالت بهدوء ...نوال ستعلمين إننى أفعل هذا لمصلحتك...

لكنها لم تكن تعلم ان ابنتها قد وقعت فى الحب منذ ان رأته ...
تنهدت تنهيدة مطولة وتابعت ...بعد هذا اليوم لم ياتى فاعتقدت بأنه قد انزعج برفضى لمقابلته...انشغلت انا ووالدتى بالشراء والتحضير للعرس ...وقبل الزفاف بعدة ايام علمت أن عمره ست وثلاثون عاما ...وأنا ما زلت فى مقتبل الشباب تسعة عشر عاما ...لقد كان يكبرنى بسبعة عشر عاما الحقيقة أصبحت خائفة بل وأيضا منزعجة كيف ساتزوج برجل يكبرنى لهذه الدرجة ...تم الزفاف واكتشفت خلال شهر العسل كم هو رائع وطيب وحنون...لقد كان يقول لى دائما"انتى ابنتى ولستى زوجتى فقط " اخبرنى بعد ذلك انه كان معترض على الزواج منى عندما علم بسنى ولكنه عندما رانى قال انه غير رأيه ...احبنى مثلما أحببته ...مر عدة أشهر على الزواج ووالدته تنتظر ان تستمع إلى البشارة ان تكون زوجة ابنها حامل لكن خاب أملها عندما لا تجد اى نتيجة ...فبدأت معاملتها لى تتغير شيئا فشيئا ...
فجلست على الأريكة وهى صامتة عدة دقائق تضغط على أصابع يدها بقوة ونظرتها تغيرت وأصبحت حزينة خائفة و مهمومة ...راقبتها دينا فى صمت وهى تراقب ملامح وجهها ...حتى قالت السيدة نوال برنة حزينة ومبحوحة...قضيت أسوأ عاما فى حياتى كدت فيها ان أموت قهرا من معاملة والدته التى أصبحت سيئة للغاية ...لكن هو لم يكن سى معى ابدا حتى أنه شجعنى على إكمال دراستى وكان يدافع عنى أمام والدته باستمرار ...بعد عام ونصف انصفنى الله أمام الجميع وعلمت إننى حاملا ...سعد الجميع بهذا الخبر وأصبحوا يعاملوننى بطريقة أفضل ...الحقيقة انزعجت من الأمر هل لو لم استطع انجاب طفل لهم هل كان ستستمر معاملتهم لى هكذا ...

مسحت السيدة نوال دمعة عابرة على وجنتها وهى تقول بسعادة رغم رموشها المبتلة بالدموع ...كان انجابى ل اسا. ...قطعت بسرعة كلماتها عندما لاحظت عيناى دينا المرتكزة عليها ... فبلعت ريقها فهى لا تريدها ان تعرف من تكون حتى تصحح الأمور بينهم أولا فتابعت...لقد كان إنجاب الصبى ورقة اليانصيب لى ولزوجى أحمد فبدأ الجميع بالاهتمام بى وبطفلى حتى أن والدته كانت تحمل ابن ابنها دائما فاتاح لى هذا ان أستطيع أن اكمل دراستى حتى أخذت شهادة الدبلومة للثانوية ...وبدأ عمل زوجى (أحمد ) يكبر شيئا فشيئا بدلا من أن كان مجرد مكتب محاسبة صغير أصبح شركة متوسطة حتى حياتنا تغيرت معها الشقة أصبحت منزل راقى وجميل ...
قضيت معه أجمل ايام حياتى لم أشعر فيها إننى أصغر منه لم أكن أشعر به زوجى فقط بل كان والد لى ساندنى وساندته حتى أصبحت لا أستطيع الاستغناء او الابتعاد عنه ...ابنى كبر وأنهى دراسته وأصبح هو المسئول عن كل شى ...وبدأ لى زوجى بالتفرغ لى سافرنا إلى أماكن لم أرها. ...حتى حدث ما حدث منذ عشرة أعوام ...قالتها ب اكتئاب
اجفلت دينا عندما شهقت السيدة نوال بقوة وهى تنظر إلى ساعة الحائط. ...يا الله لقد تأخرت ...يجب أن اذهب الآن ...سأخبرك المرة القادمة عندما نتقابل ولا تقلقى ساتى اليكى انا ..قالتها السيدة نوال وتابعت وهى تأخذ حقيبتها وتتوجه نحو الباب ...سأذهب واتصلى بى عندما تنتقلين ...لا تنسى سأنتظر اتصالك ...لقد اعطيتك رقم هاتفى آخر مرة أليس كذلك ...فاؤمات دينا براسها موكدة
ومن ثم خرجت ...أغلقت الباب خلفها بهدوء ووقفت خلفه وهى تبتسم على تلك المرأة العفوية ...
- انها امرأة رائعة حقا ...قالتها دينا بسعادة ...

