- قد أظهرت الأبحاث أن الإكتئاب الحاد قد يكون قاتل مثل التدخين .. وفي خضم ذلك , فإن علماء سويديون يعتقدون أنهم أقرب إلى فهم العلاقة بين الشعور بالحزن والإكتئاب والإصابة بالأمراض العضوية .
فالمرضى الذين يعانون من الإكتئاب المتكرر ومرض ثنائي القطب , يُعتقد أنهم يعيشون في المتوسط حياة أقصر بحوالي 10 إلى 15 عاماً من أولئك الذين لا يعانون الإكتئاب , فالعلاقة بين المرض النفسي و الوفيات المبكرة المرتبطة بأمراض القلب والأوعية الدموية علاقة وثيقة جداً , ولكن حتى الآن لم يفهم الأطباء والعلماء كيفية حدوث ذلك !
- ولكن مؤخراً , باحثون في جامعة أوميا في السويد , يعتقدون أن تلك الصلة ربما تكون ناجمة عن إنخفاض هرمون التوتر (الكورتيزول) , فعادةً ما يؤدي التوتر الشديد إلى إرتفاع هرمون الكورتيزول , إنما في حالة التوتر المزمن والمستمر يؤدي ذلك إلى إنخفاض نشاط الجسم , وإنخفاض الضغط , وبالتالي إنخفاض مستويات الكورتيزول إلى درجة كبيرة مسبباً ما يعرف بحالة hypocortisolism .
- ومن بين التجارب التي أجراها الباحثون الطبيون في جامعة " أوميا " في السويد , كان فحص 245 مريضاً بالإكتئاب أو مرض ثنائي القطب , ومراقبة مجموعة عادية مكونة من 258 شخصاً , وقاموا بقياس مستويات هرمون الكورتيزول لديهم , وكذلك تسجيل إنحرافات مستويات الضغط , فكان المرضى الذين يعانون من إكتئاب حاد , أو مرض ثنائي القطب , لديهم مستويات كورتيزول منخفظة , وكانوا أكثر عرضة للسمنة , ولديهم مستويات عالية من الدهون في الدم , ومجموعة منهم تعاني من مرض يسمى متلازمة التمثيل الغذائي , وهي مزيج من الاضطرابات الصحية تنتج بصفة رئيسية عن زيادة الوزن والسمنة . وهي تزيد من خطر الإصابة بامراض القلب والشرايين وداء السكري .
- فعلى الرغم من أن هرمون الكورتيزول هو هرمون الإجهاد الطبيعي الذي ينتجه الجسم ويحتاجه , إلا أن الباحثون الطبيون في جامعة "بيرغن " , وجدوا أن المرضى الذين يعانون الإكتئاب ومرض ثنائي القطب لديهم خلل في تنظيم التوتر لديهم , وبالتالي وجود خلل في هذا الهرمون , ولكن الباحثون مازالوا في حاجه إلى مزيد من المعلومات لفهم تلك العلاقة .
- ولكن على الرغم من تلك الإفتراضات والإستنتاجات , إلا أن هناك بعض المشككين في تلك العلاقة بين الإكتئاب وإنخفاض هرمون التوتر " الكورتيزول " , ومنهم الباحث Anders Palmstrøm Jørgensen وهو متخصص في الهرمونات , ويعمل في مستشفى جامعة أوسلو , ويعتقد أن الدراسة التي تفترض وجود علاقة بين إنخفاض الكورتيزول والتوتر النفسي وأمراض القلب مثيرة للإهتمام , ولكنها أيضاً غير مؤكدة , لإن هناك الكثير من الحالات التي تعاني الإكتئاب الحاد وعاشت لفترة طويلة , ولم تكن تعاني من أمراض القلب والأوعية الدموية , لذا فالموضوع بحاجه إلى مزيد من الدراسة .
* ولكن في النهاية عزيزي القاريء .. سواء وجد الباحثون أن الإكتئاب قاتل أو سبب رئيسي لكثير من الأمراض العضوية , أو لم يفلحوا في إثبات ذلك .. فنحن نعلم أن الإكتئاب وكثرة القلق والتوتر مضراً كثيراً على الصعيد النفسي والجسدي , والتجارب الإنسانية التي تثبت ذلك كثيرة .