منتدى جنتنا
موضوع بعنوان :رواية زوجتي المنبوذة
الكاتب :زهرة الصبار
وقفت امام المرأة تتطلع الى فستانها الابيض المنفوش بسعادة غامرة... لا تصدق انها اخيرا ارتدته لاجله وسوف تصبح معه... لقد انتظرت هذه اللحظة لسنين طويلة... سنين طويلة وهي تحلم بها.. تحلم بذلك اليوم الذي ستصبح به زوجته... تحمل اسمه وتنجب اطفاله...
شعرت بوالدتها تقترب منها وهي تجاهد للسيطرة على دموعها... التفتت اليها وقالت:
بالله عليك لا تبكي يا امي...
تحدثت والدتها من بين دموعها التي هطلت لا اراديا:
انا لا ابكي...
وماذا عن هذه الدموع...؟
سألتها نوران وقد بدأت الدموع تتجمع في عينيها هي الاخرى لترد والدتها وهي تكفكف دموعها باناملها:
انها دموع الفرح...
احتضنتها نوران بحب وقد بدأت تبكي هي الاخرى، فهي بالرغم من سعادتها بهذه الزيجة الا انها ستفتقد والدتها كثيرا، والدتها كل شيء بالنسبة لها واقرب شخص اليها...
ابتعدت عن احضانها اخيرا بعدما شاهدت ليلى ابنة عمها واخت عريسها تدلف الى الداخل... نهرتها ليلى ما ان رأت دموعها:
ماذا تفعلين يا نوران...؟ سوف تخربين مكياجك..
مسحت نوران دموعها باناملها وقالت بحشرجة:
لم استطع السيطرة على نفسي... انا اسفة...
وجهت ليلى حديثها الى والدة نوران:
ماما تنتظرك في الخارج عمتي نجاة... اذهبي اليها حتى لا تتأخرا في الوصول الى القاعة...
معك حق...
قالتها والدة نوران وهي تحمل حقيبتها ثم ودعت نوران وخرجت متجهة الى قاعة الزفاف...
اما ليلى فاقتربت من نوران واخذ تعدل مكياجها وتخفي اثار الدموع من وجهها...
يقف امام امواج البحر العاتية يراقبها بعينين غامئتين وذهن شارد... من المفترض ان اليوم هو يوم زفافه...وانه سيكون اكثر من سعيد بهذا الزفاف... لكنه لا يرغب بهذه الزيجة اطلاقا... نوران ابنة عمه التي لم يرها يوما سوى اخت له... فكيف سيتزوج منها...؟
شعر بشخص ما يقف خلفه فالتفت اليه ليجده اياد زوج اخته ليلى...
تحدث اياد متسائلا:
ماذا تفعل هنا يا نزار...؟ زفافك بعد ساعات قليلة وانت تقف هنا امام الشاطئ...
التفت اليه نزار وقال بنبرة ساخرة:
وأين يجب ان اكون الان...؟! في قاعة الزفاف... انتظر عروسي التي لا احبها ولا ارغب بها...
مط اياد شفتيه باستياء ثم قال بجدية:
لقد حدث ما حدث... نوران خطيبتك وسوف تصبح زوجتك بعد ساعات قليلة... ارض بالامر الواقع وحاول ان تتقبله..
هز نزار رأسه نفيا وهو يقول بنبرة كارهة:
لا اريدها... لم ارها يوما سوى اخت لي... لا استطيع الزواج بها... لا استطيع ابدا...
شعر اياد باليأس منه فيبدو انه مقتنع بما يقوله ولا ينوي ان يتقبل هذه الزيجة اطلاقا بينما اكمل نزار بأسى:
ابي هو السبب... هو من اجبرني على هذه الزيجة... كل هذا حتى يحافظ على اسم العائلة وترابطها...
ولكن نوران تحبك...
قالها اياد محاولا اقناعه ليصيح نزار به:
وانا لا احبها...
فكر جيدا يا نزار ولا تظلم الفتاة معك...