لقد احبتها حقا ...ويبدو انها ستفكر بجدية أكثر حتى تبدأ فى المشروع معها ...لقد كانت خائفة فى البداية لكن حقا الآن لم تعد كذلك ...
دلفت إلى الغرفة التى تضم رسوماتها وبنظرة متلهفة نظرت إلى لوحتها التى تتوسط تلك الغرفة وهى تحدق بها بحزن وعيناها ملأ بالدموع وتقول بحشرجة واختناق...هل تعبت من تتبعى وملاحقتى. ...أ مللت منى يا أسامة؟! ...ولم تعد تلاحقنى!. ...هل ستستطيع ان تنسانى ...لكن ماذا أفعل انا! لم استطع أن أفعل وانساك! !رغم إننى أكثر شخص يجب ان يبتعد لكننى لم أستطع الصمود أكثر ...أغلقت عيناها بقوة بعد ان خانتها دمعتها وسقطت على خديها تقول بألم ...أريدك واحبك ...

 

دلفت إلى غرفتها مباشرة بعد ان رأت سيارة ابنها أمام المنزل وبدأت فى خلع العقد الذى يزين عنقها ...فادارت جسدها نحو الباب وهى تستمع لصوت إدارة مقبض الباب وخادمتها تدنو منها تقول بصوت منخفض لا يخلو من العتاب ...لماذا تاخرتى؟ ...لقد خفت ان ياتى فى اى وقت وتتقابلان هناك ...وحينها يذهب كل مخططاتنا أدراج الرياح
ابتسمت السيدة نوال وقالت ...ماذا أفعل لقد كان الجلوس معها ممتعا! ...وتابعت وهى تسحب ثوب منزلى أنيق من دولابها الكبير ...لكن اخبرينى هل أتى !...
- نعم أتى منذ دقيقة تماما و دلف إلى المكتب مباشرة ...قالتها الخادمة بسرعة
- حسنا جيد إننى قد ذهبت مبكرا ...لكنى أفكر بالذهاب إليها عندما تنتقل من شقتها وسيكون هذا آمن ولن أشعر بالخوف من أن يرانى أسامة او يعلم بأننى أعلم كل شى بعلاقته مع دينا ...
- حسنا هل تحدثتما عن اى شى يخص المشروع ...سألتها الخادمة
- لا ...ردت السيدة نوال
فضيقت الخادمة عيناها قائلة بدهشة ...إذا عن ماذا تحدثتما
فأجابت السيدة نوال بمشاكسة ...لن أخبرك ...قالتها وهى تدلف إلى الحمام مغيظة خادمتها
التى ضربت يديها ببعضهما قائلة بقلة حيلة ... يا الله الن تكبر هذه المرأة ابدا أ ستظل هكذا ؟!...

 

كان يجلس على مكتبه الوثير مستندا بجسده على ظهر كرسيه واضعا ذراعه على عيناه بتعب وضيق ...لقد اشتاق إليها ويتمنى رؤيتها لكن ماذا يفعل خائف من ان تصده او تحدثه بقسوة عندما يتكلم معها ...خائف من نظراتها المعاتبة والمتالمة والقاتلة بالنسبة لمشاعره ورجولته ...لو فقط تستمع له ...لو فقط تعطيه فرصة وتستمع له حينها سيصلح كل شى بينهما ...حمد الله فى سره على زواج سيف وإلا لاعتقدت انها تحبه ...هو المخطئ هو من جعل سيف يتقرب منها ويساعدها لكن ماذا يفعل عندما علم بما حدث لها وأنها على وشك الانهيار لكنه أيضا لم يستطع ترك والدته فى الخارج فى مصحة نفسية ويعود ...كيف يترك والدته بعد ان فقد كلا منهما أغلى شخص بالنسبة لهما هو فقد والده وهى فقدت زوجها الذى لم تحب ولن تحب شخصا مثلما أحبته ...لذلك كل ما فكر به فى تلك اللحظة هو سيف ...سيف الذى يستطيع أن يساعدها ويخرجها من الضاءقة التى كانت بها ...فى حين انه مر عليه أسوء عامان فى حياته وهو يرى ويراقب ذبول والدته يوما بعد يوم أمام عينه لقد كانت الصدمة أكبر مما تستطيع تحمله ...لولا انها شعرت بأنه اخيرا بجانبها وبأنه كل ما بقى لديها من زوجها ...كل هذا أعطاها دافع لتكون بخير ...والحمد لله أصبحت حالتها تتحسن وعندما علم انها تستطيع ان تمارس حياتها وأنها خرجت تماما من صدمتها عاد بها إلى مصر ...وهو يحمل شوقا وحنينا جارفا إلى من ملكت قلبه منذ ان راءها ...
أخذ أسامة نفسا عميقا ثم أخرجه بضيق ...وهو يفكر عن خطوته التالية للتقارب من حبيبته ...دينا

