بينما كنت أسافر في جميع أنحاء العالم أتحدث وأدرب ، وجدت أن معظم الناس يسألونني باستمرار السؤال ذاته : "كيف أكتشف هدفي في الحياة؟" . ففي الماضي ، كانت عائلتك و ظروفك هي من ساهمت في تكوين شخصيتك و تحديد معالمها العامة . عندها لم تكن تملك الكثير من الخيارات. ولكن الآن هناك لحظة مفتوحة في التاريخ من خلالها يمكنك الولوج إلى صميم هدفك في الحياة و الاستفادة منها إلى أقصى مدى .
إن الملايين من الناس في الوقت الراهن يرغبون و يتوقون إلى إيقاظ مواهبهم الفريدة وتقديمها من أجل خدمة العالم– و ذلك في الوقت الذي يعيشون فيه حياة ملؤها البهجة و المرح والإنجاز. و بمعنى آخر، نستطيع القول إنها موجة عاصفة من الروح البشرية ، و صحوة عالمية افتراضية ، على نطاق هائل لم يسبق لأحد أن رآه من قبل. و لكن - ببساطة - يتوق الناس إلى أن يشعروا أنهم أحياء بشكل كامل وأن يحققوا غرضهم الفريد في الحياة.
و السؤال الذي يطرح نفسه هنا : إذا كانت الحياة تمتلك هدفاً ومعنى فلماذا هي إذاً بتلك الصعوبة ؟ يمكننا القول هنا أن السبب يعود إلى أن أنظمتنا الاجتماعية الحالية لم تُعد من أجل تجهيزنا لعيش حياة ذات هدف حقيقي . و ذلك لأن ثقافة اليوم لم تنشأ من أجل دعم أسمى وأرفع طموحاتنا ، ولكن لضمان بقائنا الأساسي. حيث أن نظامنا التعليمي قد صُمِّم لخلق عمال صالحين سينخرطون في وظائف ومهن معينة في وقت لاحق من الحياة - وليس لدعم و تعزيزأولئك المتحمسين والمبدعين الذين سيسيرون بقوة جنباً إلى جنب في الطريق إلى الأمام. كما أن اتفاقياتنا وعقودنا الاجتماعية قد أوجدت للحفاظ على الوضع الراهن - وليس لتشجيع طاقاتنا و إمكاناتنا لتزهر و تتفتح . و إذاً لماذا نستغرب أن كثيراً من الناس الذين حاولوا تطوير إمكانياتهم في ظل ثقافتنا الحالية قد بعدوا عن الهدف و باءت أفضل محاولاتهم بالفشل ؟ إننا ، وببساطة لم نتدرب على كيفية استحضارالمستقبل المحتمل إلى الحاضر.
و ذلك لا يعني أنهم لا يملكون الموهبة أوالاهتمام ليعيشوا حياة هادفة وذات معنى . بل إن القضية أبسط من ذلك بكثير. إذ أن الناس يكافحون لتفعيل و تنشيط "شيفرة الهدف " "purpose code" الخاصة بهم لأنهم لم يدركوا إلى الآن - أو أنهم بشكل جزئي لم يتنبهوا إلى - وضعنا و حالنا ك** بشري . بالإضافة إلى أن
معظم الناس يتشبثون بمعتقداتهم القديمة و المحدودة عن أنفسهمو عن قصة البشرية
، فمع كل التغييرات التي تطرأ على العالم من حولهم ، يعيش معظم الناس حياتهم في "قصة صغيرة"
“small story”
ومن ثم يحصرون أنفسهم في "الذات الصغيرة"
“small self”
. ولهذا السبب يشعر الكثير من الناس بأنهم لا يملكون هدفاً، أو أنهم غير قادرين على أن يعيشوا الحياة التي ولدوا ليعيشوها.
وقت استثنائي للتحول :
هناك قول مأثور: " إن ما تدعوه اليرقة بنهاية العالم ،فإن المعلم يدعوه بالفراشة" – أي أن ما تظنه يرقةُ الفراشة أنه نهاية حياتها (عندما يحين وقتها كي تلتف على نفسها داخل الشرنقة) ، ينظر الله ( المعلم ) -في الوقت ذاته- إلى هذه المرحلة على أنها إنطلاقة جديدة , و يعلم بأن اليرقة ستتحول إلى فراشة غاية في الجمال و البهاء ، و أن ذلك ليس بنهاية حياتها ، إذاً إنه – بالنسبة لنا- قد حان وقت الفراشة. فكما تبدأ -بشكلٍ مفاجىء- بعض خلايا اليرقة بالتغير كإشارة أولية لانتقالها إلى المرحلة القادمة , كذلك تبدأ -في نفس الوقت- عملية تنشيط تحول اليرقة إلى فراشة ، و الأمر ذاته بالنسبة للإنسان ، فهذا هو الوقت -تماماً- الذي ندرك فيه أن الخلايا الإرشادية أو التخيلية لأجسامنا ، ومجتمعاتنا ، وحتى خلايا كوكبنا تدعونا للالتقاء بجميع أجزائنا لتشكيل شيء رائع ، و مترابط ، نعيش من خلاله برفق و لطف على الأرض ، عبر تلاقح الثقافات والأفكار والأشكال الروحية ، فكل ذلك يجعلنا متقدين و متوهجين بالنور الذي يغمرنا ، و بدرجة من الشفافية التي سترقى بنا إلى مرتبة سامية رفيعة. و ذلك من أجل أن ننهض من الشرنقة التي علقنا بداخلها مئات السنين ، لنحلّق بخفة في أثير قصة جديدة ، و التي ستظهر -بشكل مؤكد- في عصرنا هذا.