قالها اياد ثم ابتعد عنه متجها الى قاعة الزفاف ليتأكد من تمام كل شيء فهو المسؤول عن تنظيم هذا الزفاف وترتيبه على اكمل وجه...
اما نزار فعاد الى الشاليه الخاص به... اخرج من حقيبته جواز سفره... اخذ يتطلع اليه بتردد قبل ان يحسم امره ويمسك هاتفه متصلا باحد معارفه قائلا:
احجز لي على اول طيارة ذاهبة الى امريكا..
مر الوقت طويلا ونوران ما زالت بفستان زفافها تنتظر عريسها ان يأتي الى منزلها لياخذها منه ويتجه بها الى قاعة الزفاف..
معظم افراد العائلة كانوا معها في انتظاره وعلى رأسهم عمها والد نزار واخته ليلى...
كانت ليلى تسير ذهابا وايابا بقلق وهي تنظر الى ساعة يدها...
شعر العم بالقلق هو الاخر... فالجميع يتصل بابنه وهو لا يرد... لحظات قليلة اخرى ودلف اياد راكضا اليهم هاتفا بهم وهو يشير بهاتفه اليهم:
لقد ارسل نزار رسالة لي اخبرني بها انه ترك كل شيء وسافر الى امريكا..
لتصرخ احدى الموجودات بعدم تصديق:
هرب... العريس هرب ليلة زفافه...
فصول رواية زوجتي المنبوذة
رواية زوجتي المنبوذة للكاتبة سارة علي الفصل الأول
الصدمة شلت كيانها باكمله، لم تستوعب في بادئ الامر ما سمعته، هل تركها عريسها...؟ هل تخلى عنها...؟
دموع رقيقة اغمت عينيها عما حولها، صدى كلمات من حولها تتردد داخل اذنها، جسدها يرتجف بقوة، اصبحت منفصلة عن كل ما يحيط بها كأنها في عالم اخر، لحظات قليلة وفجأة رفعت فستانها وركضت خارجة من صالة الجلوس بل من المنزل باكمله، ليلى تركض وراءها وتصرخ باسمها كذلك اياد، ظلت تجري في الشارع دون وعي والدموع تهطل من عينيها، وفجاة شعرت بشخص ما يقبض عليها من الخلف محيطا جسدها بذراعيه، هذا الشخص لم يكن سوى اياد الذي لحقها اخيرا، هنا لم تعد تحتمل ما حدث فانهارت باكية على ارضية الشارع، تقدمت ليلى ناحيتها وجلست بجانبها واحتضنتها بقوة بعد ان حررها اياد من قبضته لتنهار باكية هي الاخرى، ظلا على هذا الحال لوقت طويل حتى توقفت ليلى عن البكاء ونهضت من مكانها مادة يدها الى نوران والتي مسكت بيدها ونهضت من مكانها هي الاخرى بعد ان توقفت عن البكاء...
هيا حبيبتي، لنعد الى المنزل...
قالتها ليلى والتي اخذت تسير بها عائدة الى المنزل بينما نوران تتبعها بلا وعي وذهنها ما زال شاردا بما حدث...
ما ان وصلوا الى المنزل حتى ادخلتها ليلى في غرفتها بعد ان منعت اي من الموجودين من الاقتراب منها بينما اتجه اياد الى عم نوران والذي اخبره ان يتبعه الى مكتبه لايجاد حل لهذه المصيبة التي وقعوا بها...
جلس اياد امام محمود والد ليلى خطيبته وقال بجدية:
ماذا سنفعل يا عمي...؟ كيف سنتصرف بمصيبة كهذه...؟
وضع العم رأسه بين كفيه بقلة حيلة و لم يعرف ماذا يقول...
اردف اياد بعتاب:
لقد طلبت منك مرارا ألا تجبره على هذه الزيجة، لكنك كنت مصر عليها...
رفع محمود بصره ناحية اياد وقد لمعت بعينيه نيران الغضب ليضرب المكتب بقبضة يده ويقول بعصبية شديدة:
النذل الحقير، سوف اقتله، لأعثر عليه اولا وسوف اقتله حينها..
