يسهم المعلمون في نجاح تلاميذهم واستمرارهم في الدراسة، إلا أنه أحيانا - وربما كثيراً - ما يحدث العكس ويتسببون في فشلهم لأسباب شعورية أو لا شعورية، وبطريقة واضحة أو خفية مما يستحق التحليل والتفسير، ويستلزم العلاج والحل.
في حياتنا اليومية نتوقع كآباء ومعلمين أن يقوم المعلم بدور المشجع والمحفز لنجاح التلميذ وتفوقه، ويصعب علينا تصور أن يقوم بعكس هذا الدور إلا أن الدراسات العلمية والملاحظات الشخصية تشير إلى وجود فجوة تزداد في بعض المجتمعات وتضيق في بعضها الآخر، إلا أن الظاهرة موجودة وماثلة.. ومما يؤيد هذه الفجوة أن الباحثة الأميركية "ايستليا فوسش" Estelle Fuchsلاحظت في دراسة لها أن المعلمات عندما يعشن في الأحياء الفقيرة بنيويورك يبدأن التعامل مع تلاميذهن بطريقة تغلب عليها المثالية: يحترمن مشاعر التلاميذ ويحاولن إشباع ميولهم ورغباتهم، ويفسحن المجال لنشاطهم وتفاعلهم.
وتدريجيا تبدأ المعلمات في اكتساب اتجاهات مغايرة - وربما مضادة - من خلال التفاعل مع زملائهن ورؤسائهن، وهذه الاتجاهات المضادة مبنية على أساس أن تلاميذ الأحياء الفقيرة بنيويورك منحدرون من أصول متدهورة، وأسر مفككة ومن أقليات تعاني المشكلات الاقتصادية، والثقافية، واللغوية، ومن ثم فإن فرص فشلهم الدراسي أكثر من فرص نجاحهم، واحتمالات تسربهم أكثر من احتمالات استمرارهم.
الاتجاهات المضادة لدى المعلمين
وهكذا تبدأ المعلمة - شعوريا ولا شعوريا - في اكتساب اتجاهات مضادة لتلاميذها، وتفقد تدريجيا الرغبة في معرفة أسباب تقدمهم أو تأخرهم الدراسي.
ولا يقتصر الأمر على هذا الموقف السلبي الاستسلامي بل يمتد تدريجيا إلى إهمال التلاميذ، وعدم متابعتهم باعتبار أن الجهد والمتابعة لن تؤتي ثمارها، لأن هؤلاء التلاميذ متخلفون بالفطرة، ومتأخرون، بل ومنسحبون من المدرسة حتى قبل الالتحاق بها!!.
ومعنى هذا أن المعلم بدلا من إسهامه في توفير ظروف نجاح تلميذه، قد يسهم في توفير ظروف فشله وتسربه، وهذه القضية بطبيعتها معقدة متداخلة، بل شائكة متفجرة لأنها تتصل بتمنيات ومثاليات تصطدم بالواقع المر بكل ما فيه من سلب ونقص.
ونحن نتوقع من المعلمين توقعات عالية، ونرسم لهم صورة مثلى يسهم في رسمها الموروث الثقافي من جهة وطموحات الوالدين وتمنياتهم من جهة أخرى، ونتناسى وسط كل هذه التوقعات والأمنيات حقائق مرة وتحديات ملحة.
فقد يكون المعلم نفسه غير راغب في التدريس بل مرغما عليه. وقد تكون ظروف عمله قاسية صعبة كثيرة المسؤوليات محدودة الراتب. وقد يكون التلميذ نفسه غير مؤهل للدرس أو مستعد له. وكثيرا ما نتناسى هذه الحدود والقيود ونرسم توقعات عالية لدور المعلم بل ونتوقع منه أكثر من طاقته، وأكبر من جهده.
وواقع الأمر أن المعلم يسلك كسائر البشر بكل ما فيهم من عقد ورواسب، وبكل ما يحيط بهم من صعوبات وتحديات، وبكل ما يطرأ عليهم من نقص وعيب.
