إنّ حدوث زيادة طفيفة في ماء الجنين يعتبر حالة نادرة تتعرض لها الحامل، وذلك بسبب التراكم الشديد الذي يحدث بكمية الماء الذي يحيط بالجنين، والمعروف بإسم Amniotic Fluid، أو السائل الأمنيوسي، وقد تمّ تعريف تلك الحالة بإسم (الاستسقاء السلوي – Polyhydramnios).
وفي هذا الموضوع سوف نتحدث عن السبب المتعلق بالجنين لحدوث تلك الحالة، وكذلك الأسباب التي تتعلق بالأم، بالإضافة إلى أسباب متعلقة بالمشيمة.
من المعروف طبيًا أنّ الكمية التي تحيط بالجنين تزداد بمعدلات ثابتة بالوضع الطبيعي، حيث أنها تصل إلى ما يقترب من 940 ملليلتر مع بداية الأسبوع 36 من شهور الحمل، ثُم تبدأ بعد ذلك في الانخفاض.
إلا أنّ؛ حدوث زيادة للماء حول الجنين في معظم الأحيان يكون نادرًا وبسيطًا، حيث يتراكم بشكل تدريجي السائل الأمنيوسي خلال الفترة الثانية من الحمل، وعندما يقوم الطبيب بتشخيص إصابة المرأة الحامل بما يسمى الاستسقاء السلوي، فإنه يُخضعها للمراقبة والمتابعة الطبية.
وذلك.. حتى يساعدها الطبيب على عدم حدوث المضاعفات، وفي معظم الأحيان يقوم الطبيب بتحديد نوع العلاج بُناءًا على المستوى الذي وصلت إليه الحالة، فربّما لا تحتاج حالات بسيطة إلى التدخل الطبي أصلًا، وتزول من نفسها.
وعلى الرغم من أنّ هناك أسباب معروفة طبيًا لحدوث الاستسقاء السلوي، إلا أن السبب الرئيسي لا يزال مجهولًا حتى الآن.
إنّ الأسباب التي تتعلق بالأم وتؤدي إلى حدوث الاستسقاء السلوي، تنحصر فيما يلي:
تتعرض بعض النساء الحوامل أثناء فترة الحمل إلى ارتفاع في مستويات السكر بالدم أي إصابتها بداء سكر الحمل Gestational Diabetes، وربّما يكونوا مصابين بالسكر من قبل حدوث الحمل، وهذا يؤدي بدوره إلى تراكم السائل الأمنيوسي بإفراط في الدم، ممّا يشكّل سبب لحدوث الاستسقاء السلوي.
والمقصود به؛ أن الجنين لديه فصيلة دم موجبة هذا العامل، في حين الأم فصيلة الدم لديها سالبة، في هذه الحالة طبيًا تكون هناك احتمالية لحدوث فقر دم عند الجنين، ومن المضاعفات التي تُصاحب حدوث فقر الدم، هو زيادة الماء الطفيفة حول الجنين، وفي هذه الحالة يوصى الطبيب ببعض أنواع الحُقّن التي تمنع الجسم من أن يقوم بتكوين الأجسام المضادة ضد العامل الرايزيسي.
هناك أسباب لدى الجنين من المحتمل أن تؤدي إلى إصابته بالاستسقاء السلوي، والتي تأتي على النحو التالي:
قد يُصاب الجنين في مرحلة الحمل بعيوب خلقية كثيرة، بعضها يؤدي إلى اختلال في قدرة الجنين وعدم مقدرته على بلع الطعام، فيبتلع معه السائل الأمنيوسي، ثُم يقوم بإخراجه بالتبول مرة أخرى.
وهذا يؤدي إلى تراكم شديد في الماء، وقد أوضحت الأبحاث العلمية أن؛ هذا العيب الخلقي يتمثل في إصابة المسالك البولية لدى الجنين أو إصابته بانسداد في المريء.
إنّ هذه المشكلة الصحية تسمى طبيًا بإسم اضطراب النظم Arrhythmia، ومعناها إصابة الجنين بعدم الانتظام بضربات القلب، وهذا يؤدي بدوره إلى حدوث تراكم للماء حوله.
تعاني بعض الأجنة خلال شهور الحمل من إصابتها بالعيوب الخلقية بمنطقة الحبل الشوكي أو في الدماغ، والتي تُعرف بإسم تشقق العمود الفقري والسنسنة، وتلك العيوب الخلقية تحدث عندما لا يتم تشكيل العمود الفقري وكذلك الحبل الشوكي بشكلٍ صحيح.
وهي من الحالات الطبية التي يواجهها الجنين، عندما يحدث تجمّع لكميات كبيرة بشكل غير طبيعي للسوائل بمنطقتين أو أكثر من منطقة بجسم الجنين، وهي من المشاكل الخطيرة التي تؤدي إلى حدوث مشاكل أخرى كبيرة، ولكنها حالات نادرة.
قد يُصاب الجنين ببعض الاضطرابات والمشاكل الصحية خلال فترة الحمل، وتؤدي إلى حدوث الاستسقاء السلوي، ومنها الاضطرابات الوراثية، أو إصابته بنوع من العدوى أو مواجهته لمشاكل صحية بالكليتين.
هناك حالات طبية يحدث فيها زيادة طفيفة في ماء الجنين وذلك بسبب بعض الاضطرابات والمشاكل التي تصيب المشيمة، وتحديدًا إن كانت المرأة حامل في توأم، فهُنا قد يحدث استسقاء سلوي نتيجة إصابة المشيمة بمتلازمة تسمى نقل الدم الجنيني Twin-To-Twin Transfusion Syndrome.
والتي تعني أن هناك أحد الأجنة قد أحاطت به كمية كبيرة من الماء، بينما الجنين الآخر يحاط بكمية أقل من الجنين الأول من السائل الأمنيوسي.
الواقع أنّ؛ الزيادة الطفيفة للماء حول الجنين لا تعتبر من العلامات الخطيرة، وليست مشكلة شائعة على الإطلاق، لأنها مشكلة نادرة ومن الممكن أن تحدث وتزول من تلقاء نفسها.
والفيصل الوحيد لتحديد مدى تأثير زيادة السائل الأمنيوسي أو حدوث الاستسقاء السلوي على الجنين هو استشارة الطبيب المختص، والقيام بعمل الفحوصات اللازمة، لاكتشاف السبب الذي أدى إلى حدوث هذه الحالة.
وفي النهاية لا يعتبر حدوث زيادة طفيف في ماء الجنين مُهددًا للحمل أو حياة الجنين، ولكن ربّما تزيد من احتمال حدوث مضاعفات يستطيع الطبيب أن يتفاداها من خلال المراقبة المستمرة لمستويات السوائل حول الجنين.