هز اياد رأسه بأسف شديد فنزار سافر وانتهى امره...
اما العم فتسائل بقلة حيلة:
ماذا سنفعل الان...؟ كيف سنتصرف...؟ انها فضيحة...
شهر اياد بالشفقة على هذا الرجل الذي وقع في مصيبة لا حل لها، اما محمود فأخذ يفكر في حل لما حدث...
ظل اياد يفكر لدقائق قليلة قبل ان تلمع عيناه ويقول بسرعة:
وجدتها...
انتفض محمود من مكانه بعد ان كان شاردا هو الاخر في تلك المشكلة ثم تسائل:
مالذي وجدته يا اياد...؟
ليجيبه اياد:.
وجدت حل للمشكلة التي نحن بها...
ما هي...؟
سأله محمود بلهفة ليأتيه الجواب الصادم والذي لم يستوعبه للحظات قبل ان يقول بصوت عالي:
مستحيل، هو بالتأكيد لن يقبل...
حاول معه يا عمي، لا يوجد لدينا حل اخر...
تنهد العم بصوت عالي قبل ان ينهض من مكانه ويخرج من مكتبه يتبعه اياد...
في فيلا راقية للغاية...
دلف محمود الى الداخل يتبعه اياد بعد ان فتحت الخادمة لهما الباب...
جلسوا في صالة الجلوس لتسألهم الخادمة اذا ما يحبان ان يتناولا شيئا معينا الا انهما رفضا وطلبا منهما ان يقابلا سيدها بسرعة فلا مجال للتأخر...
لحظات قليلة وهبط من الطابق العلوي شاب طويل وسيم للغاية، تقدم ناحيتهما وجلس على احد الكراسي المقابلة لهما دون ان يحييهما حتى...
خير...؟!لقد ابلغتني الخادمة انكما تريدانني في امر هام...
قالها وهو يضع قدما فوق الاخرى ليجيبه محمود محاولا السيطرة على اعصابه من الانفلات امامه بسبب استقباله الجاف لهما:
نحن في مشكلة يا بني...
ليقاطعه الشاب:
بسبب نزار وما فعله، أليس كذلك...؟
كيف عرفت...؟
سأله اياد بذهول ليبتسم بسخرية وهو يجيبه:
هل نسيت من أكون...؟ انا تميم يا اياد، تميم الذي لا يخفى عنه شيئا...
هز اياد رأسه بتفهم فهو يعرف تميم ونفوذه بينما اكمل تميم بأسف مصطنع:
ولكن للاسف لن استطيع مساعدتكما، فطيارته اقلعت منذ حوالي ساعة...
انتفض محمود من مكانه بعصبية:
وطالما انك تعرف كل شيء، لماذا لم توقفه...؟ ام انك اعجبك ما حدث لي من فضيحة وسط العائلة...؟
رد تميم عليه بحدة:
ابنك ومشاكله لا تخصني...
ثم اكمل بسخرية:
هل تنوي ان تحاسبني على تصرفاته الطائشة والذي انت سبب اساسي بها...
تحدث اياد هذه المرة محاولا تهدئة الامور حتى لا تتعقد اكثر:
هذا ليس وقته الان، هناك اشياء اهم نتحدث بها، أليس كذلك يا عمي...؟
قال جملته الاخيرة منبها عمه عن سبب مجيئهما ليهز محمود رأسه بتفهم ويلتفت الى تميم قائلا بجدية:
تميم، رغما عن كل شيء انت ابني الكبير، والوحيد القادر على مساعدتي...
تحدث بسرعة دون مراوغات...
قالها تميم بضيق ليرد محمود بعد ان اخذ نفس عميق:.
اريدك ان تتزوج نوران ابنة عمك وتنقذها من الفضيحة...
انتفض تميم من مكانه ما ان سمعه ما قاله واخذ يردد بعدم تصديق:
هل جننت يا رجل...؟ كيف تطلب مني شيئا كهذا...؟
انتفض الاب بدوره وقال:
الزم حدودك يا ولد، انا ابوك، هل نسيت هذا...؟
كلا، بالطبع لن انسى شيئا كهذا...