من هنا لا بد أن يدخل ضمن حساباتنا الحقيقية أن ثمة فارقا قد يكون شاسعا بين التوقعات التي نرسمها لما ينبغي أن يكون عليه دور المدرس، وبين الواقع الفعلي. ومهما حاولنا أن نشحن وجداننا، ووجدان المعلم بهذه التوقعات والمطالب إلا أنه في سلوكه الفعلي يسلك وفقا لقناعاته ومبادئه، وطبقا لإمكاناته وحدوده.
من هنا فليس غريبا أن يسهم بعض المعلمين في رسوب بل في تسرب تلاميذهم، ولعل السؤال الذي يفرض نفسه هنا: ما الأسباب التي تشجع المعلمين على رسوب تلاميذهم؟
المعلم والرغبة في السيطرة
- لعل أهم هذه الأسباب يمكن بلورتها في النقاط الأربع التالية:
1) التربية والأهداف الضمنية
يستهدي المعلم بالأهداف التعليمية الرسمية ويحاول ترجمتها داخل الفصل وخارجه، وأثناء إعداد الدرس وتقديمه، وخلال متابعته للتلميذ وتقويمه.
إلا أن ذلك لا يلغي وجود تربية وأهداف ضمنية تسعى وتوجه، تغير وتبدل ليس فقط عمل المعلم، بل أيضا المخطط والموجه، ولي الأمر والتلميذ.
وهذه التربية الضمنية، وما يسمى أحيانا بالأهداف الضمنية قد تكون مخالفة تماما للمعلنة، أو قد تنحرف عنها بدرجة أو بأخرى.
ومثل هذه التربية الضمنية - كما يقول وودز Woods - تظهر في الرغبة في السيطرة التي تحكم سلوك المدرسين، وتمتد إلى تدمير شخصية التلاميذ.
صحيح أن ثمة حاجة إلى الضبط والنظام، ولا بد من وجودها واستمرارها لضمان استمرار الضبط المجتمعي، إلا أن بعض المعلمين يتجاوز هذه الضوابط والتعليمات وينفس عما في شخصيته من رغبة في التسلط، وحب للسيطرة.
وقد يتجاوز الأمر ذلك إلى ردود فعل مرضية غير سوية.
فالمدرس المحبط المقهور يبحث عن ضحية يسقط عليها رغباته المكبوتة وتطلعاته المحبطة.. ولا يجد المدرس أفضل من تلميذه الصغير لممارسة هذا التنفيس والإسقاط وفق ما هو معروف "بالميكانيزمات الدفاعية" في علم النفس والتحليل النفسي. ونحن نعلم نفسيا أن المقهور لا بد أن يبحث له عن ضحية يمارس فيها قهره المكبوت، وتطلعاته المحبطة.
من هنا عندما نتحدث عن ضرورة انتقاء العناصر شخصيا ونفسيا ومهنيا لمهنة التدريس فإننا نتحدث عن مطلب - عادل وضروري، وملح ومهم.
وعندما نتحدث عن ضرورة توافر أفضل الظروف المادية والمالية والاجتماعية لعمل المعلم فإننا نتحدث عن ضرورة لازمة لنجاح عمله، وتقليل نسب الصراعات والإحباطات المحيطة به. لأن وجودها يمثل عبئا نفسيا ثقيلا ينعكس على طريقة تعامله وتفاعله مع طلابه وزملائه.
وفي هذه النقطة يمكن الإشارة إلى أن بعض المعلمين قد يتسمون بسمات عصابية مرضية، وفي هذه الحالة لا نتوقع من المعلم فهما لظروف تلاميذه أو تقديرا لها، بل على العكس فإن هذا المعلم العصابي يتصرف بأساليب مرضية لا تساعد تلاميذه على النجاح أو التقدم وهذا ما سيتضح بعد قليل في السبب الرابع.
