امتلك الفنان المصري الأسمر محمد منير منذ بدايته مشروعًا موسيقيًّا قوميًّا كان يطمح لأن يصل به إلى العالمية، وبالفعل تحقق له ما أراد فوصل بموهبته الغنائية المميزة إلى قلوب الجماهير العربية والأجنبية، فكان أول فنان عربي يطوع موسيقى الجاز لخدمة مشروعه الفني.
اسمه كاملًا محمد منير أبو زيد جبريل متولي، وهو من مواليد منشية النوبة في محافظة أسوان يوم 10 تشرين الأول/ أكتوبر العام 1954، وقضى في تلك المدينة فترة صباه الجميلة قبل أن يهاجر مع عائلته إلى القاهرة بعد الشروع في بناء السد العالي وغرق القرى النوبية القديمة.
درس محمد منير في كلية الفنون التطبيقية في جامعة حلوان قسم الفوتوغرافيا والسينما والتلفزيون، ولكنه قرر احتراف الغناء وشجّعه على ذلك شقيقه الأكبر “فاروق” والذي كان يمتلك حسًا رائعًا، فعرّفه على الشاعر عبد الرحيم منصور والمطرب والملحن النوبي الشهير أحمد منيب، الذي تولى مسؤولية تدريبه على الألحان النوبية ويرجع له الفضل في تكوينه الفني، لذلك اشتهر بعد ذلك بغناء ألحان الجاز الممزوجة بالدرجات الموسيقية النوبية.
حقق الفنان النوبي نجاحًا لافتًا عقب انضمام الفنان الكبير هاني شنودة وأعضاء فرقته “فرقة المصريين” إليه في ألبومه الأول “علموني عنيكي” العام 1977، ورغم ذلك لم ينجح المشروع الموسيقي الأول لمحمد منير، ثم تبعه بألبوم ثانٍ بعنوان “بنتولد” فحقق به نجاحًا كبيرًا.
ومن الألبومات الغنائية التي وصل بها محمد منير إلى العالمية من بوابة المحلية “شبابيك” و”أتكلمي” و”مشوار” و”أسامينا” و”افتح قلبك” و”من أول لمسة” و”في عشق البنات” و”قلبي مساكن شعبية” و”حواديت” و”بريء” و”وسط الدايرة” و”الملك” و”الفرحة” و”المصير”.
حرص كذلك على التقيب عن الكنوز الموسيقية العربية وأعاد تقديم الكثير منها، مثل “حكمت الأقدار” و”إمبارح كان عمري عشرين” من الجزائر، و”وسط الدايرة” من السودان، و”يالالي” من سورية، و”يا طير يا طاير” من الأردن، و”أنا قلبي مساكن شعبية” من السودان، و”تحت الياسمينة” من تونس.
موهبة الغناء لم تكن الوحيدة التي يمتلكها الفتى الأسمر، إذ أثبت أنه ممثلًا بارعًا وقادرًا على تقمص مختلف الشخصيات، فوقف أمام سيدة الشاشة العربية فاتن حمامة في “يوم مر ويوم حلو”، وأقنع بموهبته تلك المخرج العالمي يوسف شاهين فأسند إليه الكثير من الأدوار مثل “حدوتة مصرية” و”المصير” و”اليوم السادس”، كما شارك شيريهان في فيلم “الطوق والأسورة”.
ومن أشهر أعماله الأخرى “البحث عن توت عنخ آمون” مع حسين فهمي و”حكايات الغريب” مع محمود الجندي و”اشتباه” مع نجلاء فتحي و”شباب على كف عفريت” مع محسن محيي الدين و”ليه يا هرم” مع ميرفت أمين و”دنيا” مع حنان ترك.
وقدم محمد منير على خشبة المسرحية “الملك هو الملك” و”الشحاتين” و”مساء الخير يا مصر”، بالإضافة إلى مسلسليّ “جمهورية زفتى” و”علي عليوة”، وأخيرًا جسَّد سيرته الذاتية العام 2016 في عمل درامي باسم “المغني”.
حصد الفنان المصري مجموعة من الجوائز، مثل جائزة عن دوره في فيلم “دنيا” العام 2005، وجائزة أفضل مطرب في مسابقة “ميوزك آوورد الشرق الأوسط” العام 2008، والجائزة البلاتينية لأحسن مطرب مصري وعربي من يونيفيرسال في ألمانيا العام 2010، وفاز كذلك بجائزة مطرب السلام من شبكة CNN، بعد تقديمه ألبومه الديني “الأرض .. السلام”.
انضم ألبومه “شبابيك” إلى قائمة أفضل الألبومات الموسيقية العربية والأفريقية في القرن العشرين، وفازت أغنيته “الليلة يا سمرة” في استفتاء BBC لأفضل 50 أغنية أفريقية في القرن ذاته، وحصدت أغنيته “ربك لما يريد” لقب أغنية الألفية الثانية.
فاز محمد منير بالكثير من الألقاب مثل “الملك” و”ابن النيل” و”جوهرة مصر السمراء” و”صوت مصر” و”عاشق الحرية” و”بوب مارلي الشرق”.