 

فى اليوم الثالث من العزاء أخذ سيف اروى ورحل ...وقد سبقه فى ذلك جده وأخته الحاجة زينب... ...ولم يبقى غير والد سيف سليم ومراد وزوجته نورا وعادل والد اروى ووالدتها السيدة فريدة ومحمود ومالك الذى كان يراقب صمت وحزن ريم على صديقتها فى صمت من بعيد ...ولكنه كان يرسل إليها دائما الرسائل لكى يطمان عليها وعلى نور فهو لم يستطيع أن يكون لوحده معها فى تلك الظروف ...
انتهى ثلاثة ايام العزاء وما زالت نور على حالتها كلما تستيقظ تصرخ وتنهار ولا تهدأ إلا عندما تأخذ الحقنة المهدءة لم تكن تأكل فلجوء إلى أعطاها محلول مغذى لعل حالتها تتحسن لكن حالتها النفسية والجسدية كانت تسوء يوما بعد يوم ...
وفى غرفة الجلوس فى منزل الحاج عزيز ...جلس الجميع مجتمعون وجلس قبالتهم الحاج عزيز ...الذى قال بهدوء
- شكر الله سعيكم ...لقد كان أخى محظوظا بأصدقاء مثلكم
نظر مراد بحدة إلى سليم ففهم الأخير مقصده

و تنحنح سليم قائلا...سيد عزيز ...سنذهب ...لذا سنأخذ نور معانا ...
قاطعه عزيز وهو ينهره بقوة ...ماذا! ...تأخذ من! ...ولماذا تعود معكم ؟!...
قال سليم بهدوء ...سناخذها لقد اوصانى والدها ان اعتنى بها إذا حدث له شئ
- باى صفة ستاخذها معك !...قالها بحدة ثم تابع بهدوء ...ابنة أخى ستبقى معى ...لذا شكر الله سعيكم ...قالها ثم خرج وهو يتبعه أولاده الاثنان ...
ظهر الغضب على ملامح مراد جلية ثم قال موجها حديثه إلى سليم ...ما الذى نطق به ...كيف سنترك الفتاة معه ...سناخذها حتى ولو بالقوة
- مراد أهدى هو لم يقل شئ خاطى عنده حق ...نحن مجرد أصدقاء لوالدها ...وهو عمها وله الحق قالها محمود بهدوء ووافقه كلا من سليم وعادل ..
ظهر الامتعاض والغضب على وجه مراد وتركهم ...أخذ زوجته وذهب من دون ان يتحدث معهم ولم ينتظرهم ليعودوا جميعا ...ولم تحاول زوجته الكلام معه وهى تلاحظ غضبه جلى على وجهه فهى تعلم بحزنه الشديد على موت صديقه
صعد الباقون إلى سيارتهم وانطلقوا خارجين من تلك البلدة التى يقبع بها جثمان صديقهم ...الذى لم يفترقوا عن بعضهم لا فى السراء ولا الضراء فكلا منهم ساعد الآخر وكأنهم أخوة...لكن أتى الموت وأخذه إلى خالقه وهكذا هم جميعا راحلون ...تموت الروح وتفارق الجسد الذى سيقبع تحت التراب ويبقى شى واحد للإنسان ...عمله
خرجت ريم من الغرفة التى قضت بها ايام العزاء مع صديقتها المنهارة ورأت مالك واقفا ينتظرها
تصلبت ملامحه وهو يرى التعب والإرهاق واضح على وجهها ...
فقال بنبرة هادئة. ...هيا يجب ان نذهب لقد انتهت ايام العزاء
فردت بأعين ذابلة ...حسنا ساجهز نور لنذهب ...قالتها وتحركت بضع خطوات لولا أن اوقفها مالك قائلا ببرود ...نور لن تذهب معنا ...فهى ستبقى مع عمها ...
التفتت إليه وهى تقول بنبرة حادة غاضبة ...ماذا! ...لكنى لن أتركها ...ساخذها معى !
فرد بنبرة محذرة ...ريم ...يجب أن نذهب وأنا لن أستطع البقاء أكثر من هذا لدى أعمال ...لذا سنذهب ...
بلعت ريقها من نبرته وقالت بحزن واعين دامعة ...لكنها ليست بخير
فاقترب منها وأمسك بيديها الباردة بيده ليدفاءهما قائلا بمواساة وحنان ...نور ستكون بخير انها بين أهلها لذا لا تقلقى عليها ...فنظرت إليها برجاء فقال بهدوء ...ريم ارجوكى ...يجب أن نذهب لن أستطيع البقاء ...فتحت فمها لتنطق لكنه قاطعها قائلا بقوة ...ولن أستطيع تركك هنا ...ثم ترك يدها وقال بصرامة ...لذا اذهبى وحضرى نفسك بسرعة لكى نذهب ...نطق كلماته ونزل درجات السلم
دلفت إلى الغرفة ووجدت السيدة هيام تجلس على طرف السرير بجوار نور النائمة وهى تربت على يديها وراسها تهمس ببعض آيات القرآن ...