2) التحيزات الثقافية
في حالات كثيرة قد يمثل التلميذ والمعلم ثقافة فرعية لها خصوصياتها وملامحها المميزة. وهذه الثقافة الفرعية قد تكون شريحة اجتماعية معينة، أو جيبا ثقافيا من الجيوب المغلقة. كما قد تكون جماعة عرقية لها خصائصها البشرية المميزة بناء على ال** والعرق وما يرتبط به غالبا من لغة مميزة، وتاريخ محدد، وربما دين معين، أو على الأقل مذهب له خصوصيته.
وكل هذه التقسيمات والتفريعات ترتبط بمشاعر واتجاهات بعضها موجب وبعضها سالب.
من هنا يتوقع - لا سيما في المجتمعات متعددة الأجناس والديانات - وجود فجوات ثقافية ليس من السهل على المعلم والتلميذ اجتيازها.
وبطبيعة الحال هناك عشرات الأمثلة على هذه التحيزات الثقافية يكفي فيها الوقوف عند المعلمين في جنوب إفريقيا، والولايات المتحدة.
إن الكثير أو القليل من هؤلاء المعلمين محمل باتجاهات سالبة ضد تلاميذهم يستوي في هذا المعلم الأبيض أو المعلم الأسود، المعلمون البيض بعضهم محمل باتجاهات سالبة ضد التلاميذ السود بحيث يصبح من الصعب عليه خلع عشرات أو مئات السنوات من الكراهية والاضطهاد، الشك والريبة. ومثل هذه الشكوك ارتبطت باللاشعور وكونت عند المعلم اتجاهات راسخة تؤكد أن التلميذ الزنجي متخلف بطبيعته، وأن نموه العقلي والتحصيلي محدود إلى أقصى الدرجات ولا أمل على الإطلاق في تفوقه ناهيك عن مجرد نجاحه. ولهذا يصطنع المعلم الأبيض في هذه الحالة أي ظروف اصطناعية يتوكأ عليها من أجل ترسيب تلميذه الأسود، وإتاحة فرص تسربه وانقطاعه.
ونحن لا ننكر أن الموقف قد يكون موجودا عند المعلم الزنجي تجاه تلاميذه البيض:
فأحيانا يمتثل هذا المعلم لعشرات السنين من القهر والاضطهاد، والتعصب والتحيز بحيث تتكون لديه مشاعر مضادة واتجاهات سالبة من طول قهر أجداده وآبائه ويحمل التلميذ الأبيض الماثل أمامه كل هذه المسؤوليات والأعباء، وربما يتعمد اضطهاده نفسيا وإيذاءه بدنيا.
وكما سبق أن اضطهد هذا الزنجي لمدة قرن، فلماذا لا يضطهد هذا الصبي الأبيض ويتحمل وزر آبائه وأجداده؟
وإذا كان المجتمع الزنجي محملا في تاريخه وحاضره بكثير من الآلام والمشكلات فلماذا لا يتحمل هذا الصبي الأبيض جزءا من هذه الآلام فيفشل في التعليم ويتسرب إلى خارج المدرسة؟
وهناك نماذج وحالات أخرى تظهر في المجتمعات متعددة الثقافات والأجناس والديانات مثل الهند:
فليس من السهل توقع أن المعلم الهندوسي سوف يتعامل بنفس الطريقة والأسلوب مع تلميذه الهندوسي، وتلميذه المسلم. والمتوقع أن توجد رواسب واتجاهات مضادة تكونت خلال قرون وعقود، ومهما حاول المعلم أن يتخلص أو يبرأ منها فسوف تظل مؤثرة بدرجة أو بأخرى على سلوكه واتجاهه.
ونتصور مثالا آخر هو: موقف المعلم الصهيوني من التلميذ العربي، كيف يتعامل معه؟ وكيف يقيم درجاته؟ وإلى أي مدى يرضى عنه ويتقبل سلوكه؟ ألا يبحث له أحيانا - أو دائما - عن وسائل رسمية وغير رسمية لإبعاده عن المدرسة أو فشله فيها؟.
وفي المجتمعات المعاصرة محاولات متعددة لعمل جسور ثقافية ومعابر مجتمعية بين الجماعات العرقية، والجيوب الثقافية، وفي حالات كثيرة تفشل هذه البرامج حتى قبل أن تبدأ، أو على الأقل لا تحقق كل الأهداف المرجوة منها. وأحد أسباب ذلك هو طبيعة الثقافة المسيطرة على المخططين لهذه البرامج.
