رأى "المعتضد" وهو في حبي أبيه، كأن شيخاً جالساً على دجلة، يمدّ يده إلى مائها فيصير في يده وتجف دجلة، ثم يردّه من يده، فتعود دجلة كما كانت.
فقمت إليه وسلمت عليه وقلت: يا أمير المؤمنين أدع الله لي. فقال لي: يا أحمد إن هذا الأمر صائر إليك "يقصد الخلافة" فلا تتعرض لولدي، وصنهم، ولا تؤذهم. فوثقت بأنني أتقلد الخلافة، وقويت نفسي، وزال خوفي. فما مضت إلا أيامٌ يسيره حتى لحقت "الموفق" غشية فأخرجوني، فأتوا بي إلى البيت حيث "الموفق" فلما رأيته علمت أنه غير ميت، فقبلت يده فأفاق فلما رآني أفعل ذلك أظهر التقبل لي. ثم مات "الموفق" في ليلتـه تلك، ووليت مكانه فابتدأت بتقرير الأمور، ثم وليت الخلافة، بعدها تذكرت لقائي بالإمام في المنام.
قال "ابن خلدون": ما عرض "المعتضد" في أيامه للعلويين، ولا آذاهم، ولا قتل منهم أحداً.