الأفكار تؤثر على المشاعر و السلوك بشكلٍ متبادل مثلث المعرفة أو الإدراك
في كثير من الأحيان ، عندما تمضي بنا الأيام في الحياة ، فإننا نعمل في وضع الطيار الآلي - نشعر بالعواطف ، و نفكر في الأفكار التلقائية ، و نتفاعل مع السلوكيات القائمة عليها دون أن نكون على دراية كاملة بالعملية الكاملة لما يجري.
قد يكون هذا مشكلة كبيرة بالنسبة لنا، إذا كانت أفكارنا و مشاعرنا و سلوكياتنا سلبية أو مدمرة بشكلٍ خاص.
مثلث المعرفة
يعد المثلث المعرفي أحد الأدوات الرئيسية في العلاج المعرفي السلوكي و التي تساعد في فهم هذه العملية و تغييرها.
إن المثلث المعرفي (مثلث المعرفة و الإدراك) The Cognitive triangle هو ببساطة رسم تخطيطي يصور كيف أن أفكارنا و عواطفنا و سلوكياتنا كلها مترابطة مع بعضها البعض ، و تؤثر على بعضها البعض.
لذلك ، يمكنك تغيير أحدها -أو على الأقل التأثير عليه- من خلال تغيير الآخر. و لا يهم أي واحد ستبدأ به (و من ثم فهو مثلث بطبيعته ، و ليس سلسلة أو حتى دائرة). على سبيل المثال ، يمكنك التأثير في الطريقة التي تشعر بها تجاه شيء ما ، عن طريق تغيير السلوكيات أو عن طريق تغيير الأفكار، أيهما أسهل أو أكثر منطقية بالنسبة لك، لتبدأ به.
هناك مفهومان أساسيان آخران في العلاج المعرفي السلوكي (Cognitive-Behavioral Therapy (CBT مفيدان للغاية في تعزيز التغيير الإيجابي في حياة الناس:
- مفاهيم الأفكار السلبية التلقائية (مصطلح يستخدم بالتبادل مع مصطلح التشوهات المعرفية)
- و المعتقدات الأساسية غير المنتجة.
و للعلم فالأفكار السلبية التلقائية متجذرة في المعتقدات الأساسية غير المنتجة ، و يمكن أن تكون قوى قوية جداً في التأثير على الطريقة التي نرى بها أنفسنا و الآخرين و العالم و توقعاتنا و عواطفنا ، و بالطبع سلوكياتنا.
العلاج المعرفي السلوكي مفيد جداً في مساعدة الأفراد على تعلم التعرف على طرق التفكير المشوهة هذه و تغييرها.
كما أن العلاج السلوكي المعرفي مفيد جداً في تعليم الأفراد استراتيجيات و مهارات ملموسة و فعالة لإدارة المشاعر القوية ، و ممارسة و تنفيذ أنماط سلوك جديدة.
تجربتي الشخصية
إن الإدراك Cognition ، و الطريقة المعرفية Cognitive m*ethod ، و المواضيع التي تتصل بها -هي الطريقة الحديثة- و هي الانتقال إلى التقنيات و العلاجعندما نتحدث عن مجال الصحة العقلية Mental Health field.
لقد مررت شخصياً بدورة العلاج المعرفي السلوكي ، و الآن و كمريض و من خلال تجارب حياتي الحقيقية ، أعترف في الغالب ، أنني سأخوض غمار التجربة، ككاتب عن ذلك أيضاً.
يعتبر المثلث المعرفي (مثلث الإدراك) أحد الأدوات الأكثر بساطة ، و التي أؤمن بها.
و هناك العديد من الأدوات و المخططات و الرسوم البيانية المتشابهة ، و الأشكال المختلفة في بعض الأحيان ، و يعتبر الشكل التالي هو الشكل الذي غالباً ما أعود إليه .
سأبدأ ، في ما يبدو من النقطة الأكثر شيوعاً ، أي من القمة.
لدينا في أعلى الهرم ، فئة الأفكار Thoughts، و هي بدورها تمثل البداية.
إذ أنه لدى قراءتنا للشرح الموجود في الصورة ، فسنعرف أنه يوضح أن ما نفكر به يؤثر على ما نشعر به و نفعله.
و لذلك ، يبدو أننا قد بدأنا بالجزء العلوي الأيمن .
بالنسبة لي فأنا أعتقد أن العديد من المحترفين بهذا المجال سيوافقونني بشأن ذلك .
عندما أنظر للماضي و أستذكر كيف كانت صحتي العقلية في السابق ، فإنني أوافق على أن الجزء الأعظم من أجزاء عقليتي ، كانت تبتدئ بالأفكار .
و على ما أعتقد -بشكل تقريبي- أن كل شيء فينا –حرفياً - نحن الناس ، يبدأ دائماً كفكرة موجودة في أدمغتنا.