من هنا لاحظ كلايد كلكهون، ووليم كلي - وهما من أبرز علماء الانثروبولوجيا الأميركيين - ان البرامج الأميركية التي صممت من أجل الهنود الحمر فشلت في تحقيق كثير من أهدافها.
وعلى الرغم من أن بعض هذه البرامج كان حريصا على أن يكون امتدادا لمختلف الظواهر الثقافية السائدة بين الهنود، بحيث تنسجم هذه البرامج مع أنماطهم الثقافية الظاهرة إلا أن مؤشرات كثيرة تدل على إخفاق هذه البرامج في تحقيق أهدافها بحكم عوامل كثيرة، من أوضحها أن الهنود الحمر تدربوا على ثقافة ضمنية في التفكير والشعور كانت خافية عن الذين تولوا تصميم وإدارة هذه البرامج.
3) الخوف من الفشل
في بعض الأحيان قد يشعر المعلم أن تلاميذه غير قادرين على المنافسة في التحصيل، أو أن ثمة صعوبات تواجههم في التعليم كأن تكون لديهم بعض العقبات أو المعوقات التي تمنعهم عن الجودة والإتقان.
وكل هذا يشعر المعلم أن تلميذه المتأخر تحصيليا وتعليميا من الأفضل له - أي للمعلم - أن يتسرب إلى خارج النظام.
ومثل هذا التسرب يريح أطرافا متعددة من أولها المعلم نفسه الذي أزاح عن صدره هما ثقيلا كان بحاجة إلى مراجعة وتدقيق وملاحظة ومتابعة.
وأرجح القول إن أفضل تلميذ للعلم هو التلميذ المتفوق لأسباب كثيرة، أهمها أن المتفوق لا يحتاج من المعلم إلى جهد خارق، أو عمل متواصل، ويظل أمام المعلم نمطان آخران متناقضان.
نمط التلميذ المبدع المبتكر، ونمط التلميذ المتأخر دراسيا وتحصيليا..
وفي حالات قليلة - أو كثيرة - يتمنى المعلم أن يغرب عن وجهه هذان النمطان لأن كليهما يحتاج إلى جهد جهيد، وعناء متواصل.
فخوف المعلم من الفشل مع تلميذه المتأخر دراسيا قد يدفعه بطريقة لاشعورية إلى إهمال هذا التلميذ وعدم الاهتمام به، مما يزيد من سبب تأخره وتعثره الدراسي.
والتلميذ المتأخر تحصيليا يحتاج إلى "قوة إبقاء" هائلة في المدرسة تشد انتباهه، وتثير حماسه، وتتحمل عباء إضافية معه. وما كل معلم لديه هذه الإمكانات، وما كل مدير لديه هذه الاستعدادات.
ومن هنا يدفع الخوف من الفشل إلى مزيد من - الفشل.
وفي بعض الحالات يعجز المعلم عن التمييز بين أنواع الإعاقة التحصيلية الموجودة لدى تلاميذه. فهل ترجع إلى عوامل جسمية؟ أم مرضية؟ أم عقلية؟ أم اجتماعية؟ أم لهذه الأسباب جميعا بدرجات مختلفة ونسب متفاوتة؟
ونظرا لأن المعلم ليس طبيبا بشريا أو نفسيا، كما أنه ليس مرشدا وموجها نفسيا، فلهذا تختلط عليه الأوراق، وتتداخل المظاهر.
والنتيجة النهائية أنه لا يريد تحمل مزيد من المسؤوليات والأعباء، ولهذا يضحي بهذا التلميذ أو ذاك المتأخر تحصيليا، بينما قد ترجع عوامل التأخر إلى أسباب بسيطة ومحدودة: فقد يكون ثمة عيب في إبصار التلميذ نتيجة طول النظر أو قصره، وقد يكون بحاجة إلى منظار، أو إلى منظار جديد من نوع خاص، وقد يكون موقعه في الفصل لا يتناسب مع إبصاره وقدرته على التمييز الواضح وفي الوقت المناسب. مثل هذه الأسباب البسيطة المحدودة قد تؤثر سلبا على مستوى أداء التلميذ، ومع ذلك يتصور المعلم أن تأخر تلميذه الدراسي لا علاج له، ولا خلاص منه.