قالها تميم بسخرية ليتدخل اياد قائلا:
من فضلكما اهدئا قليلا ودعونا نتحدث بالعقل...
ألا ترى كيف يتحدث معي...؟
قالها محمود بعصبية ليجلس تميم على كرسيه مرة اخرى ويقول فجأة:
موافق لكن بشرط...
التفتت اليه كلا من محمود واياد حيث قال الاخير:
وما هو شرطك...؟
اخرج تميم علبة سجائره من جيبه ثم سحب منها سيجارة واشعلها، نفث دخانها بالهواء ثم قال مجيبا على تساؤلاتهم:
ستون بالمئة من اسهم الشركة تصبح لي...
تطلع الاثنان الى بعضيهما بدهشة قبل ان يقول محمود بعدم تصديق:
مستحيل، ما تطلبه مستحيل...
هذا كل ما لدي...
قالها تميم وهو يهم بالخروج من الغرفة قبل ان يقف محمود امامه قائلا بنبرة مترجية: .
اطلب اي شيء اخر غير هذا...
ليرد تميم باصرار:
لا يوجد شيء اطلبه غير هذا...
همس اياد لمحمود:
وافق يا عمي، هذا افضل من الفضيحة، فكر بنوران، انها وحيدة يتيمة ولن تتحمل فضيحة كهذه...
شعر محمود بالعجز ما ان تذكر نوران، نوران التي يعتبرها ابنة له، فهي كل ما تبقى لديه من اخيه الراحل والذي أمنه عليها قبل موته...
تحدث اخيرا قائلا باستسلام:
موافق...
ابتسم تميم بانتصار بينما اكمل محمود بنبرة جادة:
ولكن انا ايضا لدي شرط...
ما هو...؟
تسائل تميم ليجيبه محمود:
لن يعرف احد بهذا، الا بعد وفاتي...
اومأ تميم برأسه متفهما ثم قال بدوره:
وانا ايضا لدي شرط، سوف نوقع عقد بيع الاسهم قبل عقد الزواج...
تمت مراسيم الزفاف بسرعة شديدة...
كل شيء حدث بسرعة خيالية، حيث تنازل محمود عن اسهم الشركة لتميم، وتم عقد القران بالرغم من ذهول جميع المدعوين...
كانت نوران شاردة طوال الوقت، تفعل ما يطلبونه منها بلا وعي، اما تميم فكان يتصرف ببرود مع الجميع، غير مبالي لنظرات الاتهام والتعجب الموجهة ناحيته من قبل المدعوين...
انتهى الزفاف اخيرا ليتجه تميم بزوجته الى الفيلا الخاصة به يتبعه والدة نوران ومحمود وليلى واياد...
دلف الجميع الى الفيلا، توقف الجميع في مكانهم على صوت نجاة والدة نوران وهي تقول بغضب:
طالما انتهت التمثيلية الان...؟ دعوني اخذ ابنتي معي واذهب...
عقد تميم حاجبيه بتعجب قبل ان يسألها:
إلى اين تريدين اخذها...؟
لتجيبه نجاة:
الى منزلي، فابنتي لا مكان لديها هنا...
انها زوجتي، ومكانها في منزلي...
قالها تميم بجدية جعلت نجاة تضحك عاليا قبل ان تقول:
هل صدقت كذبتك يا هذا...؟
انا لا اكذب، ابنتك اصبحت زوجتي ومكانها في منزلي...
كانت نوران تتابع ما يحدث بدموع لاذعة وقد وعت اخيرا لكل شيء حدث معها...
علا صراخ كلا من نجاة وتميم فهي تريد ابنتها ان تذهب معها وهو يرفض...
توقف الجميع عن حديثهما فجأة حينما صرخت نوران بهم بصوت عالي جهوري:
يكفي، توقفا...
صمت الجميع بينما اخذت نوران تلطم على وجهها وهي تصرخ:.
يكفي يكفي...
حتى سقطت امام اعينهم ارضا وفقدت وعيها..
تاااااابع اسفل