لمعت عيناها فى أمل فعلى الأقل يوجد شخص سيهتم بنور ...نعم انها عمتها ...لم تترك نور منذ ان أتت واهتمت واعتنت بها معها ...نعم ستذهب وستشعر ببعض الاطمئنان وهذه السيدة موجودة ...قبلت رأس نور وعيناها تبكى بخوف وحزن عليها ...وودعت السيدة هيام واوصتها ان تهتم بها واعطتها رقم هاتفها لكى تحادثها إذا حدث اى شى لنور ...قابلت السيدة هيام وداعها بعناق وهى تخبرها بأن نور أصبحت ابنتها وغاليتها والا تقلق عليها ...خرجت من المنزل ...وصعدت سيارة مالك الذى كان يستند عليها بجسده وما ان راءها حتى فتح لها الباب وانطلقا صامتان

 

دلف إلى المكتب مباشرة وهو يقول ببهجة...لقد اوشكنا على الوصول و...صمت ماجد نهائيا وهو يراقب صمت سيف ووجهه متجهم. ...ضيق جبينه وقال بهدوء ...ماذا بك؟! ...
- لا شئ ...رددها سيف بصوت منخفض
فرفع ماجد أحد حاجبيه وقال بتأكيد ...هل أنت متأكد!
-نعم متأكد ...هتف بها بضيق وغضب
- هل حدث شى فى عزاء المستشار ياسين ...او حدث ان تصادمت مع والد...
قاطعه سيف بحدة. ...لا لم يحدث صدام او اى شى ...وإن لم تصمت يا ماجد عن طرح أسئلتك هذه ... أخرج ...لأن رأسى تكاد تنفجر من التفكير ...
لانت ملامح ماجد وقال بهدوء ...حسنا سأذهب لكن ان احتجت للحديث فأنا موجود
قالها وخرج من الغرفة ...فابتعد سيف عن مقعده خلع سترة بذلته و دلف إلى حمام مكتبه مباشرة غسل وجهه بالماء البارد وخرج وهو يقول فى نفسه بصوت عميق يكشف عن روحه المضطربة نعم فهو مضطرب ...مشاعر كثيرة تدور فى رأسه كدوران الكواكب حول الشمس تجعله عاجز عن التفكير ...فى اليوم الذى وصلوا فيه للعزاء وانتهاءه لم يستطع أن يفكر غير أن يأخذها معه إلى منزل جده وكان بإمكانه تركها مع صديقتها التى يعلم انها تحتاجها وبشدة ...لكنه لم يستطع التفكير بأنه قد يتركها تنام فى مكان ما بعيدا عنه ...فقد أصبحت أنفاسها هى النغمات التى يستطيع النوم عليها براحة ...حتى وإن كانت صامتة ...غاضبة او حتى باردة ...وعندما عاد اخذها معه كان يعتقد او ربما هو متأكد انها سترفض العودة معه وتبقى مع صديقتها وحينها سيستخدم القوة لتعود معه ...لكن للمفاجاة هى لم تعترض بل ذهبت معه بهدوء ...لكنها أصبحت أكثر صمتا وبرودة فى مشاعرها معه ...احيانا كثيرة أراد أن يحتضنها إليه بقوة ليشعر بالاطمئنان ربما لا نه اراد ان يشعر بذلك الإحساس معها ويشبع رغبته الجامحة بها او ربما لانه أراد أن يحقق لجده ما أراده لكنها ابتعدت اكثر ... لكن ما جعله متماسكا قليلا معها انه يعلم انها بجواره فى غرفة واحدة وسرير واحد ...رغم ان التفكير بها بهذه الطريقة جعلته يشعر وكأنه مريض ويحتاج الى طبيب فهو لم يفكر يوما فى امرأة هكذا ...رغم تجاربه وعلاقاته القليلة والتى يمكن عدها على أصابع اليد إلا انه لم يتعلق بامرأة ...لكن هى مختلفة ...هى زوجته ...تبا ...هتف بها غاضبا وهو يضرب بقبضة يده الحائط ...لم يعد يستطيع التفكير ...فظهرت سخرية على وجهه قائلا بتهكم فى نفسه وهل فكرت فى شئ يوما ...عندما تزوجتها لم تفكر غير فى الأسهم التى ستضمن حقك بين شركات عائلة الحسينى حتى لا يطردوك إذا حدث شى لجدك ...فأنت تعلم أكثر من غيرك انه إذا حدث لجدك شى ستلتف السكاكين حول رقبتك مثل الشاه ليبعدوك عن طريقهم ...تنهد بضعف وهو يقول بصوت مكتوم حزين ...والآن ماذا ...فنظر إلى الفراغ قائلا بسخرية وكأنه يسخر من نفسه ...الآن جدك يريد حفيدا. ...ولكن الأهم من ذلك ماذا تريد انت يا سيف ...
أخرجه من أفكاره المضطربة صوت رنين الهاتف ...امسكه وعقد حاجبيه وهو يرى اسم سائق زوجته ...وضع الهاتف على أذنه وقال الرجل ما مطالب به وأغلق الهاتف مع سيده ...أبعد الهاتف عن أذنه وهو يصتك بقوة على أسنانه قائلا بحفيف خفيف وعيناه تضيقان بشك ...معمل للتحاليل مرة أخرى ماذا هناك يا اروى وما الذى تخفيه