ومثل هذه المواقف تتكرر كل يوم في كل مدرسة دون أن يلحظ أحد بجدية كاملة أين مكمن العيب؟ وأين نقطة الضعف؟ والمؤسف أن مثل هذا الموقف البسيط قد تترتب عليه نتائج غاية في الخطورة لا يشعر بها المعلم، بل قد يسعد بان تلميذه المتأخر دراسيا تسرب إلى غير رجعة، أو انقطع من غير عودة.
4) الاضطرابات العصابية
وقفا لإحصاءات عام 1410ه 1990م - كان عدد تلاميذ الوطن العربي في المرحلة الإبتدائية والمتوسطة يزيد قليلا على ثلاثين مليون تلميذ، وعدد تلاميذ المرحلة الثانوية يزيد قليلا على ستة عشر مليونا، أي أن إجمالي التلاميذ في الوطن العربي يزيد على ستة وأربعين مليون تلميذ.
ووفقا لإحصاءات عام 1407 ه - 1987م- كان عدد المعلمين في الوطن العربي يصل إلى ما يقرب من مليونين.
ولا نستطيع توقع أن كل هذه الأعداد - تلاميذ ومعلمين - مهيئة للعمل ومستعدة له، صالحة لتحمل تبعاته، ومن المؤكد أن هناك نسبا تعاني من اضطرابات نفسية، ناهيك عن الأمراض الجسمية والعضوية.
وهناك صور متعددة للأمراض العصابية منها: القلق، والخواف "الفوبيا"، والهستيريا، والاكتئاب، والوسواس.
ومن أكثر هذه الصور ظهورا في أوساط التلاميذ والمدرسين القلق والاكتئاب.
وإذا كانت معظم البحوث تركز على قلق واكتئاب وهستيريا التلاميذ فإن القليل من البحوث هي التي ركزت على هذه الصور في أوساط المعلمين.
ويمكن توقع أنه وسط المليوني معلم عربي لا بد من وجود صور للقلق والاكتئاب والهستيريا. وإذا كان التلاميذ يصابون بصور من الاكتئاب مع بداية الدراسة أو الامتحان،. فإننا نتوقع أن نسبا أقل من المعلمين يصابون بذات الأعراض.
والمتعمق في الأعراض العصابية يعلم أن هناك خوافا مشهورا اسمه "خواف أو فوبيا المدرسة" ويقدر البعض أن ما يقرب من 1% إلى 3% من الأطفال لديهم مثل هذه المخاوف المرضية من المدرسة، فكم يا ترى النسبة في أوساط المعلمين؟.
وإذا كانت مثل هذه النسب - أو غيرها - موجودة فكم سيكون عدد المعلمين الذين لديهم مخاوف أو قلق أو هستيريا أو اكتئاب؟ أظن أنها نسب وأعداد غير مدروسة في واقعنا العربي، ومع ذلك فهي تنهش في جسم التعليم، وتؤثر بصورة سلبية على أداء عدد من المعلمين بحيث يصبح وجودهم في الفصل عاملا مساعدا من عوامل رسوب وتسرب تلاميذهم. وإذا كانت الدراسات تؤكد أن مشكلات التعليم ورفض المدرسة، من أعراض الاكتئاب لدى التلاميذ فإنه يمكن توقع أن مثل هذه الأعراض - وغيرها - تظهر لدى نسبة من المدرسين العصابيين.
لعل الأسباب الأربعة السابقة - وغيرها - من أهم العوامل التي تسهم في توجيه اهتمام نسبة من المعلمين ليس إلى تفوق تلاميذهم، بل تشجيعهم على الرسوب، ومساعدتهم على التسرب.