بينما كان الأمير يتجول في المدينة، سمع حواراً بين التاجر وأبنه. التاجر سأل أبنه: "كم صديقاً لديك"؟ فأجابه: "أربعون صديقاً، علّق الأب: "أنا بهذا العمر لا أملك إلا صديقاً ونصف".
سمع الأمير قول التاجر، فسأل حاشيته: هل منكم أحد يُفسِّر لي ما معنى الصديق ونصف؟ أمّا الصديق فنعرفه، وأمّا النصف فلا ندري ماهو. قال الوزير: "لعلّ التاجر كان يمزح مع ابنه"! وهنا، طلب الأمير إحضار التاجر وسأله: هل لكَ أن تخبرني ما معنى "صديق ونصف"؟
فأجاب التاجر: أنا بخدمتك يامولاي، ولكن هذا لا أستطيع شرحه، سأُريك إياه، أطلب من المنادي أن يدور في الأسواق مُعلناً إعدامي يوم الجمعة. فخرج المنادي يوم الجمعة وأعلن إعدام التاجر لارتكابه جرماً عظيماً، فاجتمع الناس والأمير واقف، والتاجر ينتظر تنفيذ الحكم، فتقدّم أحد الأشخاص ووقف بين يدي الأمير وقال له: "مولاي أنا على استعداد لدفع أي مبلغ تطلبه مقابل إعتاق التاجر".
رد الأمير: لا. لايمكن، إن جرمه عظيم.
فقال الرجل: أتنازل عن نصف أملاكي.
قال الأمير: ولا كل مالك يكفي.
وهنا نظر الرجل إلى التاجر وقال له: أسمعت يا أخي تبرعت بنصف مالي لأفديك، ولكن الأمير رفض، هل وفّيت معك ياصاحبي؟
فردَ التاجر: نِعمَ الوفاء.. انصرف بأمان.
ثم أتى رجلٌ مسرعاً ووقف بين يدي الأمير، وقال له: إن التاجر برئ، أنا المذنب الحقيقي، أنا من يجب أن يعدم.
فرد الامير: حسناً سنعدمك بدلاً من التاجر.
قال الرجل: اذهب ياصديقي التاجر إلى أهلك وعيالك.
حينها التفت التاجر إلى الأمير مبتسماً وهو يقول: "أرأيت يامولاي الفرق بين الصديق ونصف الصديق، فمن يفديك بماله فهو نصف صديق، ومن يفديك بنفسه فهو الصديق".