 

دلفت إلى الغرفة بتعب وألقت حقيبتها بإهمال على السرير تبعتها سترتها الخوخية التى حمتها من برد هذا اليوم ...وبعد ذلك جلست على السرير وأخرجت من حقيبتها ورقة ما ...لم تستطع التحكم فى اهتزازة يدها وهى تحمل بين يديها ما يثبت ثمرة هذا الزواج ... لكن ماذا تفعل. ..هل تصمت بعد ما استمعت إليه وياليتها لم تستمع كانت تفضل لو تظل حمقاء تعتقد انه ربما يوما ما قد يحبها ...لكنها ولغباءها حققت له ولجده ما أراده دائما ...طفل ...طفل سيكون مجرد سلم مثلما هى والدته للوصول الى ما يريده ...مجرد اسهم ستجعل له مكانة وسيطرة أكثر على ما يريد ...
وضعت يديها على بطنها وهى تشعر بذلك الإحساس الذى لا تعلم هل تحزن ام تفرح لشعورها به ستكون أما ...والذى تمنته وحلمت به دائما هو والد لهذا الطفل ...لثوانى ظهرت ابتسامة جعلت عيناها تلمعان بسعادة ...فهزت رأسها بسرعة
حمقاء ...هتفت بها وهى تلوم نفسها على تفكيرها الاهوج هذا به ...ما زالت تحبه ...وما زالت تريده ...لكن ماذا تفعل قلبها يخونها فى الوقت الذى تصبح فيه معه رغم أنها حاولت أن تجعل مشاعرها جامدة لفترة ...ولكنها ما زالت تحن وتشتاق له ...لكن عليها التفكير فى شئ ...شعرت وكان أنفاسها تكاد تقبض على صدرها فتنفست بضيق وقالت بقلة حيلة
- ماذا ستفعلين يا اروى ...

 

وضعت الاوراق التى تحتاج الى توقيع منه ووقفت بجسد متصلب أمامه تراقب لحيته التى نمت مؤخرا...أعين ذابلة فقدت رونقها ووجهه نحيلا لم يعد ينام إلا لدقائق معدودة فى اليوم ...حتى جسده الذى ظهر انه قد فقد بعضا من وزنه... قليلا جدا ما كان يتزكر انه يجب عليه ان يأكل مثل باقى البشر
- ما الذى حدث جعلك هكذا يا حازم ...من امامى الآن ليس حازم المعتد والفخور بنفسه ...من امامى الآن رجل يحارب شيئا فى نفسه ...من امامى الآن رجل قد فقد شيئا غاليا عليه ...رجل يفكر ويفكر فى شىء بعيد عن يده ...حدثت ايملى نفسها بذلك وتنهدت بحزن
- هل هناك اى شى آخر ...قالها حازم بصوت ضعيف لكنه عميق
حركت رأسها نفيا ثم سحبت الأوراق وخرجت بهدوء وهى تراقبه بحزن ...لو تستطيع مساعدته
دفن وجهه بين راحتى يده ...يشعر بتعب جسده منهك للغاية ...لقد بدأ يقتل نفسه بالبطىء وهو بعيد عنها ...أعتقد أنه سينسى خلال فترة من ابتعاده ...لكنها أبت الابتعاد عن رأسه ...حتى أحلامه أصبحت تشاركه بها فى دقاءقه المعدودة التى يغلق عيناه بها ...شعور من الاختناق والحزن المكتوم اصبح يضيق على صدره هل يعود ...ام يبقى اكثر لعله ينسى ...لو كان قابلها مبكرا اكثر ...ولو لم يكن موجود ذلك ال مازن ...ماذا كان سيحدث هل كنت ستستطيع التقرب منها ...او هل حتى كنت ستستطيع ان تبوح بمشاعرك لها ...انك فاشل للغاية فى كل ما يتعلق بالمشاعر والقلب لم يكن يوما على علاقة بفتاة حياته كانت تدور حول الدراسة والعمل فقط لكى يستطيع أن يثبت لنفسه انه يستطيع أن يكون حازم وليس حازم مراد السيوفى ابن أشهر وامهر محامى البلد ...الرجل الذى وصل إلى ماهو عليه بذكائه ودهاءه المعتاد ...حتى هو نفسه ورث من والده ذلك الدهاء ...فكرة انه يشبه والده جعلته يتمنى فقط ان يثبت انه عكس ذلك ...لذلك ابتعد ...أرد ان ينجح من دون ان يقول أحد انه وصل إلى كل هذا بمساعدة والده...لكن ماذا عن نور ...انه يشتاق إليها ...حتى انه احيانا يفكر انه لم يعد يهمه ان يكون هو الرجل الثانى بالنسبة لها فى كل شئ رغم أن هذا يخنقه لكن ماذا سيفعل ...لقد أحبها منذ راءها وسحبت أنفاسه معها ...حتى لم يعد يستطيع التنفس

