أمل جديد لمرضى القلب
هل يمكن استخدام العقاقير لوقف أمراض القلب الشرايين؟. إن الفيتامينات تقدم لنا حلا سحريا أصبح مؤكدا كما تقول التجارب.
اتقاء أمراض القلب ليس أمرا سهلا كما تعود خبراء القلب أن يذكروا لنا في كل مناسبة دون تعب أو ملل. كانت النصائح المعتادة تشمل في العادة الامتناع عن التدخين وأداء تمرينات منتظمة بحيث لا تجهد عضلة القلب (رياضة المشي مثلا) والابتعاد عن الأطعمة الدسمة والاعتماد أساسا على الطعام ذي الأصل النباتي.
ولكن أخصائيي القلب يضيفون الاعتماد على أقراص الدواء أيضا. فلقد توصل الباحثون إلى اعتقاد جازم بأن فيتامين هـ (E) وغيره من الفيتامينات التي يطلق عليها غير مؤكسدة مثل (بيتاكاروتين Beta Caroteneوفيتامين جـ Vitamin c) يمكن أن تساعد في منع ترسب مادة الكولسترول على الأوعية الدموية التي تصيبها بالتصلب، وقد أجريت تجربتان مؤكدتان على الأقل بالنسبة لاستعمال فيتامين هـ (E) أثبتتا ذلك. ففي التجربة الأولى شملت الاختبارات حوالي 120 ألف شخص تناولوا الفيتامين بانتظام وقد وجد أن أمراض القلب قد تناقصت لدى تلك المجموعة بنسبة 40% عن الذين لم يتعاطوا هذا الفيتامين. وحتى الآن لم تكتشف الأسباب التي تؤكد ذلك أو تأثير العقار ولكن الاكتشاف الجديد يؤكد أنه قد أصبح لدينا أخيراً سلاح نواجه به أخطر مرض يواجه البشرية ويحدث بينها أكبر قدر من الوفيات.
الأكسدة والتفاعلات الضارة
ومنذ بعض الوقت أدرك الباحثون أن ترسيب الكولسترول على الأوعية الدموية ليس كل المشكلة، فقد اكتشف الدكتور دانيال ستيبرج أخصائي القلب في جامعه كاليفورنيا منذ أكثر من عقد من الزمن أن عملية الأكسدة التي تحدث في الجسم لها صلة كبيرة بأمراض القلب. وعملية الأكسدة هذه تحول المعادن داخل الجسم إلى صدأ ودهون كريهة يمكن أن تؤثر على الشرايين التاجية المغذية للقلب. وينتج عن عملية الأكسدة أيضا نوع من الجزيئات الحرة التي تجعل الأوكسجين الموجود داخل الجسم يتفاعل مع الخلايا. وهذا الأوكسجين لا يشبه النوع العادي الذي نتنفسه والذي يحتوي على زوج عن الإلكترونات، ولكنه يحمل واحدا فقط ويتجول في الجسم على استعداد لخطف أي إلكترون آخر عن أي مصدر. وعندما يقوم الأوكسجين بهذه العملية يحول الجزيء الذي اختطف منه الإلكترون إلى "جزيء حر" مما يخلق سلسلة من التفاعلات تضر بالقلب.
ويرى المختصون أن عملية الأكسدة هذه تكوّن نوعا سيئا من الكولسترول بالغ الخطورة، فهي تسبب أكسدة لجدران الأوعية الدموية، لا تدمر الأنسجة القريبة منها فقط ولكنها تجذب كريات الدم البيضاء. وهكذا تتجمع هذه الكريات مكونة عناقيد وزوائد على جدران الأوعية الدموية تتسبب في زيادة ضيقها. وينتج عن قلة ورود الدم كل شيء بدءا من آلام الصدر حتى أمراض القلب.
أمل جديد للخلاص من مرض القلب
وهناك أكثر من سبب يدعو للاعتقاد أن فيتامين هـ (E) وهو مضاد طبيعي لعمليات الأكسدة يمكن أن يتداخل مع هذه العمليات. فهو يوقف عملية الأكسدة ويمنع تكاثر الجزيئات الحرة، وقد أظهرت التجارب أن كميات كبيرة من الفيتامين تمنع حدوث أمراض القلب في الأرانب والقرود حتى ولو كان مستوى الكولسترول في أجسادها عاليا.
وعند تطبيق نفس هذه التجارب على الإنسان وجد أن من 100 إلى 600 وحدة يوميا من هذا الفيتامين تعطي فائدة كبرى بديلا عن الكميات الضئيلة الموجودة في الطعام العادي.
وقد استمرت التجارب حول هذا الفيتامين على مدى سنوات طويلة. فقد قام فريق بقيادة الدكتور مير سامفير في مستشفى تابع لجامعة هارفارد بتتبع حالات 87 ألفا من النساء على مدى عشرة أعوام بين عامي 1980 و1990، وقد شمل البحث استبيانا شاملا سجل فيه النمط الغذائي لهؤلاء النسوة ونمط حياتهن وحالتهن الصحية. وقد وجد أن هؤلاء النساء عندما يتناولن فيتامين "هـ" يوميا لمدة عامين بكمية تصل في حدها الأدنى إلى 100 وحدة فإن نسبة الإصابة بأمراض القلب بينهن تقل 41% عن النسبة المتوقعة. وقد أجريت تجربة مماثلة شملت 40 ألف رجل وجرى تتبع حالاتهم أيضا على مدى عشرة أعوام ووجد أن تعاطي الفيتامين بنفس الأسلوب السابق قد قلل نسبة الإصابة إلى 37% .
ارتفاع في المبيعات ومخاوف
لقد أثرت نتائج هذه الأبحاث على مبيعات فيتامين "هـ" إلى حد كبير. ففي أمريكا حيث أيقن العديد من مرضى القلب أن حياتهم قد أصبحت تعتمد على هذا العقار بلغت نسبة البيع 392 مليون دولار في العام الماضي بالمقارنة إلى 260 مليون دولار في العام الذي سبقه. وهي نتائج مبشرة على كل المستويات. فأسعار فيتامين "هـ" تعد رخيصة بصورة كبيرة بالنسبة لأسعار الأدوية التي تستخدم لعلاج أمراض القلب وتصلب الشرايين.
وعلى الرغم من هذه النتائج الباهرة فلا يزال بعض العلماء يتحفظون على إطلاق لقب "منقذ الحياة" على هذا الفيتامين. فهم يتخوفون من إعطاء جرعات كبيرة منه على مدى فترات طويلة. وقد أجريت تجارب على تعاطي هذا الدواء لمدة شهور ستة وأثبتت أنه لا توجد آثار جانبية حتى الآن. وحتى بعض المتحمسين لاستخدام هذا العقار يترددون قليلاً عندما يصفون حوالي 100 وحدة يوميا منه وهي ثمانية أضعاف الكمية التي يسمح بها بشكل عادي حسب مقررات الأدوية. والأمر يحتاج إلى قياس دقيق ويومي لكل الذين يتعاطون هذه الكمية الكبيرة عن الفيتامين. ولكن علماء آخرين يقولون إن الأمر في حاجة إلى نظام غذائي وبعض التدريبات بالإضافة إلى 200 وحدة من الفيتامين، وبعد ذلك فإن كل شيء سوف يصبح على ما يرام.