للسينما دور مجتمعي وتنويري، فدائمًا ما تناقش القضايا والمشكلات الحياتية بمختلف أنواعها لما لها من قدرة على التواصل مع المشاهدين والوصول لملايين المواطنين بأسرع وقت. ولتأثيرها وانتشارها الواسع ساهمت في نشر التوعية في التعامل مع ذوي الاحتياجات الخاصة، وأيضًا تمكين دمجهم في المجتمع والتعريف بهم ومحاولة تحفيزهم للمشاركة في مناحي الإنتاج المختلفة.
نجحت السينما في تقديم العديد من الأفلام التي عكست واقع ذوي الاحتياجات الخاصة بمختلف حاجاتهم ومتطلباتهم، فضلاً عن دورها في محاربة الأفكار الرجعية في التعامل مع ذوي الاحتياجات الخاصة وكأنهم عبء على المجتمع. في هذا المقال سنتعرف على أبرز الأعمال السينمائية التي تناولت قضايا ذوي الاحتياجات الخاصة، وكيف غيرت من نظرة المجتمع نحوهم.
1- فورست جامب Forrest Gump
تدور قصة الفيلم عن طفل ولد بإعاقة في قدمه وتأخر في التفكير، مما دفع والدته لتركيب دعامات له حتى يتم دمجه في المجتمع، ولكنها كانت مصدر سخرية من زملائه، غير أن إصرار والدته ومصابرتها لتغيير نظرة المجتمع نحوه تخلى عن الدعامات وأصبح يحب الجري والرياضة وتفوق فيها، ومع الوقت بات يعيش وحيدًا ولم يتبقَ له سوى ما زرعته الأم ما جعله متفوقًا في الحياة العملية ومن الأثرياء.
حصل على جائزة الأوسكار لأفضل فيلم وإخراج وسيناريو ومونتاج، وأفضل مؤثرات بصرية وأفضل ممثل، والفيلم من بطولة “توم هانكس”، وإخراج “روبرت زيميكس”، و”روبين رايت”، وأنتج عام 1994.
2- المنبوذون The Intouchables
يناقش الفيلم الحالة النفسية لذوي الاحتياجات الخاصة وتعامل المجتمع مع هذه الحالات. وتدور قصته حول إصابة “فيليب” خلال قفزه بالمظلة بشلل رباعي مما دفعه للبحث عن مساعد يقضي حاجاته وينفذ متطلباته، ورفض “فيليب” كل المتقدمين بعدما أحس منهم بالعطف والشفقة عليه أو نظرتهم المختلفة له، وبالمصادفة وافق على أحد المتقدمين ويدعى “دريس”، الذي تقدم لهذه الوظيفة حتى يتم رفضه ليستمر في الحصول على إعانة البطالة، ولكن “فيليب” غير توقعه بالموافقة عليه كمرافق له لعدم إظهاره أي تعاطف نحوه، ومع مرور الوقت تحولا إلى صديقين وغير كلٌّ منهما مفاهيم الآخر.
الفيلم من بطولة “فرانسوا كلوزيه”، و”عمر سي”، ومن إخراج “أوليفييه نقاش” و”إيريك توليدانو”، وأنتج عام 2011.
3- في الداخل أنا أرقص Inside I’m Dancing
يتناول الفيلم قضية الاستقلال وأحقية وحرية القرار لذوي الاحتياجات الخاصة. ويدور الفيلم حول شاب يدعى “مايكل” وهو مصاب بشلل دماغي، أودعه والده في دار رعاية للحالات المماثلة له، ويبقى “مايكل” متعايشًا مع إعاقته ومستسلمًا لها، حتى يأتي للدار نزيل جديد يدعى “روري” وهو مصاب بضمور في العضلات ولا يحرك سوى إصبع فقط يشير به إلى متطلباته في البيئة المحيطة التي يعيش فيها.
“روري” شخص متمرد على الواقع لا يتعايش مع الروتين اليومي لذوي الاحتياجات الخاصة، وبمرور الوقت تنشأ علاقة صداقة قوية بينه وبين “مايكل”، خاصة بعدما تمكن “روري” من فهم كلماته دون الحاجة لكتابة وتوضيح بنطق سليم، واتفقا الاثنان على ترك الدار واستئجار سكن يجمعهما مع شخص يساعدهما في الحركة ويسد حاجاتهما، ولكنهما اصطدما بالقوانين فيحاربان معًا من أجل استقلالهما القانوني والشخصي.
الفيلم من بطولة “جيمس مكافوي”، و”ستيفن روبرتسون”، و”رومولا جاري”، وإخراج “داميان أودونيل”، وأنتج عام 2004.
4- أنا سام I Am Sam
حصل الفيلم على جائزة الأوسكار لأفضل ممثل، وكانت من نصيب “شون بن” الذي أدى شخصية “سام” الرجل البالغ بعقل طفل. ويدور الفيلم حول “سام” وتوليه مهمة تربية ابنته “لوسي” بعدما هجرتهما زوجته، ويصابر “سام” ويقدم ما في وسعه لإسعاد ابنته بمساعدة أصدقائه من ذوي الاحتياجات الخاصة.
وتبدأ القصة في الاصطدام بأعراف المجتمع والقوانين بعدما تكتشف المدرسة أن “لوسي” ليس لها ولي أمر سوى “سام” صاحب الإعاقة العقلية، وتخبر السلطات التي فرقت بينهما بإرسال “لوسي” لعائلة لتبنيها، ويحاول “سام” مستميتًا في الدفاع عن حقه في تربيتها بمساعدة محاميته، واستطاع في النهاية إثبات قدرته على توفير الأمان والحب والاهتمام لابنته وتربيتها بشكل صحي، وهو أفضل كثيرًا من توفير المال والطعام والتعليم في بيئة تفتقد الحب والاهتمام.
استرد “سام” لوسي وعادت لحضانته بشكل قانوني بعد جولات مجتمعية وقضائية سردت كافة مناحي الحياة النفسية والعملية لذوي الحاجات الخاصة وتعاملهم في المجتمع ومدى استجابة المواطنين لرغباتهم وتطلعاتهم.
الفيلم من بطولة “شون بن”، و”ميشيل فايفر”، و”داكوتا فانينج”، وإخراج “جيسي نيلسون”، وأنتج عام 2001، ويعدُّ الأفضل فيما تمَّ تقديمه حول المناحي العاطفية والسلوكية لذوي الاحتياجات الخاصة.