 

ظل يراقب صمتها لدقائق حتى تكلمت اخيرا وياليتها لم تنطق او حتى تفتح فمها وهى تقول بلامبالاة وكأن الرجل الجالس أمامها حجر لا يشعر بما تقوله ...ولكنها لا تعلم ان كل كلمة تنطقها تقتحم روحه بقسوة وخشونة فتجعله يتاوه بالم ...وهى تتحدث عن رجل آخر أمامه وكأنه لم يعبر عن شعوره نحوها مرات عديدة
- حازم ...ليس بخير ...انه يقتل نفسه ببط. ...أرجوك يا وليد تحدث معه ...ألستم أصدقاء ...قالتها ايملى برجاء وحزن ظاهر على وجهها
كتم شتيمة بذيئة كادت أن تخرج من فمه وهو يزم شفتاه حتى لا يكون شخصا غير مهذب معها ...ويلعنها ويلعن حازم ...ويلعن اليوم الذى عرفها به هى و حازم ...هل كل ما ستتصل به ستتحدث عن حازم هكذا ...وهى بهذا القلق والخوف وكأنه حبيبها الذى على وشك انت تفقده ...هز قدمه بعصبية وضغط على يده يحاول أن يتحدث بهدوء
- لا تقلقى حازم سيكون بخير ...لا تشغلى نفسك انتى بهذا ...قالها بنصف عين
فحدقت به بانوثة وشفتاها تهتز جعله يتمنى لو يفعل كما يفعل الأجانب ويقبلها فى منتصف المكان الذى يجلسون فيه فيتحرك الجالسون مبتعدين عن مقاعدهم ويصفقون لهما بحرارة ...ضغط على شفته السفلى يحاول كتم رغبته الجامحة بها ...انها مثيرة وجميلة ...يتمنى لو يستطيع أن يحصل عليها وحينها ستكون دعوات والدته الدائمة له مستجابة ...لكن وللأسف رغم بقاءها فى بلد اجنبى إلا أنها ما زالت راغبة بعلاقة حقيقة بل أكثر من ذلك تريد عائلة وزوج ...وهو لا يمكن أن يضع نفسه فى هذا المشهد الذى يضم عائلة. ...مجرد تفكيره بأنه سيكون شخصا مسئولا يجعله يشعر بالاشمئزاز وخوف شديدان ...لقد ترك كل شى فى مصر من اجل شى واحد وهو أن يكون حرا بعيدا عن قيود وتحكمات خاله عزيز الطماع الجشع الذى استولى على أموالهم شيئا فشيئا بعد وفاة والده ...لولا ان أخاه خالد بدأ يدير املاكهم بمهارة لكانوا فقدوا كل شى وأصبحوا ملقون فى الشارع ...لكنه أيضا لا يستطيع ان ينكر مساعدة خالهم ياسين لهم ...رحمه الله ...قالها وليد فى نفسه ...لقد كان يعامله هو وخالد وكأنه أبناءه ...وابنته الجميلة تلك ...ما كان اسمها ...نور ...نعم نور ...لقد كان المستشار يخاف عليها من نسمات الهواء التى كانت تداعب خديها ...من أجلها لم يتزوج ومن أجلها أيضا ابتعد حتى يحميها من أخيه الذى طمع حتى فى ما ورثه ياسين من والده مع انه قد حصل مثله على نصيبه لكنه طمع بما يملكه أخوه وأخته ...اخذها وسافر ...لا يتزكر انه رأى نور إلا مرات قليلة للغاية عندما كان خاله المستشار ياتى لزيارتهم ...لكن منذ ان سافر وليد من اجل الدراسة وهو لم يعد يسمع او حتى يسأل عنها ...
عاد بنظره إليها وهو يقول بصوت رقيق وهو يمد يده ليلمس يدها فيشعر ببشرتها الحريرية الناعمة ...
- اتركينا من حازم واجعلينا نتحدث عن أنفسنا
شعرت ايملى بدقات قلبها المتسارعة فحاولت بلع ريقها وقالت بثبات ...
- وهل هناك شئ لنتحدث به
التمعت عيناه وقال بمكر
- الكثير ...ما رأيك ان نتقابل لنجلس ونتحدث قليلا مع بعضنا عنك وعنى مثلا ...
ضحكت ايملى بقوة وهى تقول فى نفسها يالك من ماكر ومخادع فهو ما زال يريد التلاعب بها وهى لن تكون يوما لعبة فى يده ...تحركت مبتعدة عن الطاولة وهى تنظر له بشر واحتقار ...
تافف بغضب وهو يراقب ابتعادها...فيبدو انه ستتعبه حتى يحصل عليها ...لكن لا مشكلة لديه طالما هى ستكون بين يديه فى يوما من اليوم

