- هل يمكن أن يسبب لك صوت عادي كصوت شخص وهو يمضغ رقائق من البطاطس ارتفاع في معدل ضربات قلبك ، ويقود عقلك إلى حالة من الهياج ، كما لو كنت قد علقت في حالة بين الحياة أو الموت ؟! .. هل عند سماعك لصوت خربشة الأظافر على الحائط تصرخ قائلاً : لا أتحمل هذا الصوت ؟ أو حتى تعاني من الاضطراب والقلق عند سماع للصوت العالي ؟ - إذا كان الإجابة نعم ، فيبدو أنك تعاني من الميسوفونيا
ما هو اضطراب الميسوفونيا
بالنسبة لأشخاص الذين يعانون من الـ ميسوفونيا misophonia - حساسية الصوت الإنتقائية - فإنهم يعانون من تجربة المشاعر السلبية - وغالباً ما تتلخص تلك المشاعر في الغضب والقلق ، استجابةً لبعض الأصوات اليومية التي نتتنج عن الآخرين ، مثل الطنين ، مضغ الطعام ، صوت العلك ، الكتابة ، وحتى التنفس ! .
هل الميسوفونيا مرض عقلي ؟
على الرغم أن الأمر قد يبدو للوهلة الأولى إحساساً تافهاً ، إلا أن الدراسات التي أُجريت حتى الآن على تلك الحالة ، ترسم صورة أكثر خطورة .
فقال داميان دينيس - استاذ الطب النفسي بجامعة أمستردام لموقع Live Science " بعض الناس يشككون فيما إذا كانت تلك الحالة اضطراباً حقاً ، ولكن المرضى يعانون في حقيقة الأمر ، فلقد مر علينا حالات طلاق وأشخاص يتركون وظائفهم بسب إصابتهم بتلك الحالة ، كما أن قلة الوعي بهذا الاضطراب بالنسبة للأطفال يؤدي إلى اكتسابهم سوء السلوك والتسبب في اضطراب نقص الانتباه ، وفرط الحركة ، او حتى مرض التوحد " .
الحقيقة لم يتم البحث باستفاضة عن متلازمة حساسية الصوت الإنتقائية ولم يتم التعرف عليها رسمياً كحالة نفسية او عصبية ، لكن بعض علماء النفس الذين شاهدوا الآثار الخطيرة التي تسببها لمرضاهم اقتنعوا أنه يجب أخذها على محمل الجد .
أسباب الإصابة بمتلازمة حساسية الصوت الإنتقائية ( ميسوفونيا )
إن الآلية الكامنة وراء الميسوفونيا غير معروفة تماماً ، ولكن العلماء يعتقدون أنها ناجمة عن الطريقة التي تعالج بها أدمغة بعض الأشخاص أصواتا معينة وكيفية تفاعلها معهم .
في دراسة نُشرت في 17 مايو 2019 في مجلة Scientific Reports ، راقب دينيس وزوملاءه أدمغة 21 شخصًا يعانون من الميسوفونيا و 23 مشاركًا يتمتعون بصحة جيدة وهم يشاهدون مقاطع فيديو لمجموعة من الأصوات الطبيعية أو الأصوات المفتعلة .
لاحظ دينيس وفريق البحث أن الأشخاص الذين يعانون من الميسوفونيا استجابوا لتلك الأصوات بطريق مختلفة عن الآخرين ، فعند سماعهم لأصوات التنفس العالية ، شعروا بالسوء الشديد والغضب والإشمئزاز ، وارتفعت معدلات ضربات القلب لديهم ، كما اظهرت فحوصات أدمغتهم فرط نشاط الشبكة البارزة في الدماغ - وهي مجموعة من المناطق توجه انتباهنا إلى أشياء ملحوظة في محيطنا .
تطابقت نتائج هذه الدراسة مع نتائج دراسة قام بها فريق آخر العام الماضي ، ونشرت في مجلة Current Biology ، كما اظهرت الدراسة أن الروابط بين مناطق المخ التي تنظم مشاعر الخوف والعواطف تكون أقوى هيكلياً وظيفياً في الأشخاص الذين يعانون من الميسوفونيا مقارنةً بعامة الناس .
وقد أدت هذه النتائج بالعلماء إلى الاشتباه في أن الميسوفونيا قد تكون ناتجة عن اختلاف في عمل المحاور العصبية في شبكات الدماغ ، مما تسبب في إدراك الدماغ لأصوات معينة على أنها بارزة للغاية والإستجابه لها بقلق شديد وضيق ، بمعنى آخر - يتفاعل المخ عند المصابين بالميسوفونيا مع أصوات عادية كصوت مضغ الطعام مثلاً بطريقة مماثلة لتعامل المخ مع صوت زئير الأسد عند الناس العاديين .
وجدير بالذكر أنه يوجد الكثير من التشابه بين الأشخاص الذين يعانون من الميسوفونيا ، ولكن هناك أيضاً بعض التنوع ، فبعض الحالات تعاني من القلق تجاه صوت ما ، في حين أن بعض الحالات الأخرى تشعر بالإشمئزاز عند الاستجابه لنفس الصوت ، بينما يعاني آخرون من الغضب .
هل يمكن علاج الميسوفونيا
لمساعدة المرضى الذين يعانو من هذا الاضطراب ، يستخدم المعالجون مجموعة من التقنيات ، وغالباً ما يعتمد العلاج على نوع الاعراض ، وقد يستجيب أولئك الذين يعانون من الخوف والقلق للعلاجات القائمة على مساعدتهم على تعلم كيفية التحكم في الأعراض عند سماعهم للأصوات فضلاً عن تناول بعض الأدوية الخاصة بمعالجة القلق والاكتئاب ، في المقابل ، نجد أن المرضى الذين يعانون من الغضب يتعلمون التحكم في ذلك من خلال طرق الإلهاء والاسترخاء.
وقال دينيس أن العلاج الأكثر فعالية حتى الآن للمرضى هو العلاج السلوكي المعرفي ، حيث يساعد المعالجون الناس على تغيير طريقة تفكيرهم في هذه المواقف، وتعلم تغيير انتباههم .