و أما الحقول التي سنجتازها (كفراشات) ، و الكثير من الحالات العقلية التي أزهرت و المعارف الروحية التي ولجنا إليها الآن ، هي تلك التي تنتمي إلى الأرض كلها ، وإلى العديد من الثقافات ، وإلى ما أسميه "PanGaia" (بانجيا وهي كلمة يونانية Pangaia بمعنى كل الارض وهي القارة الاولية الافتراضية) . وكما تقوم الفراشة بنقل غبار الطلع من زهرة إلى زهرة و من مكان إلى آخر ، كذلك الأمر بالنسبة لنا -أيضاً- إذا ملكنا الإرادة والرغبة والاستعداد في اكتشاف هدفنا وكنا جزءاً من هذه اللحظة الإستثنائية في الوقت المناسب.
3 مفاتيح لتمكين وتقوية المعتقدات الجديدة :
يعتبرامتلاكك لمعتقدات جديدة عن نفسك وعن دورك في القصة العظيمة التي تتجه إليها الإنسانية هو
المفتاح الأول لتنشيط هدفك في الحياة .
إذ أن الحياة العظيمة تستلزم بل تفرض عليك أن تفهم التحديات والفرص التي تنطوي عليها لحظتنا في التاريخ. ولأجعل ذلك مفهوماً بالنسبة لي، جمعت معلومات عن أعمالي في أكثر من مائة بلد و أكثر من أربعين ثقافة مختلفة ، وما اكتشفته كان بمثابة دليل أكيد و يقين على صحة الطريق الذي مضيت فيه. وعلى وجه التحديد ، لقد وجدت خمسة تحولات كبيرة في فهمنا لقصة عصرنا التي تؤثر على كل ما نقوم به اليوم. أعتقد أن الاستيقاظ لقوة هذه التحولات سيساعدنا على تنمية حسنا بالتعاطف والإمكانات اللامحدودة لهذه اللحظة.
التحولات الخمسة :
إن هذه الرحلة تبدأ بالسماح للمعتقدات والأنماط القديمة بالرحيل و إفساح المجال للمعتقدات و الكفاءات الجديدة بالتواجد و التي بدورها ستمكنك من الاستيقاظ وعيش هدفك الأسمى .
المفتاح الثانيفيتيح لك اكتشاف وإدراك مجال واسع من الذكاء الداخلي
وذلك من خلال استخدام مهارات و وسائل متعددة من المعرفة والوجود من أجل الحصول على نظرة ثاقبة للحياة على المستوى الذي نادراً ما يحصل عليه معظم الناس.
ويمكننا العثور على هذه المهارات من خلال أربعة مستويات من قدراتك البشرية: حسية-جسدية ، نفسية-عاطفية ، أسطورية-رمزية ، و وحدوية-روحانية. فعندما تتعلم كيفية الاستفادة من القدرات الاستثنائية التي يمكن العثور عليها في كل مستوى من هذه المستويات ، عندها يمكنك الانتقال حرفياً إلى طرق جديدة للكينونة being. وعلى سبيل المثال ، ستتعلم كيفية التعامل مع الوقت بطريقة مختلفة. ففي تجربة تستغرق خمس دقائق يمكنك الشعور بها داخلياً و كأنها ساعات - هذه "ساعات" يمكنك استخدامها لتطوير مهارة أو تحريك مشروع إلى الأمام.
سوف تتعلم كيفية الوصول إلى "الخبراء الداخليين" – المساعدون المستعدون ، أو الأشخاص الذين سيساعدونك على التنقل في تعقيدات الحياة بكل أناقة وثقة.
بينما سيمنحك
المفتاح الثالثالوسائل المناسبة للتحررمن الطرق الاعتيادية اللاواعية
ليمكنك من إعادة التفاعل مع الحياة التي ولدت منذ آلاف السنين ، وتبني طرق أسمى للكينونة من أجل الوصول إلى عصر جديد. و سوف تكتشف طرقاً كثيرة و مختلفة للتنقل عبر الحياة بحماس تشعر به داخل جسدك ، و رغبة جامحة للفرح و الاحتفال – عندها سترى كل شيء بعين الخالق. و ستنتقل من خلال الحياة الجديدة -
بمشاعرالامتنان
و المتعة الدائمة ، لا بدافع من الشعور بالذنب أو الالتزام - لفعل الأشياء التي يطلق عليها العيش من أجل هدفك الأسمى و رسالتك الروحية .