 

خوف ...قلق...حزن ...كل هذه مشاعر أصبحت ترادوها منذ فترة ...وفوق كل هذا اشتياق له ...حنين غريب يدفعها لتذهب للبحث عنه ...وتخبره انها لم تستطع نسيانه ...ما زالت تذكر كلماته همساته حتى أصوات تنفسه. ..ما زالت تذكر كل شى وكأنه حدث أمس وليس منذ أكثر من خمس وعشرون عاما ...ياسين ...قالتها روز بحرقة وألم ...ياسين ...سبب ألمها وحزنها ...ياسين الرجل الذى ذهب وتركها ...ياسين الذى تمنت أن تعيش معه حاضرها ومستقبلها ...لكن كل شى أتى عكس ما تمنت عندما تحطمت أحلامها بموت طفلتها ...آه لو لم تمت لما تركها ...قالتها ببكاء وحزن يحرق احشاءها... أمسكت القلادة وهى تتذكر صديقتها ...فيروز التى كانت سببا لمعرفتها ب ياسين...فيروز التى لم تتهنى برؤية ابنها فيروز التى ضحت بنفسها من اجل أن تشعر بشعور الأمومة حتى لو كان لعدة ثوانى ...نعم فهى لم تضم ابنها إليها كما تفعل اى امرأة ...بل وضعته وماتت وتركت الباقين متخبطين فى مشاعرهم نحوها ...سليم الذى تدهورت حاله منذ ان علم انها ماتت ولم يلمس ابنه بل عامله وكأنه سبب موتها ...
و مارسيل الذى كان تحت قدمها فقط لتقول انها موافقة عليه وأنها تريده ...مارسيل ...هتفت بها روز بقلق واضح ...فاخاها يبدو وكأنه يخطط لشئ ما ...
ستكتشف كل شى بنفسها ...نعم ...وبعد ذلك ستعود للبحث عنه ...وتقول له كم هى احبته وكم تشتاق له ...وكم انتظرت ليعود لها ...ياسين نبض قلبها ...

 

نظر إلى الملف الذى بين يديه بتركيز وهو يخرج محتواياته ...بعض الأوراق وبعض الصور وللمفاجاة هى لابنة أخته ...نور ...تلك ال علا ...حقا ليست سهلة عندما رات روز وهى بدأت تحاول أن تتزكر أين رأتها ...لم تسكت عن الأمر حتى عادت إلى مصر وبدأت تبحث عن من رأتها وتشبه روز كل هذا الشبه ...وبالفعل استطاعت الوصول إلى كل شى يتعلق بنور ...دراستها سنها من تكون عائلتها وأين تعمل ...كل شئ يخص ابنة أخته يقبع بين يديه الآن ...لكن تلك الافعى علا ...لا تعلم أنه بالفعل كل شى يخص نور ياتى إليه بصورة مستمرة ...ف ياسين عندما قال ان ابنته قد ماتت لم يعتقد ان مارسيل كان يراقب كل شى من بعيد وبصمت ...فهذا أفضل له وللطفلة ...الذى كان يفكر بالفعل فى قتلها. ...لكن عندما اخذها ياسين وذهب بعيدا عن عيناه ...لم يعلم بأنه هو وابنته تحت مراقبته ...وقد وصله بالفعل خبر موت ياسين المنشاوي ...يا الله كيف سيكون وقع الخبر على أخته ان علمت ...لكن من الأفضل له الا تعلم ...حتى يستطيع ان يحقق ويصل إلى ما يريده ...ثم حول عيناه إلى الصورة الأخرى ...سيف السيوفى ...انه الورقة الرابحة بالنسبة له ...جمع الأوراق والصور ووضعها فى درج مكتبه وأغلق عليه بإحكام ...فيجب الا تعلم روز باى شى إلا عندما يحقق ما يريده ...
الفصل التالي
رواية عندما يعشق الرجل لـ شيماء محمد الفصل 20




