من الصعب للغاية تصنيف الفنان المصري الراحل أنور وجدي ضمن فئة معينة؛ فكان موهوبًا بشدة وبرع في التمثيل ولقب بفتى الشاشة حتى رحيله، وتألق كذلك في الإخراج وشارك في كتابة السيناريو والحوار للكثير من أفلامه الشهيرة، كما كان فريدًا في الإنتاج والدعاية لأفلامه الجديدة وبأساليب سبقت عصره بسنوات عدّة.
وأنور محمد يحيى وجدي من مواليد حي الوايلي في 11 تشرين الأول/أكتوبر العام 1904 وكانت والدته مصرية ال**ية أما والده فكان تاجرًا سوريًا يعمل في تجارة الأقمشة في حلب، وانتقل إلى مصر بعد أن كسدت أعماله هناك، مما جعل عائلته تعاني الإفلاس والفقر الشديد.
طفولة أنور وجدي لم تكن سهلة على الإطلاق ولكن الفتى استطاع أن يشقّ لنفسه طريقًا من ذهب وسط الأشواك التي واجهها، وقد اكتشف في نفسه مبكرًا ميولًا فنية كبيرة، فترك دراسته وتفرغ لاقتحام هذا المجال، بالإضافة إلى عمله في بعض المهن لاكتساب لقمة العيش فقط.
انضم لفرقة الراقصة اللبنانية الشهيرة بديعة مصابني وهو في الخامسة عشر من عمره، وفي العام 1927 التحق بفرقة رمسيس لصاحبها عميد المسرح العربي يوسف وهبي، ما شكّل نقطة تحول هامة في نجاحه؛ فقد بدأ عامل إكسسوار ثم رشحه وهبي لدور صغير في إحدى المسرحيات بعدما لفت نظره بوسامته وذكائه الشديد.
وقف على مسرح رمسيس للمرة الأولى في مسرحية “يوليوس قيصر” أثناء إحدى جولات الفرقة في أميركا اللاتينية، وحينما عادت الفرقة إلى مصر ودع أنور وجدي وظيفة عامل الإكسسوار ليصبح أحد فنانيها واستمر في طريقه دون تردد حتى حصل على الكثير من الأدوار الرئيسية.
نجاحه المسرحي أهّله لخوض تجربة السينما ومع يوسف وهبي أيضًا في فيلم “أولاد الذوات” العام 1932 ثم فيلم “الدفاع” العام 1935، لتتوالى أدواره المميزة حتى أصبح رصيده نحو 55 فيلماً مصرياً، أخرج منها 13 عملًا، وأنتج نحو 20 فيلمًا.
ومن أشهر أعماله على شاشة السينما “غرام وانتقام” مع أسمهان و”أربع بنات وضابط” مع نعيمة عاكف و”جنون الحب” مع عماد حمدي و”دهب” و”ياسمين” مع الطفلة فيروز التي اكتشفها وكان سببًا في شهرتها، و”فاطمة” مع أم كلثوم و”خطف مراتي”مع صباح و”ريا وسكينة” مع نجمة إبراهيم و”أمير الانتقام” مع مديحة يسري و”غزل البنات” مع نجيب الريحاني، كما كوَّن ثنائيًّا فريدًا مع زوجته ليلى مراد وقدما “عنبر” و”قلبي دليلي” و”ليلى بنت الأغنياء” و”ليلى بنت الفقراء”.
تزوج أنور وجدي من الفنانة إلهام حسين وطلّقها بعد فترة قصيرة ثم ارتبط بالقيثارة ليلى مراد العام 1945 وانفصلا بعد سبع سنوات, ليتزوج بعد ذلك من الفنانة ليلى فوزي قبل وفاته بأشهر قليلة وبقيّت في عصمته حتى رحيله.
أسَّس رائد السينما المصرية شركة إنتاج سينمائي بالاشتراك مع آخرين، وكوَّن ثروة طائلة من أعماله، حتى أصيب بمرض الكُلى وذهب إلى السويد لإجراء جراحة خطيرة، ولكنه توفيّ في 14 أيار/مايو العام 1955 وهو في عُمر الواحد والخمسين عامًا.