كما أنني أعتقد أيضاً أن ذلك ربما لا يتم دائماً بوعي و إدراك .
و من ناحية أخرى فهناك العديد من الأدلة التي تظهر وجود الكثير مما يجري -و مما نقوم به بشكل لا شعوري- و دون وعي منا أكثر مما ندرك.
بطبيعة الحال ، إذا كانت المسألة كذلك ، فسيكون الوضع منطقياً أكثر ، و هذا ما يسمونه اللاوعي subconscious . و ذلك لأننا لسنا على علم أو دراية به.
أعتقد أن اللاوعي له الكثير من الآثار المادية و الجسدية أيضاً ، خاصة عندما يتعلق الأمر بحاستي البصر و الشم.
فما نشاهده و نشتمه ، نكون -نحن- دائماً جزءاً منه ، كما أنه يجعلنا ننشغل و ننخرط في المشاعر التي من الممكن فقط أن تحدث ، و ذلك بسبب تلك المشاهد أو الروائح المعينة. و بالطبع ، و بدرجة أقل ، ربما الأصوات أيضاً و أشياء أخرى.
كما أنه -و لذات السبب- عندما نصل إلى الجزء الثاني من مثلث المعرفة ، و هو جزء العواطف emotions، فإن ذلك يقترح و بدقة أن شعورنا يؤثر على ما نفكر فيه و نفعله.
و عندما نأتي إلى تعريفه فإن له طيف واسع للعمل معه. حيث تكون معظم تصرفات الناس مبنية على سبب وجود الكثير من العواطف.
فقد يرتكب بعض الأشخاص جريمة قتل إذا دخلوا على زوجاتهم و هنَّ في وضع مريب أو مشبوه .
و قد يذرفون الكثير من الدموع عندما يرون أحد أفراد عوائلهم على فراش الموت ، أو في المشاهد المتعلقة بالجنائز. و ربما يبكون في فيلم حزين أو رومانسي.
و بالطبع سوف يضحكون عندما يرون شيئاً مضحكاً، حتى في فيلم صامت مع ممثل كوميدي مثل تشارلي شابلن Charlie Chaplin .
التفاعل بين الأفكار و المشاعر
إن ذلك الطيف لتلك الفئة المحددة و الاستثنائية من المشاعر ، واسعٌ جداً. حيث أنه يمكن أن تؤثر الكثير من العواطف على العديد من الأنواع المختلفة من الأفكار و الأفعال ، بحيث يصل عددها لأن يكون لا نهائياً تقريباً.
و هذا هو السبب الكامن وراء توجهنا نحو السلوك Behavior ، و هي ركيزتنا الثالثة من المثلث المعرفي .
أن ما نقوم به يؤثر على الطريقة التي نفكر بها و نشعر بها.
و أن تلك المشاعر ، ما هي إلا النتيجة النهائية لما فعلناه حقيقة و ما كنا قد فكرنا به .
إذاً :
إنها العواطف ، و المشاعر ، و السلوكيات ، و الأفكار.
إن هذه الدورة على المثلث المعرفي لدينا ، هي تفسير جيد. و من السهل النظر إليه ، كما أن قراءته سهلة أيضاً. و أنا شخصياً أشعر بسهولة كبيرة في فهمه بشكل كافٍ.
فعندما أعيد التفكير بلحظات كثيرة مرت علي في حياتي ، فإنني أدرك أن معظم الأشياء التي حدثت معي قد اتبعت دورة مماثلة.
على سبيل المثال ، ربما كنت على معرفة بشخص كنت أظنه غبياً ، و ذلك جعلني أشعر أنني أريد أن أكون رجلاً حكيماً ، لذا فإنني تصرفت بطريقة معينة ، مثل إحراجه ببعض التعليقات الساخرة على الفيسبوك.
و عندها، ف من الممكن أن يجعلني أفكر بما قمت بفعله بطريقة معينة ، و قد أشعر بالذنب ، لأنني كنت أعتقد أنها كانت أشياء غبية و غير ناضجة. أو قد أشعر بالرضا. و في كلتا الحالتين ، فإن الدورة متشابهة.
إن هذا منطقي... و يستمر ، و يبقى متواصلاً ، و من ثم تندمج الدورة و تنتشر لتتحول إلى أحداث جديدة.
و أخيراً
لقد كان العلاج الإدراكي أو العلاج بالمعرفة Cognitive Therapy ؛ دائماً موضوعاً مثيراً للاهتمام بالنسبة لي ، كما أنه من دواعي سروري دائماً أن أكتب عن ذلك أيضاً.
و عندما يتعلق الأمر بمحتواه ، فإن هذا الموضوع يمتلك عمقاً كبيراً ، و ربما أستطيع أن أكتب عنه في المستقبل لفترة طويلة ، و إنني لن أعيد كتابة الأشياء و الأفكار التي تدور حوله مرتين أبداً.
أتمنى لك عزيزي القارئ تفكيراً سعيداً.