الكلمات الدلالية
رواية ، عندما ، يعشق ، الرجل ،


 





# فنون # مشاهير # صحة # منوعات # الأطفال # English # تفسير الأحلام ثقافة # قصص # سيارات Cars # صور # تقنيات # الاجهزة الالكترونية # المطبخ # كلام فى الحب # أبراج # رياضة # ازياء # حكم وأقوال تطوير الذات# خلفيات # صور بنات # مشاهير # ديكور # صباح الخير # مكتوب برقيات شهر رمضان # جمعة مباركة # حب رومانسية # عيد # ادعية # خلفيات كرتون # منوعات # موضة # الأم # أطفال # حيوانات # صور ورد # اكلات # New Year # مساء الخير # اللهم صلي علي النبي # القران الكريم # صور نكت # عيد ميلاد # اعلام # سيارات # تهنئة الخطوبة # حروف واسماء # الغاز # صور حزينة # فساتين # هدايا # خلفيات النادي الاهلي # تسريحات شعر # الاصدقاء # بوستات نجحت # خلفيات نادي الزمالك # حب رومانسية # تهنئه # ازياء # صور بنات # صوره وكلمه خلفيات # كرتون # بروفايل رمزيات # دينية # سيارات # مضحكة # أعلام # مسابقات # حيوانات # ديكور # أطفال # أكلات # حزينة صور شباب أولاد ر# صور # الطب و الصحة # مقالات عامه # CV المشاهير # وصفات الطبخ # العناية بالبشرة غرائب وعجائب # قصص روايات مواعظ # صور حيوانات # وصفات الحلويات # الرجيم والرشاقة # نكت مضحكة # صور خلفيات # العناية بالشعر # شروحات و تقنيات # videos # Apps & Games Free # موضة أناقة أزياء # سيارات # ديكور # رعاية الأطفال # نصائح المطبخ # موبايل جوال # الفوركس # التعليم والمدارس # الحمل و الولادة # اخبار الرياضه # وظائف # صحة المرأة # حوادث # صور بنات # صور اطفال # مكياج و تجميل # عناوين بنوك شركات محلات مطاعم # العاب الغاز # عيد # كلمات الاغانى # اشغال فنيه واعمال يدويه # مصر # أشعار خواطر # للنساء فقط # للرجال فقط # صور شباب # علاج النحافه # رسائل SMS # أكلات نباتية - Vegetarian food # برامج الكمبيوتر # المراهقة # جمعة مباركة # blogger # رعب # لعنة العشق # حب # اسلامية # قاسي ولكن أحبني # أحفاد أشرار الحرب لأجلك سلام # أسمى معاني الغرام # حقيقية # لقد كنت لعبة في يده # ملهمة # أباطرة العشق # عربية # حب خاطئ # لست مميزاً # من الجاني # مشاهير # راقصة الحانة # اغتصاب طفلة # عاشقان يجمعهم القدر # الطريق الصعب # خيال علمي # أشواك الحب # تاريخ # سجينة ثوب الرجال # لروحك عطر لا ينسى # أطفال # عشق وانتقام # لازلت أتنفسك # لقاؤنا صدفة # للحب معان أخرى # خاتم سليمان # ممن أنتقم # نجاح # أبواب وهمية # حلمى فى صفيحة قمامة # فيلم # مجنون بحبك # بين شباكها # حزينه # رحلات جوليفر # عذاب قسوته # عندما ينادي الشيطان # لعنة حبك # مريم وامير # هدوء في قلب العاصفة # الحاسة السادسة # المشعوذة الصغيرة # عباقرة # لوعة العشق # حروب # قدر بالإجبار # بنات مضحكه# فوركس Forex# صحتك # الصور والخلفيات # الطبخ والحلويات # منوعات # اخبار الفن # القصص و الروايات الألعاب الرياضية # الحياة الزوجية # أزياء وملابس # الأم و الطفل # دراسات لغات # افكار منزلية # انترنت تكنولوجيا # صفات الابراج # حيوانات ونباتات # تفسير الاحلام # معانى الاسماء # خواطر و اشعار # الكون والفضاء اجمل نكته# Mix # Forex # youtube # foods # Kids # Health education # stories # News # kitchen # woman # Famous # Sport # Animals

-------

الساعة الآن 06:46 صباحا